تحميل المجلة الاكترونية عدد 1078

بحث

ضحية الدجال التي كشفته: طلبت منه ردّ أموالي فقال لي: الجان حصلوا عليها!

حكاية الشيخ أحمد، المتهم بالدجل شديدة الإثارة، فهو يمارس عمله في مهنة الدجل والشعوذة منذ ثلاثين عاماً، بعد أن ترك عمله في شركة الغزل والنسيج، وتفرغ للمهنة التي تدر عليه ذهباً... ضحاياه العشرات من النساء، كلهن طرقن بابه بحثاً عن الشفاء من السحر الذي يظنونه سبب مشاكلهن، لكن إحدى زبوناته قررت أن تتمرد على سلاح الخوف الذي كان الساحر يستخدمه ضدهن، وأبلغت الشرطة التي كشفت خدعة الدجال بعد طول انتظار!

... رجال الشرطة ينتشرون في كل مكان بالمنطقة، سيارات تنطلق وأخرى تستقر أمام قسم حدائق القبة، وفي الداخل عشرات من الضباط والأمناء والأفراد يتلقون البلاغات، ويسابقون الزمن من أجل القبض على المجرمين واللصوص وأصحاب السوابق. الهدف واحد هو محاربة الشر، والضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه إيذاء الناس وترويعهم. 
وسط كل هذه الأجواء الساخنة، كانت هناك ربة منزل يبدو عليها التوتر والقلق تطالب بمقابلة المقدم شريف فيصل، رئيس مباحث قسم حدائق القبة، لأمر مهم وخطير على حد قولها.
 وخلال لحظات كانت السيدة تجلس أمام رئيس المباحث وتروي له مأساتها التي طالبت بتسجيلها في محضر رسمي.


«حكايتي مع الساحر»

ترددت السيدة قليلاً قبل أن تبدأ حكايتها، واستجمعت شتات نفسها وبدأت الحديث قائلة: «اسمي علا السيد، عمري 31 عاماً. قبل فترة أصبت بمس من الجان، ولجأت إلى العديد من الأطباء الذين فشلوا جميعاً في علاجي، وهو ما دفعني إلى اللجوء لأحد الدجالين المعروفين بقدراته الفائقة على العلاج من الجان، واتفقت معه على علاجي بمقابل مادي».
أضافت: «قبل أسابيع ذهبت إليه وطلب مني 2800 جنيه، وأعطاني بعض الأحجبة بعد أن قرأ بعضاً من التعاويذ عليَّ. ثم انصرفت وعدت إليه أكثر من مرة كما طلب مني، لأن حالتي كما يقول معقّدة وتتطلب العديد من الجلسات. مرّت أشهر عدة ولم أشف من مرضي، وبالسؤال عنه اكتشفت أنه نصاب، وعندما ذهبت إليه مرة أخرى للشكوى من المرض، ادعى أنه لا يستطيع علاجي، وهو ما جعلني أطلب منه رد الأموال التي حصل عليها، إلا أنه رفض رفضاً تاماً، وقال لي بالحرف الواحد: افعلي ما يروقك فلن أرد لك الأموال التي دفعتها، فالجان حصلوا عليها بالفعل!».
على الفور أخطر المقدم شريف فيصل مدير أمن القاهرة الذي أمر بتشكيل فريق بحث للقبض على الساحر المتهم، والمعروف بصائد النساء.
دقائق قليلة وانطلقت مأمورية من رجال الشرطة، بعد الحصول على إذن من النيابة العامة للقبض على المتهم قبل هروبه. ونجح رئيس مباحث القسم ومعاونوه في القبض على المتهم، ليعودوا به إلى القسم حيث ووجه بالسيدة علا صاحبة البلاغ التي أكدت أقوالها. 


اعترافات

أمام النيابة جاءت اعترافات الساحر لتحمل حكايته مع السحر، فأكد أن ما حدث له كبوة وسرعان ما تزول، وأنه لم يخطئ في حق أحد، ويرضى بقضاء الله ونصيبه.
حاورنا الساحر الذي كان يتحدث بثقه شديدة، وبابتسامة هادئة قال: «اسمي أحمد محمد، عمري 62 عاماً، سمعتي جيدة في المنطقة التي أسكن فيها وكذلك المناطق المجاورة لها، فأنا لا أتأخر عن مساعدة أحد، وتجدني دائماً في أفراح الناس وأحزانهم، أساندهم وأحاول رسم الابتسامة وطرد الشيطان من حياتهم».

لكنَّ كثيرين يقولون إنك مشهور بلقب الشيخ أحمد الدجال! 
لم أسمع تلك الكلمات من أحد، وربما تكون المرة الأولى التي أسمع أن لقب الدجال يطلق عليَّ، أنا معروف فقط بالشيخ أحمد، وليس لي اسم شهرة غير ذلك.

- ومنذ متى وأنت تعالج الناس من مس الشيطان والأعمال؟ 
منذ ثلاثين عاماً وأنا أساعد الناس الذين يطرقون بابي، فخالقي سوف يحاسبني إن بخلت على الناس بعلمي وقدرتي. لديَّ موهبة في التعامل مع الجان والمس الشيطاني، واستطعت خلال الثلاثين عاماً الماضية علاج المئات وربما الآلاف من تلك الأمراض الشيطانية، التي يحاول بعض المرضى ومن لهم علاقة بالجان إيذاء الأبرياء بها، فأقوم بقراءة القرآن عليهم، وألتقيهم في جلسات عدة حتى يتخلص المريض من مرضه.

وكم من الجلسات تكفي للعلاج؟ 
كل مريض حسب طبيعة مرضه، وحسب الفترة التي تمكن خلالها السحر منه. فبعض المرضى أستطيع بفضل الله علاجهم في جلسة أو اثنتين على الأكثر، وبعض المرضى أحتاج إلى عشرات الجلسات معهم.

لكن ما تتحدث به هو اعتراف ضمني بأنك تعالج الناس وتمارس أعمال السحر والشعوذة؟ 
 أعترف بأنني أساعد الناس وأعالجهم من السحر والشعوذة، لكنني لا أمارس السحر والشعوذة. هناك فرق كبير بين مساعدة الناس وإيذائهم. وطيلة عمري لم أكن نصاباً، فالنصاب يحصل على أموال من الناس من أجل علاجهم ولا يفعل شيئاً، أما أنا فلا أحصل على أي أموال من الناس، ولا حتى مليم واحد، وأكتفي ببعض الدعوات منهم عند علاجهم، ويكفيني أجري من عند الله.

لكن إحدى السيدات اتهمتك بالنصب عليها؟
حكاية هذه المرأة معي غريبة جداً، فأنا لا أعرفها من الأساس، وما حدث أنه منذ فترة جاءت وطرقت بابي وكان معها رجل يرتدي قفطاناً، وادعت أنني حصلت منها على 800 جنيه، وهدداني بأني إذا لم أدفع الأموال فسوف يبلغان الشرطة. لكني قررت عدم دفع المال، حتى أقسما بالله أنني حصلت منهما على أموال، وهنا قلت لهما ما دمتما أقسمتما بالله فأنتما الأصدق، وأعطيتهما المال الذي طلباه. لكن الغريب أنها جاءت مرة أخرى بعد بضعة أيام، وقالت لي إنني حصلت منها على 2800 جنيه، وكان معها الشخص نفسه وهدداني مرة أخرى، وهنا تأكدت أنهما سيظلان يساومانني، وهدداني بإبلاغ الشرطة، فأخبرتهما بالموافقة، فالشرطة سوف تقوم بعملها، وتتحرى عني، وأنا أثق بجدية التحقيقات، وأعلم جيداً أنني في ابتلاء من عند الله، وأن الله سينصر الحق ولو بعد حين، ووجودي في الحجز لا يزعجني، فهذا قدري.

ما دمت لا تحصل على أموال من الناس الذين تعالجهم فمن أين تصرف على نفسك؟ 
كنت موظفاً في شركة الغزل والنسيج، ومعاشي يكفيني على أعباء الحياة، ولا أحتاج قرشاً من أحد لمساعدتي، ولو احتجت فأولادي بالتأكيد سوف يتكفلون بي.

سؤال أخير: كيف تعيش في حجز القسم وكيف يتعامل معك رجال الشرطة؟
بصراحة سمعت عن الشرطة كثيراً بأنها تعذب الناس وتلقنهم دروساً، خاصة المجرمين والمتهمين، لكن بصراحة لم أجد منهم سوى المعاملة الحسنة، ولم أسمع منهم كلمة إهانة أو حديثاً جرح مشاعري.
انتهى حديث الساحر الذي حاول أن يدافع عن نفسه، لكن الأوراق الرسمية تتهمه بأنه صائد النساء ومتخصص في خداعهن باسم السحر، وأن ضحاياه بالعشرات، ولا يزال ملف القضية مفتوحاً.

المجلة الالكترونية

العدد 1078  |  تشرين الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1078