تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

معرض Esprit Dior Shanghai ماذا أخرجت الدار الفرنسية من أرشيفها؟

يمتدّ معرض Esprit Dior في متحف الفن المعاصر في شنغهاي من 13 أيلول/سبتمبر حتى 10 تشرين الثاني/نوفمبر. هو الفصل الأخير من الحكاية الطويلة التي تربط دار ديور بالصين. إن افتتان المصمّم كريستيان ديور بهذا البلد ترجم في التسعينات مع افتتاح متاجر ديور في بكين وشنغهاي وهونغ كونغ وتايبه. ومعلوم أنّ ديور حين قدّم تصاميمه الأولى عام 1947 وأطلق مجموعة New Look أحدث تغييراً وثورة في إبراز جسم المرأة وانحناءاته وابتكر جاذبية فريدة في تاريخ الموضة. «لها» زارت هذا المعرض وجالت في أقسامه التسعة...

من البداية، لازمت مخيلة كريستيان ديور الشرق الأقصى والصين تحديداً. عبّر عن انجذابه لهذا البلد عبر ابتكارات مثل «بكين» و»شنغهاي» رغم أنه لم يكن قد زار الصين.. لكنه نجح في امتلاك جوهر الثقافة الصينية والتعبير عنها بأسلوب فريد. عام 1955، صمّم ديور لدوقة ويندسور واليس سيمبسون زيّ Suprise من قطعتين مستوحى من الفن الصيني. وقد استحضرت مجموعة الخياطة الراقية لربيع وصيف 1997 شنغهاي خلال ثلاثينات القرن المنصرم. أما مجموعة ربيع وصيف 2003 للخياطة الراقية فحملت تقديراً نابضاً للصين. كما قدّم المدير الإبداعي للدار راف سيمونز ثاني مجموعاته للخياطة الراقية في شنغهاي (the Bund). وبعد باريس ونيويورك، التفّت دار ديور وأكسسوارها الأيقوني Lady Dior بعباءة الأناقة الصينية لتصبح Lady Blue Shanghai. وقد أدت النجمة ماريون كوتيار دور «الليدي ديور» الغامضة في ليل شنغهاي الخيالي وفي خلفية إعلان «برج اللؤلؤة الشرقية» Oriental Pearl Tower الشهير.مؤمنة بإرثها، قررت دار ديور ترتيب لقاء استثنائي مع الطلائعيين الصينيين. عام 2008، قدم معرض ديور مع فنانين صينيين في بكين رسومًا وابتكارات لديور في عالم الخياطة الراقية التي استوحى منها الصينيون برؤيتهم الشخصية لأحد ألمع رموز الخياطة الراقية الباريسية والثقافة الفرنسية. يقول مدير متحف الفن المعاصر في شنغهاي سامويل كونغ أن Esprit Dior : «ليس فقط شهادة أو يعبّر عن رؤية ثورية ومهارة Savoir-Faire إنما أيضاً تبادل ولقاء متكرر مع فنانين صينيين معاصرين بخلفيات متعددة وتسجيل للتحديات الجديدة التي يطرحها هذا الزمن. هو شهادة عن هذا التفاعل بين الموضة وعلم الجمال وبين الموضة والمجتمع». أما مفوضة المعرض فلورانس مولر فاعتبرت المعرض : «احتفالاً بتاريخ دار جادة Montaigne ومؤسسها، وبالمؤثرات الفنية والثقافية التي لامست كرسيتيان ديور وحرّكت إبداعه ما جعله طليعيًا سابقاً لعصره».

 

1- هيئة ديور ابتكار نظرية عالمية للترف
منذ عام 1947، تقدم دار ديور مظهر النساء الأكثر أناقة في العالم. لقد فرض المصمم  ديور رؤية جديدة وأسلوباً جديداً. هيئة فائقة الجمال ولم يسبق لها مثيل عبر مجموعات Corolle وEn 8...
بنسمة عصرية، بدّد ديور كآبة مرحلة ما بعد الحرب العالمية مع قوام امرأة تحمل التفاؤل والإبتكار والديناميكية. أحيا الزمن الجميل La belle époque  مع مجموعة New Look... يستعرض Esprit Dior مئات الفساتين الملهمة والرسوم (Sketches) وقطعاً ثمينة وأعمالاً فنية وحَلْياً وقوارير عطور أخرجت استثنائياً من أرشيفات الدار. صور باتريك دومارشولييه تدعو الزائر لاكتشاف مزيد من التفاصيل. هي بمثابة شواهد على رؤية ديور التي لم تخسر أناقتها وثقة التصميم مع مرور الوقت.

2- ظهور الزهور Le Jardin Dior
تذكّر فساتين الزهور على الدوام بأهمية الطبيعة والحدائق في خيال ديور منذ طفولته التي أمضاها في منزل العائلة في غرانفيل Granville.. في الإطار الفردوسي في منتزه Milly-la-Forêt بعيداً عن الضجيج الباريسي رسم كل مجموعاته. «الحديقة التي حمت طفولتي»، هكذا يصف كريستيان ديور حديقة الفيلا حيث كبر في غرانفيل. في عمر المراهقة كان يرسم الطبيعة والأحواض المعترشة في المنزل العائلي. وحين أصبح مصمّماً كان يحلم بالمراة-الزهرة، وكل فساتينه حملت نعمة الورود وملامح الحساسية والجمال اللانهائي. أعاد صياغة البتلات والمدقة والكأس والسداة بتفاصيل دقيقة على فساتين السهرة فأصبحت قطعاً فنية بتوقيع العبقري صاحب الإلهام النباتي. لغته وردية تبرز جمال المرأة وولاء لعشقه للطبيعة. في مجموعة الخياطة الراقية لموسم تموز/يوليو 2012 - التي وقعها راف سيمونز- أدهش ديكور خلاب من ملايين الزهور النضرة العالم: ورود من كل الألوان والأوركيد الأبيض الناصع والقضبان الذهبية Soliagos...

3- نجمات بتوقيع ديور
من البداية حصلت دار ديور على اهتمام ألمع نجمات هوليوود. وثقن بديور وواكبت هذه الدار نجاحاتهن. جذبت تصاميمه النساء الأنيقات، أميرة موناكو غرايس وإليزابيت تايلور ومارلين مونرو والأميرة ديانا ونجمات اليوم تشارليز مثل ثيرون ونتالي بورتمان وماريون كوتيار وجوليان مور وجنيفر لورانس ونيكول كيدمان وزانغ زيي Zhang Ziyi وني ني... نجمات يلمعن في كوكبة ديور. ويبقى الفستان الأسود هو تفصيل نهائي في حياة المرأة الأنيقة والنجمة. في معرض Esprit Dior حضرت الروح الباريسية عبر 10 فساتين سوداء صغيرة. أما النسخة العصرية من الفستان الأسود فظهرت مصغّرة مع سروال أسود في مجموعة الخياطة الراقية لموسم خريف وشتاء 2012-2013.

4- مشاغل ديور Les Ateliers Dior
سحرة القصات وصانعو العطور الحرفيون يعملون بإرادة واحدة، ومبادئهم المثالية والإتقان وحب التفاصيل والجودة العالية. بالنسبة إلى ديور الفستان هو هندسة دائمة تزيد جسم المرأة تناسقاً. حتى في عالم الأحذية كان لديور بصمة غير صامتة، الكعب الشبيه بالفاصلة Virgule الذي ابتكره روجيه فيفييه للدار، إلى جانب قوارير Amphores من الكريستال الثمين من دار Baccarat. قارورة Pied-de-Poule لعطر Miss Dior أو الهرمية لعطر Diorama هي مجال آخر للتعبير عن ميل المصمّم إلى المظهر الهندسي. هندسة زكية ذات عبق، وهندسة المحتوى أيضاً. حمل خلفاء كريستيان ديور، كل بموهبته وشخصيته وعصره قيم ديور ورؤيته كما تبرهن مواصلة نسخ بذلة Bar الشهيرة... في إحدى صالات المعرض، زاوية تستحضر مشغل ديور حيث مسيرة طويلة تؤدي إلى فستان مثالي وفق تسلسل في الأدوار الصانعة للحلم، إنه فن جماعي بعد رسم المصمم التخطيطي. كما تقف امرأة تلف الشريط الذهبي يدوياً على قارورة J'adore، عمل تقني وشاعري لتحقيق الترف والمثالية. عبّر الفنان الصيني ليو جيانهوا عن إعجابه بهذا الإتقان عبر تصميمه إبرة خياطة عملاقة بطول أربعة أمتار ونصف المتر مغلفة بالذهب، ثمينة تماماً كمهارة ديور.

5- من الزهري إلى الأحمر Du Rose au Rouge
الأحمر رمز الشغف والزهري عنوان النعومة والهناءة، إنهما لونا الدار السحريان. لقد ترعرع كريستيان ديور في منزل مطلي باللون الزهري الناعم، فيلا Les Rhumbs. يربط لون هذا المنزل على الدوام بطفولته السعيدة. كذلك حديقة الورود الزهرية والحمراء بألوان رقيقة ونابضة. كانت الأحب على قلبه لأنها تمثل وجهيْ الأنوثة. يستحضر اللون الزهري العصر الجميل والرومانسية والمرأة الشابة المتوردة والأناقة القصوى والحساسة. أما الأحمر، فيستدعي الحياة بذاتها والجرأة الطفيفة والثمينة لدى ديور. هو لون الإنحياز لدى المرأة التي تنزع إلى البقاء في الذاكرة. في معرض Esprit Dior صالة وردية تحبس الأنفاس. حضرت ألوان صريحة عبر فساتين مثل Edith وGourah وDiablotine وCotillon وAtout Coeur. ومن تصاميم راف سيمونز التي ظهرت في المعرض أيضاً فستان نهاري من الكريب الصوفي مع صدار (Bustier)  مكشوف باللون الزهري الشاحب.

6- «قرن فرساي العظيم» جزء من إرث الدار
الذهبي المتوهج والبارد والبرونزي والنحاسي علامات ترف تحملنا إلى حفلة راقصة في قصر فرساي. الذهب لدى ديور موجود في اسمه أولاً، وهو اللمسة الأسمى للترف التي ذهبت قوارير عطر Diorissimo وDiorling... يستعيد ذهب الفساتين ذكريات البريق الفرنسي والمرايا التي تزين موقع تصوير إعلان عطر J'adore ( للمخرج جان- جاك آنو). فن الحياة في القرن الثامن عشر حيث يبقى قصر فرساي العلامة الفارقة والرمز الأسمى. ويعتبر هذا المكان أحد المصادر التي لا تنضب لروح Dior. كثير من فساتين الدار وعطورها مستلهمة من الملكة الأسطورية ماري-أنطوانيت. كان يحب الأناقة والقطع الفاخرة مثلما كانت ماري-أنطوانيت ترافق الفنانين وتقدّر أعمالهم وتجذبها الخطوط النقية والأثرية في آن واحد. ولا يزال إلهام فرساي حاضراً لدى الدار ولا تزال فساتين ديور تصنع من «كل امرأة أميرة».

7- عطر Jadore
تحفة The Illuminated Object المؤلفة من 3 آلاف قارورة عطر J’adore من السيراميك المطلي بالذهب بتوقيع الفنان الصيني ليو جيانهوا Liu Jianhua تحبس الأنفاس. قلبت القوارير وبدت كمناطيد براقة ومحلّقة. خرج عطر J’adore إلى العالم عام 1999 وكان بمثابة باقة زهور. استدارة القارورة وعنق الزجاجة الممتدة والمطوّقة بالذهبي يستحضران الأمفورة الغالية على قلب المصمّم. يقول كريستيان ديور : «تكتمل أنوثة المرأة بالعطر، وهو اللمسة النهائية للفستان».

8- باريس 30 Avenue Montaigne
بين ليلة وضحاها، أصبحت دار ديور الدار الفرنسية الأكثر شهرة في العالم. نجمات سينما وملكات وأميرات وسيدات مجتمع اندفعن إلى جادة Montaigne 30 Avenue لتمجيد جمالهن مع المصمّم البارع. تصاميمه منحت النساء جاذبية ملكية ومظهراً مثالياً بتقنية مبتكرة. كان يشكل تصاميمه كمهندس ويقولبها لتبرز انحناءات القوام وخطوطه. تحلم النساء بأن يصبحن «امرأة ديور الجديدة» التي توقظ الإعجاب وتجسد الأناقة المطلقة والأنوثة الكاملة. قدم ديور للمرأة البذلات والفساتين والعطورالرائعة والمجوهرات والاكسسوارات أيضاً ولوازم تحاكي الحياة الفرنسية التي كان سفيرها.

9- ديور والفن
في صباه، أراد ديور أن يصبح مهندساً لكن والديه ثنياه عن هذا الحلم. تعويضاً، وفي سن ال33 افتتح معرضين فنيين وعبر من خلالهما عن حساسيته الريادية ورؤيته الفريدة. استعرض أساطير فن القرن العشرين مثل دالي وميرو وبيرارد... طوال حياته، كان ديور محاطاً بالفنانين والشعراء ومؤلفي الموسيقى. حين أسس دار «ديور» Dior، كانت رؤيته اللونية وحسّه التركيبي كافيين لترسيخه قيمة كبيرة في عالم الهوت كوتور. دامجاً صرامته الهندسية وحسّه اللوني، ابتكر ديور عالماً من السحر والروعة للمرأة.

 

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079