كتاب عن أعلام الصحراء وسيرهم ل "لينا هويان الحسن" توثّق تاريخ الصحراء برجالها وقبائلها
من يتابع أعمال لينا هويان الحسن، يُدرك أنّ الصحراء في أدبها ليست تيمة أو موضوعة عابرة، وإنما جزء من ذاكرتها الروائية وذاتها الإنسانية.
فبعد «سلطانات الرمل» التي رصدت فيها سير نساء الصحراء بسحرهن وأسرارهن، و «بنات نعش» التي اختزلت فيها عوالم الصحراء عبر سير نسائها وحكاياتهن، قدمت لينا هويان الحسن «رجال وقبائل» لتصوّر الصحراء بعين ذكورية هذه المرّة.
«رجال وقبائل» ليست رواية، إنما كتاب توثيقي تستعيد فيه صاحبة «ألماس ونساء» سير أمراء وشيوخ وزعماء قبائل. وعلى الرغم من أنّ ذاكرتها متخمة بقصص الصحراء وحكاياتها، اختارت ابنة الصحراء أن توثّق معلوماتها عن هذه الشخصيات عبر الاتكاء على ما دوّنه المستشرقون عنهم.
وهي تبرر عودتها إلى كتب المستشرقين باعتبارهم المصدر الأقوى والأوحد في مجال توثيق الصحراء، نظراً الى أنهم – وحدهم – من تجرأوا على اقتحام الصحراء، تدفعهم ثلاثة أهداف: الديني، الاستعماري والعلمي، علماً أنّ كثيرين منهم كانوا جواسيس لحكوماتهم.
يحتوي «رجال وقبائل» بطبعته الجديدة عن منشورات ضفاف ومنشورات الاختلاف على مقدمة كتبتها لينا هويان الحسن تحت عنوان «مرض الأرشيف»، على خلفية عنوان للفيلسوف جاك دريدا، وهي تقول فيه: «هل ثمة مرض يسمّى «أرشيفات الأنا أو الشغف بالسيرة الذاتية؟ كيف يُمكن محاولة متواضعة كمحاولتي أن ترسم ما هو مبعثر في الواقع؟ وأن أحوّل ماضياً مصنوعاً من القطيعات وضروب عدم الاستمرار إلى خطّ يصل بين ما هو متناثر؟».
تبدأ لينا كتابها بسرد أجزاء من حكايتها مع البادية وما سمعته عن قبيلتها من والدها، التي تعود أصولها إلى قبيلة «جيس» (قيس) الكبرى، والتي انقسمت بشكل كبير وتوزعت بين العراق وتركيا (أورفة وأضنة وديار بكر)، لتبقى قبيلتها «الجُميلة الهلالية» هي العينة الصغيرة من «قيس» الكبرى.
يتضمن الكتاب سير أمراء وزعماء وقادة وسموا بحكاياتهم البادية السورية، ومنهم الأمير أحمد بك الأبو ريشة، الأمير طراد العبد الإبراهيم، فيصل النواف الكرخ، مشرف الدندل، محمد الملحم... ومن خلالهم تُدخل لينا هويان الحسن قارئها إلى عوالم الصحراء بما فيها من سحر وغموض، من غير أن تدّعي الكاتبة أن هذا بأبطاله وحكاياته قادر على أن يختزل التاريخ القبلي للبادية السورية.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024