تحميل المجلة الاكترونية عدد 1077

بحث

قاتلة زوجها تعترف: ثمن زوجي خمسة آلاف جنيه وتلفزيون

قررت نجلاء التخلص من زوجها حتى تصطاد مجموعة من العصافير بحجر واحد، أهمها الحصول على حريتها التي بحثت عنها طويلاً منذ زواجها غير المتكافئ مع زوجها الذي يكبرها بخمسة عشر عاماً، وفي الوقت نفسه ترث ثروة طائلة تؤول إليها بعد موت زوجها... وبدم بارد جلست الزوجة تشاهد تفاصيل مشاهد مقتل زوجها، لم يتحرك لها ساكن، فهي التي خططت لكل شيء، وما أبسط الثمن الذي دفعته لمرتكبي هذه الجريمة التي كان من الممكن أن تظل أحداثها مجهولة لولا الصدفة التي كشفت تفاصيلها.

كانت الزوجة نجلاء تبكي بحرقة أمام رئيس مباحث قسم شرطة الجمالية، والضابط يسعى إلى تهدئتها بكل السبل، لكنها كانت تهذي مرددة: «يا إلهي، لا أصدق أنهم قتلوا زوجي الحبيب، ماذا فعل حسام حتى يلقى هذا المصير؟ فهو لم يسئ لأحد طيلة حياته».
واصل الضابط محاولاته للسيطرة على انفعالات الزوجة المكلومة، لكنها بدت في حالة يرثى لها...
قبل ساعات كانت مباحث القاهرة قد تلقت بلاغاً بوصول رجل في الخمسين من عمره إلى أحد المستشفيات في حالة خطرة، بعد أن تعرض لاعتداء وحشي ولم يلبث أن لفظ أنفاسه الأخيرة.
ورغم أن الجاني حاول أن يخفي كل شيء من الممكن أن يدل على شخصية القتيل، إلا أن رجال المباحث تمكنوا من معرفة شخصية القتيل حسام من خلال خطاب كان مرسلاً إليه واحتفظ به في جيب قميصه، ولم يتنبه له القاتل.


مهمة صعبة

كانت المهمة شديدة الصعوبة على رجال المباحث للتوصل إلى الجناة، وألقى أمن المستشفى القبض على أحد المتهمين بعد أن أكدت الدفاتر الرسمية أنه سلّم حسام إلى المستشفى لإسعافه، وعاد بعد ساعة للسؤال عنه لكنه كان قد لقي ربه!
المتهم يدعى فاروق، أكد أنه يعمل سائق تاكسي، ولا يعرف أي شيء عن القتيل، وأمام رئيس المباحث أكد فاروق أنه في الساعة السابعة مساءً استوقفه أحد المواطنين في مدينة السلام، وهي أحد الأحياء الشعبية في القاهرة، وكان بصحبته رجل يبدو عليه علامات الإجهاد الشديد، وأكد الرجل للسائق أن المريض هو شقيقه ويسعى إلى نقله بسرعة إلى أحد المستشفيات.

ولم يتردد فاروق إزاء هذه المهمة الإنسانية، ووافق على الفور على نقل المريض إلى أحد المستشفيات، لكن معظم المستشفيات رفضت تسلمه، مما أدى إلى قيام الرجل المصاحب للمريض بالاتجاه مع السائق إلى أحد المستشفيات الحكومية.
ويؤكد فاروق أن الرجل ترك المريض في المستشفى وطلب من السائق أن يصطحبه إلى منطقة السلام مرة أخرى لإحضار أموال، لكن السائق قرر العودة إلى المستشفى مرة أخرى للاطمئنان إلى المريض، وكانت المفاجأة أن المريض توفي، مع وجود العديد من الشكوك الجنائية حول وفاته!

أخذ السائق يقسم أمام الضابط أنه بريء ولا علاقه له بالجريمة، وبخبرة الضابط صدقه وطلب منه أن يصطحبه إلى المكان الذي أقلَّ منه القتيل وشقيقه المزعوم، وفي الوقت نفسه طلب رئيس المباحث من معاونيه إجراء المزيد من التحريات حول القتيل وأسرته، وتوالت المفاجآت!
أكدت التحريات وجود خلافات شديدة بين الزوج القتيل وزوجته الشابة التي تصغره بعدة سنوات، كان سوء التفاهم يسود العلاقة بينهما، والمشادات بينهما لا تنتهي، وبدأت شكوك رئيس المباحث تتجه نحو الزوجة، خاصة أنها أجادت تمثيل دور الزوجة المكلومة الحزينة على زوجها، رغم أن كل الدلائل كانت تؤكد أنها لم تحزن لمقتل زوجها، بل هي أكثر المستفيدين من موته!

التحريات أكدت أن الزوجة كانت تشعر بالغربة داخل منزلها، وأكدت للكثير من جيرانها أنها تريد أن تتخلص من زوجها التي تعتبره قيداً عليها، لكنها في الوقت نفسه لا تستطيع أن تطلب الطلاق لأن أسرتها فقيرة، ولن تقبل الأسرة أن تترك ابنتهما زوجها الذي ينفق على الأسرة.
وحتى يحسم رئيس المباحث شكوكه اصطحب السائق إلى المنطقة التي يسكنها القتيل مع زوجته،  شيء ما كان بداخل رئيس المباحث يؤكد له أنه سيعثر على ضالته بهذا المكان!

وبدأ يتجول مع السائق في المنطقة، ويسأل السكان عن شاب يحمل أوصاف الرجل الذي انتحل صفة شقيق القتيل، ولم تمض ساعة حتى توقف صاحب محل بقالة عجوز أمام هذه الأوصاف، وأكد أنها تقترب من شاب يدعى مصطفى يعمل في مقهى في نهاية الشارع الذي تسكنه أسرة القتيل، ولم يضع الضابط وقته، اتجه إلى المقهى وسأل عن مصطفى الذي كان يمارس عمله، وفجأة صرخ السائق: «هذا هو نفس الرجل»، وأمسك بتلابيب مصطفى، الذي حاول أن يتخلص من قبضة فاروق، لكن السائق شعر بأنه عثر على القشة التي ستنقذه من حبل المشنقة فتمسك بها، وبهدوء طلب منه الضابط أن يترك مصطفى واصطحبه إلى قسم الشرطة،  وبدأت التحقيقات في القضية.


اعتراف مثير

أصر مصطفى على الإنكار، وأكد عدم صلته بالحادث، وفي نفس التوقيت حصلت الشرطة على إذن من النيابة لتفتيش شقة مصطفى، وعثرت فيها على تلفزيون حديث ومبلغ خمسة آلاف جنيه، وفشل المتهم في تفسير سر وجود هذه الأشياء بحوزته، وكانت المفاجأة الأخرى حينما أكد جيران القتيل أن التلفزيون الحديث، الذي كان يحتفظ به مصطفى، كان القتيل قد اشتراه لزوجته قبل مقتله بأيام!
لم يجد مصطفى مفراً من الاعتراف بجريمته وقال: «حب المال دفعني إلى ارتكاب هذه الجريمة بوازع من جارتي نجلاء التي عرضت عليَّ أن أساعدها في التخلص من زوجها مقابل خمسة آلاف جنيه وتلفزيون، لم أتردد ووافقت على الفور، خاصة أنها أكدت لي أنها رسمت كل مشاهد الجريمة ولم تترك وراءها أي ثغرة».

يكمل القاتل: «عرضتُ على زميلي في المقهى حسن أن يشاركني الجريمة لنستخدم السيارة التاكسي التي يمتلكها لنتخلص من جثة القتيل، وبدأت في تنفيذ خطة الزوجة، اتصلت بي هاتفياً وحددت لي ساعة الصفر في الخامسة عصراً، عاد زوجها مجهداً من عمله وتناول الغداء واتجه إلى فراشه، وفتحت لي الزوجة الباب واتجهت إلى غرفة زوجها، ولم أضيِّع وقتي، خنقت الزوج وانهلت عليه ضرباً بآلة حادة ولم أتركه حتى غاب عن الوعي. واتصلت بصديقي الذي ساعدني على نقل الزوج وهو في حالة يرثى لها، ونحن نعلم أنه لن يتحمل ما حدث، وأوقفت سيارة تاكسي لتساعدني على نقل الزوج إلى أحد المستشفيات، كنت سأدعي أن مجهولين هاجموا جارنا حسام وألقوه في الشارع بعد أن استولوا على أمواله، لكنني وجدت صعوبة شديدة في إقناع المستشفيات بهذه الرواية، فقررت الهرب وطلبت من السائق أن يعيدني إلى مدينة السلام».

أنهى المتهم اعترافه، وألقت الشرطة القبض على الزوجة، التي حاولت الإنكار في البداية، لكن الأدلة وشهادة الشهود كانت تدينها، ولم تجد مفراً في النهاية من الاعتراف، فأكدت أنها ضاقت بحياتها مع زوجها، وقررت أن تتخلص منه بهذه الطريقة حتى تحصل على حريتها وتستمتع بأمواله.
وقررت النيابة حبس الزوجة بتهمة التخطيط لقتل زوجها، وتم حبس المتهمين الآخرين.

المجلة الالكترونية

العدد 1077  |  آب 2024

المجلة الالكترونية العدد 1077