تحميل المجلة الاكترونية عدد 1077

بحث

الملجأ

الملجأ

اختارت المهنة. أصبحت قلب هويتها. تعترف بأنّها ليست موجودة خارجها. انتظرت الإجازة ولم تستمتع بها. يشغلها ضياع لم تعتده، هو رد فعلها أمام الوقت غير المقيّد بالواجبات.

هو وقت فارغ، وقت متاح واسع يغيب عنه أي هدف، يبدو شفافاً مملاً مثل وجه الماء حين لا يعكس أي صورة أو معنى. يخيفها هذا الضياع برغم بساطة الموقف. يدفعها إلى مواجهة أسئلتها القديمة، أسئلة أواخر أيام الطفولة، أسئلة الإنسان الذي يقبل على الحياة ويكتشفها على مهل، أسئلة البحث عن معنى كلّ ما يحدث.

ليس الشغف وحده سبباً في انغماسها في التفاصيل المهنية، وليس وحده الفخر بانتزاع اللقب أو بحجز المكان ما يحرّكها للتفاني في عملها. تقول: «خوفاً من الأسئلة نتمسك بما نلهو به أو ندمنه... كالعمل، نحبه ونكرهه، أعترف بأن مهنتي ملجأ نفسي، جدار صلب أتكئ إليه هرباً من الشكوك والقلق. وقلق العمل مختلف لأنه منظّم ضمن قواعد ومراحل زمنية.

ثمة مهمات واضحة ومحددة يجب إنجازها. العالم خارج غرفة المكتب رهيب، إلا إذا وجدنا المعنى المفقود في فعل ما، في القراءة أو الكتابة على سبيل المثال. فحين نمتلك الوقت «الخام»، وقتاً بلا مواعيد وحدود، نواجه الأسئلة الوجودية وتقويم العلاقات والواجبات الاجتماعية». هي حكاية واحدة بين حكايات صبايا أحكمن حبال السيطرة على حيواتهن. تشبه قصص صبايا تعرّفنا إليهن في هذا العدد.

لم يستسلمن للأفكار السائدة في مجتمعاتهن، بحثن عن أنفسهن قبل أن يبحثن عن الطريق التي شقّها لهن الآخرون. ليس الانعزال مطلوباً ولا التخلّي عن التوازن بين الحياة العائلية والمهنة. وليس الضياع مستغرباً، هو انعكاس للوجود. لكن التمسّك بسلاح المهنة يجب أن يكون أساسياً في حياة المرأة، ومن غير المقبول التفريط فيه.

المجلة الالكترونية

العدد 1077  |  آب 2024

المجلة الالكترونية العدد 1077