تريشيا غيلد... تصاميمها أشبه بحلم رحلة من الطبيعة إلى الطبيعة!
الحديث عنها ممتع مثل ألوانها النضرة التي تُطِّرز الأقمشة والجدران وتنشر الفرح والتفاؤل في النّفوس، راسمةً في أحضان المنازل والشقق، ملامح جديدة لطبيعة ثانية متكاملة المواسم، متناغمة الفصول.
من الرمادي الدخانيّ إلى الأزرق، مروراً بالورديّ الناعم والأخضر المصْفَر، مشوار تقطعه تصاميمُها النابضة بالحياة، لتحرك بزهوها كل المشاعر الساكنة وتبهر العيون.
إنها تريشيا غيلد Tricia Guildملكة الأقمشة الملونة وعرّابة الفنون التي استطاعت أن تغيّر رؤيتنا إلى القماش وورق الجدران والعناصر الزُخرفية، لتكشف لنا موسماً بعد موسم، عن حصاد إبداعيّ جديد بصياغات غير مألوفة.
حدائق من الأزهار والنباتات الجميلة، تكشّفت عنها تصاميمها الجديدة بخطوط ونقوش مضيئة ناعمة، عكست مزاجها في ترجمة إيقاع المواسم وأمزجة الفصول.
فموهبة المصممة في صياغة المشاهد ورسمها بحس فنيّ خالص الشفافية، تجعلها قادرة على تحويل أيّ منظر عادي يحيط بها، إلى لوحات استثنائية باهرة، فهي تظهّر رؤيتها للمناخ الريفيّ بألوان تحمل نكهة النعناع والمشمش والحمضيّات، بإيقاعات بصريّة مثيرة وشهيّة.
وكفنانة تجتذبها لوحات «ماتيس» الجميلة بألوانها الزرقاء الباردة والرماديّة، فإنها تلقِّح بها نقوش أقمشتها ومبتكراتها بلمسات مدهشة، بحيث تزيد من ثراء أجوائها وجاذبية حضورها.
كما تشكّل الهند النموذج الباهر لزخرفة الأزهار التي تستوطن الكثير من مجموعات أقمشة تريشيا غيلد ومبتكراتها التي لطالما سكنها هدوء بارد غير متوقّع، نراه يتعايش مع الألوان بطريقة مدهشة.
تشغل تريشيا غيلد منصب المديرة الفنية لمؤسستها «ديزاينرز غيلد». وهي لا تتوقّف عن إدهاشنا بعطائها الباهر منذ أربعة عقود، متنقّلة من نجاح إلى نجاح، مرسّخةً اسمها وموقعها في المشهد الزخرفيّ والديكور فوق خريطة واسعة من بلدان العالم.
فاللائحة تطول ولا تنتهي من مبتكراتها المدهشة، بدءاً من صياغة الأقمشة وورق الجدران والطلاء، إلى قطع الأثاث الفريدة والسّجاد وعناصر الزّينة والشّموع. فكل هذه المبتكرات نُفذت بأكثر من 145 نغمة من سلّم الألوان التي تحمل هويّة أجوائها المميزة وأسلوبها الفريد الطابع.
بدأ مشوارها مع الديكور عام 1970 حيث كانت تعمل كملوّنة للأقمشة الهندية، وقد استلهمت منها مواضيع وتقنيات، ساعدتها على تصميم مجموعة صغيرة، كانت الأولى من ضمن مجموعاتها التي عرضتها في مخزنها الصغير في شارع «كينغز رود»، وقد تضمّنت بعض قطع الأثاث الريفية الطابع المطليّة والمزخرفة بالألوان... إضافةً إلى مبتكرات من السيراميك. وقد حصدت هذه المجموعة الكثير من الإعجاب مما شجّعها على ابتكار المزيد منها وتغذيتها بعناصر أخرى مميّزة تُستخدم في زينة المنازل.
وفي عام 1974، بدأت تريشيا غيلد بالتعاون مع بعض الفنانين الزخرفيين، منهم: جانيس تشالينكو Janice Tchalenko وليليان ديلافورياس Lillian Delevoryas وغيرهما من الأسماء التي لمعت حينها في مجال الفنّ والديكور، لتركّز اهتمامها بعد ذلك على تنشيط حضورها الفنيّ وتنميته داخل حدود المملكة المتحدة وخارجها.
وقد أنشأت عام 1985 وبالتعاون مع شقيقها، شركة خاصّة بالابتكار تحمل علامة Designers Guild التجارية، والتي تولّت بنفسها إدارتها الفنيّة، لتحقق في العام نفسه أكبر نسبة من المبيعات في بريطانيا، حيث تنامت أرباح هذه المؤسسة العائلية لتصل اليوم إلى ما يقارب الـ50 مليون جنيه استرليني سنويّاً... مما سمح لها بالتوسّع وافتتاح المزيد من المكاتب وصالات العرض لشركتها في مختلف المدن العالمية الراقية، منها: باريس، ميونيخ، ميلانو ونيويورك.
وقد حازت تريشيا غيلد العديد من الجوائز العالمية تكريماً لموهبتها وإبداعها، ومنها جائزة ملكة بريطانيا في العامين 1991 و1996، كأفضل مصمّمة زخرفية... ليتمَّ بعد ذلك تطوير رخصة مؤسّستها التجارية «ديزاينرز غيلد» وتوسيع مجالات نشاطها، لتضمّ إلى جانب الأقمشة وقطع الأثاث المُنجَّد، وورق الجدران والطلاء، مبتكرات جديدة، مثل أغطية الأسرِّة والمفارش والبياضات والعطور الخاصّة بالمنازل، وكذلك عناصر الإضاءة والزّينة والقرطاسية الفاخرة.
كما تمّ إنشاء قسم جديد يُعنى بتصنيع الأقمشة والمزركشات الخاصّة بالستائر، مع استحداث خدمات جديدة لنشر مبتكرات المبدعين العالمييّن وبيعها، منهم: رالف لورين وكريستيان لا كروا وويليام يوارد، إضافةً إلى خدمة تصميم المشاريع الداخلية، من منازل وفنادق ومحال تجارية، تعتمد في تأمينها مستلزمات الديكور كافة، على مجموعات «ديزاينرز غيلد» الراقية التي تتمتع بمروحة واسعة من الخيارات والطرُز المتعددة الأجواء، ومن بينها: الريفيّ الجميل والكلاسيكيّ الفاخر والباروكي الغريب والحديث المعاصر.
عندما سُئلت تريشيا غيلد عن مصدر إلهامها الذي حملها إلى قمّة الإبداع، أجابت بكلّ بساطة: «الطبيعة والسفر وما يتركانه من أثر في النفس ومن ذكريات جميلة، أمور تطفو على سطح المخيّلة بأفكار ورؤى تُجسّدها النقوش والألوان النابضة بالحياة أو الهادئة الباردة، وكذلك الكتب بكلّ ما تحمله من صور مدهشة.
فكلّ هذه المرئيّات تشكِّل وليمة بصريّة مائدتُها مشاهد وأصداف باريسية مدهشة، وزينتُها ورود هنديّة تفتح دائماً الشهيّة على الإبداع بنهَم شديد وحيوية».
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024