مطلّقة تدفع حياتها ثمناً للبحث عن صديق!
فراغ عاطفي عاشته بعد سنوات طويلة قضتها في ظل لقب مطلقة، الذي حصلت عليه بالإكراه، مقابل التخلص من حياة مليئة بالمشاكل، مع زوج أتقن كل فنون التعذيب بحقها، ودفعها الى التفكير بأي رجل يحنو عليها بكلمات الحب والهيام، من دون أن تدرك أن ذلك سيكون سبباً في نهايتها.
كعادته كل يوم، استيقظ أحمد في السابعة صباحاً ليتوجه إلى شركة الاتصالات التي يعمل فيها في قسم الخدمات المعاونة. وبعد أن انتهى من طقوسه اليومية، حمل متعلقاته وفتح باب شقته ليبدأ يومه من دون أن يفكر للحظة واحدة بأن شيئاً سيقف عائقاً أمام ذهابه الى عمله.
آثار الجريمة
قبل أن يستدير أحمد ليغلق باب الشقة، تصلبت قدماه في مكانهما، وعجز عن أن يدير وجهه وهو يشاهد آثار الدماء تلطخ باب شقة جارته التي تعيش بمفردها منذ سنوات طويلة، ليدرك من اللحظة الأولى أن مكروهاً قد أصابها.
المشهد جعل الشاب عاجزاً عن التفكير في كيفية التصرف. وقبل أن يهم بطرق باب الشقة علَّها ترد عليه، عدل عن الفكرة خوفاً من أن تكون هناك جريمة يتورط بها، بعد أن يعثر رجال الشرطة على آثار بصماته في المكان.
إبلاغ الشرطة
على الفور اتخذ الشاب قراره بإبلاغ رجال الأمن في الموقف، علَّ أحدهم يأتي ويكشف تفاصيل ما يدور في خاطره، فأخرج هاتفه واتصل برجال الشرطة يطلب النجدة ويبلغهم بكل التفاصيل التي شاهدها على باب الشقة.
نصف ساعة قضاها أحمد أمام باب شقته بعدما فشل في السيطرة على أعصابه، حتى وصل رجال شرطة قسم حدائق القبة في شمال القاهرة، وكسروا الباب.
قتيلة
في الداخل كان ما توقعه الشاب، حيث عثر رجال المباحث على جارته كاميليا غارقة في دمائها مسجّاة على ظهرها في صالة منزلها مهشمة الرأس بآلة حادة، ليعطي المشهد تأكيداً بأن جريمة قد وقعت.
كاميليا امرأة في منتصف العقد الرابع من عمرها، انفصلت عن زوجها منذ عشر سنوات، حيث كانت في الخامسة والثلاثين، بعد سنوات طويلة عاشتها في عذاب معه، ليتم الاتفاق على الطلاق ولتعيش مع طفلتها الوحيدة، في الوقت الذي سافر طليقها خارج البلاد وانقطعت أخباره، بعد أن تردد زواجه من فتاة استرالية.
إحساس بالوحدة
فترات اكتئاب شهدتها المرأة في ظل حياتها الجديدة التي عاشتها وحيدة، كانت كفيلة بأن تتخذ قراراً بإيداع صغيرتها إحدى دور الرعاية الاجتماعية، علها تنجو من حياتها الكئيبة لتظل بمفردها.
شعرت المرأة بأن ربيع العمر يمضي، واشتاقت الى أي رجل يملأ الفراغ الذي تعيش فيه ويؤنس وحدتها، فلم تجد غير سائق في المؤسسة التي تعيش ابنتها فيها، بعدما تعرفت إليه خلال ترددها على المكان بين الحين والآخر للاطمئنان إليها ومتابعة أحوالها.
سائق الموتى
لم يكن هذا الرجل إلا سائقاً لسيارة نقل الموتى التابعة للمكان الذي يرعى طفلة كاميليا، ورغم ذلك فقد وجدت فيه ما يملأ فراغها ويشعرها بأنها ما زالت امرأة مطلوبة.
في البداية، واجه رجال المباحث صعوبة في التوصل الى حل لغز هذه الجريمة، التي بدت أنها بدافع الانتقام، في الوقت الذي كان الجميع يعلم أن كاميليا امرأة مسالمة لا تربطها عداوات بأي شخص.
لغز الجريمة
مجهود خارق بذله رجال المباحث في جمع أي معلومات قد تفيد في كشف غموض الحادث، حتى كان الخيط الذي أزاح الستار عن جريمة راحت ضحيتها امرأة، كانت تبحث عن كلمة حلوة تسمعها من رجل. كان الجيران قد شاهدوا سيارة نقل الموتى وهي تتوقف في الشارع الذي تسكن فيه القتيلة، فأبدوا استياءهم من أن يكون أحد السكان قد وافته المنية، وراحوا يتساءلون عمن توفاه الله من دون أن يحصلوا على إجابة أو يدركوا سبباً لوجودها في هذا الوقت المتأخر من الليل.
أدرك رجال المباحث أن لدى أنور فرج، سائق سيارة نقل الموتى، الإجابة عن كل تساؤلاتهم، فاستصدروا أمراً من النيابة بضبطه وإحضاره على ذمة اتهامه بقتل كاميليا فؤاد «45 سنة»، ليبدأ سرد تفاصيل العلاقة التي انتهت بجريمة قتل.
اعترافات المتهم
قال أنور (38 سنة)، سائق سيارة نقل الموتى، إنه تعرف الى القتيلة أثناء ترددها على الدار التي يعمل فيها، وكانت العلاقة بينهما شبه عادية، حتى فوجئ بها تتصل به صباح يوم الحادث بطريقة فهم منها أنها معجبة به. على الفور لم يتردد الرجل بأن يمطرها بكلماته المعسولة، وأمام ذلك لم تقو على رفض طلبه بالحصول على عنوانها وزيارتها في اليوم نفسه، علّه يؤنس وحدتها من دون أن تدرك ما يدور في خلده من أفكار شيطانية.
أضاف الرجل في اعترافاته أنه ظن سوءاً بالقتيلة، وفكر في إقامة علاقة معها أثناء وجوده في منزلها، لكنه فوجئ بها تنهره وتسبّه بأفظع الكلمات، الأمر الذي أثار جنونه، فنزع ماسورة ستارة الحمام من مكانها وانهال بها على رأسها، بعدما هددته بفضحه، حتى سقطت غارقة في الدماء، وبعدما تأكد من وفاتها، فرّ هارباً.
أراد المتهم إخفاء معالم جريمته، فحمل الأداة التي تحمل بصماته وفر هارباً، لكن آثار الدماء التي تركها على باب الشقة كشفت الجريمة، التي راحت ضحيتها امرأة رفضت إقامة علاقة مع سائق سيارة نقل الموتى.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024