تحميل المجلة الاكترونية عدد 1077

بحث

صمت غادة علي كلش... وسيلةً أخرى للبوح

في كتابها «الطيف والأثر» (دار درغام،2013)، لا تُقدّم غادة علي كلش سيرة ذاتية، ولا قصيدة، ولا حتى نصوصا شعرية نثرية، بل إنها تكتب ما يُشبه الشذرات أو الحِكَم، بأسلوب لا يخلو من شعرية مكثفة.


تستبدل كلش النصوص التأملية التي اشتهرت بكتابتها منذ مطلع التسعينات بعبارات مضغوطة ومُقتصدة، كأنّها اختارت الإقتضاب أو بالأحرى الصمت وسيلة جديدة للبوح. عباراتها تبرز كقصائد الهايكو، مختزلة ومكثفة.

لا تقف كلش عند حدود التجربة الفردية، بل إنّها تصوغ تأملاتها من تفاصيل التجربة الإنسانية، كقولها: «الجرح مثل البصمة، لذا لا تتطابق الجروح، وإن تشابهت».

يلمس قارئ «الطيف والإثر» بُعداً فلسفياً وميتفيزيقياً لدى كاتبته التي تبدو أكبر من سنّها بكثير. وقد يكون الألم أو الوجع الإنساني من الأمور التي تمنح الكاتب المزيد من الحكمة والصدق والتمرّس: «الوجوه التي نراها للمرة الأولى، وكأننا رأيناها قبلاً، هي وجوه شفافة القلوب».
ويُمكن اعتبار بعض عبارات هذا الكتاب بمثابة أمثلة خفيفة في شكلها وغنيّة في مضمونها، يُمكن أن تُغني ثقافتنا اليومية وتجربتنا الحياتية، مثل: «أجمل اللحظات، هي التي نخرج منها، ونبقى فيها».
تتميّز نصوص كلش وعباراتها بعفوية وشفافية شديدتين.

يتقاسم النصف الثاني من الكتاب قسمان هما: «رحلة الطيف» و«رحلة الأثر»، وفيهما يجد القارئ أنّ الطيف ليس إلاّ مرادفاً للأثر، أو ربما وجهه الآخر. وهي تقول إنّها حاولت من خلال هذين التعبيرين مُحاكاة مفهوم الطيف في الوجدان الإنساني، ومدلول الأثر- المُماثل له- في نطاق الرصد الروحي.
ومن أقوالها عن الطيف والأثر: «للأثر قلب يقرأ القصيدة، يرصد الطيف، يستمع إلى أغنية الأشجار. ولي يدان تكتبان هذه القصيدة، ترسمان هذا الطيف وتُحركّان معاً معزوفة الأشجار».

المجلة الالكترونية

العدد 1077  |  آب 2024

المجلة الالكترونية العدد 1077