تحميل المجلة الاكترونية عدد 1080

بحث

الدكتورة سعاد صالح توضح أحكام حج النساء: احذري هذه المحرمات

الدكتورة سعاد صالح

الدكتورة سعاد صالح

الدكتورة سعاد صالح

الدكتورة سعاد صالح

أيام قليلة ويتجه ضيوف الرحمن من النساء والرجال إلى الأراضي المقدسة لأداء فريضة الحج، وتقع غالبية النساء بسبب عدم العلم بأحكام الحج في محظورات شرعية، قد تجعل حجّهن بلا ثواب أو منقوص الأجر، من هنا تأتي أهمية لقائنا مع مفتية النساء الدكتورة سعاد صالح، العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية، لنتعرف من خلالها على كل ما يتعلق بحج المرأة، وللإجابة عن الكثير من التساؤلات التي تشغل أذهان النساء وهن في طريقهن لأداء فريضة الحج.


- في إيجاز شديد، ما هو الحج في الإسلام؟
هو ذهاب المسلمين – نساءً ورجالاً – محرمين إلى مدينة مكة، في أشهر معينة من كل عام لأداء طقوس تسمى «مناسك الحج»، وهو واجب لمرة واحدة في العمر لكل بالغ قادر، باعتباره الركن الخامس للإسلام، وتبدأ مناسكه في الثامن من شهر ذي الحجة، فيقوم الحاج بالإحرام من مواقيت الحج المحددة، ثم التوجه إلى مكة ليبدأ طواف القدوم والسعي بين الصفا والمروة، ثم الذهاب إلى «منى» لقضاء يوم التروية، والوصول إلى «عرفة» في اليوم التاسع، وبعد ذلك يرمي الجمرات في جمرة العقبة الكبرى، ويعود الحاج إلى مكة ليقوم بـطواف الإفاضة، ومنها إلى «منى» لقضاء أيام التشريق، ثم يعود مرة أخرى إلى مكة ليقوم بطواف الوداع ومغادرة الأماكن المقدسة.


ملابس
- ما هي الضوابط الشرعية لثياب المرأة أثناء الحج؟

 القاعدة العامة أن ليس للمرأة الحاجّة ملابس مخصصة للإحرام كما يظن الكثير من العامة، لكن هناك ضوابط شرعية، أهمها أن يكون إحرامها في ملابس غير جميلة وغير لافتة للنظر، لأنها تختلط بالناس، ولهذا ينبغي أن تكون ملابسها محتشمة وعادية وليست فيها فتنة. ومع هذا لو أحرمت المرأة في ملابس جميلة صح إحرامها لكنها تركت الأفضل، وعلى المرأة المحرمة أن تلبس ما تشاء من الثياب من اللون الأسود أو غيره من الألوان، لكن عليها الحذر من الثياب الضيقة أو الشفافة أو القصيرة أو المشقوقة أو المزخرفة، وكذلك عليها الحذر مما فيه تشبّه بالرجال.

- بعض النساء يخصصن ألواناً معينة، فهل لهذه الألوان أصل شرعي؟
من المعتقدات الخاطئة لدى بعض النساء أن للإحرام ألواناً معينة محببة، مثل الأخضر أو الأبيض، إلا أن ليس على ذلك دليل شرعي، وبالتالي فهذا المعتقد من قبيل البدع المحدثة.


محرمات
- ما هي المحرمات على المرأة بمجرد عقدها نية الإحرام؟
يحرّم عليها العديد من الأمور، أهمها التطيب بجميع أنواع الطيب، سواء كان في البدن أو على الثياب، كما تحرم عليها إزالة الشعر من الرأس وجميع البدن بأي وسيلة، أو تقليم الأظافر، وكذلك يحرم عليها لبس البرقع والنقاب والقفازين، إلا أن هذا لا يجيز لها أن تكشف عن وجهها ويديها أمام الرجال الأجانب بحجة أن النقاب والقفازين من محظورات الإحرام. بوجه عام عليها ستر زينتها عن الرجال غير المحارم في الحج، وكذلك في غير الحج.

- التطيب في الحج منه ما هو محظور ومنه ما هو مباح بالنسبة الى النساء، فما الفرق؟
الطيب قسمان، الأول له رائحة نفاذة لا يجوز للنساء استعماله، فهو خاص بالرجال، والثاني ليست له رائحة، لكنه يؤدي الغرض. والمرأة إذا أرادت أن تلتمس السنّة وتصيبها، فلتتطيب بطيب ليست له رائحة في حال من الأحوال، تعبّداً لله جلّ وعلا، بالتمسك بالسنّة، بعد أن تغتسل المرأة عليها أن تتمهل يسيراً، ثم تلبي من مكانها.


الدورة والإحرام
- ماذا تفعل المرأة إذا باغتتها الدورة قبل أن تصلّي ركعتي الإحرام؟
من تيسير الشرع أن الحائض لا تصلّي ركعتي الإحرام، بل تحرم من غير صلاة، حيث إن ركعتي الإحرام سنّة عند الجمهور، بل إن بعض أهل العلم لا يستحبها، لأنه لم يرد فيها شيء مخصوص، لكن جمهور الفقهاء استحبوا أن يكون الإحرام بعد صلاة، إما فريضة وإما نافلة، تتوضأ وتصلّي ركعتين، ومن المعروف أن الحائض ليست من أهل الصلاة، وبالتالي لها أن تحرم من دون الصلاة ولا يشرّع لها قضاء هاتين الركعتين.

- هل يجوز للحائض السعي بين الصفا والمروة؟
نعم يجوز، لأنّ السعي بين الصفا والمروة لا تُشترط فيه الطهارة، كما أن ‏المسعى ليس من المسجد الحرام، ولهذا فإنّ الحائض تستطيع أن تسعى ‏بين الصفا والمروة.

- ما هي أحكام طواف الإفاضة بالنسبة الى المرأة؟
طواف الإفاضة ركن من أركان الحج، ولهذا فإن على المرأة الحاجّة بعد الرمي أن تذهب فتسعى، وتطوف بين الصفا والمروة سبعة أشواط، وإذا طافت طواف الإفاضة وسعت فقد تحللت التحلل الأول أو التحلل الأصغر.

- من المعروف أن الإفاضة ركن من أركان الحج، فما الحكم إذا تركته الحائض لضيق الوقت حيث لم يتسع الوقت لانتظار الطهر؟
من الواجب عليها وعلى وليّها الانتظار حتى تطهر وتتطهر وتطوف طواف الإفاضة، لقول النبي (صلّى الله عليه وسلّم)، لمّا قيل له إن صفية قد حاضت: «أحابستنا هي؟» فلما أخبر أنها قد أفاضت قال: «انفروا»، لكن إذا لم يمكنها الانتظار وكان في إمكانها العودة لأداء الطواف، جاز لها أن تسافر ثم تعود بعد الطهر لأداء الطواف، لكن إن لم يمكنها العودة أو خافت ألا يمكنها ذلك؛ كسكان البلاد البعيدة عن مكة المكرمة، جاز لها أن تتحفظ لمحاصرة الدم وتطوف بنيّة الحج، وأجزاها ذلك عند جمع من أهل العلم، لقول الله سبحانه: «فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لِّأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» (آية 16) سورة «التغابن»، وقول النبي (صلّى الله عليه وسلّم): «ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم».

- تصاب غالبية النساء اللواتي ينزل عليهن دم الحيض بالحزن الشديد، فماذا تقولين لهن؟
المرأة إذا جاءها الحيض فلا تيأس ولا تبتئس، بل عليها أن تعلم أن الله إذا ابتلاها فإنما أراد أن يرفعها، لأن كل بلية ترفع درجة وتحط خطيئة، فقد قال النبي (صلّى الله عليه وسلّم): «ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا همّ ولا حزن ولا أذى ولا غمّ، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفَّر الله بها من خطاياه» وفي رواية: «... حتى الشوكة يشاكها المرء، إلا كانت كفارة له عن سيئاته».
وعلى المرأة أن تعلم أن الله قدر ذلك على النساء، وكتب ذلك عليهن، فعليهن أن يرضين بما قدر الله عليهن، بوجه طلق، أو بقلب منشرح، لأن الله إذا قدر عليهن شيئاً فلن يضيعهن، فالمرأة الحائض تغتسل وتتوضأ ثم تُتم مناسك الحج».

- هل يجوز للمرأة أن تتناول الأدوية التي تؤخّر الدورة الشهرية حتى تُتم حجها كاملاً من دون حيض؟
هذا يتوقف على رأي الأطباء الذين يقررون ما إذا كانت هذه الأدوية ضارة بها أم لا، فإذا قرر الأطباء أنها بلا ضرر فيجوز تناولها والعكس صحيح، لقول رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم): «لا ضرر ولا ضرار».
وعلى المرأة أن تتحرى معرفة ذلك من الأطباء الثقات، الذين هم أهل الذكر في تخصصهم، لقول الله تعالى: «وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ» (آية 43) سورة «النحل». وبالتالي لا حرج في أن تتناول المرأة حبوب منع الحيض لتأخير الدورة الشهرية أيام الحج، حتى تطوف مع الناس ولا تتعطل عن مناسك الحج.


يوم التروية
- ما هي أعمال يوم التروية للمرأة؟  
لمن لا يعرف، فإن يوم التروية هو اليوم الثامن من ذي الحجة، ومن السنّة أن يغتسل الحاج غسل الجنابة وتغتسل المرأة أيضاً، ثم ترتدي ما شاءت من الثياب، لأنه ليس محظوراً عليها شيء من الثياب سوى النقاب والقفاز، فالمرأة لا تنتقب ولا تلبس القفازين، لقول النبي (صلّى الله عليه وسلّم): «لا تنتقب المحرمة، ولا تلبس القفازين».

- هل للتلبية ألفاظ محددة؟ وهل تكون التلبية بصوت عالٍ كالرجال؟
عليها أن تلبي قائلة: «لبيك اللّهم بحجة»، وبعد أن تلبي تعقب ذلك بالتلبية ونصها: «لبيك اللّهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك، لبيك». وعليها أثناء هذه التلبية أن تخفض صوتها بحيث تسمع نفسها، وحتى لا تفتن الرجال، ومن المعلوم أن وقت التلبية يبدأ من بعد الإحرام بالحج ويستمر إلى رمي جمرة العقبة يوم النحر.

- معروف عن بعض النساء الثرثرة حتى في الحج، فماذا تقولين لهن؟
الحج فرصة ذهبية للمغفرة، وقد لا تتكرر في العمر مرة أخرى، ولهذا لا بد من استغلال كل ثانية بالطاعة والمحافظة على الأذكار التي كان لا يتركها النبي (صلّى الله عليه وسلّم)، فقد جاء إليه رجل وقال: «يا رسول الله، إن شرائع الإسلام قد كثرت عليَّ، فأوصني وأوجز لي»، فقال له النبي (صلّى الله عليه وسلّم): «اجعل لسانك رطباً بذكر الله» وأفضل الذكر قراءة القرآن، وقول: «لا إله إلا الله محمد رسول الله»، ولهذا قال النبي (صلّى الله عليه وسلّم): «أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله يوم عرفة»، وكذلك أذكار الصباح والمساء.

- هل يجوز للمرأة توجيه النصح الى النساء إذا رأت منهن مخالفة شرعية؟
أفضل الطاعات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لكن يجب أن يكون ذلك بالحسنى وطيب القول، لأن النصح على الملأ فضيحة، النصيحة واجبة بضوابطها الشرعية، لقول النبي (صلّى الله عليه وسلّم): «الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم»، فمثلاً إذا وجدت امرأة منتقبة فلتقل لها: «اتقي الله، ولا تلبسي النقاب»، وإذا رأت امرأة لبست القفاز نصحتها في الله، وإذا رأت امرأة شعرها ظاهر قالت لها: «اتقي الله في نفسك»، وإذا رأت امرأة أحرمت بالزي الأبيض تقول لها: «هذا تشبّه بالرجال، فعليك بالسواد أو بالبني أو بالأزرق»، وإذا رأت امرأة لبست اللباس الضيق تقول لها: «اتقي الله، فإن هذا ليس بلباس المؤمنات».

- هل يجوز لها أن تنصح الرجال إذا رأتهم أثناء الحج يرتكبون مخالفة شرعية؟
يجوز لها بذكاء وبشكل غير مباشر، فمثلاً إذا رأت رجلاً يشرب دخاناً أو يلهو بألعاب محرمة، ولو على سبيل التسلية، فعليها أن توجه النصح من طريق زوجها أو من معها من المحارم أو الأقارب، ويكون النصح لمن يرتكب المخالفة الشرعية بالحسنى، بشرط ألا تؤدي النصيحة إلى أذى أكبر، وليبتعد الناصح عن الجدل والكذب، لهذا قال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم): «أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحاً، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه».

- لكن النصح في الحج قد يؤدي إلى مشاحنات ومشاجرات، فما العمل؟
عليها أن تبتعد، أو من يرافقها عن الفظاظة وغلظة القلب، لقول الله تعالى: «فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ على اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ» (آية 159) سورة «آل عمران»، وكذلك قول الله تعالى: «الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ» (آية 197) سورة «البقرة».


قص الشعر
- ما هي أحكام قص الشعر، خاصة أن بعض النساء يقصصن كثيراً منه؟
على المرأة بعد الرمي أن تقص شعرها، بحيث تجمعه بقبضة واحدة، وتأخذ قدر الأنملة من شعرها أو سنتيمترين، ولا يكون هذا أمام الناس، ويفضل أن تؤخّر المرأة القص حتى تذهب إلى بيتها إن استطاعت، أو تدخل الحمامات بغية ذلك.

- يظن كثيرون أن حل ضفائر شعر المرأة أثناء إحرامها محظور؟
هذا اعتقاد خاطئ، لأن حل الضفائر ليس فيه شيء، وبالتالي لها أن تفرد ضفائرها للغسل أو لغير ذلك من الأسباب. المحرم قص الشعر حتى تحل من إحرامها، أما كونها تحل الضفائر أو تغسل الرأس فلا شيء فيه.

- يقال إن المرأة المحرمة إذا سقطت من رأسها شعرة حتى لو رغماً عنها يؤثر هذا في صحة الحج، فهل هذا صحيح؟
إذا سقطت من رأس المحرم - سواء كان ذكراً أو أنثى - شعرات عند المسح في الوضوء أو أثناء الغسل، فلا بأس في ذلك طالما أن هذا ليس متعمداً.


الاختضاب بالحناء
- يظن كثيرون أنه لا يجوز للحاجة الاختضاب بالحنّاء، فهل هذا صحيح؟
هذا اعتقاد خاطئ لا علاقة له بالشرع، ولهذا فلها أن تختضب بالحنّاء أو ما شابه ذلك، فليس فيه محظور، لكن إذا خضّبت يديها أو رجليها فتسترها عن الناس، وتكون ساترة لما تخضبت به بالثياب أو الملابس، لكن لا يجوز خلط الحنّاء بالطيب.

- هناك من تقرأ أدعية من كتب معينة صغيرة ولكل شوط في السعي دعاء، فهل هذا صحيح شرعاً؟
للأسف هناك بعض الكتيبات الصغيرة التي تحوي بعض الأدعية المبتدعة، والادعاء بأن هناك دعاء مخصصاً لكل شوط من أشواط الطواف أو السعي، وليس في ذلك دليل من كتاب أو سنّة، وإنما يتقبل الله من الحاج أو الحاجة أي دعاء مشروع في الطواف والسعي، للإنسان أن يدعو بما شاء من خير الدنيا والآخرة، والأفضل أن يدعو بما كان يدعو به النبي (صلّى الله عليه وسلّم).


رمي الجمرات
- هل يجوز للمرأة إنابة غيرها في رمي الجمرات؟
نعم يجوز للمرأة الإنابة في رمي الجمرات، خاصة إذا كانت من ذوات الأعذار، ومن يخشى على غيره كالحامل وذات الطفل التي لا تجد من يحفظ طفلها حتى ترجع، نظراً لما يتعرضان له من الخطر والضرر في مزاحمة الناس وقت الرمي، ويعمل الإسلام على إبعاد النساء عن الزحام، ولهذا يجوز تأخير الرمي إلى الليل إذا رأى ولي المرأة أن الزحام قد اشتد حول جمرة العقبة، وأن ذلك يمثل خطراً على من معه من النساء، كما يجوز تأخير رميهن الجمرة حتى يخف الزحام أو يزول ولا شيء عليهن، وأيضاً عند الرمي في أيام التشريق الثلاثة، يمكن أن ترمي النساء الجمرات بعد العصر، وهو وقت يخف فيه الزحام عادةً، فإن لم يمكن فلا حرج في تأخير الرمي إلى الليل.

- لا يزال هناك جدل حول حج المرأة من دون إذن وليها أو زوجها، فما الحكم؟
لا يشترط في حج الفريضة على المرأة المستطيعة إذن الزوج، بل يجب عليها الحج حتى إن منعها زوجها الذي لا يحق له منعها من حجة الإسلام، أي الحج للمرة الأولى، لأنها عندما تتحقق لديها الاستطاعة يجب عليها الحج، لعموم لقول الله تعالى: «وَلِلَّهِ على النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا».


تأخير الحج
- هل يمكنها التأخير إذا كانت لديها مسؤوليات أخرى تجاه زوجها وأولادها؟
تأخير الحج ليس مستحباً متى توافرت الاستطاعة، ويستحب أن يتم التعجيل قبل أن يحدث أي طارئ يحول دون أداء الفريضة، فقد قال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم): «من أراد الحج فليعجل، فإنه قد يمرض المريض وتضل الراحلة وتكون الحاجة»، وقال (صلّى الله عليه وسلّم): «تعجلوا إلى الحج - يعني الفريضة - فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له».

- يبرر البخلاء عدم تمكنهم من الحج بتكاليفه العالية، فماذا تقولين لهم سواء من النساء والرجال؟
هذا الاعتقاد مخالف للشرع، لقول رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم): «تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما تنقيان الفقر والذنوب، كما ينقي الكير خبث الحديد والذهب والفضة، وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة»، وعن وقوله كذلك: «النفقة في الحج كالنفقة في سبيل الله الدرهم بسبعمائة ضعف».


المال الحرام
- الحج من المال الذي فيه شبهة حرام؟
للأسف نلاحظ في هذه الأيام استهانة كثير من الناس في تحصيل الأموال، حتى أنهم لا يبالون بحرام أو حلال، مع أنه يشترط للحج المبرور المقبول أن يكون المال حلالاً، لقول رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم): «إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً».
والمعنى نفسه قال فيه الرسول (صلّى الله عليه وسلّم) بالتفصيل: «إذا خرج الحاج حاجاً بنفقة طيبة ووضع رجله في الفرز- والفرز ركاب من جلد يعتمد عليه الراكب حين يركب، ومعناه إن بدأ أولى خطوات الطريق- فنادى لبيك اللهم لبيك، ناداه مناد من السماء لبيك وسعديك، زادك حلال وراحلتك حلال وحجك مبرور غير مأزور، وإذا خرج بالنفقة الخبيثة فوضع رجله في الفرز فنادى لبيك، ناداه مناد من السماء لا لبيك ولا سعديك، زادك حرام ونفقتك حرام وحجك مأزور غير مأجور».


حج المنتقبات
- يقوم بعض المنتقبات بالحج، فهل يجوز لهن ستر الوجه في الحج؟
لا يجوز للمرأة المحرمة أن تستر وجهها بالبُرْقُع أو النقاب أو ما شابه ذلك، والأحوط وجوباً ألا تستر وجهها بأي ساتر كان، كما أن الأحوط لزوماً ألا تستر بعض وجهها أيضاً، علما أن كفّارة ستر الوجه شاة عند بعض الفقهاء.

- يقال إن الحج هو بمثابة الجهاد للمرأة، فهل هذا صحيح شرعاً؟
نعم، لأن الحج فريضة فرضها الله على عباده، وهو جهاد المرأة لقول النبي (صلّى الله عليه وسلّم) لعائشة رضي الله عنها: «جهادكن الحج»، ويكفي بيان ثواب الحج للمرأة والرجل قول النبي (صلّى الله عليه وسلّم): «الحج المبرور ليس له ثواب إلا الجنة»، ومعنى الحج المبرور الذي يتم وفق هدي النبي (صلّى الله عليه وسلّم)، حتى يقبله، وأن يكون نقطة تحول في حياة الإنسان إلى الأفضل في عبادة الله والمعاملات مع الناس، لقوله (صلّى الله عليه وسلّم): «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد».


اشتراط المحرم
- هل يشترط وجود المحرم مع المرأة الحاجة؟
لا يجوز للمرأة أن تسافر للحج أو لغيره من دون محرم، لقول النبي (صلّى الله عليه وسلّم): «لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم»، والتوصيف الشرعي للمحرم هو كل من تحرم عليه المرأة تحريماً دائماً، بقرابة أو رضاعة أو مصاهرة، وهو شرط في وجوب الحج على المرأة، بالإضافة إلى الزوج الذي يُغني عن المحرم، فإذا لم يكن للمرأة محرم أو زوج يسافر معها فلا يتوجب عليها الحج، إلا أن بعض الفقهاء أباحوا لها الخروج للحج، إذا توافرت لها الصحبة الآمنة، وكانت في سن متقدمة لا يخشى عليها من الفتنة.

- الزحام سمة أساسية من سمات الحج، فماذا تفعل المرأة؟
عليها أن تحذر مزاحمة الرجال في جميع مناسك الحج، خاصةً في الطواف عند الحجر الأسود والركن اليماني وفي السعي بين الصفا والمروة وعند رمي الجمرات، وعليها أن تختار الأوقات التي يخف فيها الزحام قدر المستطاع، وكذلك ليس على المرأة حثّ الخطى في أشواط الطواف، ولا في أشواط السعي.

- من المعروف شرعاً أن طاعة الزوج واجبة، فهل عليها طاعته في العلاقة الزوجية وهي محرمة؟
لا يجوز للمرأة المحرمة أن تُمكّن زوجها من جماعها أو مباشرتها، طالما أنها لم تتحلل التحلل الكامل، ويحصل هذا التحلل من الإحرام بثلاثة أمور، أولها رمي جمرة العقبة بسبع حصيات، وثانيها: التقصير من الشعر، وثالثها طواف الإفاضة، فإذا فعلت المرأة هذه الأمور الثلاثة مجتمعة جاز لها كل شيء حرم عليها بالإحرام، حتى الجُماع. أما إذا فعلت اثنين منها فيجوز لها كل شيء إلا الجُماع.

المجلة الالكترونية

العدد 1080  |  كانون الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1080