تحميل المجلة الاكترونية عدد 1078

بحث

الحمل بعد الأربعين...عندما يصبح الوقت عدواً

د. توفيق نكد

د. توفيق نكد

حلم الأمومة لا يرتبط بسن، بل يرافق الفتاة من طفولتها وطوال حياتها مهما كانت الظروف التي تمر بها. لكن تحقيق هذا الحلم قد يتأخر أحياناً إما بفعل إرادي بناء على قرار الزوجين بتأجيل الإنجاب، أو لأسباب خارجة عن إرادتهما، فقد ينتظران حتى سن متأخرة نسبياً ظناً منهما أن تحقيق رغبتهما ممكنة في أي وقت من الأوقات.
في الواقع يشدد الطبيب الاختصاصي في الجراحة النسائية والاختصاصي في العقم وطفل الانبوب د. توفيق نكد على أن الوقت هو العدو الاساسي بالنسبة الى المرأة في ما يتعلّق بالحمل والإنجاب، فالتأخير ليس في مصلحتها أبداً بما أن الخصوبة تتراجع لديها سنة بعد سنة مع تقدمها في السن وتزيد صعوبة تحقيق حلمها بعد الاربعين.


يُحكى عن الاربعين كمرحلة انتقالية بالنسبة الى المرأة لجهة الحمل والإنجاب، هل يكمن السبب في القدرة على الإنجاب أم في ظروف الحمل؟
في الواقع، لا يمكن الحديث عن سن الاربعين كمرحلة انتقالية بالنسبة الى المرأة لجهة الإنجاب، ففي النهاية لا يختلف سن الـ 39 عن سن الـ 40. المسألة تكمن في التقدم في السن، فبقدر ما تتقدم المرأة في السن تزيد صعوبة حصول حمل والحفاظ عليه في الوقت نفسه.
من المؤكد أن المسألة تزيد صعوبة بعد سن الاربعين وتزداد هذه الصعوبة سنة بعد سنة، لكن حتى في سن الـ 39 لا يختلف الأمر كثيراً عن سن الأربعين.

هل يعني هذا أن سن الاربعين ليست فعلاً مرحلة انتقالية بالنسبة الى القدرة على الإنجاب؟
فعلياً، السن التي تشكل مرحلة انتقالية من هذه الناحية هي سن الـ 38 سنة بحيث تتراجع فيها خصوبة المرأة مقارنةً بالسنوات السابقة، وتقل أكثر فأكثر في السنوات التالية. وبالتالي فإن السن المتقدمة بالنسبة الى المرأة لجهة الحمل هي سن الـ 38 سنة.
وعندما نتحدث عن خصوبة المرأة لا نقصد بذلك عدد البويضات فحسب، بل نوعيتها ايضاً إذ تتراجع ويظهر ذلك واضحاً في عملية طفل الانبوب بحيث تختلف العملية بين امرأة في العشرين من عمرها وأخرى في الاربعين.

هل من عوامل أخرى تساهم في تراجع الخصوبة أكثر فأكثر إلى جانب عامل السن؟
ثمة عوامل تلعب دوراً إلى جانب السن كحالة الـ Endometriosis (الالتصاقات في الرحم) والالتهابات في المبيض والتعرض للأشعة والأمراض الجينية وانقطاع الطمث المبكر والخضوع للعلاج الكيميائي.
كما يُعد التدخين من العوامل السلبية في هذه الحالة لأنه يساهم في خسارة المرأة البويضات بشكل أسرع ويقرّبها أكثر من مرحلة انقطاع الطمثإضافةً إلى ذلك، يؤثر سلباً خضوع المرأة إلى عمليات جراحية لاستئصال كيس مثلاً أو غيره، مما يعرّضها لخسارة في البويضات عند استئصال الكيس.

في المقابل، ماذا يمكن المرأة ان تفعله لتحافظ على الخصوبة لديها بشكل أفضل؟
من البديهي أن الصحة العامة الجيدة واتباع نمط حياة صحي وممارسة الرياضة بانتظام إلى جانب الامتناع عن التدخين... تلعب دوراً إيجابياً بالنسبة اليها.

ما الفترة التي يمكن ان تنتظرها المرأة التي تحاول الانجاب في هذه السن قبل أن تستشير الطبيب؟
المدة القصوى التي يمكن أن تنتظرها هي 6 اشهر لا أكثر، فإذا حاولت ولم تنجح خلال هذه المدة فلا بد من استشارة الطبيب والبدء بالعلاج سريعاً، لأن الوقت هو عدوّها الاساسي ولا يمكن التهاون به.

هل يتخذ عندها مباشرةً قرار اللجوء إلى عملية طفل الأنبوب؟
لا يتخذ القرار مباشرةً بل يمكن البدء بالفحوص والعلاج، وقد يتم اللجوء إلى التلقيح الاصطناعي، لكن تبقى عملية طفل الأنبوب الحل الأخير وهي أكثر ما يمكن أن يزيد فرص حصول الحمل. لكن حتى عملية طفل الانبوب تتراجع في نسبة نجاحها بعد الاربعين أكثر فأكثر وبسرعة.
فتكون مثلاً نسبة نجاحها في سن الـ 42، 10 في المئة، وبعد سنة تصبح 5 في المئة. أما في سن الـ 32 فهي تقريباً 50 في المئة. فبقدر ما تتقدم المرأة في السن تتراجع فرص حصول الحمل.
في المرحلة الاولى، كل 5 سنوات تخف فرص الحمل بنسبة 5 في المئة، لكن مع التقدم في السن تتراجع النسبة كل سنة. في كل الحالات ليس ضرورياً اللجوء المباشر إلى عملية طفل الانبوب، لكن التدخل يجب أن يتم سريعاً ويُتخذ القرار المناسب بأسرع وقت ممكن تجنباً لإضاعة الوقت والتأخير. ففي بداية الثلاثينات يمكن أن تحاول الإنجاب بشكل طبيعي، وبعد ان تستشير الطبيب تخضع وزوجها لفحوص وتعاود المحاولة. لكن في الاربعين لا يمكن الانتظار.

هل عملية طفل الانبوب تعطي أملاً للمرأة التي لم تستطع الإنجاب بشكل طبيعي؟
هذه العملية تشكل الاحتمال الأكبر للحمل بين مختلف الطرق الباقية، لكنها أيضاً قد لا تحقق نتائج في سن متقدمة.

هل يفيد العلاج بالهورمونات في هذه المرحلة؟
لا يفيد العلاج بالهورمونات، لأن ما من شيء يمكن ان ينشّط المبيض. فهو لا يفيد إلا إذا كان ثمة خلل هورموني.

إلى جانب تراجع قدرة المرأة على الإنجاب في هذه السن، هل تختلف ظروف الحمل نفسها أيضاً؟
كما يعتبر حصول الحمل صعباً، تزيد كذلك مع التقدم في السن مصاعب الحمل واحتمال حصول إجهاض. وبالتالي تزيد صعوبة استمرار الحمل بما أن مشاكل الأجنّة تتفاقم. من هنا أهمية المراقبة الدقيقة للحامل والحاجة إلى فحص الجنين بشكل دقيق بحثاً عن احتمال إصابته مثلاً بمتلازمة Down أو غيرها.
علماً ان في السابق كانت هناك عملية سحب ماء الرأس حول الجنين، أما اليوم فثمة طرق عديدة وفحوص تسمح بمعرفة ذلك بعيداً من هذه التقنية التي يرتفع فيها خطر حصول إجهاض.

وفي الوقت نفسه، هل تعتبر الحامل التي في سن الاربعين أكثر عرضة للأمراض والمضاعفات؟
بعد سن الاربعين تزيد مشاكل الكروموزومات، هذا في ما يتعلق بالجنين، كما تزيد مشاكل الإجهاض. لكن في الوقت نفسه حتى مخاطر الحمل تزداد فتعتبر الحامل في هذه السن أكثر عرضة للإصابة بالسكري وارتفاع الضغط. كما يزيد خطر حصول جلطات والتي تزيد تلقائياً مع التقدم في السن.
بشكل عام، لا يُشجع على الحمل بعد سن الاربعين او انتظار هذه السن، لأن المسألة في غاية الدقة، خصوصاً أن فرص الحمل لا تكون كبيرة بعد سن الـ 42.

هل تختلف أعراض الحمل أيضاً في هذه المرحلة؟
أبداً.

هل تحتاج الحامل في هذه المرحلة إلى المزيد من الإجراءات الوقائية؟
ليست هناك إجراءات وقائية زائدة أو ما يمكن فعله في حال وجود مشاكل معينة.

هل للحمل في سن متأخرة تأثير في موعد بلوغ مرحلة انقطاع الطمث؟
لا تأثير لذلك في مرحلة انقطاع الطمث. للتدخين تأثير مثلاً وصار هذا معروفاً لأنه يؤثر سلباً في عدد البويضات، أما الحمل فلا تأثير له. المعدل الطبيعي لمرحلة انقطاع الطمث هو 51 سنة، فيما يمكن أن يحصل ذلك قبل هذه السن لأسباب مختلفة وفق الحالات.

في أي حالة يمكن أن يُتخذ قرار إجراء عملية طفل الأنبوب؟
يختلف القرار وفق الحالة والفحوص وما تظهره عن النطفة ووضع الأنابيب لدى المرأة. فإما أن يُجرى التلقيح الاصطناعي بالدرجة الأولى إذا كانت نطفة الزوج جيدة وأنابيب الزوجة مفتوحة وطبيعية... أو تُجرى عملية طفل الانبوب في الحالات الباقية كما في حال انسداد الانابيب، أو وجود ضعف في النطفة، وتكون الحل النهائي الذي يمكن اللجوء إليه.
كما تشكل هذه العملية الوسيلة الاقوى عند فشل الطرق الطبيعية والتلقيح الاصطناعي. وقد تكون إضاعة الوقت ممكنة لاتخاذ هذا القرار في سن مبكرة، لكن مع التقدم في السن لا بد من اتخاذه سريعاً بعد الفحوص السريعة.

هل تختلف عملية طفل الانبوب في سن متقدمة؟
التقنية تبقى نفسها، لكن يتم تعديل العلاج وفق حالة المرأة. في كل الحالات، لا بد من تذكير المرأة بأن العمر عامل اساسي ولا يمكن الرجوع إلى الوراء. وفي ما يتعلق بالحمل فإن التأجيل ليس من مصلحتها.

المجلة الالكترونية

العدد 1078  |  تشرين الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1078