العربة الرمادية... في روايات الهلال
بكثير من العذوبة والشجن، تكتب الفلسطينية بشرى أبو شرار عن الزمن الضائع، عن الحنين إلى ما لن تدركه بطلة روايتها الجديدة «العربة الرمادية»، التي صدرت في سلسلة «روايات الهلال» في آب/أغسطس 2015.
تبدأ الرواية بالسيارة الرمادية التي تجوب بها بطلة الرواية شوارع الإسكندرية، ولا ترى فيها مجرد جماد يتحرك، فلها معها ذكريات كثيرة عبر جغرافيا تمتد من بلاد الشمال، وتمثل هذه السيارة جانباً مهماً من ذاكرة البطلة، وحين تستبدلها بسيارة أخرى تفقد كثيراً من إحساسها بالعالم من حولها، حيث يتقوض هذا العالم وعلاقاته الإنسانية شيئاً فشيئاً، تماماً مثل وطن البطلة المستحيل الذي لا تستطيع العودة إليه.
«العربة الرمادية» تجسيد لعذابات أو تداعيات امرأة مهزومة، هي قوية وتعتز بنفسها وقدراتها، لكن العالم أقوى منها، نظراً الى أنها تحمّل نفسها هموم من حولها، حتى لو ابتعدوا عنها، أو قلّ شعورهم بها، فهي لا تكف عن ترميم ذكرياتها، واستدعاء ما يمنحها القوة بدلاً من الهزائم المتوالية، والتي ليست مسؤولة عنها.
تبدو الرواية بعد الانتهاء من قراءة مشاهدها الأخيرة جدارية كبرى لرثاء الذات، وإنعاش الذاكرة بكل ما يبقى من أماكن ومعارف تبثها البطلة في دراما إنسانية لا يشعر القارئ بأنها عبء على تدفق الأحداث... إنها امرأة - كما تقول الرواية - تجمع أشلاءها، تلوذ بحجرتها القصيّة، بين اصطكاك ألواح خشبية تستلقي فوقها، تعبت منها، تتساقط كما أوراقها ونهاراتها، حتى عربتها التي صارت هناك، امرأة تتسع فجوة اغترابها في كل مكان تصل إليه، في حياة تضيق حلقاتها عليها، تتسرب منها الأيام، تقاوم للنهوض ولتحيا من جديد، حتى وإن كان ما تكتب عليه من أوراق هي يوميات رمادية».
«العربة الرمادية» - التي صمم غلافها الفنان محمود الشيخ - رواية تثير كثيراً من الشجن والوجع والجدل أيضاً.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024