تحميل المجلة الاكترونية عدد 1080

بحث

فاطمة زهرة العين: سمحوا لي بالعزف على العود شرط ألاّ أغنّي...

شغلت أخبار المطربة الإماراتية الشهيرة فاطمة زهرة العين، الإعلام الخليجي والإماراتي بشكل ملحوظ، ليتوقف فجأة كل شيء وتنسحب من الساحة الفنية تماماً، لتعود قبل عام مضى فقط وتنتج ألبوماً... لكن التحوّل الأهم في مسيرة فاطمة لم يحدث إلا هذا العام، عندما بدأت تتحوّل من الأغنية الشعبية التي عُرفت بها إلى الأغنية ذات الإيقاع السريع لتظهر للمرة الأولى في أغنية «غلطة» بطلة جديدة تماماً.
التغير الفني في حياة زهرة العين، يعود إلى شهرتها التي انطلقت بعد اختيار الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان هذا الاسم لها، نظراً الى أنها بنت مدينة العين الإماراتية، التابعة لإمارة أبوظبي، حيث تزوجت بالشاعر والإعلامي بشير خليفة الذي ارتبط اسمه بشبكة الإذاعة العربية لسنوات طويلة، ليصبح خليفة أيضاً مدير أعمالها ودليلها في العودة الى عالم الفن مرة أخرى.
الحياة الهادئة التي يعيشها الزوجان فاطمة وبشير، وقرار العودة إلى الفن مجدداً، وسر اتجاهها إلى الأغنية الحديثة، رغم أنها كانت أحد أهم الأصوات الشعبية في الإمارات، ومتغيرات الوسط الفني التي طاولتها... كانت بعض نقاط حوارنا معها.


مكافأة قدرية

- مشوار فني، ثم توقف طويل توقّعه البعض اعتزالاً، ومن ثم العودة، ما سبب عدولك عن قرار الاعتزال؟
لم أقرر الاعتزال، ولم أعلن هذه النية قط، لكن ظروفاً قاهرة خاصة لا تخفى على الكثيرين كانت وراء هذا التوقف. أما سر العودة فقد اكتشفت من دون مبالغة أو مزايدة أنني لا أستطيع العيش من دون فن، وبعيداً من جمهوري الذي تشبه علاقتي به علاقة السمك بالماء.

- ربط البعض بين قرار عودتك وقصة حب جمعتك بالشاعر والإعلامي بشير خليفة وتُوجّت بالزواج؟
ارتباطي ببشير كان مكافأة قدرية انتشلتني من أمواج يأس وتخبط عديدة. فقد ظهر خليفة، وهو الاسم المعروف به في الأوساط الإعلامية في الإمارات، ليكون بمثابة الشعرة الفاصلة بين اليأس والأمل، والحمد لله نعيش أجواء أسرية هادئة قوامها الحب والتفاهم والتقدير المتبادل.


بداية مبكرة

- أنت أحد الفنانين القلائل في الوطن العربي الذين يحملون اسم المدينة التي تمثل مسقط رأسهم، ما القصة؟
أنا بنت مدينة العين التابعة لإمارة أبوظبي، لذلك اختار لي الشيخ زايد رحمه الله هذا الاسم، تيمناً بتلك المدينة الساحرة. ومنذ ذلك الحين، أصبح الجميع، بمن فيهم العاملون في وسائل الإعلام المختلفة، يلقبونني بهذا الاسم الذي أتشرف به.

- يبدو أن مشوارك الفني بدأ حتى قبل أن تحققي الانتشار الواسع في الإعلامين المحلي والخليجي، في وقت لاحق؟
بدأت الفن في عمر ثماني سنوات، فقد كنت أنتهز وجود العود العربي الأصيل في بيتنا، وأمارس العزف المنفرد. وبعدها بدأت الغناء بمفردي بصحبته، لكن حينما اكتشفت أسرتي الأمر منعتني من ذلك، لكن مع تمسكي بالغناء سمحوا لي لاحقاً بالعزف على العود فقط شرط ألا أغني، وهو ما لم أستطع أيضاً تركه، ليتقين الجميع من أنها موهبة حقيقية يصعب وأدها... وهناك شرائط تسجيل قديمة لي أغني فيها العديد من الأغاني الشعبية، ثم جاءت مرحلة الانتشار الحقيقية في مدينتي العين، وتشرفت بغناء العديد من الأعمال المباشرة في حضرة المرحوم الشيخ زايد، ثم في سائر الإمارات.


إشكالية التصنيف

- لكن حين نتحدث عن فاطمة زهرة العين، نجدها محصورة دائماً في اللون الشعبي، ألم يحد هذا التصنيف من انتشارك؟
في ذلك الحين لم أكن أحسب الأمور بهذا المنطق. كنت أغني لون بلدي، ويتجاوب الجمهور معي إلى أقصى درجة، وكنت أجد زخماً كبيراً في المشاركة، سواء في المناسبات الوطنية كاحتفالات الدولة بذكرى تأسيس الاتحاد، أو الحفلات الخاصة المتنوعة... لكن الأمر تغير بعد ذلك.

- كيف؟
حصل تراجع كبير في تجاوب الجمهور مع اللون الشعبي، لمصلحة الأعمال ذات الإيقاعات السريعة.

- ولماذا لم تسارعي إلى تنويع أعمالك في وقت مبكر؟
كنت أتخوف دائماً من رد فعل الجمهور، وأتوقع أنه قد لا يقبلني في أي لون مغاير للشعبي. وكلما هممت بغناء الـ «حديث»، ترددت رغم أنني أستمتع كثيراً بالتنويع. وهذا التردد أدفع ثمنه الآن، لكن وفّقني الله بمن شجّعني على السير في الاتجاه الصحيح، وأقصد بالطبع زوجي بشير خليفة.

- وما هي بداية هذا الطريق الصحيح؟
هي ليست بداية الطريق الصحيح فقط، بل بداية انطلاقة حقيقية لي، لا تجعلني أسيرة لونٍ واحد... هي أغنية «غلطة»، من كلمات بشير خليفة، وتلحين عبدالله سالم، وتوزيع عثمان عبود، وقد حققت بالفعل انتشاراً واسعاً، سواء عبر الإذاعات أو على مواقع التواصل الاجتماعي، وكانت ردود الفعل الجماهيرية تجاهها مشجعة للغاية.


«لوك» جديد

- وماذا عن «اللوك» الجديد الذي ظهرت به في هذه الأغنية، ألم تخشي أن يكون هناك تحفظ جماهيري في شأنه، خصوصاً أنك مطربة شعبية من الطراز الأول؟
هذه الدائرة تحديداً هي ما سعيت إلى اختراقها بهذا «اللوك»، لكنني لم أخرج عن مفهوم الحشمة والوقار الذي لا يرتبط بالمطربة الشعبية فقط، بل بالمطربة الإماراتية والخليجية عموماً... فمن واجبي أن أقدم «اللوك» الذي يساهم في إنجاح الأغنية المصورة، وعمل «غلطة» كان يناسبه تماماً، وفق آراء مهنية كثيرة هذا «اللوك» الذي قد يكون مثيراً للجدل لدى البعض ممن ربطوا أدائي وظهوري باللون الشعبي.

- هل اللون الشعبي في طريقه إلى الاندثار؟
لا نستطيع إنكار أن اللون الشعبي تراجع كثيراً في معظم البلدان الخليجية، وليس إماراتياً فقط، لكنه لم ولن يندثر، وأجزم بأنه سيعود بالقوة نفسها، وربما أكثر مستقبلاً... لكن، إلى أن يتحقق ذلك، علينا أن نواكب العصر ونلبي متطلبات الأجيال الجديدة، من دون أن يعني ذلك بالضرورة تقديم تنازلات فنية، إذ يجب أن تكون خيارات الجمهور مقدّرة، لأنه إذا لم يجد ما يبحث عنه لديك، فلن يسمعك.

- معنى ذلك أن الفنان من وجهة نظرك، يجب أن يغنّي بناء على اتجاهات الجمهور؟
المعنى الدقيق هنا أن على الفنان أن يراعي اتجاهات الجمهور، مع احتفاظه بشخصيته الفنية. كما أن تنويع الألوان الغنائية لا يعني مطلقاً أن يتنازل الفنان عن شخصيته الفنية.


لغة «المصالح»

- كيف شاهدت فاطمة «زهرة العين» الوسط الفني بعد سنوات الغياب السبع؟
تبدّل تماماً على كل المستويات، بما في ذلك تداعيات المنافسة. فكثير من أشكال المنافسة لم تعد لائقة، بحيث تلقفت الأغنية الشعبية تحديداً الكثير من الدخلاء الذين لا يملكون مقومات فنية تؤهلهم للإجادة بها، فضلاً عن أن الوسط الفني العام أصبحت تحكمه وللأسف لغة المصالح الخاصة، وليس مصالح الجمهور والفن.

- إلى أي مدى شعرت بأنك تضررت من هذا الغياب الطويل؟
من المؤكد أنني لو استمررت كل هذه الفترة لكنت أنجزت الكثير من الأعمال واختلف مشواري الآن. ولكنني لن أشغل بالي بالندم على ما فات، لا سيما أن تلك السنوات لم تمحني من ذاكرة الجمهور، وهذا هو الفارق في أن تقدم فناً ليبقى، أو أعمالاً تشبه الوجبات السريعة التي يُنسى مذاقها بمجرد الانتهاء منها.


ضد «الاحتكار»

- في الفترة السابقة وقّعت عقود احتكار مع بعض شركات الإنتاج، هل تفكرين في تكرار التجربة؟
ليس وارداً بالنسبة إليّ أن أوقّع لأي شركة إنتاج، فتجربتي المريرة في هذا المجال تحتم عليّ ذلك، خصوصاً بعد عودتي. فقبل ذلك وقّعت مع شركة «فنون»، وهي الشركة نفسها التي وقّعت معها صديقتي الفنانة أحلام، وكان ذلك لخمس سنوات متتالية، وفيت خلالها بالتزاماتي معهم.
أما العام الماضي فقد أنتجت ألبومي على نفقتي الخاصة، وعهدت إلى الفنان سهيل العبدول بتوزيعه مقابل مبلغ مادي جيد، لكن للأسف لم توفّق التجربة، لكنني تعلمت منها الكثير، وأهمه فك الارتباط نهائياً مع أي جهة في ما يتعلق بإنتاج الألبومات أو حتى توزيعها.

- من أكثر الفنانين الذين وقفوا إلى جانبك بعد قرارك العودة إلى الساحة الفنية مرة أخرى؟
من دون شك، الفنان فايز السعيد، فهو أحد الأشخاص الذين لم تغيرهم السنون. وجدته وفياً كعادته، ودعمني نفسياً إلى أقصى الحدود، كما رفض تقاضي أجر نظير أحد الأعمال التي لحّنها لي بعد العودة، وهي أغنية «شي يرفع الضغط» التي حققت نجاحاً باهراً.


طموحاتي

أخيراً ما هي طموحات فاطمة زهرة العين المستقبلية؟
أتمنى التوفيق في رحلة الخروج من دائرة اللون الشعبي، وهو أمر يتوقف على مدى تقبل الجمهور لي في ذلك، فأنا معتادة على هذا النوع من الأغاني، ولدي تجارب باللهجتين المصرية والعراقية وغيرهما، كما اعتدت أن أغني أيضاً لكبار المطربين العرب مثل أم كلثوم وعبدالوهاب وغيرهما، لكن يبقى التوفيق من الله، والقبول مرهون بالجمهور.

المجلة الالكترونية

العدد 1080  |  كانون الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1080