تحميل المجلة الاكترونية عدد 1080

بحث

ديما صادق: لماذا لا ينتقدون أمل علم الدين ويسألونها عن العلاقة بين المحاماة والموضة؟

"لم أقصد التقليل من قيمة جائزة «أجمل مذيعة» حين رفضتها"

"لا يجدني زياد الرحباني إعلامية ناجحة بينما أعرف كل نوتة موسيقية وضعها..."

"لا يمكن كلمة أن تورّط فيروز في السياسة"

"يمسك زوجي بكل حياتي"

"لديّ عقدة ذنب فظيعة تجاه ابنتي"

هي «صادق»، وإعلامية صادقة. تقول قناعاتها من دون قناع، رغم أن ثمة من يشكك بكثافة شعرها وثقافة رأيها. فهي الجميلة التي حضرت إلى عالم الأخبار بأناقة أضفت رونقاً أنثوياً على المستجدات الكارثية في المنطقة. ديما صادق في هذا الحوار.

-لن أطرح السؤال الأول، بل مصففة شعر أعرفها. «هل تشبكين خصلاً في شعرك لتبدو تسريحتك أكثر كثافة على الدوام»؟
لا، أبداً. هل عليّ أن أنشر صوري وأنا صغيرة؟ أو صور ابنتي ربما؟ لقد سئمت من هذا السؤال الذي يتكرر. قد أضطر إلى وضع الخصلات أحياناً. شعري طويل وكثيف لكنه ناعم، فأجد صعوبة في الإبقاء على تسريحة ثابتة. اعتمدت هذه الخصلات في حفل انتخاب ملكة جمال لبنان الذي قدّمته مثلاً...

-إلى أي مدى خدمك جمالك مهنياً؟
لا أستطيع أن أجيب عن سؤال يتعلق بمظهري، فالجمال نسبيّ. لا يمكنني أن أنطلق من مسلّمة أنني جميلة. لكنني سأجيبك بالمطلق. هل يمكن أن يفيد مذيعة الأخبار جمالها؟ بالتأكيد، وكأي مهنة أخرى الجمال له تأثيران، سلبي وإيجابي. سيتوقف المشاهد عند المذيعة الجميلة من باب الفضول حين تلفته وهو ينتقل من قناة إلى أخرى، وهذا يمنحها حظاً أكبر ليشاهدها عدد أكبر من الجمهور. لكن المشاهد ليس غبياً، ليستمر بمتابعة مذيعة لا تمتلك الذكاء والمنطق والحضور وقد لا تجيد القراءة.

-إلى أي مدى أنت راضية عن حضورك على الشاشة اليوم ؟
40 في المئة!

-نسبة مفاجئة...
نعم، فأنا أدرك جيداً أن لدي المزيد لتقديمه.

-هل تقصدين «المزيد الأفضل» تجنباً للانتقادات أم «المزيد» المبني على طموح تقديم صورة جديدة على الشاشة؟
الاثنين، بعض الانتقادات تكون محقّة أحياناً، وأعرف جيداً أنني قادرة على تطوير أدائي في مجال الأخبار. لا حدود للتطور. أحاول أن أعمّق قراءاتي لأجري حوارات أفضل. لن أقول كفى يوماً.

-كيف تنطلقين لتحضير أي مقابلة؟
أنطلق من ثقافتي العامة التي اكتسبتها على مدى سنوات من قراءاتي اليومية، وهذا مكسب ويظهر جلياً في الحوارات. أتابع المستجدات اليومية للأحداث وتفاصيلها. أقرأ التاريخ وأحرص على متابعة كل الحوارات التلفزيونية السياسية. كما أن النقاشات منبع أساسي لي، إلى جانب مواقع التواصل الاجتماعي لمعرفة الجديد وتأثيره في الرأي العام.

-أي إعلامية يمثل اسم ديما صادق الجدية في مجال الأخبار والشغوفة بعالم الموضة؟
ينتقدني البعض على جمعي بين هذين العالمين. وكيف يمكن أن أكون صحافية وأواكب الموضة؟ وكأنهم يخيّرونني بين أحد العالمين، إعلامية سياسية أو «فتاة موضة»! أنا لديّ سؤال... هل تتعارض الأناقة مع الأخبار؟ أملك شغفاً بالسياسة والموضة معاً. أمل علم الدين من أهم محاميات العالم وترافع في أهم القضايا الحقوقية، وفي الوقت نفسه لا يمكن أن نتصفح مجلة موضة إلاّ وتكون حاضرة فيها بسبب أناقتها وأزيائها اليومية في كل موسم. لمَ لا ينتقدون أمل ويسألونها إن كانت تفضل المحاماة أم عالم الموضة؟ هي بارعة في العالمين. كان في إمكانها الاكتفاء بالهالة المهنية التي تحيط بها...

-من يقرأ إجابتك قد يعلّق بأن أمل علم الدين ترتدي زي المحاماة في العمل والفساتين الراقية برفقة زوجها جورج كلوني على البساط الأحمر، بينما ظهرتِ بأزياء مطبّعة بشخصية Bambi على الشاشة...
لا أرى في هذا سلوكاً يتعارض مع مهنتي. ولست أول مذيعة أخبار قدمّت النشرة بأزياء مطبّعة بشخصية كرتونية. وهذا حاسم. وتبقى هذه الإطلالة استثناءً مقارنة بأسلوب أناقتي المنسجم مع الشاشة. كما لا يمكن المزج بين صوري الشخصية على «انستغرام» وظهوري الإعلامي.

-من عالم النشرة الإخبارية إلى تقديم حفل ملكة جمال لبنان، ما الرابط بين الحضورين؟
إجابتي حاضرة عن هذا السؤال. جوليان لو بيرس هو من أشهر مذيعي فرنسا ولديه برنامج ثقافي وجدّي للغاية هو Question Pour Un Champion وكان في الوقت نفسه يقدّم على الدوام حفل ملكة جمال فرنسا. ولم يُسأل يوماً عن علاقة الثقافة بالجمال! كما أن مارسيل غانم ومي شدياق قدما هذا الحفل الجمالي في الماضي. وأنا أعتبر هذه المناسبة وطنية وسياحية بامتياز، ولا أقدم حفلة وطنية. ثمة سياسيون ومثقفون يشاركون في لجان التحكيم أحياناً مثل مي منسّى ونايلة تويني وزياد بارود...

-كامرأة، إلى أي مدى يرضيك أن يُقال بأنك كنت أجمل من المتباريات على لقب الجمال والملكة المحتملة؟
لا يزعجني أن يقال إنني جميلة، وما من امرأة قد تشعر بالضيق من ذلك! أنا أزعم ذلك! لن أنتحر إذا قالوا إنني جميلة بالتأكيد! يسعدني هذا الإطراء حتى لو أن مجالي إخباري.

-أي وجه يليق بالشاشة أكثر؟
الوجه صاحب الكاريزما. قد تكون المرأة جميلة للغاية لكن تنقصها الكاريزما، والأمثلة كثيرة. الكاريزما هي التي تجذب المشاهد وليس الجمال.

-كيف تقيّمين الهجوم الذي تعرّضت له ملكة جمال لبنان سالي جريج بسبب صورة جمعتها بملكة جمال إسرائيل؟
لقد كان الهجوم مبالغاً وما قامت به وزارة السياحة ووزيرها هو عين الصواب. ما كان عليها أن تتصور معها، لكنها مجرد هفوة يجب ألاّ نحمّلها بعداً وطنياً أو مؤامراتياً أو كارثياً.

-مع أي ضيف تشعرين براحة مهنية أكبر؟
أجمل الحوارات هي تلك التي أجريها مع غير السياسيين، بل مع المثقفين. أستمتع معهم أكثر، مثل الدكتورة نهلة الشهال التي تعتبر من النخبة المثقفة في لبنان.

-إلى من تحبين توجيه الأسئلة؟
إلى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، لدي العديد من الأسئلة الجاهزة لطرحها عليه. أريد أن أسأله عن الاتهامات حول قمع الحريات وسجل حقوق الإنسان في مصر في هذه المرحلة.

-ألا يُجمع المصريون على الرئيس اليوم؟
كنت في مصر خلال الانتخابات، وكانت نسبة الاقتراع خجولة للغاية وغالبية من شاركوا كانوا معه. لكن الأكثرية لم تنتخب...

-ألا يعبّر الفنانون اليوم عن الشارع المصري؟
هناك العديد من الفنانين الذين يؤيدونه وثمة أصوات فنية تفضل الصمت.

-هل تملكين جرأة خالد أبو النجا؟
لا أحب أن أبدي رأيي بالمواضيع المرتبطة بالملفات السياسية غير اللبنانية. أما المسائل التي يتضح فيها القتل والإجرام بحق الإنسانية فمن المستحيل أن أتردّد في التعليق عليها. ومن المستحيل أن أنكر أنني ضد «داعش» لأنه التنظيم الأكثر وحشية الذي عرفته البشرية. ومن المستحيل أن أرى صحافيين يُعتقلون في مصر وألتزم الصمت.

-كيف تتفاعلين مع الأخبار المأسوية اليوم، خصوصاً أنها تمثل مشاهد يومية بالنسبة إليك؟
كنت أحرص على عدم رؤية المشاهد القاسية، لكنني لاحظت أخيراً أنني بت أنظر إليها ببرودة أعصاب مفاجئة! أصبح الموت مشهداً عادياً.

-إن حاولت ابنتك متابعة النشرة الإخبارية لمشاهدتك قد تصادفها مشاهد مأسوية. هل واجهت موقفاً مماثلاً؟
لا تحرص ابنتي على مشاهدتي، هي مهووسة ببرامج أخرى مثل «ستار أكاديمي» و «أرابز غوت تالنت» ... تمسك الميكروفون وتحيي لنا حفلة في المنزل. لقد ولدت وكبرت وأنا على الشاشة. اعتادت الأمر. لكنها من دون شك فرحت كثيراً حين قدّمت حفلة ملكة جمال لبنان، وقالت لي كم أبدو جميلة. لبست فستاناً وقلّدتني.

-هل تعيشين حياة زوجية وعائلية تقليدية مع مفكرة مهنية مزدحمة؟
لدي عقدة ذنب فظيعة تجاه ابنتي ياسمينا. لا أدّعي أنني مقصّرة، لكن تساورني مشاعر أمومة صعبة أحياناً. أعرف كل تفاصيل حياة ابنتي المدرسية ويومياتها، لكن حين تعود إلى المنزل يتبقى لي ساعة واحدة قبل أن أغادر. يقتلني هذا الشعور ويعتصر قلبي، خصوصاً حين أقود سيارتي في طريقي إلى العمل. أفكر بهذا السؤال: «ما الذي أفعله في حياتي»؟ أمنحها كل عاطفتي حين أكون معها، وأراقبها جيداً.

-تذكر ديما صادق ابنتها على الدوام وكأنها تتجاهل زوجها. هل تحرصين على الخصوصية أم ثمة سبب آخر؟
زوجي أحمد لا يحب الظهور أبداً، يسخر من صوري التي ألتقطها أحياناً ممازحاً. يفضل ألاّ يظهر معي في الصور. هذا طبعه في النهاية. وأنا أعتبر أن الصورة غشاشة وقد تزيّف الواقع، قد أدخل الى حساب امرأة غير سعيدة لكن تبدو وكأنها تعيش حياة زوجية مذهلة من خلال صورها العائلية. يمسكُ أحمد بكل حياتي، وأشعر بالضياع من دونه... ينظّم حياتي.

-أي خبر ترغبين في قراءته خلال نشرة الأخبار المسائية؟
خبر زوال الشبح الأمني عن لبنان. كيف يمكن قراءة هذا الخبر؟ لا أعرف. وانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية بالتأكيد.

-ما هي مواصفاتك لرئيس الجمهورية العتيد؟
أن يكون مؤسساتياً وغير طائفي، يشبه الرئيس الراحل فؤاد شهاب بمعزل عن السن والعائلة. أهم تجربة رئاسية في لبنان كانت في عهده، لم يكن لديه أي تطلع طائفي ولم تأتِ به أي شرعية طائفية أصلاً.

-أي خبر قرأته بصعوبة؟
رحيل صباح وفاتن حمامة. قرأت الكثير من أخبار الموت القاسية، لكن تربطني خصوصية وجدانية بهاتين النجمتين. صباح هي الفرحة وفاتن حمامة هي سيّدة الشاشة العربية. كم أحب أفلامها «دعاء الكروان» و «الحرام» و «سيّدة القصر»... أما صباح، فأجد صعوبة في اختيار أغنية مفضلة أدتها. لكنني أحب «ألو بيروت».

-أي شخصية لا يساورك الفضول لاستضافتها؟
أنا فضولية للغاية، ولديّ أسئلة لكل الناس حقاً.

-قد تتعرض أي امرأة جميلة للمضايقات، ماذا عن ديما صادق التي تتألق بشكل يومي على الشاشة؟
قد أتلقى تعليقات غير لطيفة وفظّة وجريئة عبر مواقع التواصل الاجتماعي كأي امرأة، وتزعجني بعض الكلمات التي تحمل إيحاءات كثيرة.

-هل أجريت لقاء لم يترك انطباعاً إيجابياً لدى الضيف؟
نعم. وأظن أن «أشرس» مقابلة أجريتها كانت مع وئام وهاب الذي غضب وطالب بتوقيف التصوير خلال الحلقة. لكنه اعتذر لاحقاً وأكملنا الحلقة. وعلاقتنا جيّدة اليوم.

-هل رفض جائزة «أجمل إعلامية» منحك مكانة أكبر؟
لم أفكر في الأمر من هذا المنطلق. أنا مذيعة أخبار وأبارك لكل من حصل على هذه الجائزة. لكنني لم أقصد التقليل من قيمة الجائزة حين رفضتها. قد أحصد جائزة «نوبل للعلوم» غداً، وأفرح، لكنني لستُ مخوّلة لنيل تكريم عن هذا المجال!

-لمن تعتذرين اليوم؟
لا يخطر ببالي اسم محدّد. أنزعج من توتري أحياناً، لكنني لا أؤجل كلمة «آسفة».

-لو حُكم عليك بارتداء اسم تجاري واحد طيلة حياتك ...
سأختار أزياء Zara خصوصاً إذا تدنّت قدرتي الشرائية... تصاميمهم جميلة.

-آخر فيلم شاهدته...
لا أذهب إلى السينما بل أفضّل شراء الـDVD ومشاهدتها في المنزل، حضرت فيلم Lincoln الذي عرض قبل ثلاث سنوات. أحب الأفلام التاريخية وأنا شغوفة بشخصية أبراهام لينكولن أيضاً. لقد شن حرباً لإلغاء العبودية في أميركا.  

-آخر كتاب قرأته...
«دعاء الكروان» لطه حسين الذي أكتشف أسلوبه الأدبي كل مرة من جديد. قرأت هذه الرواية بعد وفاة فاتن حمامة. إنه السهل الممتنع.

-آخر عاصمة للموضة زرتها...
باريس، أحببت تصاميم زهير مراد ورامي قاضي. وأعجبني كثيراً فستان زفاف دار Chanel.

-آخر برنامج تلفزيوني أعجبك...
برنامج The Daily Show لجون ستيوارت، لكن للأسف أُعلن انتهاء عرضه. اكتشفته في وقت متأخر. كما كنت أتابع باسم يوسف.

-ما هو أكبر انجاز حققته في حياتك؟
إنجابي ابنتي ياسمينا.

-ما هي أكبر خيبة أمل في حياتك؟
بعض الناس المقربين، لن أذكرهم.

-أسوأ صفة في شخصيتك؟
قلة التركيز والتنظيم، وهي تنعكس على كل حياتي. أنسى بعض المواعيد وأصل أحياناً متأخرة. قد تبدو المسألة بسيطة، لكنني أعاني منها وقد تخرّب علاقتي المهنية والشخصية.

-ندمك الأكبر...
لا أتعلّم الكثير من الأخطاء.

-أجمل يوم في حياتك...
يتعلق بياسمينا بالتأكيد. حين غمست «اللهاية» Tétine بالقهوة وأعطيتها إياها... فأعادتها إليّ لأغمسها من جديد.

-من هي ديما صادق وابنة أي بيئة؟
ابنة عائلة متواضعة ومليئة بالحب ومحافظة، لكن لديها مشكلة مع ابنة متحرّرة وثائرة فكرياً.

-لمَ انتقدك فنان بحجم زياد الرحباني؟
لا أعرف، لا يجدني إعلامية ناجحة ولا أعجبه.

-لكنه إنسان مثقف وغير سطحي...
فليُجب هو عن السؤال السابق. أحترم رأيه السلبي بي، ورغم ذلك لا أسمح لنفسي بألاّ أعتبره أهم موسيقي في العالم العربي منذ ثمانينات القرن الماضي. لديّ شغف استثنائي به، وأنا من أشد معجباته. لا أحفظ كل أغنية له بل كل نوتة موسيقية وضعها.

-هل تعارضين تورّطه في المقالة السياسية؟
ما سيبقى هو الموسيقى. هذه حقيقة وليست رأياً. مهما عبّر زياد عن آرائه السياسية سيذكر الجمهور أغنية «عودك رنان» أكثر، ولو بعد قرن مضى.

-ألم يورّط والدته فيروز بالسياسة؟
لا، بل أحدث نقلة نوعية في حياة فيروز الفنية بعد رحيل والده عاصي الرحباني. لا تهمني تصاريح زياد التي أقحمت فيروز بالسياسة... لا أرى هذا التفصيل. فيروز تاريخ وعقود من الموسيقى! هي قيمة استثنائية في المكتبة الموسيقية العربية، ولا يمكن كلمة أن تورّط فيروز في السياسة حتى لو قالها ابنها. سيذكر التاريخ الفن الحقيقي لا آراء الجرائد اليومية.

-هل سيذكر التاريخ زياد الرحباني ومايا دياب؟
أترك الإجابة للتاريخ، وما أعرفه جيداً أنه سيذكر زياد وفيروز.

المجلة الالكترونية

العدد 1080  |  كانون الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1080