عندما يؤدي تكلّس المفاصل إلى العجز!

22 آب 2015 | كارين اليان ضاهر

ثمة أمراض نتعرض لها ولا نعيرها أهمية لاعتبارها لا تهدد حياتنا أو على الأقل لا تهددها في أولى مراحلها، يبرز من هذه الأمراض تكلس المفاصل الذي يصيب نسبة كبيرة من الناس ابتداءً من سن الأربعين فيؤثر في نمط الحياة ككل ويتفاقم ليؤدي مع الوقت إلى العجز عن الحركة وإلى أمراض أخرى غالباً ما تترافق معه فتؤثر في حياة المريض ومن حوله.
الطبيب الاختصاصي في جراحة العظام والمفاصل والعمود الفقري بيار الجميل تحدث عن تكلس المفاصل مشيراً إلى طرق توفير المفاصل وحمايتها وتأخير الجراحة أو تجنبها في حال الإصابة بالتكلس من خلال اتخاذ إجراءات تخفف من الضغط على المفاصل.
كما شدد على أهمية اعتماد العلاجات المناسبة لهذه الغاية وعدم التسرع في اللجوء إلى جراحة تغيير المفصل واستبداله بآخر اصطناعي.

كيف يمكن التعريف بتكلّس المفاصل؟
تكلس المفاصل هو مرض روماتيزمي يعرف بـ «المرض اليتيم» ويدمر الانسجة الغضروفية للعظام فيؤدي إلى تحلل الغضروف الذي هو عنصر أساسي يغطي الأطراف العظمية للسماح بحركة جيدة ولامتصاص الصدمات اليومية.

في أي سن يمكن أن يظهر التكلس في المفاصل؟
يصيب هذا المرض نسبة 17 في المئة من اللبنانيين من كل الأعمار. وابتداءً من سن الـ 75، نسبة 80 في المئة منهم تصاب بالمرض. لكن من عمر 45 إلى 50 سنة، تبدأ المرحلة التي يمكن فيها الإصابة بالتكلس.

ما المواضع التي تتعرض أكثر للتكلس؟
يعتبر الورك والركبة أكثر المفاصل تعرضاً لهذه الاضرار، فهذه المفاصل تحمل وزن الجسم أكثر. مع الإشارة إلى أن التكلس في الركبتين لا يظهر منفرداً عادةً، إذ يظهر بعد سن 45 مترافقاً مع أمراض أخرى كارتفاع ضغط الدم والملوحات وأمراض القلب والسكري.
علماً أن معدل الملوحات يرتفع في لبنان بسبب الإكثار من تناول اللحوم النيئة واللحوم الحمراء والسبانخ والملوخية، فيما تزيد الملوحات من آلام المفاصل وتسبب خللاً فيها وقد تصل بها إلى حد التكلس. من هنا تأتي صعوبة التكلس بأنه يترافق مع أمراض أخرى مما يزيد العبء على المريض والمجتمع.

هل من مؤشرات معينة تدل إلى احتمال الإصابة بالتكلس؟
يعتبر تشوه أصابع اليدين علامة مهمة من علامات المرض.

وهل من أعراض أخرى قد تدل إلى احتمال الإصابة بالمرض؟
يظهر التكلس من خلال آلام حادة في الأعضاء وتيبس في المفاصل مما قد يكون السبب في حصول العجز. لكن لا بد من الإشارة إلى أن ليس كل شخص يعاني التكلس في الركبة مثلاً يعاني آلاماً مما قد يساهم في تأخير التشخيص.

هل يصيب التكلس الرجال أكثر أم النساء؟
يصيب التكلس الرجال والنساء على حد سواء. كان هناك اعتقاد بأنه يصيب النساء أكثر، لكن الفارق بسيط في النسب ويكاد يكون معدل الإصابة واحداً بين الجنسين.

هل من عوامل معينة تجعلنا أكثر عرضة للإصابة؟
فيما تبقى الأسباب المباشرة للمرض مجهولة، مما لا شك فيه أنه ثمة عوامل تزيد خطر الإصابة به كالتقدم في السن والسمنة والحوادث الرياضية والظروف المناخية، خصوصاً الرطوبة. فعلى سبيل المثال يزيد معدل الإصابة بالتكلس في مدينة صور الجنوبية التي ترتفع فيها نسبة الرطوبة، فيما تخف في مناطق أخرى جبلية.
هذا إضافةً إلى تشوهات الاعضاء عند الولادة والعوامل الوراثية التي تلعب دوراً أساسياً حيث يزيد خطر إصابة الأبناء في حال وجود المرض لدى الأهل.
لهذا السبب يساهم زواج الأقارب في زيادة احتمال ظهور المرض، فالخصائص الوراثية سواء كانت جيدة أو سيئة تظهر أكثر في هذه الحالة لوجودها في عائلتي كل من الطرفين. فمن الطبيعي أن يحمل الاطفال عندها العيوب الموجودة في العائلة كتكلس المفاصل أو غيرها من الأمراض الوراثية. لكن بشكل عام في حال وجود عوامل خطر يعتبر كل شخص معرضاً للإصابة.

هل يسهل تشخيص حالة التكلّس؟
تعتبر العلامات السريرية في غاية الأهمية في اكتشاف بداية تكلس المفاصل. كما ان العلامات الإشعاعية تلعب دوراً أساسياً في كشف المرحلة التي بلغها المرض ودرجة إصابة المريض بتكلس المفاصل.

ما الخطوات التي تتخذ بعد تشخيص الحالة ومرحلة المرض؟
عند تحديد مرحلة المرض، يمكن تشخيص الحالة بوضوح للحد من تفاقمها. فيتم تحديد المرحلة التي بلغها المرض وتتخذ الإجراءات اللازمة لإيقاف تطور تلف المفاصل والحد من الأعراض وتفادي الوصول إلى الجراحة واستعمال الاطراف الاصطناعية.

هل من إجراءات يمكن اتخاذها للحد من خطر الإصابة بالتكلس؟
للحد من خطرالإصابة بالتكلس ينصح بممارسة التمارين الرياضية المعتدلة الحدة وأفضلها السباحة وركوب الدراجة الهوائية واليوغا والجمباز، فكلّها تقوي المفاصل بعكس الرياضات القوية التي قد تدمر المفاصل وتؤذيها نتيجة ازدياد الضغط عليها. كما يزيد خطر الإصابة بتكلس المفاصل لدى الأشخاص الذين يعانون السمنة.
من هنا أهمية الحفاظ على وزن صحي لأن وزن الشخص البدين يضغط على المفاصل خصوصاً على الركبتين والوركين فتكون المفاصل أكثر عرضة لضغط شديد مما يؤدي إلى تضررها بشدة مع الوقت. بشكل عام عدم استعمال المفصل بالشكل الصحيح يؤدي إلى إفساده وتلفه.

وهل من إجراءات خاصة بمريض التكلس لكي لا يؤذي مفاصله أكثر ويتجنب تفاقم الحالة؟
ثمة نصائح معينة يمكن إعطاؤها للمريض وهي:

ألا يركع
ألا يصعد السلالم
ألا يركب الدراجة لاعتبارها تسبب ضغطاً على المفاصل وتفسدها.
عدم ثني الركبتين
ممارسة رياضتي المشي والسباحة
تجنب وضع ساق فوق ساق
تعلم كيفية تقوية العضلات وإراحة المفاصل
ممارسة الحركة على أن تكون ناعمة.

هل من علاجات فاعلة لحالات تكلس المفاصل؟
تتوافر علاجات عدة فاعلة لمكافحة المرض والحد من تطوره وتجنب جراحة استبدال المفاصل الاصطناعية كالأدوية من مسكنات الالم البسيطة إلى مضادات الالتهابات والعلاج الفيزيائي الهادئ والمناسب للحالة والحقن داخل المفصل التي تحسن نوعية حياة المريض وتؤخر اللجوء إلى العملية.

في أي سن يمكن أن تكون هناك حاجة إلى تغيير المفصل وإبداله بآخر اصطناعي؟
في السابق كان يتم الانتظار حتى سن الـ 65 سنة لتغيير المفصل لأنه لا يدوم طويلاً . أما اليوم ومع التطور الحاصل في المفاصل الاصطناعية، يمكن تغييره في أي سن لأنه يستمر لأكثر من 25 عاماً.
ما أدى إلى العجلة في إجراء جراحات استبدال المفاصل وهذا التسرع خاطىء لأن من الضروري اتخاذ كل الإجراءات قبل الإقدام على هذه الخطوة، إذ تتوافر علاجات كثيرة فاعلة تسمح بتأخير الجراحة فهي الحل الأخير الذي يجب اللجوء إليه ويجب ألا تجرى مباشرةً وعشوائياً بوجود حلول أخرى كثيرة.

كيف تتفاقم الحالة؟
مع الوقت يتزايد التآكل في الغضروف ويؤدي اختلال التوازن إلى ترقق الشقوق ما بين العظام إلى أن يختفي الغضروف فيؤدي التكلس إلى آلام شديدة. علماً أن المرض يمر بأربع مراحل هي:

المرحلة 1: تليّن سطح الغضروف
المرحلة 2: تآكل أو رجفان وشقوق سطحية في الغضروف.
المرحلة 3: ترقق أو شقوق عميقة في الغضروف.
المرحلة 4: تقرّح الغضروف أو اختفاؤه فتصبح العظام مكشوفة وهي المرحلة النهائية.

مع تطور الحالة وفيما يفسد المفصل يلتهب الغلاف فيه ويفرز مواد تفسده أكثر ويحصل جفاف فيه فيجد المريض صعوبة ويعاني آلاماً مع كل خطوة يقوم بها. وغالباً ما يشعر بآلام مع تغيّر الطقس. ومع تطور الحالة تزيد صعوبة الحركة لدى المريض، فإذا كان يعاني زيادة في الوزن وطلب منه أن يخفض وزنه يعجز عن ذلك بسبب صعوبة القيام بأي حركة ويصبح هذا نمط حياته مع العجز عن الحركة.