تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

نور الشريف... الأدوار المحرّمة وأحلام عمر والحسين

نور الشريف... الأدوار المحرّمة وأحلام عمر والحسين

يجعل الفن كلمة "الرحيل" بلا مكان في المطلق، وإشارة "الوداع" لا تكاد تُرفع حتى تصبح استقبالاً وتحيةً لعرض آخر خلدته الكاميرا لنور الشريف، فيبدو خبر الوفاة على رغم صحته هذه المرة، مجرد شائعة مرة أخرى أيضاً. الإشارة إلى العمر بتحديد السن هنا يبدو ساذجاً، إذ يتعلق بفنان خلده آدائه الممتد في نحو 200 فيلم سينمائي و25 مسلسلاً تلفزيونياً، إلى جانب بضع مسرحيات ظلت غصة في قلب نور لعدم تسجيلها.

حلّ محمد جابر محمد عبد الله الأول على دفعته، حائزاً على تقدير الإمتياز في دبلوم المعهد العالي للفنون المسرحية في مصر، فظّل في الصف الأول بعد أن أصبح نور الشريف منذ فتح له الزعيم عادل إمام الباب من المسرح إلى "قصر الشوق" مع المخرج حسن الإمام، فاحتل في دور "الفتى الوسيم" شباك التذاكر في زمن النجوم من دون أن يتقولب في هذا الدور، فحمل "هموم الناس" وخاض "الأدوار المحرّمة" حينها، والتي فتحت كوات في "تابوهات" الدين والإلحاد والمثلية، وكواليس القضية الفلسطينية. قدّم "عباس" في "لقاء هناك"، فأحب فتاة مسيحية مواجهاً تشدد والده.

خاطر بشخصية "أمين" صاحب الميول المثلية في "قطة على نار". ذهب بعيداً في "الأخوة الأعداء"  بدور "شوقي القرماني" الشاب الملحد، قبل أن يتعرض لمحاولة "ذبح فني" حين قدم "ناجي العلي" الذي اعتبره نور الشريف بداية نضج بعد الإنتشار، فوضعه فيلم "الوطن والحرية" على مقصلة الرأي السياسي الأخرى، لكنه في المقابل رسخه كفنان "صاحب وجهة نظر" حاول عبر فيلمه إيجاد "البديل المطلوب للافلام المبتذلة او افلام المقاولات التي تتعمد الابتعاد عن صلب الهموم الكبرى والموضوعات الجوهرية، وتعمل على طمس المشكلات الإنسانية والقومية والوطنية من خلال طرحها لموضوعات سطحية تخاطب الغرائز وليس العقول والقلوب". وعلى رغم نيل الشريف مئات الجوائز في حياته حتى سمي حاصدها، ظلّ "ناجي العلي العمل الذي يحتل المقام الأول في حياتي"، على حد قول الشريف.

وإلى جانب الشاشة الذهبية، شدّ نور الشريف جمهور الشاشة الفضية كلما استدعته، لا سيما في "لن أعيش في جلباب ابي" و"عائلة الحاج متولي"، إلّأ أنه اعتبر أن "ملعبه الخاص" هو الأدوار التاريخية. قال في مقابلة إعلامية رداً على المنافسة مع عادل إمام، إن ما يميزه "لغته العربية"، الموهبة التي عززها الفنان المثقف بـ"الجهد والتمرين والقراءة الدائمة"، فرسّخها في الأعمال التاريخية مثل "عمر بن عبد العزيز" و"هارون الرشيد"، ولكن "البكرة" توقفت قبل تحقيقها حلمين للشريف، إذ أكد مراراً أنهما الأغلى على قلبه: تجسيد شخصيتي عمر بن الخطّاب والحسين بن علي. وبالنظر إلى فكر الشريف الذي اختار ناجي العلي ليقدم نموذجاً عن النضال من خلال فنان "لا يمسك مدفعاً ولم يؤلف حزباً، بل قلماً وريشة وحبراً واوراقاً فقط لا غير"، يبدو جليّاً أن أحلام "سوّاق الأتوبيس" لم تكن عبثية، بل هي فكر وحاجة ماسة لتحقيقها على يدي جمهوره.

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079