شباب وشابات برزوا في أعمالهم تحت شعار: النجاح لا يأتي صدفة
شباب وشابات من مصر حققوا نجاحات مختلفة في مجالات عملهم، قد لا يعرفهم أو ينتبه إليهم الكثيرون، فهم لا يتمتعون بنجومية مشاهير الفن، لكنهم بيننا يرسلون ضوء الأمل وبريق التحدي، بعد أن برعوا في مجالاتهم المهنية والاجتماعية. منهم من رسم طريقه قبل الشروع في العمل، ومنهم من ولد تفوقه من تجربة الفشل، يتفقون جميعاً على قاعدة عريضة، وهي أن النجاح لا يأتي صدفة.. «لها» ترصد حكاياتهم...
فتحي فريد: صدامات متلاحقة
فتحي فريد، شاب في بداية الثلاثينات من عمره، لكنه من ألمع الأسماء المدافعة عن حقوق المرأة رغم كونه رجلاً، وهذا أمر نادر الحدوث في مصر.
لم يدرس فتحي حقوق الإنسان، حيث تخرج في كلية الآداب قسم اللغة العربية بجامعة الأزهر، لكنه بدأ يعمل في مجال المجتمع المدني عام 2007، وانضم إلى بعض المؤسسات الشهيرة مثل الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، والجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة الاجتماعية، ويؤكد أنه حينها لم يكن لديه وعي بأشكال العنف الممارس ضد النساء في المجتمع، إلا عندما تطوع في مؤسسة «أكت» لحقوق المرأة ثم التحق بالعمل بها.
ويقول: «أعترف أنني كنت مغيباً نسبياً في ما يخص العنف ضد المرأة، ما عدا الحوادث والقضايا الموسمية التي تتناولها الصحف، واكتشفت ذلك بعد الاطلاع على الأرقام والإحصاءات الموثقة، وكانت أولى صدماتي عندما عملت منسق مشروع برنامج مكافحة الاتجار بالنساء والفتيات في مصر، واستمرت صدماتي طوال فترة العمل بالمشروع، حيث أكد شهود العيان والحالات والإحصاءات أننا بصدد سوق نخاسة، فالأب أو الأخ هو البائع المستفيد من تزويج القاصرات إلى مسنين أجانب من أجل الحصول على حفنة من الأموال.
ومع التواجد الفعلي لفتحي فريد على أرض الواقع، من خلال تواجده الميداني أو تنسيق الندوات والمؤتمرات الخاصة بالمشروع، جاءت ثانية مشكلاته المنحصرة في كونه رجلاً يدافع عن حقوق النساء في مجتمع ذكوري، ويقول: «كنت دائماً موضوعاً في خانة الدفاع عن النفس، فالناشطات النسويات يرين أن كل الذكور مدانون، وخلال اللقاءات في الندوات كنَّ يحطنني بعلامات استفهام وتعجب، وكأنهن يتساءلن هل أدعي أم مؤمن حقا بالقضية، وهنا فضلت عدم الرد تاركاً للزمن الإجابة بأسلوب عملي، المشكلة ذاتها كانت تقابلني خلال العمل الميداني، حيث كنت أنظم حملات ميدانية لمناهضة التحرش الجنسي، وكنت أتواجد مع تلك الحملات وأقوم بتوعية الرجال، فكان السؤال الدائم منهم: «لماذا تفعل ذلك؟»، حتى النساء كنَّ يسألن السؤال نفسه، في البداية كنت أجيب على السؤال بأنني أدافع عن حقوق النساء حتى تعيش ابنتي وامي وأختي في مجتمع خالٍ من تعنيفهنّ، لكني لم أكن مقتنعاً بتلك الإجابة حتى تمعنت أكثر في الحقوق النسوية واقتنعت بأنني أدافع عن حقوق المرأة إيماناً بالإنسانية، وإيماناً بأن المرأة كائن له الحق في التواجد مثل الرجل، وأنه ليس أقل منه في الحقوق أو الواجبات، لذا لا ينبغي علينا إرهابه بالتحرّش الجنسي أو تعنيفه بأي شكل آخر».
بعد خمس سنوات من التوعية والدفاع عن حقوق النساء تغيرت قناعات فتحي فريد، حيث يقول: «أصبحت مؤمناً بأن تحسين أوضاع النساء لن يتم إلا بتحسين الأوضاع المعيشية للشعب بصفة عامة وبتغير القوانين الخاصة بهنّ، كما أدركت من خلال أرض الواقع أن الدولة نفسها لا ترغب في تمكين النساء، حيث لا تتخذ التدابير اللازمة بشكل فعلي، وإنما بشكل موسمي على سبيل الاتجار بقضية المرأة في المحافل الدولية والمحلية، ولا يخرج التمكين في أكثر من صورة تصريحات للمسؤولين فقط لا غير».
يؤكد فتحي أن طموحه الشخصي يكمن في أن يرى قيادات نسوية حاضرة في جميع المجالات ولديهنّ مساحات أكبر في الإبداع.
ياسمين محسن: أوَّل عارضة أزياء محجبَّة
ياسمين محسن، 31 عامًا، أول موديل «عارضة أزياء» محجبة، وأول مؤسسة لمدرسة عارضات الأزياء المحجبات في مصر.
تقول عن قصة نجاحها: «أنا خريجة كلية الإعلام جامعة القاهرة، لكنني أحب مجال عروض الأزياء، حاولت اقتحامه قبل الحجاب، لكنني فشلت فشلاً ذريعًا، فلم يكن لديَّ معارف على الإطلاق، لم يهزمني الفشل وكررت المحاولة بعد ارتدائي الحجاب عام 2007، وجاء النجاح لكوني أول عارضة أزياء محجبة، وشاركت في عروض أزياء للعباءات وملابس المحجبات الأخرى، كما أصبحت وجهاً معروفاً للإعلانات المصورة الموجودة في الشارع لأكبر بيوت الأزياء الخاصة بالمحجبات، وأصبحت عارضة الأزياء الأولى لأكثر من 12 بيت أزياء يهتم بالمحجبات».
وتتابع: «في 2007 أسست أول مدرسة عرض أزياء محجبات، فكانت فرصة دخول المحجبات مجال عرض الأزياء وكان الإقبال عليها كبيراً، وتناولتها صحف ومجلات عالمية مثل وكالة أنباء «رويترز» ومجلات دولية عربية وأجنبية، فضلاً عن وسائل الإعلام المحلية، فصار اسمي موجوداً بقوة على محرك البحث «غوغل» باللغة العربية والإنكليزية.
ترى ياسمين أن نجاحها سببه الرسالة التي أصرت على تقديمها، وتقول: «نجاحي لم يأت من فراغ بل جاء بسبب إصراري على تقديم رسالتي، وهي أن الفتاة المحجبة يجب أن تكون موجودة في كل المجالات خاصة المجالات الإعلامية مثل الإعلانات أو عروض الأزياء، ففي الوقت الذي ظهرت فيه كانت المحجبات مرفوضات تماماً في العمل بأكثر الوظائف في مصر، مثل مضيفة الطيران أو موظفة العلاقات العامة في الصفوف الأمامية أو حتى كمذيعة، وبالفعل استطعت تصحيح الصورة وكنت نموذجاً للفتاة المحجبة الأنيقة واقتحمت مجالاً صعب دخوله، لذا أرى أن رسالتي كانت اجتماعية في المقام الأول، حيث مدت العديد من المحجبات بالثقة في أنفسهنّ». بعد انتشار الحجاب وعارضات الأزياء المحجبات قررت ياسمين أن تطور من نفسها، فدرست التنسيق الأزياء (ستايلست) والتجميل وتحولت إلى خبيرة في ذلك المجال، وتقول: «قررت أن أكمل رسالتي حتى تكون الفتاة المحجبة في قمة الأناقة، وبالفعل كثيرات يستشرنني، كما تعاقدت معي بعض المواقع الإلكترونية، وقدمت فيديوات تعليمية في كيفية تنسيق الملابس وربطات الحجاب الجديدة والماكياج». ورغم أن ياسمين أمٌّ لطفلين، إلا أنها تؤكد أن الزواج وتربية الأطفال لم يوقفاها عن تحقيق أحلامها، وأن خطوتها القادمة تقديم برنامج تلفزيوني.
مروة صادق: لا يوجد شيء يعيق المرأة عن تحقيق النجاح
مروة صادق، اسم لامع في مجال التسويق وشريك أساسي في نجاح مشاريع الشباب الصغيرة والمتوسطة، طريقها كان محفوفاً بالفشل، لكنها أصرت على تحويل عثراتها المهنية والاجتماعية إلى نجاح.
وتحكي تجربتها: «درست التجارة باللغة الإنكليزية، والتحقت بالعمل بإحدى الشركات الكبرى في مجال التسويق قبل أن أنهي دراستي بعامين، فاكتسبت مزيداً من الخبرة أهلتني لأكون مديرة التسويق في الشركة فور تخرجي في الجامعة، وكونت فريق عمل من زملائي».
تتابع: «حياتي الشخصية سارت بشكل متوازٍ مع حياتي المهنية، فتزوجت بعد التخرج في الجامعة، حينها هددني مدير الشركة بالفصل إذا حملت، واعتبرت التهديد مزحة، لكن بعد ظهور ملامح الحمل عليَّ لاحظت أن راتبي أنا وفريقي في التسويق تأخر، وبسؤال المحاسب أكد أنه تم فصلنا جميعاً منذ شهرين، وبالتالي ليست لنا أي حقوق مادية، توجهت على الفور وتقدمت ببلاغ في مكتب العمل، مما جعل أي شركة أخرى ترفض التحاقي بها».
تكمل: «لم استسلم وعملت كاستشاري تسويق حر في العديد من الشركات، بالإضافة إلى كتابة مقالات في بعض المجلات، وفي تلك الفترة استطعت الموازنة بين العمل لعدم تقيدي بمواعيد وبين حملي الثاني وتربية ابنتيَّ، واستمررت على ذلك النحو من العمل الحر مع الشركات لمدة سبع سنوات».
في السنة السابعة من زواجها تحسست مروة أنها تقترب من الانفصال، فقررت العودة من جديد إلى سوق العمل، والتحقت للعمل بشركة تسويق كبرى لمدة عام كامل، في تلك الفترة كونت علاقات كثيرة مع أصحاب مشاريع صغيرة ومتوسطة وشركات كبرى تبحث عن التسويق المحترف، فقررت إنشاء شركتها الخاصة.
وتضيف: «بالفعل انفصلت عن زوجي، وكأن القدر يحتم عليَّ البداية من جديد في المجال المهني والأسري، فدخلت في شراكة مع زميل لي لديه شركة دعاية وإعلان، وبعد فترة من العمل وبعدما سددت ديونه وبدأت تدخل إليه الأرباح تهرب من الشراكة بدعوى أننا لا نملك عقداً بذلك، وعلى المتضرر اللجوء إلى القضاء، فانصرفت أنا وفريقي التسويقي وبدأت مجدداً من الصفر، بعدما أنفقت جميع مدخراتي على شركة من قام بالنصب عليَّ، لم يكن معي سوى خمسة آلاف جنيه استأجرت بها مكتباً، وكان التحدي بالنسبة لي أن أوفر رواتب الفريق وإيجار المكتب منذ الشهر الأول، وأطلعت الفريق بأنه ليس أمامنا خيار سوى استقطاب العملاء والربح في الشهر الأول، وبالفعل عملنا بكل جهدنا، ورغم أن الظروف كانت عكسنا حيث بدأت شركتي الجديدة في يونيو 2013، أيام اعتصامات الإخوان وثورة 30 يونيو، وفي تلك الفترة كان «البيزنس» متوقفاً في مصر، إلا أنني استطعت تحقيق مكاسب لا بأس بها، وأصبحت شركتي الآن من الأسماء المعروفة في مجال الاستشارات التسويقية».
تؤكد مروة أن انفصالها عن زوجها لم يترك أثراً سلبياً عليها، بل كان تحفيزاً إيجابياً لنجاحها في العمل، وتقول: «كنت مصرة أن أثبت لنفسي أنني يمكنني استكمال الحياة بمفردي، وبالفعل نجحت سريعاً، فالتحدي بالنسبة لي كان إثبات أنه لا يوجد شيء يعيق المرأة عن إثبات ذاتها أو تحقيق نجاحها، حتى ولو كانت متزوجة ولديها أطفال، يمكنها العمل من المنزل لفترة ثم استعادة نشاطها في سوق العمل، أما ابنتاي فلا أشعر بأنهما عبء، خصوصاً بعد تولي مسؤوليتهما وحدي، فأنا دائماً أنظم مواعيد عملي بما يتوافق مع مواعيد دراستهما، وفي الفترة التي لا أجد أحداً يجلس معهما في المنزل أترافقانني إلى العمل».
ابن بطوطة القرن «21» : رسالتي نشر قيم السلام والمحبة
«إحلم – إحمي حلمك – انطلق» قاعدة يؤمن بها أحمد مدحت حجاج، ابن بطوطة القرن الـ 21، أو الرحالة «حجاجوفيتش»، وقرر تطبيقها، حيث حلم بزيارة جميع دول العالم فسعى لتحقيق حلمه وزار 114 دولة رفع فيها جميعاً العلم المصري، وأصبح سفير السلام العالمي للشباب المصري.
ولد حجاجوفيتش في 7 تشرين الأول/أكتوبر عام 1984، بحي روكسي بمصر الجديدة، ودرس في كلية الحاسبات والمعلومات جامعة عين شمس، وتخرج فيها عام 2007، وهو نفس العام الذى بدأ فيه رحلاته، يتقن خمس لغات بجانب اللغة العربية، هي الإنكليزية والبرتغالية والإسبانية والبرازيلية والفرنسية، ويؤكد أن حلم السفر حول العالم كان يداعبه منذ طفولته، والبداية كانت مع جده اللواء حسين حجاج، الذي زرع فيه حب العلم المصري بحكايته عن صور العلم المرفوعة على الضفة الشرقية فى حرب الاستنزاف، وكيف أنها كانت تعطى الأمل للمصريين بالعبور وتحرير واسترداد الأرض.
ويضيف حجاج: «عندما كبرت وجدت أن حب علم بلدي نابع من اجتماع المصريين تحته بلا حدود أو تعصّب، فقررت أن أنشر ثقافتنا في الحب والسلام حول العالم، وأرفع العلم المصري في جميع دول العالم، وهو ما شرعت في تنفيذه فور التخرج في الجامعة، فرسالتي هي نشر قيم السلام والمحبة، وتصحيح صورة مصر حول العالم، فعلى سبيل المثال يعتقد بعض الأجانب أن مصر مازالت تستخدم الجِمال كوسيلة للنقل والمواصلات، وأن الرجل المصري مثل «هارون الرشيد» محاط بالجواري ويتزوج أربع نساء».
يلفت حجاجوفيتش إلى أنه في المقابل يقوم بتصحيح صورة العالم في العيون المصرية، عن طريق نشر صوره على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك»، ويقول: «هناك بعض الدول الأخرى ظلمها الإعلام العربي، فعلى سبيل المثال هوجمت عندما أعلنت عن نيتي زيارة دولة الدنمارك ورفع العلم المصري فيها، بحجة أنها البلد صاحبة الرسوم المسيئة إلى الرسول، لكنني وجدت مجسماً كبيراً للمسجد الأقصى فى إحدى المدن الدنماركية كنوع من الاعتذار والأسف للمسلمين، لكن الإعلام سلّط الضوء على الأذى الذي صدر من شخص واحد، رغم أن تعداد الدنمارك نحو خمسة ملايين شخص».
في النهاية يقول: «أؤكد أن ما أقوم به هو لبلدي وللتاريخ أكثر من اهتمامي بالتكريم والجوائز، وهدفي هو أن يعرف أحفادنا بعد 50 عاماً من الآن أن أول شخص رفع علم بلده في كل دول العالم مصري».
ليلى صدقي: أول متجر لـ«الكب كيك»
نولا أو ليلى صدقي، ابنة الـ27 ربيعاً، أصبحت صاحبة أشهر محل لتصنيع وبيع الـ«كب كيك» في مصر، ورغم الصعوبات التي واجهتها إلا أن نجاحها جعلها تفتتح أكثر من ثلاثة فروع بالقاهرة.
درست نولا العلوم المالية في مونتريال، وأرادت في البداية أن تسير على خطى عائلتها التي يعمل أغلب أفرادها في المجال المالي في الخارج، غير أنها اختارت طريقاً مختلفاً، إذ طالما حلمت بالعودة إلى مصر، وقررت افتتاح متجرها الغذائي الخاص بعدما شاهدت إقبال المصريين على «الكب كيك» المصنوعة منزلياً، ولم يكن هناك منفذ لبيعها فكانت هي المنفذ الأول، وصنعت علامتها التجارية.
إلى جانب النكهات التقليدية للكاب كيك، ابتكرت نولا نكهات جديدة، مثل التمر والفستق والمكسرات حيث تقدم اليوم تسع مجموعات جديدة ومتبكرة تلبي جميع الأذواق.
بنت ليلى مشروعها كشركة عائلية من البداية، مع شقيقها عادل صدقي الذي تتشارك معه الرؤية. وتقول: «من أجل إنجاح شركة عائلية، علينا أن نبقي هدفنا المشترك نصب أعيننا. وكنا حريصين على ألا ننقل العمل معنا إلى المنزل ونعرف جيداً متى نقطع الاتصال، لكن نحاول دائماً أن نغطّي أي ضعف لدى الآخر، بدلاً من أن نحاول أن نجعل الآخر يغطي كل شيء وحده».
تسعى الآن نولا وشقيقها إلى المزيد من النجاح والانتقال بماركتهم التجارية إلى العالمية لنيل شهرة دولية كماركة مصرية، وعدم الاكتفاء بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024