في الخارج
تنهمر المياه على الزهور العطشى. تبتسم وهي تصبّ المياه عليها وتنظر من شرفتها بخوف إلى الخارج. هذا الخارج لا تريده. ترفضه. يبدو لها الخروج من الشقة ضرباً من الجنون. أراقبها من شرفتي وأتخيّل حياتها في الداخل بين الكتب وأحواض النبات. أختها صلة الوصل بينها وبين العالم الخارجي، تؤمن لها احتياجاتها كلّها. مرض الهروب هذا لن يغيّر الحقائق البشعة. لكن الآن أكثر من أي وقت مضى يمكن أن نفهم انهيار الإنسان تحت وطأة القبح.
ليتنا نستطيع الكتابة عن الصيف الجميل وطعم الراحة خلال أيام الإجازات. ليتنا نكتفي بقصص النجاح والانتصارات الصغيرة التي تطبع مشاريع شباب وشابات يشبهوننا هنا وهناك، آمنوا بقدراتهم على الإبداع أو الإنجاز وقطفوا ثمار أحلامهم. تفرحنا هذه الانتصارات المهنية، التي نلقي الضوء عليها، بين دهشتنا أمام خيباتنا القاسية التي ندفعها أثمان ولادتنا في هذا الجزء من العالم. في هذه المرحلة لا يفيد تجاهل الواقع أو البحث عن واقع بديل. ولماذا تدهشنا خيبتنا؟ يسأل بعضنا، ويجزم: هذا ما نستأهله وهذا ما قبلنا به. نتطلّع إلى نموذج المواطن المحفوظة كرامته في دول درس بعضنا فيها أو قرأ عنها أو سافر إليها. نعود إلى ما تعلّمناه في المدارس والجامعات وبقي فينا، وما يتعلّمه أولادنا عن حقوق الإنسان والمواطن في المجتمعات الحديثة، ونحلم. بعضنا يتمسّك بأحلامه ويحقّقها رغم العقبات والخيبات والظروف الصعبة. وبعضنا يبني إبداعه جسراً يصلنا بمن حققوا قبلنا ما نطمح إلى تحقيقه، من عدالة اجتماعية وفهم لمعنى المواطَنة وحفظ لحقوق المواطن. نحن لا نختلف عنهم، نحلم ونبدع ونكافح وننجز.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024