قطر... بين العراقة والحداثة
لم أفوّت فرصة الاستمتاع بكل ما هو فاخر، اكتشفت أرجاء الدوحة وجوانبها الخفية، واستمتعت بتقاليدها المحلية وبالانطلاق فوق كثبانها الرملية. وضعت همومي جانباً واسترحت في حمّامات السباحة الشبيهة بالمغارات الطبيعية.
ولعلّ أجمل الأمكنة التي زرتها في قطر، كان الحي الثقافي «كتارا»، الوصي على تراث البلد وتقاليده، بحيث يقدّم توليفة فنية وثقافية تمثّل حضارات العالم المختلفة وفنونه، ويستضيف المهرجانات وورش الأعمال والمعارض والفعاليات. قطر بلد العراقة والحداثة، هنا تلتقي الفخامة العصرية بسحر الأجواء الكلاسيكية.
تجربتي في مطعم نوبو
لا أحب السوشي ولم أتلذّذ بأكلها يوماً... هل يُعقل ألاّ أحب أكلة لها شعبية كبيرة على مستوى العالم! دخلت المطعم بخطى واثقة، ارتديت المئزر واتبعت تعليمات الشيف، وقرّرت الاستمتاع بكل حواسي بهذه المغامرة الشهية... بموقعه الساحر المطلّ على مياه الخليج العربي في قلب الدوحة، البصمة الابتكارية للنمط الياباني الجديد على مساحة 26000 قدم مربعة من الأجواء المعاصرة والإبداعية، يقدّم مطعم «نوبو» في فندق Four Seasons مأكولات حصرية لا مثيل لها.
وفي لمحة ذكية على تاريخ الدوحة القديم في الغوص لصيد اللؤلؤ، يشبه المطعم المكوّن من ثلاثة طوابق الصدفة الملفوفة المزخرفة. وما لفتني في «نوبو»، تلك «الهيصة» بين الحين والآخر، ليتبيَّن لي لاحقاً أنها خدمة الترحيب في المطعم، إذ يصرخ النُدُل بصوت واحد قائلين باليابانية: irasshaimase وتعني «مرحباً، كيف يمكنني مساعدتك؟» كلما دخل أحد المطعم.
سوق واقف 24/24
أرضية من الحجارة القديمة وممرّات أثرية ضيّقة، تحيطها مقاهٍ تحكي أصالة الماضي وعراقته (بعضها لا يغلق أبوابه)، وفنادق تجلّت روعة تصميمها في الجمع بين العراقة المتمثلة بالفن المعماري الإسلامي القديم والحداثة المجسّدة بوسائل الراحة والرفاهية العصرية.
إنه «سوق واقف» الذي لا يغادر أرض الدوحة أي زائر، من دون أن تطأ قدماه أرض السوق، وإلا ستكون زيارته لهذا البلد ناقصة.
على الكرسي الخشبي ذي الطابع القديم، ارتشفت فنجاناً من القهوة العربية في الهواء الطلق، واستمتعت بتدخين النرجيلة، أو كما يسميها البعض الشيشة، وأنا أمتع ناظري بأركان السوق وزواياه التي تفوح منها رائحة الماضي الأصيل.
يتميّز «سوق واقف» الذي يشهد سنوياً فعاليات فنية حديثة وعصرية، بهويته الشعبية القديمة، إذ يتوافر في جنباته عدد من الصناعات الحرفية التقليدية كالمشغولات اليدوية والملابس الشعبية والسيوف والخناجر والتطريز والعباءات القديمة والذهب، كما تحتل محال العطارة والتوابل مكاناً في السوق، إذ تبيع الأعشاب الشعبية التي تستخدم في الطب الشعبي.
وتؤكد الروايات وجود هذا السوق منذ عشرات السنين عندما كانت الدوحة قرية صغيرة، وقد سمّي بذلك الاسم نظراً إلى أن الباعة كانوا يقفون قديماً على جانبي الطريق لعرض بضائعهم وبيع منتجاتهم المختلفة مثل البهارات والأسماك والملابس والأخشاب.
تسوّقي في اللؤلؤة
تتميز منطقة اللؤلؤة The Pearl في قطر بالفلل الشاطئية التي تطل على البحر مباشرة، وتعتبر أرقى وجهة للموضة والأناقة لتمركز أبرز العلامات التجارية الفاخرة فيها، إذ يقصدها عشاق التسوّق لاقتناء أجود أنواع الملابس والأحذية والإكسسوارات... إضافة إلى مرافق الترفيه التي تفترش شاطئها، من يخوت إلى مطاعم ومقاهٍ وأماكن لألعاب الأطفال.
أسباير... لتحقيق الأحلام الرياضية
«منطقة الأسباير» مدعاة فخر لدولة قطر، فقد اكتسبت شهرةً دولية، لأنها تتمتع بعدد من أفضل الملاعب والمدرّجات (الاستادات) الرياضية في العالم. وتُقدم مؤسسة «الأسبايرزون» الرياضية الخدمات الإدارية اللازمة للعديد من الألعاب الرياضية، ومنها: كرة القدم، ألعاب القوى، السباحة، الغوص، كرة السلة، الكرة الطائرة، الجمباز، كرة اليد، الفنون القتالية/العسكرية، الاسكواش، تنس الطاولة، مبارزة السيف (الشيش)، وغيرها من الرياضات التي تُجرى ألعابها في الملاعب المكشوفة أو داخل الصالات المغلقة.
أما عن أكاديمية الأسباير للتفوّق الرياضي المعروفة والمشهورة دولياً، فتقدم برنامجاً تعليمياً رياضياً شاملاً، وتؤمّن كذلك للفعاليات الرياضية العالمية تسهيلات وخدمات غير مسبوقة تحترم المعايير الدولية.
متحف الفن الإسلامي
يزخر هذا المتحف الواقع على الشاطئ، والذي صمّمه مُصمِّم متحف اللوفر الشهير نفسه في فرنسا، بأعمال من آسيا وأفريقيا وأوروبا. وفيه أمضيت أيضاً يوماً طويلاً وممتعاً.
المدينة التعليمية
افتتحت مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع في تشرين الاول/أكتوبر عام 2003 المدينة التعليمية، وتعد مشروعاً رائداً يهدف الى إعداد الكوادر والاستثمار في الجانب البشري وتعزيز التفكير المستقبلي والحلول الإبداعية، وخصّصت المؤسسة مساحة خمسة ملايين ونصف مليون متر مربع من الأراضي لتطوير المدينة التعليمية، ودعت أرقى الجامعات العالمية الى فتح فروع لها في المدينة، وتضمّ حتى الآن ثمانية فروع لجامعات عالمية إلى جانب جامعتين حكوميتين فقط، هما جامعة قطر وجامعة حمد بن خليفة.
اللغة الإنكليزية هي لغة التعليم والبحث والمحاضرات في جميع الكليات الأجنبية، وكذلك داخل أسوار المدينة التعليمية، ولا يتعدى عدد الطلاب القطريين في جامعاتها الـ 400 – 500 طالب مقارنة بحوالى تسعة آلاف طالب في جامعة قطر.
في طريق العودة...
ما إن دخلت حرم المطار، حتى شعرت بالرفاهية والرقي. حيث تمنح السقوف العالية والتفاصيل المعمارية المتقنة الشعور بالعظمة، ويتاح للمسافرين فرصة للراحة والاسترخاء واستعادة طاقتهم قبيل رحلتهم التالية على متن طائرات الخطوط الجوية القطرية التي تقدم خدمات ذات خمس نجوم.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024