ثرثرة
قالت: «يحدث أن تصحو فينا مشاهد قديمة تعيدها إلينا كلمة أو أغنية أو مناسبة. تعود هذه المشاهد إلى الحياة ونستعيد معها مشاعر فقدناها. تعود إلينا انفعالات ونصبح فجأة كالمراهقين». قالت إنها سريعة التأثر الآن، خفيفة الروح، يمكن أن تعيدها أغنية إلى الزمن الأجمل، إلى مرحلة أحست خلالها بأنّ الحياة كلّها بين كفّيها وبأنّ قلبها حين يرفرف يطير بها إلى أرض أحلامها. هناك يعيش أبطال روايات لم تكتبها مع أبطال روايات عشقتها، وهناك يلتقي مَن أحبتهم. هناك يمكن أن تقول إن الحياة ليست بائسة إلى أن تصحو مجدداً وتتمسّك بعزلتها الحقيقية في عالم الصداقات الافتراضية. إنّه الصباح، تمضيه بين التلصّص على ما يحدث في الشارع الهادئ عموماً وبين تويتر والجريدة. تقول: يجب أن نعيد التفكير في تعبير «إنساني» كلّما لجأنا إليه. يجب أن نجرّده من المعاني «الراقية» التي اكتسبها كي نتعلّم الوضوح والصراحة مع أنفسنا. يجب أن نحمّل كلمة «إنساني» ما يدلّ على الوحشية والعنف والأنانية كي تعكس الصفة تصرّفات الإنسان في أيامنا، وهو ليس إنساناً «حديثاً» خصوصاً في مجتمعاتنا. وما هي إنجازاتنا «للإنسانية» أصلاً كي نحتفل بها وبالكرامة «الإنسانية» التي نشهد كل لحظة على تلطيخها بالدماء السائلة في مجازر لا تفهمها العقول ولا تقبل بها الضمائر، لكنها تسكت عنها وتمضي؟ إحدى أبرز صفات إنسان اليوم هي الهوس بالذات، بالصورة الخارجية خصوصاً، يترجمها النظر إلى العالم من خلال الشاشة أو الكاميرا، كاميرا الهاتف. فقد سيطرت فلسفة السيلفي والصورة التي تخترع المشهد وتركّبه في لحظة غير حقيقية تماماً. استعراض الذات أو القدرة على العنف، من أبرز «إنجازات» الإنسان في مجتمعاتنا.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024