قتلت جارتها على طريقة ريا وسكينة
الحاجة إلى المال جعلتها تغض البصر عن صداقة جمعتها لسنوات بجارتها، وبدلاً من أن تكون مصدر الأمان لها، قررت أن تنفذ فيها حكم الإعدام على طريقة ريا وسكينة، ظناً منها أنها ستنجو بفعلتها، لكن سرعان ما سقطت لتروي تفاصيل خيانتها للمرأة التي كانت تأتمنها على مالها وعمرها، فراحت ضحية لمن كانت تثق فيها.
مثل كل يوم، عاد فكري إلى منزله في الرابعة عصراً لتناول طعام الغداء مع زوجته، لكن بمجرد دخوله شعر بأمر مريب جعله يستشعر الخوف على زوجته، عندما لم يجدها كعادتها منذ 20 عاماً تجلس في غرفة المعيشة تضع الصحون أمامها فارغة، وتبدأ سكب الطعام في داخلها فور سماع صوت زوجها يناديها من الخارج معلناً حضوره.
المفاجأة
كالمجنون أخذ فكري يبحث عن سعاد، حتى عثر عليها ممددة بلا حراك على سريرها، جاحظة العينين، تنظر إليه لكنها لا تراه، يناديها فلا تجيبه، لتتساقط دموع الرجل على رفيقة عمره ومؤنسته الوحيدة، بعدما أدرك أنها قد اتخذت قرارها الأخير بالرحيل بلا عودة.
كانت سعاد هي ابنة عم فكري، التي تزوجها منذ عشرين عاماً بعدما عشقها منذ نعومة أظفارها، الأمر الذي جعله لا يتخلّى عنها رغم عدم قدرتها على الإنجاب، فمن دونها لا معنى للحياة.
مشاهد كثيرة مرت على الرجل ودموعه تتساقط على رفيقة عمره، التي كانت تضحّي بكل شيء من أجله، والآن تفعل به ما لم يكن يتوقعه طيلة حياته: أن ترحل وتتركه وحيداً. امتثل الرجل لما حدث، وأرسل الى مفتش الصحة حتى يأتي لتوقيع الكشف الطبي على زوجته، لكي يتمكن من الحصول على تصريح بدفنها ليودعها إلى مثواها الأخير.
شبهة جنائية
مفاجأة من العيار الثقيل تلقاها فكري من مفتش الصحة، وهو يبلغه بضرورة إبلاغ الشرطة لوجود شبهة جنائية في الوفاة، بعدما تبين له أن الزوجة تعرضت للخنق بفوطة مبللة.
لم يصدق الرجل ما سمع، فزوجته لم تتشاجر يوماً مع أي شخص حتى يفكر في الانتقام منها بهذه الطريقة، وهو أيضاً لا عداوات له مع أحد قد تكون سبباً لينتقم منه بزوجته.
إجراءات طويلة خاضها الرجل مجبراً، بعدما تولد لديه شعور الانتقام من الشخص الذي سلبه حياته، بعدما أكد تقرير الطب الشرعي ما قرره مفتش الصحة، من تعرض الضحية للخنق بفوطة مبللة.
الجاني مجهول
أصبح من الصعب التوصل الى الجاني في ظل العلاقات الطيبة التي تربط القتيلة بالجميع، إضافة الى ما أثبته تقرير الأدلة الجنائية من سلامة كل منافذ الدخول والخروج، مما يعني أن الجاني على صلة وثيقة بالضحية التي سمحت له بالدخول المشروع.
وقف فكري عاجزاً عن الرد على سؤال وجهه إليه رجال الشرطة عن الأشخاص الذين يزورون زوجته وتربطهم بها علاقات جيدة يشكك في ارتكابهم الجريمة، وقبل أن يجيب بالنفي، تذكر حواراً دار بينه وبين زوجته منذ عام تقريباً جعله يعيد التفكير في كل شيء.
كانت الضحية قد خرجت لأداء واجب العزاء بإحدى قريباتها، وعندما عادت اكتشفت أنها نسيت المفتاح في الداخل، فاتصلت بزوجها تبلغه بما حدث وأنها ستنتظره عند جارتهما حتى يعود، ومنذ ذلك اليوم قررت أن تودع نسخة من مفاتيح المنزل لدى جارتها التي كانت بمثابة الأخت لها.
بداية الخيط
روى الرجل تفاصيل الحوار لرجال المباحث، الذين بدأوا جمع التحريات عن هذه الجارة، وما إذا كانت على علاقة بالجريمة من عدمه، لئلا يكون حزن الرجل على زوجته سبباً في إلصاق اتهام باطل بها.
استدعى رجال الشرطة عزة جارة القتيلة، التي تعمل مدرّسة للتاريخ، بصفتها إحدى الصديقات المقربات من الفقيدة، للإدلاء بمعلوماتها عن الحادث، وما إذا كانت الضحية قد حدّثتها عن وجود خلاف مع أي شخص قد يكون دافعاً لارتكابه الجريمة، وأثناء الحديث تم سؤالها عن نسخة المفاتيح التي تحتفظ بها.
كانت المفاجأة إنكار المرأة للأمر، مؤكدة أنها لا تحتفظ بأي مفاتيح خاصة بالقتيلة، ما جعل رجال المباحث يشككون في أمرها، بل باتوا على ثقة بأنها متورطة في الجريمة.
اعتراف
بدأ المحققون يضيّقون الخناق على مدرّسة التاريخ، حتى انهارت واعترفت بجريمتها المشينة، كاشفة عن تفاصيل لا يمكن تصديقها.
كانت الضحية قد اشتركت في جمعية شهرية مع جارتها عزة قيمتها خمسة آلاف جنيه، وقررت الانتماء اليها لتشتري لزوجها هاتفاً محمولاً كهدية عيد ميلاده، لكن عندما حل موعد استحقاق سعاد للقبض، امتنعت عزة عن الوفاء بالتزاماتها.
رأت عزة أن جارتها ميسورة الحال، فاستولت على أموالها لشراء غسالة وثلاجة لابنتها حتى تتمكن من تزويجها في الموعد المتفق عليه مع العريس، ظناً منها أن سعاد لن تبالي بالأمر، لكن حدث ما لم تكن تتوقعه.
الهدية القاتلة
كانت سعاد تريد أن تقدم لزوجها مفاجأة، لذا ضايقها تأخر جارتها في دفع مستحقاتها، وتشاجرت معها وطالبتها بإحضار المبلغ على وجه السرعة، وأمام استحالة ذلك، قررت عزة التخلص منها كي لا تلاحقها فضيحة استيلائها على أموال جارتها.
وعلى طريقة ريا وسكينة أخذت عزة فوطة مبللة بالمياه، وراقبت ذهاب فكري الى عمله، ودلفت إلى المنزل بنسخة المفاتيح التي كانت في حوزتها، لتجد فريستها ممددة على السرير، فوضعت الفوطة على فمها وأنفها بإحكام وكتمت أنفاسها حتى تأكدت من أنها فارقت الحياة، وفرت هاربة ظناً منها أنها ستفلت بعملتها.
لم يصدق فكري ما فعلته الجارة التي كانت بمثابة الأخت لزوجته، مؤكداً أنها لو صارحتها بالحقيقة كانت ستعفو عنها وتترك لها المبلغ، بدلاً من أن تتحول الى قاتلة وتحرمه من رفيقة دربه.
في حراسة مشددة، اصطحب رجال الشرطة المتهمة لتمثيل جريمتها، ليصدر قرار من رئيس نيابة المنصورة بحبس مدرّسة التاريخ على ذمة اتهامها بالقتل العمد والاستيلاء على أموال الغير، تمهيداً لإحالتها الى المحاكمة الجنائية.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024