عوارض الصيف
مع العيد ينطلق موسم الإجازات، يتسلّل الشعور بالحرية إلى عقولنا، فلنحلم بالمشاهد، أغمضوا عيونكم. المشهد رائع، أخضر وهادئ. قد يظهر البحر فجأة أو تسيطر زرقة السماء الصافية على الصورة، قد تعلو البنايات أو تقصر، وتزدحم المقاهي بأجمل ما في الحياة، قصص البشر، وبوجوه تائهة ووجوه تنجح في ادعاء المعرفة، ووجوه تنتظر وبعيون جائعة وأخرى تبحث عما لا يمكن أن تجده. مهما تبدّل المشهد، سيبقى حراً، على الأقل خلال الأوقات التي يسيطر عليها مزاج الإجازة. تحرّروا من الرسائل الإلكترونية ورسائل «الواتساب»، من آلام الأجسام المكبّلة بالواجبات واستسلموا لخفّة الصيف. للحظات من الضياع الجميل.
يحقّ لكم أن تضيعوا، أن تنسوا الخوف والقلق. أخرجوا خريطة الماضي الشخصي البعيد وتأمّلوا لحظات المتعة فيها. ثمة أعوام لا تغادرنا، نعيش لنستعيدها ونستعيد طعم مشاعر فقدناها، دغدغة في القلب، وغليان في العروق. ما بقي لنا جميل، والأجمل أن نحاول استعادته بالتفرّج على فيلم الذكريات. فلنتوقف عن الحسرة. ما ذهب لن يعود ولا نريد عودته الآن. هي عوارض الصيف، خزان الذكريات كل عام في مثل هذا الوقت تصحو الذكريات. ما العلاقة بين الصيف والعودة إلى تحليل ما جرى وفرض نفسه أمراً واقعاً وحاضراً بُنيت عليه حيوات أخرى وحقائق ثابتة ثم أصبح ماضياً؟ هذا العالم أوسع من أن يضيق بنا، والخوف من الغد ومن النهاية غباء صافٍ. برغم أن «اللحظات التاريخية» والمصيرية تمطر فوق رؤوسنا، فلنستفد من هدوء الموسم وإجازاته قبل أن تصلنا عواصف المنطقة، عواصف الخارج الذي لا سلطة لنا عليه. لنعانق الصيف. وكل عام وأنتم بخير!
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024