تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

إنه العيد... اجعليه فرصة لتعليم أبنائك معنى الخير

إنه العيد...
اجعليه فرصة لتعليم أبنائك معنى الخير

ينتظر هاني العيد بشوق وفرح. فبعد أيام قليلة ينتهي شهر الصوم، ويكون الاستعداد للعيد على أوجّه. في الأيام الأخيرة من شهر رمضان، تتحوّل فترة ما بعد الإفطار وصلاة العشاء إلى نزهة تسوّق، حيث تغص الشوارع والأسواق بالمتسوقين، ويبدو الجميع سعداء، يحتفلون باقتراب حلول يوم العيد.
وهاني أيضًا فرح وهو يرافق والديه إلى السوق لاختيار ملابس العيد، ويرغب في امتلاك الكثير، يريد ملابس بعدد أيام العيد، غالبًا قد يكون الأهل قادرين على تلبية هذه الرغبة وأحيانًا قد لا يكونون.
وفي أيام العيد تنهال عليه «العيدية» من كل حدب وصوب، والعيدية قد تكون نقودًا أو هدايا، إنها جائزة صومه، وغالبًا ما يتنافس مع إخوته أو أنسبائه ممن هم في سنّه، على مجموع المبلغ الذي حصل عليه، أو الهدايا التي تلقّاها، ولا سيّما إذا كانت الهدية إلكترونية مثل السيارة بالرمونت كونترول أو «آيباد».


ولكن هل يكفي أن يعيش الطفل فرحة العيد من خلال الملابس الجديدة و «العيدية»؟ وهل يكفي أن يلبي الأهل رغبات أبنائهم الذين صاموا تشجيعًا لهم على الصوم الذي هدفه طاعة الله؟

يمكن الأهل استغلال مناسبة العيد لتكريس مفهوم العطاء في شخصية طفلهم، وليؤكدوا له أن العيد ليس ثيابًا جديدة فقط، وفترة لإنفاق النقود وتلقّي العيدية والهدايا، بل هو يوم يجدر التفكير خلاله في الغير وتوطيد العلاقة بالأقارب والأصدقاء، ومساعدة الفقراء ورسم البسمة على شفاه الأطفال المحرومين ولو في شكل متواضع.


أفكار بسيطة تُلزم طفلك بمبدأ الأخذ والعطاء:

1 تسوّق ثياب العيد
عندما يرافق الأبناء أهلهم لتسوّق ملابس العيد، من الجميل أن يقترح الأهل عليهم اختيار ملابس لأحد الأطفال الفقراء، فيختار كل ابن ملابس لطفل يريد إهداءه في العيد. وهذا يعود إلى ميزانية الأهل، فإذا كانت تسمح، هذا أمر رائع، أما إذا لم يكن في مقدورهم، فيمكن كل واحد من الأبناء اختيار قطعة من الزي، مثلاً القميص يشتريه أحمد، والسروال جميل، والحذاء هند... هكذا يحفّز الأهل شعور العطاء عند الأبناء ويجعلونهم يفكّرون بأقرانهم المحرومين ويشعرون بهم، ويتعلّمون معنى مساعدة الآخر وإدخال الفرحة إلى قلبه.
كما يمكن الأهل إذا لم يكن في مقدورهم شراء الملابس، الاقتراح على أبنائهم البحث في ملابسهم القديمة التي لم تعد تناسب مقاسهم، ولا تزال في حالة جيدة وتقديمها الى الأطفال الفقراء. وقد تواجه الأم صعوبة في إقناع طفلها بذلك، خصوصًا أن بعض الأطفال يتمسكون ببعض الملابس، ويرغبون في ارتدائها رغم أنها لم تعد تناسب مقاسهم.
وإذا كان طفلك من هذه الفئة، عليك أن تشرحي له أن لا طائل من الاحتفاظ بها في خزانة الملابس لأنها لم تعد تناسبه، فضلاً عن أنه إذا تبرّع بها لأحد الأطفال الفقراء، فسوف يساهم في إدخال السرور إلى قلبه يوم العيد، وكم جميل أن نجعل إنسانًا سعيدًا.

2 السماح للطفل بمرافقة والده لتوزيع زكاة الفطر
من المعلوم أن زكاة الفطر فريضة دينية لدى المسلمين عند انتهاء شهر رمضان. وغالبًا ما توزّع هذه الزكاة على العائلات الفقيرة أو المستورة. ويكون التوزيع إما ليلة العيد أو قبل صلاة عيد الفطر الأولى.
ومن المهم أن يتعرّف الطفل إلى المعنى الإنساني لهذا الواجب الديني. لذا يمكن الوالد اصطحاب ابنه أثناء تأدية هذه الفريضة. فبذلك يتعلّم أن العطاء هو في صلب العلاقات الإنسانية، وأن هناك الكثير من الناس ليس لديهم ما يتمتع به، فيما هو لا يعرف قيمته نظرًا إلى أنه يشكّل بالنسبة إليه أمرًا عاديًا.

3 مرافقة والده إلى المسجد وأداء صلاة العيد
يستيقظ معظم الأطفال باكرًا لاستقبال يوم العيد، وكلهم حماسة لارتداء ملابسهم الجديدة التي اختاروها. لذا من الجميل أن يشجع الوالد طفله على مرافقته لأداء صلاة العيد، فهذا سيكون من الذكريات التي لن ينساها، خصوصًا أن بعد انتهاء الصلاة والخطبة، جميع من في المسجد يهنئون بعضهم بعضًا، وإن لم يكونوا على معرفة مسبقة. هكذا يتعلم الطفل كيف أن الابتسامة والتحية والتهنئة من الأمور التي توطد العلاقات الإنسانية والاجتماعية.

4 عدم السماح للأبناء بإشعال المفرقعات
يحتفل بعض الأطفال في اليوم الأول من العيد بإشعال المفرقعات، وهذه من الأمور السيئة جدًا، ففضلاً عن أنها تشكل خطرًا على الأطفال، قد تسبب الكثير من الإزعاج للسكان والمارة.
لذا من الضروري أن يمنع الأهل أبناءهم من إشعال المفرقعات، لهذين السببين. ويمكن الأم أن تقترح على طفلها مثلاً الذهاب إلى مدينة الملاهي، وبدل دفع النقود على المفرقعات، يمكن أن يدعو طفلاً ليس في مقدوره الذهاب إلى مدينة الملاهي، وبذلك يكون قام بفعل خير جميل، وأسعد طفلاً فقيراً، واستثمر النقود في شيء نافع يعود عليه بالخير ويكسب رضى الله.

5 التبرّع بقسم من نقود العيدية
من المعلوم أن الطفل يتلقى نقود العيدية من الأجداد والخالات والعمات... وكثر من الأطفال يدخرون هذه النقود لشراء ما يشتهونه من حلوى أو ما يرغبون فيه من ألعاب.
وإذا حصل طفل على مبلغ كبير من نقود العيدية، يمكن الأم الاقتراح عليه تخصيص جزء منها لشراء هدية لطفل فقير أو يتيم لا يوجد من يعطيه عيدية.

6 تعليمه مبدأ التسامح
يمكن الأهل استغلال مناسبة العيد لتعليم الطفل مبدأ التسامح. فإذا كان الطفل قد تشاجر مع أحد أصدقائه وخاصمه، يمكن الأم أن تساعده في إعادة أواصر الصداقة بينهما.
كأن تتحدث إليه عن معنى العيد وكيف أنه مناسبة ننسى فيها أحقادنا وشجاراتنا ونفتح صفحة جديدة مع من تخاصمنا معهم ونسامحهم إذا سبّبوا لنا الأذى، أو نطلب منهم السماح إذا كنا نحن من تسبب بأذيتهم. ثم تسأله عما إذا كان تخاصم مع أحد أصدقائه، وتشجعه على مبادرة الاتصال به وتهنئته بالعيد، ودعوته إلى المنزل والاعتذار منه إذا كان قد أساء إليه، أو يقول له إنه سامحه إذا كان صديقه هو من أخطأ في حقه. ويمكن الأم أن تتصل بوالدة هذا الصديق وتطلب منها القيام بالأمر نفسه مع طفلها قبل أن يحصل الاتصال بينهما.

7 التبرع بإحدى ألعابه
يمكن الأم أن تقترح على طفلها تقديم إحدى ألعابه القديمة والتي لم يعد يلعب بها شرط أن تكون في حالة جيدة، كأن يحملها بنفسه ويتبرّع بها إلى أبناء بوّاب المبنى الذي يسكنون فيه أو إلى ملجأ ويقدّمها إلى أحد الأطفال.
كما يمكن الأم أن تطلب منه أن يضيف إلى لائحة الألعاب التي يرغب فيها، لعبة يودّ تقديمها إلى طفل فقير. ومن الطبيعي أن تكون هذه اللعبة أقل قيمة أو سعرًا من الألعاب الخاصة به، ولكن مجرّد تفكيره في الأمر، هو مؤشر جيّد لأنه أصبح يفكّر بالآخرين.

8 مساعدته في اختيار الألعاب
التنسيق مع الطفل حول كيفية اختيار الهدايا لأشقائه وأجداده، وتعليمه كيف أن من الضروري شراء الهدية المناسبة والتي تبعث السرور في نفس الشخص الذي سيقدّمها إليه.
فمن العبث اختيار هدية لن يستفيد منها، مما يجعل الطفل يفكّر، ويدرك أن ليس من الضروري تقديم هدية غالية الثمن، بل المهم قيمتها المعنوية. وقد يثير هذا الأمر فضوله ويدفعه إلى التحقق مما يرغب فيه إخوته أو جدّه أو ابن عمه، مما يوطّد علاقته بهم.

9 توجيه رسالة شكر
عندما ينال طفلك هدية، اطلبي منه أن يوجّه رسالة شكر إلى الشخص الذي قدّمها له، يعبّر فيها عن سروره بالهدية، ويذكر أنه سوف يعتني بها، وأنه سيلعب بها بمشاركة أصدقائه إذا كانت الهدية لعبة فيديو أو كرة أو سوى ذلك...

10 إهداء أغنية أو قصيدة
اشرحي لطفلك أن ليس من الضروري أن تكون الهدية شيئًا يشتريه من المتجر ويغلّفه بورق جميل، بل يمكن أن تكون قصيدة يكتبها أو أغنية ينشدها، أو حتى يمكنه وإخوته وأبناء عمه تحضير مسرحية يقدّمونها عشية العيد، أو أثناء اجتماع عائلي، أو في حفلة خيرية. وأكدي له أن الجميع سوف يشعرون بالسعادة، لأن المعنى الحقيقي للهدية هو إدخال البهجة إلى قلوب من نحب.

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079