تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

شريف منير: راقصة أو بلطجي، كل السيناريوات توقّفت عند هذا الحد

يعترف بأنه أصيب باكتئاب خلال السنوات الثلاث الأخيرة، ويتحدث عن أسبابه وكيف تجاوزه. النجم شريف منير، شهريار 2015، يكشف لنا أسراره مع مسلسل «ألف ليلة وليلة»، والمختلف عمن سبقوه إلى هذا الدور، كما يتحدث عن سرّ ابتعاده عن السينما، ونظرة المجتمع الظالمة للمرأة، ويكشف أيضاً علاقته بـ«فايسبوك»، والصداقة في حياته، وغيرها من الاعترافات.


- غبت عن الدراما ثلاث سنوات، ثم عدت بـ «ألف ليلة وليلة»، ما الذي حمّسك له؟
كنت بحاجة فنية وإنسانية إلى هذا العمل حتى يخرجني من حالة الاكتئاب التي مررت بها بعد مسلسل «الصفعة» مع المخرج مجدي أبو عميرة، لأنني وقتها لم أشاهد شيئاً مميزاً في الحياة السياسية أو حتى الأعمال الفنية التي كانت تقدم لي، حتى جاءني المخرج رؤوف عبدالعزيز وعرض عليَّ سيناريو «ألف ليلة وليلة»، فرأيته مختلفاً عن كل ما كان يعرض عليَّ، ولذلك قبلته على الفور.

- نجوم كثيرون قدموا من قبل حكايات «ألف ليلة وليلة»، فهل لديكم جديد؟
بالطبع، وإلا لما كنت وافقت على التجربة من الأساس، وقدّم لي المخرج تصوراً متكاملاً للعمل بملابسه وشخصياته وديكوراته، سواء القصر أو كرسي العرش أو المركب الذي سيظهر في الأحداث، فشعرت بمدى تنظيمه واتخذت قراري بالموافقة، لأنه أكد لي أن الديكورات التي شرحها لي حقيقية، ثم تأكدت من ذلك لأننا صوّرنا الحدوتة في أماكنها الحقيقية، ومنها منطقة جبال الأطلس في المغرب.

- وكيف ترى الموضوع في رؤيته الجديدة؟
مختلفاً تماماً وغير تقليدي، لأن القصة ليست مرتبطة فقط بشخصية شهريار التي أقوم بأدائها، أو شهرزاد، إذ إنها مقسمة إلى ثلاثة أقسام، الأول متعلق بشهرزاد وشهريار وعلاقته بالقصر والمملكة، وتركيبته كقائد حربي ونشأته، لأن الأحداث تبدأ وهو طفل صغير وتنتقل إلى مرحلة الشباب وتعكس التغيرات التي طرأت على شخصيته.
أما الجزء الثاني من الحدوتة فيتناول «الحكاية» الأولى التي تقصّها عليه «شهرزاد» في نهاية يومه ويعيش معها، وهذه القصة سيكون لها مردود على العلاقة بينه وبين وشهرزاد وعلى حياته بشكل عام، بينما الجزء الثالث الذي يتكون من 15 حلقة، يتناول قصة جديدة ولها علاقة بالقصتين السابقتين.
و «ألف ليلة وليلة» تعرض صفحة مهمة من التراث تتناقلها الدنيا كلها، لأنها توضح من خلال لياليها الألف شكلاً من أشكال الحكم في التاريخ القديم، وعلاقة شهريار برعيته، ورؤيته للنساء اللواتي كان يذبح كل ليلة إحداهن، فالعمل فيه إسقاطات على البيئة الاجتماعية والسياسية التي عاش فيها العرب قديماً، وهو عمل لا مثيل له في التاريخ الإنساني كله، وأعتبره أهم مسلسل في حياتي.

- هل أخرجك الجو الأسطوري الذي يقدمه «ألف ليلة وليلة» من حالة الاكتئاب؟
نعم، لأنني عشت في أجواء لم أشاهدها من قبل، كما أن الحدوتة مختلفة تماماً عما يقدم الآن، أضف أن عشقي للتراث سهَّل لي قبول العمل والذوبان فيه.

- البعض توقّع أن يرى في «ألف ليلة وليلة» قصصها الشهيرة؟
بالفعل شاهد الجمهور ما يتمناه في خياله، لأن العمل يقدم كوجبة متكاملة، والقصة تمزج بين السياسة والحب والكوميديا والأكشن والخيال، وكل طبقات المجتمع وأعماره أقبلوا على مشاهدته، لأنني كنت واضحاً تماماً مع المخرج بألا يقدم عملاً أقل شأناً من الذي تقدمه هوليوود، فـ «ألف ليلة وليلة» خيالي ولا بد من أن يقدّم في الصورة التي يكوِّنها الجميع في خيالاتهم عنه.

- ألم تشعر بقلق من المقارنة مع نجوم آخرين قدّموا شخصية شهريار؟        
فكرت في الأمر فعلاً، لكن التقنية التي اتبعناها في هذا العمل تختلف تماماً عن آخر تقنية قدمت بها الفكرة، ولذلك المقارنات لن تكون موجودة، وفي رأيي أن المخرج الكبير فهمي عبدالحميد قدّم في تجربته شكلاً معيناً لم يتطور حتى الآن، لكن هنا ومن خلال ديكورات غير مسبوقة، وغرافيك مختلف تماماً، وبحار وجبال، ومعارك لها شكل معيّن، سيشعر الجميع بأنهم في أجواء «ألف ليلة وليلة» فعلاً.

- كيف تبرّر ابتعادك عن الدراما ثلاث سنوات كاملة؟
كنت مكتئباً، ولم أُخفِ هذا عن أحد، بسبب الظروف التي مرّ بها البلد، سواء كانت أمنية أو سياسية أو اقتصادية، وهو ما سبب لي حالة من القلق والتوتر، لم أكن قادراً فيها على قبول أي عمل، إضافة إلى أن الجمهور الذي أحبّه ويعشق فن شريف منير لا يقبل مني أن أقدم أي عمل والسلام، أو أن أكرر دوراً قدّمته من قبل... حتى جاءني «ألف ليلة وليلة».

- كيف ترى عنصرَي الإخراج والإنتاج في هذا العمل؟
بالنسبة إلى المخرج رؤوف عبدالعزيز، أنا أعرفه منذ كان مدير تصوير ماهراً جداً في فيلم «ويغا» مع خالد يوسف، وأنا مرتاح له تماماً، رغم أنها تجربته الإخراجية الأولى، لأن فكره منظّم تماماً ويمتلك رؤية متكاملة للعمل ويشعر بأهميته. أما الإنتاج فأنا أتعامل مع تامر مرسي، وقد جرّبت العمل معه من قبل، وهو منتج سخي ويحب أعماله ويُنفق عليها بلا حدود، لأنه يحب أن يرى العمل الذي قرأه على الورق في أفضل صورة، مثله مثل الفنان المشارك فيه، ولك أن تعلم أن الديكورات والملابس في العمل أنفق عليها الكثير، لدرجة أن ملابسي وحدها قارب ثمنها الثلاثين ألف دولار، لذا أنا مرتاح مع عنصري الإخراج والإنتاج في العمل.

- كيف ترى قضية العرض في موسم رمضان الآن؟
رغم أن كل أعمالي الناجحة، سواء «ليالي الحلمية» أو «المال والبنون» أو غيرهما، عرضت في رمضان، لكنني كنت أطالب بتخصيص مواسم جديدة للدراما، وهو ما حدث خلال العامين الأخيرين، لكن «ألف ليلة وليلة» شهر رمضان، هو أفضل توقيت له.

- قدمت للسينما أفلاماً ناجحة للغاية، ومنها «ولاد العم» و«ويغا» وغيرهما، ما سرّ ابتعادك الآن؟
كما تقول، قدّمت أفلاماً ناجحة لأنها كانت تحمل مضموناً مختلفاً وقضايا حقيقية. أما الآن فالاستسهال يسيطر على السينما، ولا يمكن أن يكون ما يزيد على ثلثي الأفلام التي نقدمها كل عام يدور في بيئة واحدة هي البيئة الشعبية بأسوأ ما فيها، مجرد راقصة أو بلطجي، وكأن كل السيناريوات توقفت عند هذا الحد.
السينما للأسف تمر بوعكة، وهو حال المسرح كذلك، لذا سأظلّ مبتعداً إلى أن يعود للسينما توازنها المفقود وتقدم كل ألوان الفن، أكشن وكوميديا وقصصاً اجتماعية.

- هل معنى هذا أنك تعادي الأفلام الكوميدية؟
من قال هذا؟ لا مانع لديّ من تقديم عشرات الأفلام الكوميدية وأفلام للضحك فقط، لكنّ شرطي أن يقدم كل هذا من دون ابتذال أو إسفاف، كوميديا الموقف، وليس كوميديا «الفارس» التي تعتمد على المؤثرات الخارجية، فجزء من الفن متعة، وأنا ليس لديَّ أي اعتراض.

- كيف ترى النجاح الذي صادف بعض الأفلام الكبيرة خلال العام الأخير، ومنها مثلاً «الجزيرةو«الفيل الأزرق»؟
بشرى خير فعلاً، وتأكيد لمقولتي أن الجمهور ملَّ الإسفاف والابتذال، وأن عبارة «الجمهور عايز كده» كذبة، لأنّ الشباب والمراهقين والكبار كلهم يبحثون عن فن حقيقي، وهم يبحثون عن الضحك على ألّا يكون ذلك في أجواء بذيئة فنياً تؤذي مشاهديها وصنّاعها.

- هل هذه الحالة من الإسفاف موجودة في الدراما؟
للأسف موجودة وبصورة أكبر، وقد شعرت في رمضان الماضي بالاكتئاب من كل التجارب التي تم تقديمها. فالجمل الحوارية في غالبية الأعمال تعدّت حدود الأدب تحت شعار «الصدقية والواقع»، وكأن الأعمال الفنية ينقصها حالة من الابتذال الفني، فالعبارات التي تتردد على ألسنة أبطال العمل يأخذها الشباب والصغار ويرددونها بينهم، ولا بد من مراجعة فنية للمشاهد والجمل التي تقدم من خلال الأعمال الدرامية احتراماً للناس، وتقديراً للفن.
والمصيبة أن ما يحدث في الدراما هو تحوّل، بقدرة قادر، إلى برامج «التوك شو»، التي أصبحت متخصصة في نقل البذاءات والإسفاف إلى الناس، وهي حالة غريبة!

- ما الذي ينقص الدراما حتى تعود إلى حالتها الطبيعية ويلتفّ حولها الجميع؟
لا بد من أن نكون واضحين، فالإنتاج الدرامي أصبح غزيراً، بعدما دخلت كيانات إنتاجية جديدة إلى المجال، والدراما تباع الآن بعشرات الملايين، وهناك طفرة حقيقية في الإنتاج وفي الممثلين، لكن تنقصنا النصوص الجيدة التي تستطيع أن تترجم هذه الطفرة إلى أعمال عظيمة فعلاً، يكون لها صداها في تغيير فكر جيل بكامله وفي تغيير نمط حياته، لا بد من عمل ثورة في النصوص، والبعد عن الاستسهال والابتذال، عندها تعود الدراما إلى سابق عهدها، ولا يشعر المشاهد بأن كل الأعمال متشابهة.

- هل ترى مخططاً لضرب الدراما المصرية؟
أشعر بهذا فعلاً، لأن الدراما المصرية ومنذ ما يزيد على نصف قرن، صناعة متكاملة ينخرط فيها عشرات الآلاف من الفنانين والكتاب والمخرجين والفنيين، وهي دراما مؤثرة تُعرض في أجزاء كثيرة من العالم وفي كل دول العالم العربي ولدى الجاليات العربية في الخارج.
ولذا الغيرة من الدراما المصرية والترصد لها، سواء كان من طريق الدراما التركية، أو الدراما الهندية أو عبر الأعمال المدبلجة أو غيرها، يؤكد وجود مؤامرة لضرب الصناعة، لأنها رائدة، وكل الفنانين المصريين معروفون بالاسم في الخارج، وكما هو الحال في الدراما، كذلك هو في الطرب والتلحين، وهو ما يدعونا إلى اليقظة وتقديم أعمال جيدة.

- هل هناك علاقة بين الفن والسياسة؟
علاقة وثيقة للغاية، والفن له أثره المباشر والقوي في السياسة، كما أن الفن بمفرده قادر على ضبط الأخلاق والتصرفات داخل المجتمع، لأنه يسلط الضوء على الطريق الصحيح والطريق الخاطئ معاً.
ولذا أرفض أن يكتفي العمل الفني بتقديم مشكلة ما وعرضها فقط، ثم يترك حلها للناس، لا بد من أن يعمل الفن على تحسين المستوى الثقافي والأخلاقي للناس، وإذا أمكن أن يقدم موضوعات يحل بها قضايا حقيقية، مثل البطالة أو الأمّية أو مشكلة السكن، فليس هناك أي مانع.

- ما هي معايير اختيارك لأدوارك؟
أن تكون الشخصية التي أقدمها من لحم ودم، وأرى مميزاتها وعيوبها، وأستطيع أن أتعايش معها، وليست هناك مشكلة في أن تكون لها قناعات مختلفة عني، المهم ماذا يفيد تقديمها للناس، وما الذي سيأخذه الناس بعد مشاهدتها، هذا هو المعيار.

- كيف هي علاقتك بمواقع التواصل الاجتماعي؟
علاقة حقيقية، لأنني أدخل على «فايسبوك» وأقوم بنشر أخباري وما يروق لي في أوقات الفراغ، وأراه وسيلة تواصل اجتماعي قوية جداً، وله إيجابيات قد تساعد على النهضة والتطور، كما أن له سلبيات لا بد من التخلص منها.

- ماذا تمثل الصداقة في حياتك؟
الصداقة أساسية في حياة أي شخص، سواء كان فناناً مشهوراً أو شخصاً عادياً، لا بد من أن يكون للإنسان صديق يرتاح إليه ويشاركه همومه ويستفيد برأيه، وأنا لي صداقات داخل الوسط الفني وخارجه.

- وماذا عن المرأة في حياتك؟
ابنتي وزوجتي وأمي وأختي، وأشعر أن غالبية الأعمال الفنية تقدم صوراً سلبية للمرأة مختلفة تماماً عن حقيقتها، لا بد من تقديم صور إيجابية وأن نخرج من دائرة النظر إلى المرأة كسلعة، فحينذاك فقط سنتطور إلى الأفضل.

- هل نحن بحاجة إلى أعمال رومانسية؟
الحب شيء عظيم جداً، وهو الرابط الوحيد بين البشر. لكن للأسف بعض الجرائم التي تحدث في المجتمع الآن تؤكد وجود شرخ في الحب والعلاقات الاجتماعية، غير أن هذا لا يُغني عن الحب والمودة بين الناس. أما القصص الرومانسية، فمن المستحيل أن يتخلى الناس عن رومانسيتهم، لأن الحياة مستمرة، وكل يوم هناك زواج وعاطفة.

- إلى أي مدى أنت سعيد بنجوميتك؟
إلى درجة كبيرة للغاية، فشيء عظيم أن يحبك الناس وينظروا إليك نظرة إيجابية، وينظروا إلى عملك بشيء من الفخر والتقدير، وأسعد عندما يشيد الناس بدور لي ويتذكرون اسمي وهيئتي.

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079