صنبور مياه يتسبب في جريمة قتل!
اتصالات متكررة حاول من خلالها الوصول إلى أي رد يبث في داخله الاطمئنان إلى شقيقته، لكن جميعها انتهت برسالة مسجلة تبلغه بأن الهاتف مغلق، ليثير الأمر الشكوك في نفسه بأن مكروهاً أصابها، من دون أن يخطر في باله أن كارثة في انتظاره عندما يتوجه للاطمئنان اليها.
في حي النزهة في شرق القاهرة، حيث يقيم أبناء الطبقات الراقية، كانت تعيش نجوى، امرأة شارفت على نهاية العقد السابع من عمرها، ورغم ذلك ما زالت تحتفظ بملامح من الحيوية جعلت منها امرأة ارستقراطية وسط سيدات الحي الراقي، وهو ما عزز الثراء الذي كانت تنعم به.
الوحدة
كانت نجوى قد تزوجت رجلاً من عليّة القوم، لكنها لم تنجب فعاشت معه لسنوات بمفردها، لا يجمعهما إلا الحب المتبادل بينهما، لتأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، ويلقى الرجل حتفه في حادث سير، تاركاً المرأة لوحدتها وسط فيلا كبيرة ورثتها عنه، لا يشاركها فيها أحد سوى ذكرياتها.
مرت الأيام ثقيلة على المرأة، حتى تأقلمت مع ملامح الحياة الجديدة، ساعدتها في ذلك زيارات متكررة من شقيقها وأسرته، يأتون اليها ليطمئنوا إليها بين الحين والآخر، أو تذهب هي إليهم للترفيه عن نفسها، إلى جانب عاداتها في التسوق التي كانت تحرص عليها.
غياب مفاجئ
على غير العادة، غابت نجوى عن شقيقها بلا مبرر أو سابق إنذار، فبادر بالسؤال عنها! ربما تكون مريضة وفي حاجة إلى رعاية أو زيارة للاطمئنان، لكنها أيضاً غابت عن الرد على هاتف منزلها، في وقت ظل هاتفها المحمول مغلقاً على مدار اليوم.
توقع الرجل الخير، وظن أن شقيقته ربما تكون ذهبت لزيارة إحدى السيدات اللواتي ترافقهن إلى النادي، ومكثت عندها ليومين كما اعتادت أن تفعل بين الحين والآخر، لكن الغياب طال بلا مبرر مقنع ينجح في نزع الأفكار السيئة التي بدأت تجتاح رأسه بشدة.
بداية القلق
عاود الرجل الاتصال على أمل عودة شقيقته، لكن الأمل بدأ يتبدد وسرعان ما تحول إلى خوف عليها، فاتخذ قراره بالتوجه إليها علّه ينجح في الوصول إلى أي معلومة تبث في داخله الاطمئنان. طرقات عدة على الباب انتظر بعدها الرجل أي إجابة من الداخل بلا فائدة، تذكر هشام نسخة من مفتاح فيلا شقيقته كانت قد منحتها له بعد وفاة زوجها، فأخذ يبحث عنها بين سلسلة مفاتيحه حتى وجدها، وما إن وضعها في الباب حتى كانت مفاجأة في انتظاره في الداخل.
المفاجأة
وجد الرجل مفتاحاً وضع في الباب من الداخل، كما كانت شقيقته تعتاد أن تفعل، الأمر الذي أعجزه عن فتح الباب، لكنه تأكد أن شقيقته في الداخل وأنها تعرضت لمكروه. ورغم أن الرجل في منتصف العقد السابع من عمره، وقد فعل به السن ما فعل، لكن خوفه على شقيقته لم يمنعه من دفع الباب بقوة وكسره ليجد كارثة في انتظاره. كانت نجوى ترقد على الأرض جثة هامدة سابحة في الدماء في حالة تعفن، في الوقت الذي وجد في جوار جثتها سكيناً وبلطة حديدية غطتهما الدماء، في حين اختفى الكثير من متعلقاتها، الأمر الذي أكد أنها كانت ضحية لعملية سرقة.
مسرح الجريمة
لحظات وكان رجال الشرطة يرافقهم رجال النيابة ينتشرون في المكان لمعاينة مسرح الجريمة ونقل الجثة الى المشرحة، مع انتداب أحد الأطباء الشرعيين لتحديد سبب الوفاة الذي كان واضحاً للجميع من المشهد الذي عثر عليه في الفيلا. بعثرة في المحتويات كافة، إلى جانب اختفاء كمية من المشغولات الذهبية الخاصة بالسيدة وهاتفها المحمول، إضافة إلى بعض المقتنيات التي كانت تحتفظ بها... كانت كفيلة بأن تبرر دوافع الجريمة بهدف السرقة، لكن بقيت مشروعية دخول المكان بعدما وجدت جميع النوافذ سليمة، لغزاً صعَّب تحديد الجاني.
المتهم
كادت الجريمة تُقيَّد ضد مجهول، لكنَّ مفتاحاً خاصاً بعمل السباكة عثر عليه رجال المباحث جعل الشكوك تنحصر في سبّاك يدعى محمد أنور (20 سنة)، يتردد على الفيلا بين الحين والآخر لإصلاح أي عطل قد يحدث في صنابير المياه.
إجراءات اتخذها رجال المباحث لاستصدار أمر بضبط المتهم وإحضاره، والذي سقط بدليل جريمته بعدما عثر على هاتف القتيلة في حوزته، لتتوالى المفاجآت بتفتيش مسكنه، فتم العثور على الأشياء التي اختفت من فيلة الضحية.
الاعتراف
أدلى المتهم باعترافات تفصيلية عن جريمته، حيث كانت المجني عليها قد استدعته لإصلاح تسريب مياه في صنبور المطبخ، ولعلمه بثرائها اختمرت في ذهنه فكرة سرقتها، فاستغل وجوده في الفيلا وافتعل انسداداً في ماسورة الصرف عقب انتهائه من إصلاح صنبور المياه، وانصرف بعدما حصل على أتعابه. ظنت السيدة أن السبّاك قد انصرف، لكنه في الحقيقة كان مثل الذئب ينتظر ضحيته بعدما اختبأ في حديقة الفيلا منتظراً اللحظة المناسبة بعدما غرقت الشقة بالمياه عقب انسداد الصرف، فخرجت المسكينة الى الحديقة لاستطلاع الأمر تاركة الباب مفتوحاً في محاولة منها لفعل أي شيء، حتى يأتي السبّاك مرة أخرى قبل أن تغرق الفيلا بالمياه.
فور خروج المجني عليها من الفيلا، أسرع المتهم بالدخول إليها، وفي ثوانٍ معدودة كان في غرفة نومها يبحث عن المشغولات الذهبية والأموال التي تحتفظ بها، إلا أن المسكينة شعرت بحركة غريبة في الداخل، فأسرعت لاستطلاع الأمر لتجد المتهم أمامها، وقبل أن تهمّ بالصراخ، عاجلها بضربة على رأسها أسقطتها مغمياً عليها في الحال، فسدد إليها طعنات عدة ليتأكد من وفاتها، خوفاً من افتضاح أمره.
بعدما روى الجاني تفاصيل جريمته وجهت إليه النيابة تهمة القتل والسرقة وحكمت بحبسه.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024