عشق أوصلهن إلى الشاشات العربية: «الشيفات» من النساء العربيات يسابقن الرجال
موضوعان من مصر والكويت حول المطبخ والتفنُّن في إعداده، والشخصيات التي تساهم في جعله أشهى وأغنى وأفضل، نقدمهما في هذا التحقيق الذي نبدأه بأبرز ما يميز المطبخ المصري الذي يشهد جيلاً جديداً من الطباخين معظمهم من النساء اللواتي بدأن يدخلن المنافسة كـ «شيفات» ويقدمن أفكاراً خاصة بهن في عالم الطهو، ويحققن نجاحات لفتت الأنظار إليهن. وفي الكويت، حيث أكثر الطهاة من الرجال، الذين يصلون إلى الشهرة من خلال التلفزيون، يمكن الإشارة إلى طاهيتين مميزتين فرضتا حضورهما بقوة في عالم المطبخ. فما هي قصص «الشيفات» رجالاً ونساءً في عالم الطهو، وماذا عن العقبات التي واجهت النساء منهن وكيف تغلبن عليها؟
غادة جميل: تخليت عن وظيفتي وراتبي المستقر من أجل الطهو
بعد ثماني سنوات من العمل في مجال التنمية البشرية، قررت غادة جميل التخلي عن وظيفتها وراتبها المستقر، لتتفرغ لبرنامجها «اتفضلوا عندنا» وتنمية موهبتها في الطهو.
تقول: «في البداية جمعت بين عملي كموظفة تنمية موارد بشرية وهوايتي في الطهو وتصوير البرنامج، لكنني بعد فترة وجدت أنني أقدم وصفات سهلة مقارنة بزملائي في القناة، والمشكلة الكبرى التي ظلت تؤرقني فترة أنه يمكنني تقديم وصفات أفضل، لكن وظيفتي ترهقني، فقررت التخلي عنها والتركيز على البرنامج لأحقق نجاحاً في المجال الذي أحبه».
تضيف: «لم أندم على قراري التخلي عن وظيفتي، بل وضعت لنفسي مخططاً زمنياً عمره خمس سنوات حتى أحصد نتاج اجتهادي في مجالي الجديد. وقد مرت سنتان، وها أنا تطورت بشكل كبير في مجال الطهو، وأصبحت أقدم وصفات أكثر تعقيداً، مثل تورتة السلمون المدخّن الحادق، كما أعطي دورات طهو للصغار من عمر 7 إلى 14 عاماً. وفي المرحلة المقبلة سأخصص دورات للفتيات من عمر 14 إلى 22 عاماً، لتكون الوصفات أكثر صعوبة، وحتى لا تعتمد الفتاة المقبلة على الزواج على أمها، لأن غالبية الفتيات لا علاقة لهن بالطهو. وفي نهاية الـخمس سنوات أصل إلى هدفي، وهو افتتاح مطعم كبير أقدم فيه وصفاتي».
موعد غادة مع النجومية جاء بالصدفة عندما علمت بانطلاق أول قناة فضائية مصرية متخصصة في الطهو، فتقدمت على الفور وخضعت لاختبار مبدئي أمام الكاميرا كان بدون تحضير أكلات، ثم اختبار آخر مع تقديم الأكلات، وكان الاختبار النهائي بعد شهرين من التدريب على الوقوف أمام الكاميرا والطهو في آن واحد. تقول غادة: «الوقوف أمام الكاميرا كان اختباراً صعباً للغاية، خاصةً أنني لم أقف أمامها من قبل ولم أظهر حتى ضيفة في أحد البرامج، لكن مع التدريب والإصرار لا يوجد مستحيل».
لم يكن العمل في مجال تنمية الموارد البشرية الحلم الذي كان يراود غادة جميل منذ طفولتها، بل كانت تتمنى أن تعمل في مجال الفن، وتقدمت إلى كلية الفنون الجميلة لكنها رسبت في اختبار القدرات المؤهل لالتحاقها بالكلية: «منذ فشلي في الالتحاق بكلية الفنون الجميلة لاحظت أنني أتفنن في الأكل وتزيينه، خاصة الأكلات الحادقة، لا الحلويات لأنها الأصعب من حيث تزيينها وتلوينها وتقديمها بأشكال مبهجة وجديدة».
تعترف غادة بأنها لا تخطط لحلقاتها، وإنما تبتكر الأكلات أمام الكاميرا، فهي ماهرة في ذلك ولا تحتاج أكلاتها إلى تعديل، على حد قولها، وتتذكر أول يوم تصوير قائلة: «أول حلقة في برنامجي «اتفضلوا عندنا» قدمت فيها شيش طاووق بالسوسيس، وهو طبق من ابتكاري، وفي الحلقة الثانية قدمت الدجاج بالقشطة واللوز.وأكثر ما يميز أكلاتي هو استخدامي الدائم للزبدة، ورغم ذلك يتميز بخفته، لأنني دائما أكسر دسم الوصفات بإضافة ملعقة (لبن) زبادي أو خل».
سالي فؤاد: أضعت عمري في رحلة البحث عن الرشاقة
«سعرات حرارية» كلمتان تخيفان كل امرأة تحرص على رشاقتها، أو كل امرأة تعاني الوزن الزائد. ولم تشذّ عن هذه القاعدة خبيرة التغذية والطهو الصحي سالي فؤاد التي كانت تعاني السمنة وفشل محاولات فقدان الوزن، حتى تخصصت في التغذية والطهو الصحي، فقدمت برنامجاً تضع فيه خبرتها ودراستها في تصرف كل باحثة عن الرشاقة تريد أن تأكل بلا حرمان.
تقول سالي: «أحببت الأكل طوال عمري الذي أضعته في رحلة فقدان الـ 25 كلغ الزائدة عن وزني المثالي، خاصةً أن وصفات الأكل الصحي محدودة إما مسلوقة أو مشوية. وطوال رحلتي الطويلة في التخسيس كنت أبتكر أصنافاً بسعرات حرارية محدودة وطعمها وشكلها جميلان في الوقت نفسه».
تخرجت سالي في كلية الآداب قسم اللغة الألمانية، وعملت في شركات ألمانية، لكن حبها للطهو ظل يراودها، فصورت فيديو لأكلة من صنعها وأرسلته إلى قناة «فتافيت» طالبة الانضمام إلى فريق العمل، فردوا عليها بالموافقة على التعاقد معها، لكن العقد يشترط مكوثها شهراً في دبي كل سنة، وهذا ما قابله زوجها بالرفض.
تضيف: «عندما رفض زوجي شعرت بأن طموحي تحطم والحياة توقفت من حولي، فأصابني الإحباط واستسلمت. وفي إحدى عزومات أهله في منزلنا تحدثت أمام أخته عن التجربة، فقالت لي إنها تعرف مخرجة تبحث عن مقدمة فقرة طهو صحي في برنامج، وبالفعل ظهرت في البرنامج بصحبة طبيب علاج سمنة، ومع مرور الوقت أكد الطبيب أن معلوماتي في التغذية جيدة وأنه يجدر بي تدعيمها بالدراسة لأكون متخصصة، وبناءً على ذلك درست التغذية في ألمانيا».
قدمت سالي فؤاد برنامجها الخاص «حلو وحادق»، والوحيد في الفضائيات المصرية المتخصص في الأكلات الصحية القليلة السعرات الحرارية، والذي من أجله هجرت سالي وظيفتها المستقرة، وتقول: «فضلت التفرغ لهوايتي التي أعشقها، وإلى جانب البرنامج أدرّس الطهو في مدرسة ألمانية».
تختم سالي حديثها مؤكدة أن رسالتها من البرنامج هي تعليم كل امرأة كيف تأكل بشكل صحي وتفقد وزنها الزائد في الوقت نفسه، لافتة إلى أنها تعمل على تطوير شكل برنامجها والرد على أسئلة المشاهدات.
ماغي حبيب: تخرجت من كلية الألسن لكن الميديا هي الحضن الدافئ لي
تخرجت ماغي حبيب من كلية الألسن، ثم درست الديكور وتخصصت في الكتابة عنه في المجلات المصرية، إلا أن عشقها للأكل يدفعها حالياً إلى تحضير الماجستير في علاقة الشعوب والحضارات بالأكل، وذلك بعد تقديمها برنامجها «عيش وملح».
تقول: «عملت محررة صحافية في قسم الديكور في مجلات مصرية عدة، إلا أني كنت أهوى القراءة عن علاقة الأكل بالأنتروبولوجيا، ماذا تأكل الشعوب في مناسبات الأفراح والمآتم؟ وماذا يميز كل شعب عن الآخر في أكله؟ وبناءً عليه أسند إليَّ في مجلة «البيت» المصرية الإشراف على باب «الأكلات»، إضافة إلى تحريري الصحافي في أقسام الديكور الداخلي والخارجي».
وتتابع: «بدأت علاقتي بالكاميرا في قناة «النيل للأسرة والطفل»، وكنت أقدم فقرة عن الأكل والطهو، ومعلومات عن علاقة الشعوب بالأكل. وبعد تقديمي برنامج «عيش وملح» على إحدى الفضائيات المصرية الخاصة لم تتوقف دراستي لعلاقة الأكل بالشعوب، وأفكر جدياً في إنهاء رسالة ماجستير في هذا المجال، لكن ما يؤخرني هو اتخاذ قرار التفرغ لها في الوقت الحالي».
تضيف: «لا أرى نفسي طاهية أو شيفاً، وإنما باحثة أو إعلامية، فهدفي ليس افتتاح مطعم، وإنما تقديم أعمال إعلامية متخصصة في الأكل. ومؤخراً صنعت فيلماً تسجيلياً عن أكلة «الكشري» المصرية. باختصار الميديا هي الحضن الدافئ الذي أجد نفسي فيه».
تعترض ماغي على الاعتقاد السائد بأن أشهر الشيفات رجال، وما يقال بإنهم الأكثر مهارة، وتقول: «الرجل يلمع أسرع في أي مجال لأنه متفرغ، على عكس المرأة التي لديها اهتمامات أخرى، مثل المنزل والأطفال بالإضافة إلى عملها. لكن ذلك لا يعني أن الرجال أكثر مهارة أو ذكاءً، بدليل أن معظم الجيل الجديد من الشيفات فتيات».
نادية سرحان: المصريون يحبون الأكلات المغربية وهذا سر نجاحي
نادية سرحان مغربية مقيمة في مصر، بدأت حياتها المهنية في مجال عرض الأزياء وتصميمها، ثم العمل كموديل في الإعلانات، حتى وصلت عن طريق الصدفة إلى تقديم برنامج «مغربيات» عن الأكلات المغربية.
تقديم برنامج للطهو تجربة شيقة بالنسبة إلى نادية سرحان، ومن طقوس برنامجها أنها تعد الأكلات أكثر من مرة في المنزل لتتدرب عليها، كما تستعين بخبرة والدتها. ومن أول المنغصات في حياة نادية مقارنتها بشيف مغربي، وتقول: «أكثر ما يزعجني أن بعض المغاربة يقارنونني بشيف مخضرم أكبر مني في الخبرة». وتضيف: «المصريون يحبون الأكلات المغربية بشكل عام، وهذا سر نجاح برنامجي».
وسام مسعود: تخليت عن الطب في عيد ميلادي الثلاثين وقررت العمل «شيف»
عيد ميلاده الثلاثون كان نقطة تحول في حياته، فترك مجال طب الدماغ والأعصاب واتجه إلى المطبخ وحول هوايته إلى وظيفة. الشيف وسام مسعود تخرج في كلية الطب - جامعة عين شمس عام 2002، ثم تخصص في مجال الدماغ والأعصاب، وسافر إلى أميركا ليجري أبحاثاً وينال درجات علمية. وعند عودته إلى مصر التحق بشركة أبحاث طبية دولية. لكن حب الطهو كان يسري في عروقه ويغلب على تفكيره، وكان يدرس الطهو بالتوازي مع دراسته للطب، ويقول: «وقعت لمدة ست سنوات تحت ضغط عصبي كبير أصارع فيه حتى لا أخسر مهنتي كطبيب... عيد ميلادي الثلاثون كان الفارق، وقررت أن أعمل ما أحب لأنني لم أحب ما أعمل، فكان القرار صادماً لأمي وأقاربي».
يضيف: «دراستي للطهو وكتبه كانت بالتوازي مع دراستي للطب، وأثناء عملي طبيباً كتبت مقالات نقدية نشرت في مجلات الأكل الأجنبية، وكنت أنشرها في موقعي الإلكتروني. أما حياتي العملية كـ «شيف» فبدأت في مطعم صغير بمنطقة المعادي في القاهرة، استيعابه لا يتعدى 80 فرداً، ثم أصبحت مسؤولاً عن مطعم في منطقة الدقي بمحافظة الجيزة، ثم استشارياً في مطعم آخر. بعدها قررت إنشاء مطعمي الخاص، وعكفت لمدة عام مع شريكي على التحضير له واستكمال تصور ديكوره والجديد من الأطباق التي سنقدمها للزبائن».
وعن تقديم برنامجه الخاص، يقول: «قررنا أنا واثنان من أصدقائي الشيفات خوض تجربة «chef table»، وهي إلغاء قائمة الأكل، وكل من يجلس على طاولة الشيف يأكل الطعام الذي يحضره الشيف حسب اختياره. وبالفعل حازت الفكرة إعجاب كل من شارك فيها من الزبائن، كما استحسنوا الأكلات، وبعدما رفعت الفيديو على الإنترنت فوجئت بأول قناة مصرية متخصصة في الأكل تحدد لي موعد اختبار الكاميرا من أجل تقديم برنامج طهو، وبالفعل اجتزت الاختبار وقدمت برنامجاً اسمه «مطبخ 101».
لم يلتفت وسام مسعود إلى الانتقادات الاجتماعية التي ترى أن الطبيب أفضل في القيمة الاجتماعية من «الشيف»: «أرى أن قيمة الإنسان تكمن في ما يقدمه من عمل صالح وإتقانه لعمله أياً كانت وظيفته».
وعن طموحه يقول: «أتمنى ألا يمر عليً يوم دون اكتساب معلومة جديدة، وأن أنفع جميع الناس بعلمي، فأنا أتابع الآن دورات تدريبية في الطهو، وأتمنى أن تعم الفائدة على الجميع، فكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «خيركم من تعلم العلم وعلمه»».
رانيا الجزار: تركت إدارة الأعمال واتجهت إلى المطبخ
تخرجت رانيا الجزار (39 عامًا) في كلية التجارة قسم إدارة الأعمال، لكنها لم تعمل طويلاً بشهادتها، فبعدما بدأت العمل في قسم التسويق بشركة والدها سرعان ما استجابت لعشقها للمطبخ، وافتتحت مطعمها ليكون متخصصاً في الفطائر بمختلف أنواعها.
تقول: «الطهو بالنسبة إلي ليس هواية وإنما إدمان، فأينما سافرت خارج مصر أبحث عن دورات تدريبية في الطهو، وأشترك فيها لأتعلم الجديد في فنون الطهو».
دخلت رانيا الجزار مجال التلفزيون عن طريق الصدفة البحتة، فقد كانت تتحدث مع المذيعة ريهام السهلي، وهي والدة زميل ابنها، وقالت لها: «أنا أحب الطهو وأريد أن أظهر في التلفزيون».
تضيف رانيا: «بعد يوم واحد من محادثتي الهاتفية مع ريهام السهلي، اتصلت بي معدة من برنامج «ساعة مع شريف» لتخبرني بأني ضيفة معه غداً في فقرة المطبخ. فكرت في الاعتذار، لكن قررت ألا أخذل ريهام السهلي التي توسطت من أجلي، فظهرت مع شريف وقدمت فقرة ناجحة، واستمررت في الظهور معه لمدة عام، حتى قدمت برنامجي الخاص «نص مشكل» عن طريق الصدفة أيضاً».
وتتابع: «كنت في مطعم شهير، وكانت تجلس بجواري منى الشاذلي وعدد من الصديقات اللواتي أكدن لي براعتي في الطهو، فعرفتني على زوجها سمير يوسف رئيس مجموعة قنوات CBC، وأخبرني بأنهم في صدد إنشاء قناة متخصصة في الطهو، وحدد لي موعد اختبار الكاميرا».
تضحك رانيا الجزار وتؤكد أن التحديات في بداية تصوير البرنامج كانت كوميدية، قائلةً: «اعتدت على تقديم البرنامج بمشاركة شريف مدكور، فكانت الأزمة أني غير معتادة على قول المقدمة بمفردي، فكان أفراد من فريق العمل يمسكون لي ورقة كبيرة عليها المقدمة خلف الكاميرا. كما كنت أعاني من أنني أحب الطهو في صمت، وبالتالي كانت تظهر ملامحي عابسة، ومع التدرّب والتكرار اعتدت على الأمر. وخصصت جزءاً من برنامجي لاستضافة عشاق الطهو من النساء، أيا كان مستواهن الثقافي أو الاجتماعي، فأنا أرى أن المرأة موهوبة بطبعها وفي انتظار فرصة لتكشف النقاب عنها، أياً كان مجال موهبتها».
نوف البلهان: دخلت مجال الطهو عناداً!
بدأت الشيف نوف البلهان مسيرتها في عالم الطهو منذ كانت في العاشرة من عمرها، على يد جدّتها وزوجات أبيها ووالدتها، لكنها اختارت أن تكون شيفاً من باب الفضول وكنوع من العناد والتحدي، وتضيف: «الممنوع مرغوب. هذا باختصار سر توجهي إلى عالم الطهو، فنحن في مجتمع خليجي تحكمه قوانينه الخاصة بحيث كانوا في السابق يعتبرون عمل المرأة خارج المنزل أمراً معيباً وعاراً عليها، ما دفعني الى دخول هذا المجال، بالإضافة إلى أن لدي ثلاث أمهات يتفنن في الطبخ بإشراف جدّتي، لأننا كنا نعيش معاً في بيت كبير وكل واحدة كانت تبدع بطريقتها، فاستقيت منهن هوايتي التي نمّيتها وطورتها بالتدريب من خلال عملي في الفنادق، ومن ثم التحقت بالدورات التدريبية في أميركا»... لافتة إلى أنها اشتهرت في بداياتها بإجادة الطبخات الكويتية والمعجنات والحلويات، وتعتبرها من أفضل أطباقها، بالإضافة إلى الأكلات الهندية.
وترى البلهان «أن من الممكن أن يقدم أي شيف برنامجاً أو يفتتح مطعماً، إنما بشرط أن يكون لديه حس الابتكار ويمتلك من الأفكار الكثير مما يؤهله لمنافسة غيره»، مسدية نصيحتها الى كل من يريد تعلم فن الطهو «بأن يكون لديه أحساس بالطبخة، كما لا بد من أن يكون شخصاً مطلعاً ذا ثقافة عالية ويتسم بحسن الإدارة». وتؤكد: «مهنة الشيف حالها حال جميع المهن، وخصوصاً الطب، فهي في تطور دائم ولا تقف عند حد معين، بل تحتاج الى ثقافة واطلاع، ونصحيتي لكل شيف: لا تقف عند تخصص معين أو مطبخ معين. كن دائم الاطلاع على كل ما هو جديد».
سامي الشريدة: ليس كل شيف يصلح مقدم برامج أو صاحب مطعم
يرى الشيف سامي الشريدة «أن ليس كل شيف مؤهلاً لأن يقدم برنامجاً أو يفتتح مطعماً، لكون هذا الشيء يتطلب مهارة عالية، ناهيك عن الكاريزما والحضور على الشاشة، فمن الممكن أن يكون طباخاً ماهراً، لكنه لا يستطيع توصيل المعلومة الى المشاهد أو هو غير قادر على تقديم شرح وافٍ»، لافتاً إلى «أنه دخل هذا المجال وعمره حوالى 17 سنة وكان الطهو هواية بالنسبة اليه، وتحدياً بين أصدقائه حيث كان يعشق إعداد الأكلات، وأن حبه للطبخ منذ الصغر جعله يتحدّى أصدقاءه الشبان خلال طلعات البر والرحلات فكان ينافسهم في إعداد الأكلات الكويتية والخليجية. وتطور الأمر حتى بات من مشاهير الطهاة في دولة الكويت».
وأوضح الشريدة «أنه لم يخضع لدورات تدريبية ولم يدرس فن الطهو أكاديمياً، لكنه ثقّف نفسه بنفسه من خلال اطلاعه وقراءته لحوالى 200 كتاب تتناول فن الطبخ بعيداً من طرق التحضير والمقادير»، مؤكداً: «نعم ثقّفت نفسي بنفسي وطورت أدواتي، فأنا دائم الاطلاع».
وبيّن الشريدة أن حبه الطبخ جعله يتعرف خلال سفراته الى الخارج على المطابخ العالمية، ويلتقي عدداً من الشيف العالميين لتبادل الخبرات واكتساب مهارات جديدة في فن الطبخ.
وعن أقرب أطباقه الى قلبه يقول: «ليس لدي طبق معين، فأنا أجيد كل الطبخات حالي كحال الشاعر أو الملحن، أُحسن كل طبخة قبل إعدادها وطهوها»، مقدماً نصيحته الى كل من يرغب في تعلم فن الطهو بأن يحب هذه المهنة ويخلص لها لكي يبدع فيها.
واختتم الشريدة بأن شهرة الرجل التي اكتسبها في هذا المجال تفوق شهرة المرأة، نظراً إلى استعداد الرجل لتحمل مشقات العمل والذي يتطلب أحياناً بقاءه في المطعم أو مطابخ الفنادق ساعات طويلة، ما لا تقوى المرأة على تحمّله.
سليمان القصار: الطبخ هوايتي قبل الغناء
أما سليمان القصار فقصته مختلفة عن غيره من الطهاة المعروفين، فهو من نجوم الفن الشعبي ومن أشهر مطربي الأفراح والأعراس في الخليج، لكنه بعد سنوات طويلة من اشتغاله بالغناء كشف عن موهبة مختلفة تماماً وتدخل في مجال آخر ألا وهو فن الطهو. قدم القصار ثلاثة أجزاء من برنامج «نكهة وبهار» حققت نجاحاً كبيراً على تلفزيون الكويت، ويقول: «الطبخ هوايتي الثانية بعد الغناء، ورغم تأخري في تقديم برنامج الطبخ، لكنني سعيد بنجاح هذه التجربة»، مشيراً إلى «أنه لم يقدم البرامج التلفزيونية إلا بعد وفاة والده، الذي كان يمنعه من الظهور على الشاشة كشيف لأنه معروف كمطرب»، لافتاً إلى «أنه يفضل الأكلات الكويتية القديمة، خصوصاً أن دول الخليج تشهد تنوعاً كبيراً في أكلاتها وطبخاتها، ولكل بيت طريقته في تحضير الطعام».
عادلة الشرهان: جدّتي فاطمة سر احترافي الطهو
تربّت الشيف عادلة الشرهان في بيت محب للطبخ حيث إنها تعلمت فنون الطهو على يد جدّتها فاطمة وعمّتها وجدّها، فكانت تجلس معهم في حديقة البيت وتطبخ تحت الشجرة مثلما كانت تفضل جدّتها وكان عمرها آنذاك خمسة أعوام. عشقت هذا المجال منذ صغرها وتمنت أن تصبح شيفاً مشهورة، دعّمت هوايتها هذه بالدراسة حوالى 20 سنة قضتها بين أميركا ولندن، ولم تقتصر دراستها على طرق إعداد الأكلات فحسب، بل درست طريقة تأثير البيئة في طرق وأساليب طعام الإنسان، بالإضافة إلى الكيمياء العضوية للطعام لكونها مؤمنة بأن كل ذلك يدور في حلقة واحدة مكمّلة لفن الطهو.
وتعترف الشرهان بعشقها لبهارات جدّتها التي اشتهرت بها وطريقة إعداد الطبخات الكويتية القديمة بعدما ابتكرت وصفاتها الخاصة.
وترى عادلة أن الطعام بالنسبة اليها يجب أن يلهم الروح ويثير تلك الذكريات البعيدة واللحظات الجميلة، فتقول: «تجهيز الطعام عبارة عن تقاسم الأمر مع الأحباء والأصدقاء أو حتى الغرباء. فجميل جداً أن نغامر ونجرّب نكهات وأكلات من ثقافات أخرى ونتعامل مع شخصيات مختلفة».
الجدير ذكره أن عادلة الشرهان حائزة شهادة «كوردون بلو» وشهادة البكالوريوس في علم النفس وعلم البيئة والتغذية، وتستخدم خلاصة تعليمها في العديد من أدوارها، وتحديداً في عملها مديرة شركة أومامي الاستشارية ومدرسة أومامي الغذائية. فبدورها كاستشارية غذائية، أجرت عادلة العديد من البحوث حول طرق إعداد الطعام واتباع نظام غذائي شامل ومخصص لطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة. ونتيجة خبرتها الواسعة وحبها لمجال التغذية والطبخ، حازت العديد من الإنجازات في عالم الطهو الإقليمي والعالمي، وقد استخدمت تجاربها الهائلة في تقديم الاستشارات الى الكثير من المطاعم الناجحة.
وترى أن النساء في هذا المجال أفضل بكثير من الرجال الذين يفوقونهن شهرة لكونهم يستطيعون تحمل مشاق العمل لساعات طويلة على عكس النساء. وهنا شاركت البلهان وجهة نظرها، مشيرة إلى أنه لا يصح أن يصبح أي شيف مقدم برنامج إلا اذا كانت لديه مواصفات معينه كاللباقة والثقافة... مؤكدة أن حب العمل والصدقية والتطوير هي سر نجاح أي طبّاخ.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024