الليلة الأولى... مشاعر متضاربة للعروسين
تنتاب العروسان ليلة الزفاف مشاعر متضاربة من الخوف والقلق والسعادة، وتختلف هذه المشاعر بين الطرفين في معناها مهما كانت درجة الحب والتعارف بينهما، فالعريس يخاف ويقلق من الإخفاق في هذا اليوم المصيري لأنه يعتبره طريقته لإثبات رجولته أمام زوجته.
يعتقد الكثيرون أن أداء الرجل في الليلة الأولى من الزواج سيحدّد علاقته مع زوجته في المستقبل، فتسيطر عليهم تلك الفكرة ويفشلون من شدة الحرص والتوتّر، أو حين يجدون أقل رفض من الزوجة.
أما العروس فتختلف مشاعرها في ذلك اليوم، فمنهن من تصيبها حالة من الرعب مما تسمع من النساء، خاصة حين تطلب منهن معلومات عن هذه الليلة وما يجري فيها، فتصاب بحالة من الارتباك.
وأخريات يهبن الوجود مع شخص «غريب»... ثمة الكثير من المعتقدات والمفاهيم منها الخطأ ومنها الصواب في ما يخص ليلة الزفاف الأولى.
«لها» التقت مجموعة من الأزواج الذين خاضوا هذه التجربة، وآخرين مقبلين عليها، فكان هذا التحقيق.
ميساء: الحبوب المنوّمة هي الحل الأمثل للعروسة في هذه الليلة
«خوفي من هذه الليلة هو أحد أسباب تأخر زواجي!». هذا ما بدأت به حديثها ميساء البالغة من العمر 30 عاماً، وتضيف: «منذ الصغر وأنا أشاهد العادات التي تتبعها أسرتي في كل زواج يخص العائلة، ولم أكن أفهم معنى الأمر، وحين كنت أسال والدتي عن الاحتفال الذي يحصل حين رؤية مفرش سرير العروس وفي وسطه بقعة من الدم، كانت تخبرني بأنني صغيرة ولن أتمكن من استيعاب أي من هذه الأمور».
ولم تقتصر هذه المسألة على ذلك، فحين بلوغ ميساء 18 عاماً كانت تستطيع تمييز هذه الأمور، وكانت تنصت إلى محادثات النساء عن ليلة الدخلة، وكيف تعطي كل سيدة متزوجة نصيحتها لأي عروس مقبلة على الزواج، ووصف ما في هذه الليلة من آلام وأوجاع وقلق، فتزداد لديها الوساوس والخوف من هذه الليلة.
وفي كل مرة كانت توافق على عريس متقدم لها، تتراجع لاحقاً خوفاً من هذه الليلة. حتى قرّرت إنهاء فيلم الرعب الذي سكن خيالها والموافقة على الزواج وخوض هذه التجربة ولكن بشرط، فتقول: «قررت أن أتناول حبوباً منومة في هذه الليلة حتى لا أتذكر أي أمر يحصل حين أستيقظ».
هتان: تأخرت ليلة الدخلة شهراً وانتهت بكارثة
«لم أتصور أن تستمر معاناتي مع ليلة الدخلة سوى أيام، ولكن خوف زوجتي جعلني أصبر لمدة شهر، والنتيجة كانت مأساة لكلينا.
حين رؤيتي دموع زوجتي وتوسلاتها بتأخير ليلة الدخلة لم أكن أتصور أن أصبر أكثر من أيام، ولكن في كل محاولة كنت أتراجع لأن جميع محاولاتي لإقناعها باءت بالفشل، حتى نفد صبري مع اكتمال شهر على زواجنا، وهنا كانت الكارثة».
يومها انقض عليها كالوحش- بحسب تعبيره - ولم توقفه توسلاتها بعد مرور كل تلك الفترة، ولم يكن يتصور أن ينتج خلاف بينهما ويستمر أكثر من شهرين.
ذهبت العروس إلى منزل أسرتها بحجة أن خلافاً نشب بينهما، لأنها أقنعت جميع أفراد أسرتها بأن «ليلة الدخلة» تكللت بالنجاح في أول يوم.
أهلها رفضوا في بداية الأمر الاستماع، ولكن تدخل والدة هتان في الموضوع أوضح الأمور وأزال الخلاف، والآن يعيش الزوجان في سعادة.
عبير: رفضي اقترابه مني سبّب له أزمة
«استنجدت بالطبيب في ليلة زفافي بسبب ما حلّ بزوجي بعد رفضي اقترابه مني»، هكذا بدأت روايتها عبير قبل أن تضيف: «تزوجنا بعد قصة حب، ولم يكن يتصور أن أرفض اقترابه مني بعد زواجنا، وخاصة في ليلة الزفاف بعد أن جمعتنا غرفة واحدة، وليلة يفترض أن تدوم ذكرى جميلة لمدى العمر.
رفضي له سبّب له ارتفاعاً في ضغط الدم، وضيقاً في التنفس، مما استدعى طلب الطبيب إلى غرفتنا في الفندق للكشف عليه، وحضر عمي الذي كان يقطن إحدى غرف الفندق حين ذاع الخبر عن وجود طبيب في غرفة العروسين».
وأوضحت عبير: «كنت أرى في نظرات من حولي فهمهم للموضوع بشكل خاطئ، فهم يحسبون أن الطبيب حضر إلى جناح العرسان بسبب العروسة وما حل بها، ولم يكونوا يتصورون أن الطبيب حضر بسبب أزمة حصلت للعريس.
ومع أن حجزنا في الفندق كان ليومين، تركنا الفندق في صباح اليوم الثاني، وانتقلنا إلى منزلنا، بعد أن أخذت نصيحة عمي بالعودة إلى المنزل منعاً لحدوث أي فوضى أخرى، وتمكنت من أخذ وقت كافٍ للتعوّد على وجوده بقربي واقترابه مني».
أم راكان: تمكنت من الصمود 12 يوماً بالاحتيال عليه
تختلف قصة أم راكان عن سابقاتها فحدثتنا قائلة: «كنت أعرف زوجي قبل الزواج، ولكن معرفتي وحبي له لم يمنعاني من الاحتيال عليه لمدة 12 يوماً، فحين صرنا في منزلنا وحدنا، شعرت بأنني لا أعرفه وكأنني أراه للمرة الاولى.
كنت مرتبكة جداً، لدرجة أنني خرجت لتناول كأس من الماء من المطبخ، ولم أتمكن من العودة إلى غرفة النوم، وكان أكبر هواجسي الآلام التي وصفتها لي الصديقات».
تتذكر هذه الليلة وتحكي:» في أول يوم تمكّن من تهدئتي حين وضع يده على رأسي وبدأ بقراءة الدعاء، وبعد صلاة الفجر، قام بأولى المحاولات فانهرت بالبكاء، وهدّأني بقوله إنه لن يقوم بأي شي، وطلبت منه الذهاب إلى منزل أسرتي لرؤية والدتي، فوعدني بأن نذهب في اليوم التالي.
وبالفعل حين استيقاظنا ذهبنا إلى منزل أسرته وبعدها أسرتي، وكان كل تفكيري مشغولاً بعودتنا إلى المنزل.
فكرت في الاحتيال عليه لأتمكن من كسب الوقت، فطلبت منه الذهاب إلى أعز صديقة لي، وكان لدي عذر بإحضارها إلى منزلنا حتى تتمكن من مساعدتي في ترتيب حقيبة السفر لشهر العسل، وعادت معي وساعدتني ونامت في منزلنا، وهو خرج إلى غرفة أخرى للنوم، ومرّ اليوم الثاني بسلام.
وفي اليوم الثالث كان حجزنا في الفندق للبقاء هناك يوم قبل السفر، وكان عذري بأنني لن أتمكن من أخذ راحتي، ووصفت له شعوري بأن كل من حولنا يمكنه سماعنا، ورضخ لطلبي.
وفي اليوم الرابع سافرنا لتمضية شهر العسل وبما أن الرحلة طويلة كان عذري التعب، وفي كل يوم نتمشى ونعود متعبين للنوم، إلى أن وصلنا إلى اليوم الـ 13 وأخبرني بأنه لن يقوم بشيء، وتمكن من تهدئتي وأنهى الأمر.
صحيح أني لم أشعر بالكثير من الألم كما سمعت، ولكن بعدها صعبت علي نفسي، واستمر بكائي ليومين وأصبحت انطوائية، وكان سبب توتري كل تلك الفترة سؤال والدتي في كل يوم عن الأمر، وأحسست لأنه أوهم أصدقاءه وأسرته بأنه انتهى في أول الأيام، وبعدها شعرت بالندم على كل ما فعلته به طوال هذه الأيام».
عاصم: كلام أصدقائي بإنهاء الأمر في الليلة الأولى أثّر عليّ بشكل سيئ
«إصراري على النجاح في ليلة الدخلة وفي اليوم الأول من الزفاف سبب نفور زوجتي، فقد تأثرت بكلام أصدقائي لإنهاء ليلتي الأولى، وجميع محاولاتي باءت بالفشل، ولم تترك سوى التهابات وتورم ونفور من زوجتي، مما اضطرها لمراجعة الطبيب». كانت هذه تجربة عاصم في ليلة زفافه الأولى التي باءت بالفشل بسبب معتقدات خاطئة أثرت على قراره.
يقول عاصم: «بسبب قلة خبرتي لم أعرف التعامل مع العروس في ليلتنا الأولى، ولكن هذه التجربة التي لا يمكنني نسيانها بقيت الذكرى السيئة لأفضل يوم في حياتي، وأصبحت حين ينصح الشباب العرسان المقبلين على الزواج بإنهاء الأمر في اليوم الأول، أحاول أن أذكر قصتي لهم حتى لا تجرفهم أهواء أثبات الرجولة بالشكل الخطأ».
الرأي النفسي: كثير من حالات الطلاق تكون نتيجة للعنف المصاحب لـ «ليلة الدخلة»
أوضحت الاختصاصية النفسية الدكتورة سارة الخضري أن ليلة الزفاف أو «الدخلة» هي البداية الفعلية للحياة الزوجية، وفيها يتم غالبا أول اتصال جنسي بين الزوج وزوجته، ومن المفترض أن تتم هذه العلاقة بشكل عادي وهادئ، وهو ما يحدث عندما يكون المجتمع ناضجاً وواعياً.
تقول: «تعتبر ليلة الزفاف في مجتمعاتنا ليلة طويلة ومرهقة ومتعبة، بسبب تلك العادات والتقاليد التي لا تمت إلى الإسلام بصلة، والتي ليس وراءها إلا المظاهر الفارغة والتباهي.
حين يختلي العروسان يكون قد نال التعب منهما، لذا فإن أفضل شيء يقومان به هو الراحة والحديث والمداعبات الخفيفة ومن ثم الخلود إلى نوم مريح في أحضان بعضهما البعض، ومن العبث ممارسة العلاقة الحميمة لأول مرة بين الزوجين في ظل الإرهاق والتعب لكي لا يؤدي الأمر إلى عواقب سيئة».
وأشارت الخضري إلى أن «ديننا الحنيف حضّنا على الرفق في كل شي ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم قدوتنا بذلك اذ ثبت عنه انه قال «ضع يدك على جبهة زوجتك وقل: (اللهم أني أسألك من خيرها وخير ما جلبتها عليه وأعوذ بالله من شرها وشر ما جلبتها عليه)، ثم أطبع قبلة على رأسها ويدها اليمنى».
ولكن الذي يحصل لبعض من لا يفهم ديننا الحنيف، ممارسة الجماع في هذه الليلة بطريقة عنيفة أقرب إلى الوحشية، وتكون نتيجتها صدمة للعروس، وكرهاً للجماع لوقت طويل، وعدم الرضاء بالزواج، علماً أن كثيراً من حالات الطلاق كانت نتيجة للعنف في ليلة الدخلة».
وأوضحت أن ليلة الدخلة غالبا ما تكون مبهمة للغالبية العظمى بسبب الخجل وعدم العلم بأهميتها. وللأهل دور مهم في تقديم النصيحة والمشورة، وتهدئة العروسين، وعدم استعجالهما تمضية هذه الليلة حسب العرف والتقاليد التي يشدّد عليها البعض.
وتؤكد الخضري أن العلاقة الحميمة من أركان الزواج ، ولكن عند فشل الزوج في أول ليلة، يكون المجتمع والعادات والتقاليد من الأسباب الرئيسية لإحباط الزوج، والرأي النفسي الأصوب هو أن يتجاهل الفشل ولا يتحدث عنه لأحد وأخذ الوقت والراحة الكافية لمحاولة أخرى.
وشدّدت على أهمية المداعبة والملاطفة قبل الجماع لما فيها من تهيئة جسدية وعقلية لعملية الجماع.
وقالت: «لممارسة الرجل علاقة حميمة قبل الزواج ومشاهدة الأفلام الإباحية الكثير من الآثار السلبية على علاقته الزوجية، وتكون نتيجتها حزينة ومتوقعة، بل من أهم أسباب الطلاق. فالزوج يريد أن تكون الليلة أشبه بما يراه ويشاهده في الأفلام التي يداوم على مشاهدتها قبل الزواج، مما يعطيه شعوراً بعدم الرضا».
17% من الشباب في مصر والسعودية فشلوا في إتمام ليلة الدخلة في اليوم الأول
تفيد مجلة «المشاكل الجنسية الدولية» بأن دراسة أجريت في عدد من البلدان العربية من بينها مصر والسعودية، بيّنت أن 17 في المئة من الشباب فشلوا في إتمام ليلة الدخلة في اليوم الأول لعدة أسباب منها:
1 الثقافة الجنسية الخاطئة عند الزوجين، وأهم ما يخصّ الزوج فقدانه للثقة بنفسه وشكّه بقدرته على القيام بواجبه بالعلاقة الجنسية على أكمل وجه، وإحساسه بالفشل، وعدم درايته بأن العلاقة الجنسية يجب أن تتخللها العاطفة، فهي ليست فرضاً يجب أن ينفذ بل إحساس متبادل.
2 الإرهاق البدني والفكري والنفسي الذي يعانيه العروسان من جراء ترتيبات حفلة الزفاف.
3 عدم تعاون العروس والخوف الذي يصاحبها يجعلها متوترة ولا تتقبل الأمر وترفضه، فتكون مشدودة الأعصاب مما قد تسمعه عن الآلام التي تحصل في هذه الليلة.
4 العادات والمفاهيم الاجتماعية الخاطئة في تدخل أهل العروسين في أمورهما الشخصية، والتأكد من انتهاء المهمة، وشعور العروسين بأنهما مراقَبان.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024