لا يعجبه العجب ويتذمّر من كل هداياه
بعد تمزيق الورقة الملونة وفتح العلبة، ينظر طفلك إلى الهدية، ويكشّر بفمه ويرمي الهدية بعيداً… لأنها لم تعجبه بكل بساطة. لماذا؟ هل يتوقع شيئاً آخر أو أفضل أو أكبر؟ ولماذا هذا التأفف الدائم؟ إليك التفاصيل…
توقّع هدايا أكثر
لا مشكلة أبداً في نوع الهدية، وإنما المشكلة في حجمها أو كميتها. فحين يرى الطفل أهله يشترون الأغراض بكميات كبيرة، يتوقع أن تكون كمية هداياه كبيرة أيضاً بدورها. ثمة احتمال آخر وهو أن الطفل يعاني من نقص عاطفي (نقص في الحنان أو نقص في حضور الأهل…) ويرى الهدايا بمثابة تعويض عن ذلك النقص.
في هذه الحالة، يجب تذكير الطفل بأنه لا قيمة أبداً لعدد الهدايا أو حجمها. فالهدية قد تكون صغيرة جداً، أو حتى غير ملموسة (مثل دعوة لحضور مسرحية أو فيلم سينما، أو تمضية عطلة نهاية الأسبوع في الجبل أو على شاطئ البحر…).
ولا بد من طمأنة الطفل بأن حب الأهل موجود دائماً ولا يتبدل. هكذا، يمكن للرواية الصغيرة جداً والسخيفة جداً أن تصبح رواية عظيمة ومهمة إذا قرأتها له أمه، مثلاً، بحنان وعاطفة.
الإحساس بالغبن أو الظلم
حصل أخوه أو أخته على هدية أكبر من هديته، فيشعر الطفل بأنه مظلوم جداً وأن العدالة لا تسود في العائلة. يملك الطفل مفهوماً حاداً جداً للشرّ والخير، للجيد والسيئ، للعدالة والظلم. لذا، يمكن لأي انحياز بسيط من الأهل، سواء كان مقصوداً أو غير مقصود، أن يولّد إحساساً بالظلم عند الطفل.
يقول علماء النفس إن الأطفال يقارنون دوماً أنفسهم بالآخرين ويقارنون الأمور ببعضها. قد يشعرون بالغيرة، وهذا إحساس يصعب تبديده بالمنطق.
ويطوّر كل طفل مشاعره حسب حقيقة الروابط العائلية التي تكون معقدة في أغلب الأحيان. لذا، يستحسن تعليم الطفل التعبير عما يختلجه من مشاعر وإبداء رأيه، والتأكيد له في المقابل أنه مميز في مجالات أخرى.
فالمجموع هو المهم، وعلى كل فرد في العائلة أن يسعى إلى تحقيق العدالة والإنصاف، حتى لو حصلت إخفاقات.
عدم الإكتراث
إذا بات الطفل معتاداً على تلقي الهدايا في كل المناسبات، أو حتى من دون وجود مناسبة، لن يقدّر حتماً قيمة الهدية أو أهميتها. فلكي يدرك الطفل قيمة الهدية وأهميتها، لا بد أن يفاجأ بها.
وإذا كان عيد ميلاده مناسبة ليتلقى الكثير من الهدايا، تضعف قدرته على الابتهاج بها. وفي بعض الأحيان، يلجأ الأهل إلى إغراق الطفل بالهدايا لنيل رضاه، كما لو أنهم يريدون منه أن يسامحهم على تقصير معين تجاهه.
لمعالجة هذه المشكلة، يجب أن يتوقف دفق الهدايا على مدار السنة. فالانتظار، لا بل النقص، يزيد الرغبة والحماسة. ولا بد أيضاً من تقسيم الهدايا وتجزئتها. فبدل تقديم سلسلة كاملة من كتب التلوين مثلاً، يمكن تقديم كتابين فقط هذه المرة، وكتابين آخرين في مناسبة أخرى لاحقاً.
عدم تلبية الرغبة
ليست هذه الهدية التي كان ينتظرها! يكتفي الطفل بفتح الهدية وتمتمة كلمة «شكراً» ليرميها من ثم بعيداً. ماذا حصل؟ كان الطفل يتوقع شيئاً مختلفاً تماماً عن الهدية التي تلقاها وها هو الآن خائب الأمل لأن الهدية لم تكن مثلما توقع.
قد يكون هناك فارق بين سنّ الطفل وطبيعة الهدية. فقد تكون الهدية «طفولية» جداً لأن الأهل يرفضون أن يكبر صغيرهم في عيونهم. وقد تكون الهدية «ناضجة» جداً لأن الأهل يريدون جعل صغيرهم مستقلاً وكبيراً بسرعة.
ينصح علماء النفس بعدم جعل الهدية رمزاً لأحاسيسنا أو طموحاتنا. وبدل إنكار خيبة أمل الطفل أو تجاهلها، نوضح له أننا آسفون لعدم اختيار الهدية المناسبة، ونطمئنه بأننا سنعوّض له في أقرب مناسبة.
فعيد ميلاده، مثلاً، بات على الأبواب وسيحصل على شيء أفضل. من المهم أيضاً أن يشعر الطفل بأن أهله فهموا احتياجاته، وبأنهم ليسوا معصومين عن الخطأ.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024