أصل الحكاية المشبك Brooch أو «البروش»
يبرز السؤال فجأة: لماذا؟ ثم يدفعنا فضولنا إلى تذكر أسئلة ال«كيف؟» وال«متى؟» و«ما هي القصة الأصلية؟» أشياء تعيش معنا ونعيش معها، أشياء قد نحتاج إليها ونتعامل معها كأنها وجدت قبلنا وكأنها بلا تاريخ ثم نتبّه فجأة إلى أننا نجهل عنها بداياتها، وجودها الأول. يرصّع المشبك فستانك أو سترتك وكأنه رفيق تجهلين ماضيه الجميل رغم أن له تأثير إيجابي على إطلالتك. الصديق الحقيقي يصعب إيجاده وتركه، ونسيان هذه التفاصيل عنه ...
مشبك الفلامنغو - فرنسا (1940)
كانت دوقة ويندسور ووليس سمبسون، المرأة التي أسرت الملك البريطاني إدوارد الثامن، ترصّع أزياءها بمشبك الفلامنغو Flamingo من دار Cartier. وهو إحدى أشهر قطع المجوهرات في القرن العشرين، بهيئة طير نحام ملوّن يثني إحدى ساقيْه المرصعتيْن بالألماس الذي يمتدّ بريقه حتى عنقه بينما منقاره يتميّز بالسيترين الأصفر Citrine. وتتفجّر الألوان الفاخرة من ريشه، الزمرّد الأخضر والروبي المضيء والصفير الأزرق Sapphire. وقد شبك هذا الطير في ذاكرة المجوهرات عام 1940. ذهب دوق ويندسور في هذا العام إلى كارتييه للقاء المسؤولة لدى الدار جان توسان مطالباً إياها بتصميم مشبك يبهر زوجته. وقد نالت الأخيرة المشبك في يوم ميلادها من العام نفسه. يذكر أن الملك إدوارد تنازل عن العرش لأجل ووليس في شتاء 1936 قبل أن يتزوجا في صيف 1937 ويصبحا دوقا ويندسور اللذين عاشا في المنفى ولم يحضر زفافهما أي فرد من العائلة الملكية. وكانت المجوهرات أسلوباً لتوثيق حياتهما.
المشبك من القصر إلى هذا العصر
قد ينتابك رهاباً من وضع البروش حين تنظرين إلى صور الملكات البريطانيات وهنّ يترصعن بالمشابك الثقيلة. لكن هذه القطعة الثمينة انتقلت إلى مزاج آخر مع «كبيرة الموضة» غابريال شانيل التي أسّست لتعريف جديد فيما يتعلق بالبساطة الفاخرة. فبات المشبك الأنيق لمسة راقية على الأزياء الكلاسيكية والعصرية في آن واحد ... وحتى القبعات، العالم الذي كشف موهبة «كوكو» باكراً قبل انطلاقتها العالمية المدوّية.
المجوهرات التي لا تلامس البشرة
قد تفضل المرأة المحجبة أن ترتدي منديلها بسيطاً دون أي بريق. بينما تميل أخرى إلى إضافة لمسة أناقة إلى زيّها. المشبك لمسة استثنائية للمحجبة. فتستخدم البروش كدبوس مزخرف بالأحجار الكريمة. ترصع القلادة العنق وتلمع الأساور حول المعصم بينما يسطع بريق البروش على الأقمشة. وهو يعكس شخصية المرأة، فالتصميم يعبّر عن هويتها وأسلوبها. فلا بد من أن تكون جريئة ومرحة حين تشبك البروش بهيئة فاكهة ومؤثرة حين تختار الفهد والثعبان. بينما تكون مرهفة وصاحب ذوق أنثوي هادىء حين ترصّع أزياءها بالزهور والفراشات.
المشبك الوردي وماسة Williamson
تعتبر ماسة Williamson من أثمن الأحجار الوردية في العالم. تمّ اكتشافها في تشرين الأول/أكتوبر 1947 في منجم في نتجانيقا يملكه جيولوجي كندي والملكي الدكتور جون ثوربورن ويليامسون الذي حمل الحجر اسمه. وقد قدّم الأخير هذا الحجر كهدية زواج للأميرة إليزابيث عام 1947. وقد راقبت الملكة ماري وشقيقتها الأميرة إليزابيث آنذاك عملية قطع الحجر عام 1948. وحين اعتلت الملكة العرش عام 1952، كان متوقّعاً أن يستخدم هذا الحجر خلال التنصيب لكنه رصّع زهرة نرجس لاحقاً صمّمها فريديريك مو لدى دار Cartier)1953). رغب الدكتور ويليامسون في إضافة المزيد من الماسات الوردية إلى هديته لكنها لم تكن متوافرة. فمنح الملكة مئات الماسات الصغيرة وذات قطع ماركيز شكّلت بتلات الزهرة وأوراقها.
مشبك أكبر ماسة
في ذكرى مرور 60 عاماً على جلوس الملكة إليزابيث الثانية على العرش، عرض قصر باكنغهام البريطاني تصاميم ماسية خاطفة للانفاس تحوّلت مع الزمن إلى قطع مختلفة متكيّفة مع العصر. ومن بينها مشبك Cullinan III & IV المرصّع بأكبر ماسة مكتشفة في العالم. ففي العام 1911 حصلت الملكة ماري على Cullinan III وهي ماسة بهيئة إجاصية و Cullinan IV وهو حجر بهيئة وسادة ماسية. وقد اجتمع الماس في قطعة واحدة ليرصّع تاجها الذي صمّمته Garrard بمناسبة اعتلائها العرش. وقد اكتست الملكة إليزابيث الثانية بغالبية مجوهرات الملكة ماري وظهرت بها مرة على الأقل بعد توليها العرش.
إليزابيث ... ملكة هوليوود
ما من علاقة أوثق من تلك التي كانت تجمع ملكة هوليوود إليزابيث تايلور بالمجوهرات. وكان لدى بطلة The Girl Who Had Everything عشق خاص بالمشابك المميّزة، وثمة قطع صممتها بنفسها بالتعاون مع دور المجوهرات التي كانت تتعاون معها. وبعد رحيلها عن عمر ناهز 79 عاماً، عرضت مجوهراتها في لندن ضمن مزاد Christie's الذي تضمن عدد من المشابك الملونة. فهي صاحبة مقولة Big girls need big diamonds، ولعل أشهر مشابكها التصميم الزمرّدي الممتد الذي كلّلت به تسريحتها والذي رصعت به قبعتها في فيلم Secret Ceremony نهاية الستينات.
أرقام وتواريخ
كانت الملكة فيكتوريا ترصع المشابك وسط ردائها (الصدار) ومن بينها بروش الزمرّد الذي يحيطه الماس. وهذه الحلية تمّ تصميمها عام 1856 من R & S Garrard التي شكلّت الأحجار المهداة من سلطان تركي.
1935
منح دوق ويندسور مشبك الريش إلى ووليس سمبسون. وترمز الريش الثلاث إلى أمير ويلز. وهذه الهدية هي كان عربون حب من إدوارد إلى من أصبحت دوقة ويندسور. وقد أغرمت اليزابيث تايلور بهذا المشبك كثيراً حتى طلبت إذن تصميم نسخة عنه. ما لم يحصل لاحقاً. لكن يروى بأن «كليوباترا هوليوود» وخلال مزاد علني أقيم عام 1987 عرضت ثمناً أعلى مما طالب به الملك تشارلز الذي سأل تاجراً أن يشتري المشبك للايدي ديانا.
1969
وصل ريتشارد بورتون وإليزابيث تايلور إلى احتفال الأميرة غرايس بيوم ميلادها وكانت جميلة هوليوود ترصع أزياءها بمشبكين بهيئة عقربين. وهو برج أميرة موناكو الراحلة.
2011
مشبك العقدة من Van Cleef & Arpels الذي كانت تملكه إليزابيث تايلور عرض في مزاد علني لدى Christie's في نيويورك وقد قدّر ثمنه بين 60 و80 ألف دولار.
2014
استعارت دوقة كامبريدج الأميرة كايت مشبكاً ذهبياً من الملكة إليزابيث الثانية، جدّة زوجها الأمير ويليام لحضور مناسبة عرض St Patrick العسكري وكانت الملكة الأم وضعت المشبك نفسه عام 2000. ارتدت كايت اللون الأخضر مع مشبك Cartier. كما نسقت مشبك ورقة القيقب Maple أكثر من مرة مع سترتها الحيوية خلال جولتها الكندية. وهي هدية من الملك جورج السادس للملكة الأم أيضاً.
2015
بعد اعتلائها عرش إسبانيا، باتت الملكة ليتيثيا تحضر المناسبات الوطنية بزي مرصع بمشبك غير مجار للموضة بل نيشان.
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024