تحميل المجلة الاكترونية عدد 1077

بحث

جمال سليمان: أحلامي بعيدة تماماً عن السياسة

جمال سليمان في مشاهد من مسلسل «نقطة ضعف»

جمال سليمان في مشاهد من مسلسل «نقطة ضعف»

جمال سليمان في أحد أدواره الصعيدية

جمال سليمان في أحد أدواره الصعيدية

يعتبر النجم جمال سليمان صاحب المفاجآت، فلا يتوقّع جمهوره إطلاقاً ما سيقدّمه. وهو لا يعترف بالنمطية وقادر طوال الوقت على التجديد والاحتفاظ برونقه، وهذا العام قدّم مسلسله «نقطة ضعف»، الذي يستعرض علاقة الفرد بالماضي، وذلك في إطار اجتماعي مختلف عن الأعمال التي قدمها السنوات الماضية، ويخرج به من ثوب الأعمال الصعيدية التي تميز فيها أيضاً ليخوض منافسة كبيرة مع بقية الأعمال.
جمال سليمان صاحب أكبر تاريخ في المنافسات الرمضانية، فقد خاضها طوال الـ25 عاماً الماضية دون انقطاع، وهذا ما يجعله الأكثر قدرة على تحليل ما حدث هذا الموسم الرمضاني من منافسات، وأكثر طمأنينة وثقة بما يقدّمه.
حول عمله الجديد وتفاصيله، والمنافسة هذا العام، وغيابه عن الدراما السورية، ورأيه في الأعمال، وعلاقته بالسياسة، وأسرار حياته الخاصة أيضا، كان لنا معه هذا الحوار.


- هل الخروج من عباءة شخصية الصعيدي أصبح صعباً وسط إصرار المنتجين على حصرك فيه؟
لا أنكر أن المنتجين دائماً يحاولون حصري في الأعمال الصعيدية، بعد أن تميّزت بها وحقق معظمها نجاحاً كبيراً. لكني كممثل أسعى دائماً للخروج من هذا النفق والبحث عن أدوار جديدة، أستطيع أن أخرج من خلالها طاقة تمثيلية مختلفة.
وأعتقد أن نجاحي في هذا اللون ليس عيباً ولا يضايقني، ومن حق كل جهة إنتاج أن تبحث عن النجاح المضمون.
وهناك ممثلون حصروا أنفسهم في أدوار معينة لفترة طويلة، لكن الحمد لله أحاول من حين إلى آخر أن أخرج من ذلك بأعمال مثل «ولاد الليل» و«قصة حب» و«الشوارع الخلفية» وأخيراً «نقطة ضعف».
لكن من الطبيعي أن يكون المسلسل الصعيدي ضمن خطط المنتجين لي، خاصة إذا كنت كممثل موفقاً في تقديم الشخصية الصعيدية بشكل يجعل الناس تحب أن تراني في هذا الدور بين فترة وأخرى، وأنا أحب هذه البيئة وأحب أن أُسعد الناس طالما يستمتعون بمشاهدتي في شخصية صعيدية.

- ما الذي جذبك إلى «نقطة ضعف»؟
تحمّست في البداية للحكاية، ووجدت أنها قصة اجتماعية مناسبة لكل الأشخاص، خاصةً أنها تتحدث عن علاقة الفرد بالماضي.
وأعتقد أننا كمجتمعات عربية بشكل خاص تربطنا علاقة بكل تفاصيل حياتنا في الماضي، سواء بالمرأة أو الثقافة أو العادات وغيرها من الأمور، وهذا ما يجعل بعض الأفراد يستسلمون للماضي دون أن يبحثوا عن واقع جديد لحياتهم.

- وما رأيك في عرض المسلسل حصرياً في مصر على إحدى القنوات؟
لا أحبّذ العرض الحصري، لأنه يقلل انتشار العمل بشكل عام. وأي ممثل يحتاج دائما إلى أن تصل أعماله إلى الناس في أي مكان. لكن أعتقد أن عملية البيع خارج مصر كانت جيدة، فقد نجحت الشركة المنتجة في بيعه إلى لبنان والعراق وقطر، وأعتقد أن هذا كان جيداً للمسلسل.

- كيف وجدت المنافسة مع الأعمال الأخرى؟
جيدة وفي مصلحة المشاهد بشكل عام، وكل مشاهد يملك في يده ريموت كونترول يستطيع أن يختار ما يريد من أعمال؟ لكن بشكل عام أرى أن مقاييس النجاح نسبية في شهر رمضان، والمشاهدة الحقيقية تحسم بعد رمضان.
وأتذكر جملة من النجم الكبير نور الشريف حول ذلك، عندما قال لي إن النجاح في رمضان ليس للأفضل، وأنه عندما عرض مسلسل «الحاج متولي» وحقق نجاحاً كبيراً كان يعرض في العام نفسه المسلسل الرائع «حديث الصباح والمساء» ولم يحقق النجاح المتوقع، وهذا ما يحدث في رمضان دائماً طوال الـ25 عاماً التي عرضت فيها أعمالي.

- وهل أعمالك كانت تعرض في رمضان طوال 25 عاماً؟
حتى الآن ومنذ 25 عاماً لم أنقطع عن العرض في رمضان منذ أن بدأت التمثيل في سورية، وعندما أتيت إلى مصر لم أغب مرة واحدة عن الشاشات العربية.
لذلك أؤكد أن النجاح والفشل في رمضان مسألة نسبية، والبعض منا يتوقع أنه الحصان الرابح، لكن يفاجأ بعد رمضان برد الفعل الحقيقي.
وهناك أعمال قدمتها ولم أتوقع لها الصدى الكبير، لكني فوجئت بها، ومنها «الشوارع الخلفية»، فقد كان رد الفعل النقدي والجماهيري أكثر من رائع، وجعلني أفخر بأنني قدمت هذا العمل.

- ما الذي لفت انتباهك في الأعمال الرمضانية هذا العام؟
مسلسل «موجة حارة» للمخرج محمد ياسين بطولة إياد نصار ورانيا يوسف ودرة، أرى أنه من أفضل المسلسلات التي تعرض هذا العام، فقد نجح في أن يخلق بيئة خاصة للمسلسل وانسجاماً بين عناصره المختلفة، وهذا ما جعله يخرج كعمل نابض.
كذلك المسلسل السوري «سنعود بعد قليل» بطولة دريد لحام وباسل خياط وكندة علوش وسولاف معمار وكارمن لبس، وهو عمل رائع على مستويي التأليف والإخراج، وأيضاً التمثيل. كما لفت انتباهي مسلسل «الداعية» لهاني سلامة بسبب جرأة الموضوع، وأعتقد أن هذه الموضوعات ما نحتاجها الآن، حتى نتعرف على الطرف الآخر
 ولفت نظري أيضاً أداء هاني سلامة للشخصية. ومن الأعمال المتميزة مسلسل «ذات» لنيللي كريم وباسم السمرة وإخراج كاملة أبو ذكري، فهو عمل متكامل.

- إلى أي مدى تأثرت الدراما السورية بالأحوال السياسية؟
تأثرت كثيراً، وأرى أن هناك فنانين سوريين يكافحون الآن حتى تكون ظروفهم أفضل. وللأسف أتصور أن معظم الأعمال السورية التي أُنتجت صورت خارج سورية، ومنها مسلسل «سنعود بعد قليل» الذي أعتقد أنه سيكون علامة متميزة في الدراما السورية والعربية بشكل عام، وأرى أن المؤلف والمخرج نجحا في أن يخرجا نفسيهما من الأزمات، ويتحديا كل الظروف الصعبة ليقدما عملاً محترماً.

- ولماذا غبت عن الدراما السورية على غير المعتاد؟
لم أعثر على النص المناسب في الوقت المناسب، ففي البداية كنت مرتبطاً بمسلسل من تأليف يوسف معاطي، وعندما توقف المشروع كنت أبحث عن عمل آخر مناسب، وهذا عطلنا ما يقرب من خمسة أشهر، وبعد أن عثرنا على مسلسل « نقطة ضعف» وبدأت التحضيرات عرضت عليَّ بعض الأعمال السورية، وكان من الصعب الارتباط بعملين في وقت واحد، لذلك قررت الاعتذار على أن أختار عملاً سورياً العام المقبل. وقد بدأت بالفعل قراءة بعض النصوص.

- وهل ستصوّره خارج سورية؟
بالتأكيد، لأنه من الصعب أن أصوره في بلدي، وهذا ما يجعلني أشعر بأزمة كبيرة. لا أنكر أنني مشتاق إلى منزلي وأهلي والجلوس في المقهى الذي اعتدت عليه، ومشاهدة أصدقائي والشوارع التي أسير فيها وتربيت عليها، وأؤكد لك أن حنيني إلى الوطن الآن كبير جداً.

- وما هي أحلامك؟
أحلامي بالكامل ليس لها علاقة بالسياسة، فحلمي أن أقدم أدواراً جيدة أفتخر بها، وأن أتجه إلى السينما العالمية، ولم يكن ضمن أحلامي إطلاقاً أن أكون وزيراً، لأن كل هذه المناصب فقدت قيمتها وأصبحت بلا أهمية، والمنصب لم يعد منجماً بل مغرزاً.

- لماذا ابتعدت عن السينما؟
لم أبتعد، بل هناك أزمة سينما بشكل عام، فلم يعد الإنتاج بالزخم الذي يسمح بالوجود، كما أن النصوص الجيدة التي تجذبك قليلة جداً.
لكني تعاقدت على فيلم «الراهب» بطولة هاني سلامة وصبا مبارك وإخراج كاملة أبو ذكري، تأليف مدحت العدل، وهو عمل متميز وأعتقد أنه سيكون مختلفاً عن الأعمال التي سبق أن قدمتها، فأنا أجسد دور مساعد الراهب وصاحب اليد العليا في الدير.
وقد صوّرنا بعض المشاهد ومن المقرر أن نعاود التصوير قريباً.

- هل تتفق مع مقولة أن الأعمال التلفزيونية ليس لها ذاكرة؟
أرى أنها مقاييس غير صحيحة، فهناك أعمال تلفزيونية لها أثر أهم بكثير من أعمال سينمائية عديدة، وأرى أن مسلسلاً مثل «الجماعة» بطولة إياد نصار وتأليف وحيد حامد وإخراج محمد ياسين، أفضل من أفلام كثيرة في السينما المصرية.
كما أرى أن مسلسل «التغريبة الفلسطينية» أفضل من ثلاثة أرباع ما أنتجته السينما السورية، وأرى أن صناعة الدراما التلفزيونية لها عدة طرق، كما أن الفيلم السينمائي أيضاً له عدة طرق، وهناك أفلام تصنع في 15 يوماً فقط لتعرض في العيد، وأعتقد أنها ليست سينما.
كما أن المسلسلات صارت ذات لغة سينمائية متطورة، وقد شهدت ثورة بصرية خلال السنوات الأخيرة، بينما ستظل السينما المصرية في مكانها، وأرجو أن أكون مخطئاً، إلا إذا حدث تغير كلي في نمط التفكير في عملية إنتاج الفيلم السينمائي، وسيكون المخرج الوحيد لها هو الموضوع وليس النجم.

- لماذا لجأت إلى السينما الإيرانية من خلال فيلم «الحرية»؟
السينما الإيرانية ذات مستوى عالٍ، وهي موجوده بقوة في المحافل الدولية، ونجحت خلال السنوات الأخيرة في تحقيق طفرة كبيرة، وخرج منها مخرجون كبار أمثال عباس كياروستامي وجعفر بناهي وغيرهما.

- وما رأيك في الدراما التركية؟
هناك عوامل كثيرة ساهمت في انتشار الدراما التركية، أبرزها مستوى الصورة والإبهار الذي قدمته هذه الأعمال، بالإضافة إلى الفضول، خاصة أن المجتمع التركي يشبهنا إلى حد بعيد لكنه أكثر تحرراً منا، وهذا ما جعله يتعرض للموضوعات بشكل أكثر واقعي.
وقد نجحت هذه العناصر في جذب المشاهد، وأرى أن السبب الرئيسي للضجة التي أحدثها مسلسل «باب الحارة» السوري مثلاً، هو إننا كمجتمعات أصبح لدينا حنين مفرط إلى الثوب القديم الذي هجرناه ولم نعثر على الثوب الجديد حتى الآن.

- كيف تمضي وقت فراغك؟
أنا شخص بيتوتي بطبعي الآن، خاصة بعد الزواج، لذلك أحاول أن أستغل أوقات فراغي في البقاء مع الأسرة، وتعويضهم عن فترات الانشغال التي أعيشها طوال الوقت في عملي، إضافة إلى ذلك أشغل نفسي بقراءة أحدث الكتب، وأيضا السيناريوهات التي تعرض عليَّ.

- وأين ابنك محمد من ذلك؟
محمد مسيطر عليَّ طوال الوقت، لا أنكر أنه أعادني إلى الطفولة وأعيش معه أسعد لحظات حياتي.

- هل يأخذك الفن أحياناً من حياتك الأسرية؟
بالتأكيد، وهذا ما اعتدت عليه حتى قبل الزواج، فالفن أخذني من أهلي وأصدقائي، والآن هو يسيطر عليَّ طوال الوقت. والحمد الله أن لديَّ زوجة متفهمة وتتحملني، لذلك أحاول أن أعوضهم هذا الغياب في أوقات الفراغ والراحة.

- هل تستعين برأي زوجتك في أعمالك؟
بالتأكيد فهي الشريك الأساسي بالنسبة إلي، ودائماً أسمع آراءها، لأنها دائماً ما تكون صائبة وتختلف عن الآخرين الذين يكونون مجاملين أحياناً.

- وكيف يكون رد فعلها مع معجباتك؟
الحمد لله زوجتي متفهمة لطبيعة عملي بشكل جيد، وهذا ما نواجهه باستمرار في حياتنا، وهذا ليس لأننا الأفضل، وهناك كثير أفضل منا كما أقول دائماً، لكن حكم المهنة يفرض عليك ذلك. كما أنني أستطيع أن أفرض أسلوبي على كل من حولي، ولا أسمح بأي تجاوز في شيء.

- لماذا تبدو عليك دائماً الشخصية الجادة؟
هذا قد يأتي من حكم نشأتي، فأنا أكبر إخوتي، وتحمّلت المسؤولية في حياتي منذ أن كان عمري عشر سنوات.

المجلة الالكترونية

العدد 1077  |  آب 2024

المجلة الالكترونية العدد 1077