قتلها زوجها بدم بارد... وأشعل سيجارة
بقيت سارة الأمين حتى الرمق الأخير تثق بزوجها علي الزّين رغم تعنيفه لها طيلة عشرين عاماً. عشرون عاماً لم يكد جرح من جروحها يلتئم حتى كان يضيف إليه جرحاً آخر إلى أن صار جسدها خريطة لعذابها اليومي.
كان يمكن لعذاب سارة أن ينتهي لولا تردّدها في متابعة دعوى العنف الأسري التي رفعها المحامي أشرف الموسوي ضد الزوج قبل شهر بعد تدخّل شقيقها. وكان يمكن لحياتها أن تستمر أكثر، كان يمكن أن تبكي فرحاً في عرس ابنها، أن تحمل طرحة عرس ابنتها، أن تعتني بأحفادها في غياب أهلهم، لولا أنها خافت على معنّفها من "البهدلة" وعلى عائلتها من التفكك.
"ولكن أي حياة هذه التي تعيشها العائلة في كنف مجرم؟" يسأل محاميها في اتصال مع "لها"، ويؤكّد أنها "كانت مترددة منذ اليوم الأول لرفع الدعوى، إذ لم تكن تريد أن يهان زوجها، وأن تتفكك عائلتها".
واستمرّ ترددها حتى يوم الاثنين، صبيحة الجريمة، حين رفضت الحضور إلى مكتب التحرّي في بعبدا لأخذ إفادتها بعد تعذّر الاتصال بالزوج الذي كان هاتفه مغلقاً طوال الوقت، وبررت للمحامي رفضها بأنها لا تريد أن يهان زوجها، قبل أن تتصل به بعد الظهر لتطلب إسقاط الدعوى.
أكد المحامي أنه لم يوافق على إسقاط الدعوى متذرّعاً لها بأن الدائرة العدلية مغلقة لانتهاء الدوام، وحاول إقناعها بعدم العودة: "زوجك مجرم، لا تعودي إليه" قال لها، لكنّها أصرّت على أنها لا تريد أن "يتبهدل" وأنها "آخدة ولادها وراجعة". وتابع المحامي محاولاته بلغة قد تستسيغها سارة: "سأدعوه إلى فنجان قهوة وأجعله يوقّع على تعهّد بعدم إيذائك. أعدك ألاّ نتعرّض له بأي أذى"، ولكنّها لم تتجاوب وأنهت المكالمة.
تردُّد سارة وطيبة قلبها وخوفها على عائلتها، كلّها عوامل سهّلت على الزوج إقناعها بالعودة إلى البيت في ذلك اليوم، مستغلاً مناسبة عيد ميلاد ابنتهما السابع عشر، وليفرغ في جسدها لاحقاً رصاصات على عدد سنوات عمر الابنة وفي رأسها الذي لم يعرف الراحة يوماً.
وفق روايات الأولاد والجيران والمحامي، كان الزوج يعنّف زوجته باستمرار ويمنعها من الاتصال بأهلها إلى أن بلغ فيه الأمر أن طردهم قبل شهر من البيت فتوجهوا إلى منزل شقيق الأم الذي أقنعها بأن ترفع دعوى ضد زوجها.
وقال المحامي إن شقيق سارة وكّله وأنه رفع دعوى تعنيف وتهويل وعنف أسري ضد علي الزين أمام محكمة الاستئناف في بعبدا. ولكن الزوج استطاع بعد محاولات حثيثة أن يقنع زوجته بأنه تغيّر وأن عليها إسقاط الدعوى والعودة إلى البيت في عيد ميلاد ابنتهما يوم الاثنين.
اشترى علي باقات من الورود وبالونات للمناسبة وبعد أن احتفلت العائلة بالعيد، عاد الاثنان إلى الشجار.
ويقول المحامي إنهما تشاجرا من الساعة الثامنة حتى الثانية صباحاً، وبعد أن غفت سارة أيقظها مجدداً ليواصل الشجار معها وينهيه بقتلها برشاش كلاشينكوف أفرغ مشطه كاملاً في جسدها النحيل وفي جدران الغرفة.
ماتت سارة، ووقف علي على باب الغرفة "يضحك" كما أكد ابنه محمد في حديث تلفزيوني، أشعل سيجارة وانتظر القوى الأمنية.
ماتت سارة وماتت قبلها نساء أخريات أصبح اللبنانيون يحفظون أسماءهن علّهن لا يتحوّلن إلى أرقام، ولكن ما نفع ذلك في ظل غياب الرادع القانوني المشدد لمرتكبي العنف الأسري وفي ظل قانون لمكافحة العنف الأسري مليء بالثغرات لا يشجّع النساء المعنّفات إلى اللجوء إلى القضاء لوقف العنف المُمارَس عليهنّ.
يؤكد الموسوي أن الزوج سليم عقلياً وأنه لا يوجد أي عذر مخفف له، مشيراً إلى أنه سيطلب إنزال أقصى العقوبة به قبل أن يستدرك: "أعتقد أن السجن المؤبد مع الأشغال الشاقة سيكون أفضل لأنه سيذوق العذاب الذي أذاقه لسارة".
بالفيديو - محمد ابن الـ 17 عاماً يروي كيف قتل والده أمه أمس
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024