هيفاء حسين: ارتضيت أن أكون «زوجة ثانية» لرجل يستحق التضحية
ملامحها البريئة والهادئة، لفتت الأنظار إليها منذ أعمالها الأولى التي ظهرت على الشاشة الفضائية لبلدها البحرين، لتقودها بعد ذلك إلى مختلف الشاشات الخليجية، وخصوصاً شاشتي تلفزيوني «أبو ظبي» و«دبي» التي صوّرت فيها الفنانة هيفاء حسين العديد من المسلسلات بالتعاون مع الفنان الإماراتي حبيب غلوم، قبل أن يصبح رفيق دربها، في زيجة فنية خالصة يحتفلان معاً بإطفاء شمعتها الخامسة.
كان لخبر إعلان زواج حبيب وهيفاء وقع خاص، ليس بالنسبة إلى المحيطين بهما والوسط الفني فحسب، بل لكثيرين أيضاً.
فغلوم الذي يعد احد أكثر الفنانين الإماراتيين بروزاً على الساحة الفنية، ويتولى منصب وكيل وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، متزوج وأب لأربعة أولاد تخطوا عمر الزهور... وهيفاء الشابة البحرينية كانت بحاجة إلى قرار شجاع حينها، لقبول لقب «الزوجة الثانية» وهي لا تزال في عقدها الثالث.
النجاح المهني كان خطاً آخر، لا يقل أهمية لدى هيفاء عن النجاح في حياتها الخاصة، وتكوين «أسرة سعيدة»، مع شريك حياة يقدّر الحياة الزوجية ويتفهّمها. فهناك أحلام مقتبل العمر، وطموح مواصلة مشوار كانت بدأته هيفاء باقتدار ملموس - منذ أعمالها الأولى - لتجد نفسها بعد ذلك، أماً وفنانة ومنتجة أيضاً بعدما أسست شركة إنتاج وليدة، وقبل ذلك كله زوجة لرجل يقسّم يومه بين الوظيفة الرسمية وأدواره الفنية، ومشاغل أسرته الأولى... والأهم من ذلك، شركة الإنتاج التي أسساها سوياً.
«لها» التقت هيفاء حسين، في حوار تحدثت فيه عن مشوارها الفني، وجديدها في رمضان المقبل الذي سيُعرض على قناة أبو ظبي، وارتباطها بحبيب غلوم الذي اعتبرته خروجاً على ظاهرة الزيجات الفاشلة التي تكرّرت في الوسط الفني حينما يكون طرفاها فنانين!
«لو أني أعرف خاتمتي»
- بداية، ما الذي يشغل هيفاء حسين الآن؟
أمور كثيرة جداً، في مقدّمها تصوير مسلسل «لو أني أعرف خاتمتي»، من إخراج أحمد المقلة، وتأليف إسماعيل عبدالله، ويضم نخبة كبيرة من الممثلين الخليجيين.
- تبدين متحمسة، ومتفائلة بهذا العمل، وكأنه يمثل رهاناً خاصاً لك، ما القصة؟
بالفعل، «لو أني أعرف خاتمتي»، بمثابة مرحلة جديدة لي في حياتي الفنية، فهو أول عمل من إنتاجي، بعدما أسست برفقة زوجي الفنان حبيب غلوم شركة إنتاج فني جديدة، هي «سبوت لايت»، ليكون هذا المسلسل تحديداً باكورة أعمالها، وأعد بعمل محترم يقدّر المشاهد، ويليق بقامة تلفزيون «أبو ظبي».
- بصراحة شديدة، هل الدافع إلى تأسيس شركة إنتاج، في هذا التوقيت مادي؟
بمنتهى الصراحة، لا يغيب الدافع المادي، فلا يعقل أن تكون نية الخسارة أو عدم الاستفادة المادية متوافرة، في خطوة تتطلّب موازنة جيدة. ولكن الأهم بالنسبة إليّ، وكذلك إلى حبيب، هو إيجاد حل لمعضلة باتت تؤرقنا على الصعيد الشخصي، وهي ضعف فرص تسويق أعمال تتسم بجودة فنية عالية، بسبب تغير متطلبات «السوق» التي يبقى اللاعب الرئيس فيها الفضائيات.
- كيف؟
بسبب أولوية الربح المادي لدى الكثير من الشركات المُنتجة، وسعي معظم الفضائيات إلى البحث عما يريده الجمهور، وهو سعي مشروع من دون شك، بحيث بات العمل الجيد المبني على نص وإخراج، وتوظيف فني محترف عملة نادرة، لأنه قد يكون خارج حسابات الربح والخسارة، ويحمل إنتاجه شيئاً من المجازفة، لجهة تسويقه الجيد. لذلك، أعتقد أن التوفيق بين تلك المتطلبات من جهة، والمسلسل الدرامي الذي يضيف قيمة فنية من جهة أخرى، يبقى بحاجة إلى شركات تُدار بعقلية مختلفة.
شاعرية مقنّنة
- يبدو اسم المسلسل «لو أني أعرف خاتمتي» شاعرياً، ومحيلاً إلى شطر من قصيدة «قارئة الفنجان» للشاعر الراحل نزار قباني، والتي غنّاها العندليب عبدالحليم حافظ؟
الاسم لافت فعلاً، لكن القضية التي تمثّل الصراع الرئيسي في العمل، ليست رومانسية بل اجتماعية، وفيه نقترب بشكل كبير من الصراع الأزلي بين الخير والشر، ولكن في ثوب طبقي يرتديه شخص يضرب عرض الحائط بكل العلاقات من حوله، في سبيل مصلحته الذاتية، في وقت تلعب الصدف القدرية دوراً كبيراً في أحداث العمل.
أما من حيث الشاعرية، فلا يمكن أن نتوقع نصاً يكتبه القدير إسماعيل عبدالله، من دون أن يحمل هذه السمة الغالبة على نتاجه، لكنه هنا التزم بجرعة وصبغة مقنّنة للغاية، من أجل ملاءمة أجواء الدراما التلفزيونية وليس المسرحية، التي اعتاد الإبداع في رحابها، باعتباره الأمين العام للهيئة العربية للمسرح، ورئيس جمعية المسرحيين الإماراتيين.
زواج ضد التيار
- فاجأت الجميع بإعلان نبأ زواجك بحبيب غلوم، في وقت شهد العديد من الزيجات الفنية غير الموفقة، ألم تتردّدي في خوض تجربة زواج من داخل الوسط الفني؟
في الواقع لم يخطر في بالي مطلقاً أن أتزوج من الوسط الفني، لكنه القسمة والنصيب، فأنا بدأت التمثيل في وقت مبكر، واشتركت في مسلسل وحيد، ثم تزوجت بشخص بحريني من خارج الوسط الفني، ولم يستمر زواجنا سوى عام واحد، رُزقت خلاله بابني الوحيد «سعد» الذي يبلغ الآن عامه الـ13، وحينما ظهر حبيب في حياتي، كانت هناك معضلة أساسية، لكن لا تتعلق بانتمائه إلى الوسط الفني من عدمه.
- لكونه متزوجاً ولديه أسرة مكونة من زوجة و4 أبناء؟
بالفعل، لذلك كان شرطي الأساسي منذ البداية أن يظل بيته الأول قائماً، وألا يكون زواجنا على أنقاض بيت آخر. وبالفعل استمرت علاقته بأبنائه طبيعية وقوية، لكنني علمت بعدها أن هناك خلافات أخرى قائمة في الأساس، ولا علاقة لي بها.
وبصراحة، فقد التزم حبيب بكل ما اتفقنا عليه، للبدء بحياة جديدة ارتضيت فيها أن أكون «زوجة ثانية» لرجل يستحق أن أضحّي من أجله، وأحرص على ألا أخسره.
وهذه المعادلة جعلت زواجنا يستمر بنجاح، وضد التيار، في وقت سادت فيه ظاهرة الزيجات الفنية الفاشلة، خصوصاً حينما يكون طرفاها فنانين، وهو أمر يعود إلى خصال حبيب نفسه الذي يبقى دعم المرأة عموماً من القضايا الملحّة لديه، ويقدّر الحياة الزوجية إلى أقصى درجة، وهو دوماً محل تقدير واحترام وثقة لكل من حوله.
بين الغيرة والعقلانية
- وما موقع الغيرة في حياتكما؟
ثقتي في حبيب بلا حدود، وثقته فيَّ كذلك ليست بحاجة إلى إطراء، لكنه غيور جداً. ورغم ذلك، لم يكن يوماً عائقاً بيني وبين إتمام أي عمل فني، حتى لو تطلب الأمر سفراً إلى الخارج مدة غير قصيرة، وهنا يبرز دور الحكمة والثقة والعقلانية التي يؤديه، وحرصه على نجاحي.
- برأيك، ما أهم مشكلة تواجه زواج فنان مشهور بفنانة شهيرة؟
الانشغال الدائم لكل منهما عن الآخر. وهذه المشكلة واجهتها منذ ارتباطي بحبيب قبل نحو 5 سنوات، لدرجة أننا قضينا شهر العسل تقريباً في موقع التصوير. ففي اليوم الثاني لزواجنا كان كل منا مرتبطاً بتصوير مشاهده في مسلسل «بنات آدم»، أو مضطراً إلى السفر من أجل التصوير ايضاً.
وهكذا تمضي حياة معظم الفنانين، لكن الأمر مضاعف بالنسبة إليّ نظراً إلى أن المسرح - وليس الدراما التلفزيونية فقط - يدخل أيضاً بنصيب، سواء بالنسبة إلى حبيب أو بالنسبة إليّ، حيث إنني أنتجت أخيراً مسرحية للأطفال في البحرين.
ويبقى الارتباط الرسمي لحبيب باعتباره وكيلاً لوزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، أحد الأضلاع الرئيسية لمثلث الانشغال الذي تأقلمت معه، وارتضيت به لأنني بكل صراحة لا يمكنني أن أخسر حبيب رجلاً وشريكاً للعمر وسنداً.
إجازة مفقودة
- وماذا عن أوقات النزهة والسفر والإجازة؟
حاولنا كثيراً التخطيط لذلك، لكن على مدار كل تلك السنوات لم تسمح ظروفنا بأيام نقضيها بعيداً من الانشغالات. وحتى حينما يكون أحدنا غير مرتبط بعمل محدد، دائماً ما يتصادف أن يكون الآخر في سباق مع الزمن لإنجاز عمل ما، خصوصاً بالنسبة إلى حبيب الذي أقدّر ظروف انشغالاته المتعددة تماماً وأتفهمها، بل وأحترمه لحرصه على أن يكون فعالاً وغير مقصّر في أي من جوانبها.
- مرّت 5 سنوات على زواجكما من دون إنجاب، رغم أن كلاً منكما ذاق طعم الأبوّة والأمومة، هل المشاغل تقف أيضاً وراء قرار إرجاء الإنجاب؟
من دون شك، فأنا أشتاق إلى الأمومة مجدداً، لا سيما أن كلاً منا يحب أن يتوج زواجنا بما يعمّق الارتباط بيننا. وحبيب لا يمانع في هذا الأمر، بل يقدّره كثيراً. لكن المشكلة أنني لا أتصور أن يكون ثمة تقصير مع مولود جديد، يجب أن تتفرغ والدته له على الأقل حتى دخوله مرحلة الروضة الأولى، وهي رفاهية للأسف لا أتمتع بها الآن. فمع حاجتنا واشتياقنا إلى الأبناء، علينا أيضاً ألا نجعلهم يدفعون ثمن انشغالاتنا، وهذه إحدى الضرائب المؤلمة للزواج الفني.
ناعمة... ولست الأجمل
- لا يمكن أن نكون في حوار مع هيفاء حسين، من دون أن نسأل عن دور جمال الممثلة في تحقيقها نجاحات مهمة؟
الجمال هو جزء من شخصية المرأة عموماً، ومن الطبيعي أن يسهّل مزيداً من الفرص، لكن جودتها وحسن استثمارها يتوقفان على الموهبة، والتجويد في الأدوات، وهذا سر استمراري، فلست جميلة الجميلات، إذ هناك كثيرات أجمل مني، وما أتمتع به أعتبره جمالاً بسيطاً، وليس «فتاكاً». ومع ملامحي الناعمة، لست الرقم 1 في الجمال خليجياً، فالموهبة هي المحك، والفاتنة قد تكون رائعة الجمال، لكن لا علاقة لها بفن التمثيل.
- بعض الفنانات يتباهين بعدد المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي، هل تعتبرين ذلك معياراً للجماهيرية؟
أعتقد أنها برامج للتواصل الاجتماعي كما يشير اسمها، وليست للتسويق أو عرض الأزياء والطلات الجديدة. هي تحوّلت للأسف إلى «شو للإبهار» وافتقدت العفوية والبساطة.
وبالنسبة إليّ لا أهتم بأن أسير ضمن تلك «الصرعة»، وأستخدم «انستغرام» وكذلك «سنوب شات» في أغراضهما الحقيقية، أي الرسائل التي أريد فعلاً إيصالها إلى الجمهور.
رؤية احترافية
- بعض الفنانات الخليجيات يرفضن أعمالاً لوجود منافسة أو ممثلة أخرى لا تود مشاركتهن في المسلسل ذاته، هل رفضت عملاً ما لهذا السبب؟
أنا أدقق كثيراً في اختياراتي، وأكثر ما أعيره اهتماماً في العمل هو النص، ثم المخرج، وبدرجة أقل جهة الإنتاج القادرة على توفير بيئة ملائمة للعمل. لست على خلاف مع أحد، كما لا أمتلك شروطاً من هذا النوع.
وتقييمي الأعمال المرشحة يرتكز على رؤية احترافية، ومجرّد من الأهواء، وكل ما اعتذرت عنه يعود في الغالب إلى ما ذكرت من أسباب. وأحياناً قد يتعلّق الرفض رغم جودة العمل، بطبيعة دوري فيه، خصوصاً لجهة تكرار دور سبق أن قدمته.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024