قتل زوجته الأولى وبعد ست سنوات قتل الثانية!
حالة من الحب عاشتها جعلتها تغض البصر عن ماضٍ ملوث بالدماء، فتاة بريئة كل ذنبها في الحياة أنها وقعت في حب هذا الرجل، وسارت وراء دقات قلبها، حتى وجدت نفسها داخل قفص القاتل الذي لم يمر على زواجه منها عامان حتى كان لها مصير زوجته الأولى نفسه، لتودّع الحياة تاركة طفلاً عمره سبعة أشهر، وآخر لا يزال جنيناً في أحشائها لم يتكون بعد، وحسرة داخل قلبي أب وأم كل ذنبهما في الحياة أنهما وافقا على زواج ابنتهما ممن أحبت، فكان جزاؤهما الحرمان منها الى الأبد.
أحمد ع.ع، تاجر شهير في محافظة الدقهلية، إحدى محافظات شرق الدلتا في مصر، ينتمي الى أسرة ثرية ويعمل في تجارة السيارات، مواصفات تجعل منه حلماً لأي فتاة للارتباط به، تعززها وسامة الشاب وأناقته، إلا أن ارتباط اسمه بقضية قتل وقعت منذ ست سنوات كان مثار خوف وقلق لدى الكثير من العائلات.
كان الشاب، الذي يبلغ من العمر 29 عاماً قد اتهم وهو في الثالثة والعشرين من عمره بقتل زوجته سامية أ.ر، برصاصة استقرت في صدرها داخل مسكن الزوجية أودت بحياتها في الحال.
إيقاف العقوبة
نفوذ العائلة في ذلك الوقت كان كفيلاً بإخراج ابنها من القضية مثل «الشعرة من العجين» - كما يقولون - فلم يصدر بحقه إلا حكم بالحبس ستة أشهر مع إيقاف التنفيذ، بعدما نجح في الحصول على تقرير يفيد بأنه كان فاقد الوعي وغير مسؤول عن تصرفاته، وقبلت أسرة الزوجة القتيلة التراضي حرصاً على مستقبل صغير لم يكمل عامه الأول بعد، هو حفيدهم من ذلك القاتل.
مرت الأيام وتناسى الجميع جريمة القتل، بعدما عاد الشاب الى الظهور من جديد يستقل سيارة فارهة يستبدلها دائماً بأحدث الماركات، يجلس في معرض سيارات ضخم افتتحه له والده، حتى كان الوقت الذي تعرف فيه الى ضحيته الثانية.
الضحية
ندى أ.م، طالبة جامعية، والدها تاجر ميسور لكن ليس بمثل ثراء عائلة العش، تعرفت الى أحمد أثناء تردده على الكلية التي تدرس فيها بصحبة عدد من أصدقائه، لتقع في شباك حبّه الذي بات يهيمن عليها بصورة يصعب وصفها.
مرت الأيام وبات أحمد يبادل ندى الحب نفسه، لتأتي الخطوة التالية عندما تقدم والده من والدها لطلب يد ابنته. ولأن الأخير يقيم في القاهرة بحكم أعماله، كان من السهل عليه أن يسير وراء رغبات ابنته، غاضاً النظر عن ماضٍ ملوث لهذا العريس الذي كان من الممكن أن يكون بالفعل فرصة لأي فتاة إذا لم يتورط في قضية قتل.
حفلة العرس
منذ عامين، وبالتحديد في شهر كانون الثاني/يناير، أعلنت ندى خطبتها من أحمد في حفلة شاهد كل من حضرها الفرحة على وجهها، ولمس مقدار السعادة التي تعيشها معه، وهي تتألق بفستان العرس تجلس الى جواره في الكوشة ترقص مع صديقاتها اللاتي يهمسن في أذنها بكلمات تعبّر عن أمنيات بالفوز بعريس يتمتع بالمواصفات نفسها.
لم تمض على حفلة الخطبة سوى أشهر عدة، وزُفت ندى إلى عريسها لتودّع أسرتها وتنطلق مع زوجها في الحياة، من دون أن تدري أن نهايتها تقترب.
المخدرات
سرعان ما اكتشفت ندى الكارثة التي حلّت بها، بعد أن أدركت أن زوجها يتعاطى المخدرات في جلسات يومية يشهدها منزل العائلة، بمشاركة وترحيب من أشقائه الذين يحضرون مثل هذه الجلسات التي لا تخلو من كل ما يُذهب العقل، ليعود إليها مترنحاً في ساعات الصباح الأولى شخصاً لا تعرفه.
حاولت المسكينة إيجاد حل لهذا الداء الذي أُصيب به زوجها، لكن بلا فائدة، بل زاد الأمر سوءاً عندما بدأ الاعتداء عليها بالضرب وهو ذاهب العقل لا يدرك ما يفعل، إلا أن حبها له كان كفيلاً بأن يجعلها تصمت لعلَّ الزمن ينجح في إصلاحه عندما يصير أباً مسؤولاً عن أسرة، بعدما علمت أن جنيناً يتحرك في أحشائها منه، وسافر الزوج لأداء فريضة العمرة لتتحسن أحواله.
المولود الأول
أدركت ندى - كما تروي أسرتها - أن الأمور ستتحسن مع قدوم مولودها الأول، وهو ما كان بالفعل، حيث انتهت الخلافات بينهما، أو ربما يكون انشغالها بطفلها قد جعلها تتغاضى عن أفعاله وتهتم فقط بصغيرها، لكنها كانت بين الحين والآخر تخرج عن صمتها وتشكو من أمور كانت تضايقها، لكن لم يتخيل أحد أن ذلك سيكون سبباً في نهايتها.
«كنت أظن أن ما يفعله زوج ابنتي «طيش شباب» كما يقولون، وأن الزمن سينجح في إصلاح ما أفسده تدليل والده له»، هكذا بدأ أحمد المصري رواية تفاصيل الحادث الذي انتهى بمصرع ابنته ندى على يد زوجها قاتل زوجته الأولى.
يوم الحادث
يقول الرجل: «خلافات زوجية تشهدها أي زيجة في بدايتها، هكذا كنت أتصور وأعتقد أنها ستنتهي مع مرور الأيام. لذا عندما اتصلت ابنتي بوالدتها يوم الحادث تشكو لها من زوجها، لم أكن أتصور أن خبر وفاتها سيأتينا بعد ساعات، فقد ألفت شكواها المستمرة من أفعاله، يومها طلبت ندى من والدتها أن تحضر لاصطحابها، لأنها لم تعد تطيق العيش مع زوجها الذي تركها منذ خمس ساعات وصعد إلى الشقة التي تعلوها في منزل عائلته لتعاطي مخدر الحشيش مع أشقائه وعدد من أصدقائه. ورغم أنها شكت لوالدته سوء أفعاله، كان ردّها أن ما يفعله ابنها لا يعيبه. وفي محاولة لتهدئة الموقف، طالبت زوجتي ابنتنا بالصبر وأن تهتم بابنها، بعدما وعدتها بأنها ستأتي في نهاية الأسبوع بصحبتي لبحث الأمر مع عائلته، وهو ما وافقت عليه».
الاتصال الأخير
يضيف: «لم يمض وقت طويل، حتى جاء الاتصال الأخير من ندى تبلغنا أن الخلاف قد زال وانتهى بالتصالح مع زوجها، الذي اعتذر لها، فما كان من والدتها إلا أن طالبتها بأن تراعي طفلها وتهتم به، فهو الأساس وخلاف ذلك لا أهمية له... تلقينا عقب ذلك اتصالاً من زوجة شقيق القاتل تطلب منا أن نحضر لأخذ ابنتنا، بعد أن تشاجرت مع زوجها الذي غضب لإبلاغها أهلها أنه يتعاطى المخدرات، وخوفاً على ندى اتصلت أمها بشقيقتها خالة ندى للتوجه إليها للاطمئنان اليها، لكن لم يمر وقت طويل حتى جاء الاتصال، الذي كان بمثابة صاعقة سقطت علينا من السماء».
ادعاء الانتحار
«ابنتكم انتحرت بمسدس زوجها»، عبارة مقتضبة قالتها والدة زوج الضحية لأهلها عبر الهاتف، كانت كفيلة بأن تجعل الأب يهرول إلى سيارته بصحبة الأم للسفر إلى حيث يرقد جثمان ابنتهما، وفي داخلهما أمل بالعثور عليها حية، ربما تنجح أي محاولة لإسعافها، لكن الأمر كان مجرد حلم صعب التحقق.
في المشرحة كانت ندى، ابنة الـ21 عاماً، ترقد في انتظار الإجراءات القانونية حتى تتمكن الأسرة من توديعها إلى مثواها الأخير، لتبدأ خيوط الجريمة تتشابك لتقود إلى القاتل.
الحقيقة
تبين أن الفتاة نقلت إلى المستشفى في ملابس لم تظهر عليها أي آثار لطلقة أحدثت فتحة دخول وخروج في بطنها، الأمر الذي كشف عن قيام أسرة الزوج باستبدال ملابسها قبل نقلها الى المستشفى، في محاولة لإخفاء معالم جريمة ابنهم، وهو ما شهد به أحد الجيران، حيث رآهم ينزلون جثتها عارية على السلالم، فطالبهم بستر عورتها وأحضر بطانية ولفّها بها.
قرر الزوج وأهله أن ندى انتحرت بإطلاق الرصاص على نفسها من مسدسه، لكن مناظرة الطب الشرعي ليدها أثبتت استحالة الواقعة وكذب أقوالهم التي جاءت متضاربة، لتقود التحريات إلى أن أحمد هو من قتل زوجته الثانية مثلما فعل منذ ست سنوات مع زوجته الأولى.
توصلت تحريات رجال المباحث إلى أن المتهم، وفور علمه بإبلاغ المجني عليها أهلها بتعاطيه المخدرات برفقة أفراد أسرته، استشاط غضباً وأطلق عليها الرصاص، بعدما وجّه فوهة مسدسه نحو جسدها قاصداً قتلها... وعندما علمت أسرته، ادعت انتحارها لإبعاد الشبهة عن ابنهم.
أُلقي القبض على المتهم، وقرر وكيل النائب العام حبسه أربعة أيام جدّدها قاضي المعارضات 15 يوماً أخرى، في الوقت الذي شيّع المئات جثمان ندى إلى مثواه الأخير، وسط ثورة عارمة مطالبين بالقصاص وعدم ترك الزوج القاتل يفلت من جريمته هذه المرة، والتي يستحق عليها الإعدام شنقاً.
الحمل الثاني
كانت المفاجأة التي كشفتها والدة ندى، أن ابنتها كانت تحمل جنيناً في أحشائها، رغم أن طفلها الأول لم يتجاوز السبعة أشهر بعد، حيث أقرّت لها بأنها حامل في شهرها الأول، وكانت سعيدة للغاية لأنها كانت تحب زوجها بشكل جنوني.
حالة من الحسرة سيطرت على أسرة الضحية، التي تمنت لو عاد بها الزمن الى الوراء فترفض هذه الزيجة التي لم تكن بحثاً عن المال كما قرر البعض، بل عن سعادة ابنتهم التي خفق قلبها بحب قاتل أدمن إنهاء حياة زوجاته مثل إدمانه المخدرات التي اعتاد تعاطيها، لكن القدر كان يخبّئ لها هذه النهاية المأسوية، لترحل تاركة صغيرها يواجه مصيراً أكثر مأساة بين أم أُجبرت على الرحيل وأب قاتل.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024