آسر ياسين: دراستي جعلتني أقرّر ألاّ أكون شبيهاً بأحد
رغم فوزه بجائزة أحسن ممثل من مهرجان تطوان السينمائي، لكنه لم يستطع تسلّم الجائزة، مؤكداً أن انشغاله بتصوير مسلسله الرمضاني «العهد» حرمه من الاستمتاع بلحظات تسلّم الجائزة.
آسر ياسين يكشف لنا أهمية تلك الجائزة بالنسبة إليه والرسائل التي تحملها، كما يتكلم على وعده لجمهوره، وما يحلم به بعد 40 سنة، ويرد على دهشة الكثيرين من تعاونه مع المنتج أحمد السبكي، ويكشف أيضاً علاقته بالملاكمة، ودراسته التي أفادته كممثل، وحياته الخاصة التي يفضل أن يبقيها بعيداً عن الأضواء.
- من الذي أبلغك بحصولك على الجائزة؟
مخرج الفيلم طارق العريان، وأبلغني هاتفياً لأنه كان في تطوان وكان سعيداً جداً. وللأسف لم أكن موجوداً لأنني كنت مرتبطاً بالتصوير.
- ما أهمية الجائزة بالنسبة إليك؟
أولاً هذه الجائزة لمصر، وفخور بأن تكون باسمي في مهرجان لسينما دول البحر الأبيض المتوسط، وثانياً دائماً ما تكون الجوائز رسالة إلى الفنان كي يجتهد ويهتم أكثر. وأنا شخصياً عاهدت جمهوري منذ البداية على أن أفاجئه بأدوار مختلفة تجعله يشعر دوماً بالدهشة مع كل دور جديد، وألا يشعر أبداً بأنني أكرّر أي دور قدمته من قبل.
- معظم الممثلين ينزعجون من تأخير عرض أفلامهم، فلماذا أعلنت رضاك عن تأخير عرض فيلمك «أسوار القمر»؟
قضيت عامين كاملين من الأعوام الأربعة الماضية التي تأخر فيها «أسوار القمر» من دون تقديم أعمال أخرى، واكتفيت بتقديم مسلسل «البلطجي» وفيلمي «بيبو وبشير» و«فرش وغطا»، ورفضت أعمالاً عدة لم تكن تناسبني، لكنني تمرّنت ورفعت لياقتي البدنية والذهنية والمعرفية، من خلال القراءة ومشاهدة أنواع مختلفة من السينما، وأنا مؤمن بأن الله لا يظلم أحداً، وكلمة الندم لا مكان لها أبداً في قاموسي. وما أوصلني إلى هذا، اختياري وسعيي وثقتي بالله.
- على مدار أربعة أعوام كنت تصوّر شخصيتك في «أسوار القمر» ثم تتوقف لفترة ومن ثم تعود، ألا تجد أن هذا صعب على أي ممثل؟
بالطبع، وهنا كانت صعوبة الشخصية، فتخيّل أنني صورت خلال تلك الفترة مسلسل «البلطجي» وفيلمي «بيبو وبشير» و «فرش وغطا»، ولم تكن هي الصعوبة الوحيدة، بل كانت الشخصية نفسها تمتلئ بالصعوبات، فتخيل أنك تمنحهم شعوراً بأنك طيب وفي الوقت نفسه غير مريح، بالإضافة إلى ظروف التصوير نفسها، والتي كانت مجهدة، وتحديداً كل مشاهد البحر في كانون الثاني/ يناير، ومدينة الإنتاج الإعلامي، وكنت أنا ومنى زكي طوال الوقت مبللين بالمياه، ما يتطلب جهداً أكبر، لكنني كنت واثقاً بأن الله لن يضيّع مجهودنا.
- البعض يخاف من تجسيد شخصية الشرير، ألم يراودك هذا الإحساس؟
عندما يأتيني دور جيد وأعرف أنني سأؤديه ببراعة، سواء أكان شريراً أم طيباً، فلن أضيعه مني، لأن البطولات موجودة وتتكرّر، أما الذي لن يتكرّر فهو الدور الجيد، ولن أحدّ من نفسي ولا من نوعية أدواري على الإطلاق، أو حتى نوعية البطولة، سواء فردية أو جماعية.
المهم أنني أقدّم ما أحبه، وأتمنى بعد أربعين عاماً أن أكون فخوراً بما قدمته، وأن تكون اختياراتي جيدة، فبدايتي مع مخرجين كبيرين مثل شريف عرفة وخيري بشارة هي التي أوصلتني إلى العمل معهما مجدداً، ومع وحيد حامد ومحمد يس وداوود عبدالسيد ويسري نصر الله.
- هل العمل مع المخرجين الكبار يعطي احترافية في التفكير؟
بالطبع، هذا يعطيك ثقلاً فنياً، فلكل منهم رؤية إخراجية وتمثيلية مختلفة، فأنت تكتسب منهم الخبرة، مما يمنحك عمقاً فنياً معيناً. وما ساعدني أيضاً، دراستي الهندسة التي أكسبتني القدرة على تحليل أدواري واختياراتي.
وأحلم بأن أصبح ممثلاً ذا بصمة في السينما المصرية. فدراستي إلى جانب طريقة تفكيري واكتسابي خبرات المخرجين الكبار الذين تعلمت منهم، جعلتني أُقرر ألا أكون شبيهاً لأحد. وكما كان عمر الشريف وأحمد زكي متميزين ومتفردين، فلماذا لا أحاول أن أكون نفسي؟
- أفلامك السابقة واختياراتك السينمائية لا بد من أن تجعل الجمهور مندهشاً لقبولك فيلم «من ضهر راجل» مع المنتج أحمد السبكي المختلف تماماً عن عالمك؟
دعني أفاجئك بأن كثيراً من الصحافيين سألوني السؤال نفسه، لكن ربما بطريقة أو بصيغة مختلفة وليس اليوم فقط، بل ومنذ قدمت أولى بطولاتي مع فيلم «الوعد» والجميع يسألونني عن إمكانية التعاون مع المنتج أحمد السبكي، وكانت إجابتي ثابتة ولا تتغير، لو وجدت العمل الذي يغريني فلمَ لا؟ وأنا كمشاهد وكأحد المنتمين إلى عالم السينما، أتابع كل التجارب السينمائية، وأعتقد أن منذ انضمام المخرج كريم السبكي إلى والده المنتج أحمد السبكي وهو يقدم تجارب مختلفة.
فمن ينكر أهمية تجارب مثل «كباريه» و «الفرح» و«ساعة ونص» و «واحد صحيح»؟ وأنا أعرف كريم منذ سنوات طويلة، فقد جمعتنا الجامعة الأميركية والكلية نفسها، وكان أصغر مني بدفعة في دراستنا الهندسة، وهو بالمناسبة مهندس جيد.
وربما لم أعلن من قبل أن السيناريو الخاص بـ «من ضهر راجل» معروض عليَّ منذ أربع سنوات، وقتها كنت قد أنهيت تصوير فيلم «رسايل البحر» مع داوود عبدالسيد، لكنني كنت أرغب في تقديم فيلم كوميدي مثل «بيبو وبشير»، وهو ما تحقق بالفعل وقتها، وعندما عرضوا عليَّ «من ضهر راجل» مرة أخرى وجلست مع كريم السبكي مخرجاً هذه المرة، ومحمد أمين راضي كاتب الفيلم، أحببت الفيلم والسيناريو منذ قراءته الأولى، لكنني كنت متخوفاً من التجربة، وعندما جلسنا وتناقشنا تحمّست أكثر لدخول عالم الفيلم، الذي أعد الجمهور وأؤكد له في الوقت ذاته أنه سيشاهد مزيجاً فنياً وتجارياً غير مسبوق.
- يقولون في المناطق الشعبية إن هذا الفتى من ظهر أبيه أو بالعامية المصرية من صلبه. ترى، هل الاسم هنا يوحي بأنه سيتناول علاقتك بالفنان محمود حميدة الذي يلعب دور والدك في الفيلم؟
الابن هنا طفل يتيم ماتت أمه وهو صغير فربّاه الأب، وعندما يكبر يعيد سيرة الأب ويدخل في الاختبار الذي يخوّله الاختيار بين الحق والباطل. يظهر الأب في الفيلم وقد اختار وأصبح «إمام مسجد»، بينما نشاهد عبر الأحداث رحلة الابن مع الاختيار، وهل سيقلد أباه أم يصبح شخصاً آخر غيره!
- أن تحمل عبء عمل كامل على كتفيك شيء يعتبره البعض حملاً كبيراً، فهل تعتبر البطولة حملاً أم فرصة؟
أنا وبشكل شخصي كنت متخوفاً جداً من البطولة، وعندما عرضها عليَّ وحيد حامد ومحمد يس في تجربة «الوعد» كنت متوجساً منها وأخبرتهما وقتها أنني قد وقّعت فيلماً مع المخرج عمرو سلامة بعنوان «زي النهاردة»، وأنني لن أستطيع الارتباط معهما قبل تصويره.
وبالفعل هذا ما حدث، ودعني أشرح لك شيئاً: لو كانت مشاهدك في العمل قليلة ومساحة ظهورك صغيرة، فتستطيع الإمساك بشخصيتك والتركيز فيها، عكس البطل الذي يصبح مجبراً على التعامل مع كل العناصر، ويجب أن يتمتع بكاريزما من نوع خاص وقدرة على التعامل مع كل عناصر العمل أمام الجميع، وتقديم مستوى تمثيلي ثابت. ومن هنا، تفوق قدرة من يلعب الدور الأصغر قدرة البطل على مفاجأة الجمهور.
والبطل يجب أن يجذب الجمهور بحضوره وتمثيله طوال الوقت، وهو ما يلقي عبئاً أكبر على البطل طوال تصوير الفيلم. وأعتقد أن تجربة «الوعد» هي التي مهّدت لي الطريق لبطولة «رسايل البحر»، وأكثر ما أفادني في مثل هذه التجارب أنني اكتسبت منها تقنيات جديدة تفيدني كممثل.
وأعمل الآن في مسلسل «العهد» مع المخرج خالد مرعي، وهو يعطي حرية الأداء، وأستغل مخزون كل هذه الأعمال في المسلسل... وفي فيلم «من ضهر راجل» مع كريم السبكي.
وأنا لا أستمتع بتقديم أدوار مكرّرة وأعد الجمهور بتنويع أدواري، فكيف تضحّي بوقتك وروحك ونفسك ولا تشعر بالمسؤولية؟
- لعب العديد من النجوم الكبار، مصريين وعالميين، دور الملاكم، فما الجديد الذي ستقدمه لجمهورك في «من ضهر راجل»؟
أراهن هنا على أنني ملاكم بالفعل، فلقد تدربت على الملاكمة لمدة سنة كاملة، بالإضافة الى إعدادي الجيد للشخصية. حتى على المستوى الشكلي، أستطيع الآن الانضمام إلى منتخب مصر للملاكمة، وهو شيء يحدث على المستوى العالمي أيضاً.
فالممثل يجب أن يقنع الجمهور بأنه يجيد الملاكمة بالفعل، وهو ما لم يكن يحدث في الماضي، حيث كانوا يهتمون بالجانب الشكلي فقط، أما الآن فالجانب الواقعي هو الأهم. وللعلم، كريم السبكي كان يمارس هذه الرياضة ويرغب في تقديم فيلم حقيقي عنها، وكل ما أستطيع قوله اننا سنقدم الجديد في موضوع الفيلم الذي يتعرض لرياضة الملاكمة.
- ماذا عن شخصيتك في الفيلم؟
ملاكم شاب يدعى «رحيم»، وهذه المرة الأولى التي أكشف فيها عن اسم شخصيتي في الفيلم وأنا من اختاره، لأن الاسم الأصلي في السيناريو كان مشابهاً لاسم شخصيتي في مسلسل «البلطجي»، وهو ما طلبت تغييره حتى لا يحدث أي خلط بين العملين، وأجده مناسباً لشخصيتي في العمل أيضاً.
- عام كامل مضى على إعلانكم بدء مشروع «من ضهر راجل»، هل تعتقد أن هذه فترة منطقية؟
السينما كانت تمر بظروف صعبة للغاية طوال هذه الفترة، من أهمها افتقادها الرواج الجماهيري المطلوب، بالإضافة الى بدء مواسم جديدة للسينما. وعموماً لكل شيء وقته، فقد صورنا فيلمنا «أسوار القمر» واستغرق خمس سنوات حتى وجد طريقه إلى دور العرض.
وأنا واثق بأن هذا وقته المناسب، لأنني قدريّ جداً وأثق بأن الله سبحانه وتعالى يختار لنا أفضل الأوقات، بل أرى أن التأخير في بدء تصوير «من ضهر راجل» أفادنا في الاستعداد الجيد، ومعنا محمود حميدة وياسمين رئيس وصبري فواز ووليد فواز وعلاء مرسي، ولم نستقر بعد على موعد عرضه، لكن المؤكد أنه سيكون خلال عام 2015.
- أنت أحد أبطال مسلسل «العهد»، فأي عهد تقصدون؟
لا أستطيع الحديث عن «العهد» بناءً على تعليمات صناع العمل، وإن كنت أؤكد أنه سيكون مسلسلاً غير مسبوق سيعيد الجمهور إلى عصر كان الجميع يلتفون حول الشاشة في انتظار حلقة مسلسل معروض في رمضان.
- كيف ترى شكل المنافسة الرمضانية هذا العام؟
لا أستطيع تقييم شكل المنافسة. وفي رأيي، من يشاهد أي عمل، لا بد من أن تكون لديه عوامل خاصة به تجذبه إليه. وبالنسبة إلي، لو لم يعرض المسلسل في رمضان فسيتم عرضه في أي وقت آخر، وأنا لا أضع أبداً كلمة منافسة إلا في الأعمال المتشابهة، وهو أمر نادر الحدوث. كما انني لا أتحدى إلا نفسي، وواثق بأننا سنقدم مسلسلاً محترماً وثقيلاً سيعيد الجمهور مرة أخرى إلى عهد أن تجلس وتنتظر المسلسل.
حياتي الخاصة
- لماذا لا يعرف الجمهور الكثير عن حياتك الخاصة؟
أفضل دائماً إبقاء حياتي بعيداً عن الأضواء. وما يمكنني قوله، إنني أعيش حياة سعيدة ومستقرة مع زوجتي التي درست الاقتصاد والعلوم السياسية، ومتطوعة في عدد من الجمعيات، وتملك مركزاً خاصاً للياقة البدنية، ولديَّ ابن اسمه طاهر، وهما أغلى ما في حياتي.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024