تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

الشيف السعودية منى موصلي: في كل طبخة أسرار لا يتوقعها الآخرون... تحلم بالوصول الى العالمية وإعداد برنامج تلفزيوني

أنهت الشيف السعودية منى سليمان موصلي مشاركتها في البرنامج العالمي للطهاة The Taste، بنسخته العربية، بعدما فازت المشتركة المصرية في فريق الشيف المصري علاء الشربيني، واحتلت موصلي المركز الثاني بين أعضاء لجنة تحكيم البرنامج الذي حصد أكثر من 100 مليون مشاهدة من أنحاء العالم، خلال النُسخ السابقة، وقد عُرض في أكثر من 20 دولة على قناة "النهار" المصرية، وبمشاركة 36 متسابقاً من مختلف الدول العربية، إذ قامت فكرته على اختيار عضو من لجنة التحكيم، فريقاً معيناً لتدريبه وتأهيله للدخول في منافسات قوية، حتى يفوز بالمركز الأول. "لها" التقت منى موصلي، التي حدثتنا بدورها عن تجربتها في البرنامج، ووضع "الشيف" النسائية في السعودية، والصورة التي تغيرت عن المرأة السعودية من خلال هذه المشاركة.


التحقت في بداياتها بمؤسسات ومعاهد عالمية في سويسرا ولندن لتعلم فنون الطبخ، وخضعت لعدد من الدورات التدريبية على أيدي خبراء وطهاة عالميين ومتخصصين، بهدف اكتساب الخبرات والمهارات اللازمة في صناعة الطبخ. عن هذه البداية تقول موصلي: "حب الطعام نشأ معي منذ الصغر، ذلك أن والدتي سورية الجنسية، ومن المعروف أن الطعام السوري يحمل الكثير من النكهات المميزة والمكونات التي تخرج بأجمل الوصفات والأطباق. وعلى الرغم من تعلقي بالطبخ لعشقي هذا النوع من الطعام، لكن والدتي كانت ترفض تماماً أن أتخصص في دراسة الطبخ، بحجة أن هذا المجال لا مستقبل له في السعودية، خاصة قبل 10 سنوات. وبين إصراري وتأييد والدي ودعمه هذه الفكرة، من منطلق تنفيذ الحُلم لتحقيق النجاح، أنهيت دراستي الثانوية وسافرت إلى سويسرا وانتميت الى مدرسة لتعلم الطبخ والإتيكيت وترتيب مائدة الطعام وتنسيق الزهور... ومن حينها بدأ تعلقي بالطبخ يزداد، ومن ثم عدت إلى جدة وعملت في قاعة "ليلتي" رغم خبرتي الخجولة، فلم أكن شيفاً محترفة بعد، وبقيت لديهم سنة كاملة اكتسبت خلالها الخبرة... من ثم اقتنعت والدتي بفكرة السفر لأتعلم الطبخ. وبالفعل، سافرت إلى لندن عام 2006  لتعلم فنون الطبخ على أيدي خبراء وطهاة عالميين، وبعد تخرجي في معهد Le Cordon Bleu ، عدت للعمل في قاعة "ليلتي" في جدة، سافرت بعدها الى فرنسا حيث عملت في فندق "بلازا أتنييه" في باريس، مع أمهر الطهاة في العالم، ألندو كاس، الذي وجد حماسة وجدية وإصراراً ومثابرة في عملي، ورغم انه أبدى استغرابه من أنني سعودية  تُحب عملها وتتقنه في الوقت ذاته، فقد استمر عملي معه طوال سنتين... عدت بعدها إلى جدة للعمل مجدداً في قاعة "ليلتي"، واليوم أنا أعمل في الطيران الخاص".

وعن نظرة المجتمع إليها، لكونها شيفاً سعودية، تقول موصلي: "لم أهتم يوماً بآراء الناس، لسبب بسيط، هو إيماني وحبي لما أقوم به، لذلك أحصد اليوم النجاح تلو الآخر. وعندما عدت إلى السعودية، وجدت نظرات الاستغراب، خاصة عندما كنت أطبخ أمام الناس في مطعم "ملتقى" في قاعة "ليلتي"، فتاة تطهو؟ لكنهم كانوا يقتربون مني ويتحدثون إلي ويشجعونني على إكمال مشواري في هذا المجال، إضافة إلى التعليقات الإيجابية التي كنت أسمعها منهم حول الطعام المُقدم إليهم. وأذكر مرةً أن شخصية سعودية مهمة، قام برفع الشماغ الذي كان يرتديه، معلقاً بأن الأشخاص أمثالي يجب أن يُرفع لهم الشماغ".

وفي جانب آخر، تشير إلى أننا لو نظرنا إلى هذا المجال قبل 10 سنوات، لم نكن لنسمع بوجود أسماء نسائية، أو حتى شبابية، لكنني أعتقد اليوم بأن هناك الكثير من الأسماء التي غزت هذه الساحة، ما يؤكد أنهم قد خرجوا من دائرة "العيب"، ليستمتعوا بلقب "شيف" وطاهٍ عالمي، لديه الكثير من الخبرات، ويطّلع على أحدث الكتب وبرامج الطهو... وبالطبع لن يحصل هذا إن لم يكونوا شغوفين بهذا المجال، مما يساعدهم في تثبيت شخصيتهم وإظهار إبداعاتهم وابتكاراتهم فيه".
 

برنامج The Taste

عن مشاركتها في هذا البرنامج، تؤكد موصلي: "لقد اتصلوا بي، لرغبتهم بأن ينضم إليهم شيف من السعودية، إضافة الى الشيف الموجودين من مصر ولبنان وسورية، وطرحوا فكرة البرنامج عليّ، ووافقت لأكون أصغر الحكّام سناً، والوحيدة من دول الخليج في لجنة التحكيم المكونة من اثنين من الشيف الممارسين... فكنت أنا، والشيف المصري علاء الشربيني، الى جانب اثنتين من مؤلفي كُتب الطهو: السورية أنيسة الحلو، واللبنانية بيثاني كيهدي. فكرة البرنامج كانت جديدة، هو برنامج عالمي بنسخة عربية، على كل عضو في لجنة التحكيم أن يختار خمسة أشخاص في فريقه لتدريبهم وتعليمهم، وتأهيلهم بالتالي الى النهائيات. كان اختيار المتسابقين يتم من خلال تذوق الطعام بملعقة، من دون معرفة الطاهي، وهو الأصعب، وفي النهاية تأتي المفاجأة لعضو اللجنة وللمتسابق نفسه".

وعبّرت موصلي عن سعادتها بالمشاركة في البرنامج العالمي، لتصبح "الطاهية السعودية الوحيدة بين ثلاثة من أشهر الطهاة العالميين، وكان البرنامج يُعرض في أكثر من 20 دولة حول العالم، وهي مشاركة أضافت إليّ الكثير، من حيث التعرف إلى الطهاة العالميين... فتاة سعودية طاهية أمثّل بلدي في برنامج عالمي، أمر جعلني أشعر بالفخر والاعتزاز".

وتلفت موصلي إلى أن هناك مبادئ وأسساً معينة على الطاهي أن يتبعها للوصول إلى مستوى الشيف المميز قائلة: "كثر يعتقدون بأن "النفس" الحلو في الطهو يُكتسب بالدراسة، والعكس صحيح، إذ نجد الكثير من ربات المنازل ممن يتميز طعامهن بمذاق لذيذ، رغم أنهن لم يدرسن الطهو يوماً. هذا ما أرغب في ايضاحه فقط... وعلى الطاهي أن يدرك أن الطهو كأي فن آخر، له أسس ومبادئ معينة، يُلمّ بها من طريق الدراسة. لكن الأهم أن يكون الشخص محباً للطهو ومصراً على تعلّم الطبخ حتى يصل الى مبتغاه".

وتضيف: "المطبخ الفرنسي أساس كل الأطباق، فهو يعلّم مبادئ الطهو، ولا ننس أن هناك أسراراً تكتنف كل طبخة قد لا يتوقعها الآخرون".

وترى موصلي نفسها مستقبلاً في مكانة الطاهية العالمية مارثا سيتورات، عن هذا الحلم تختتم: "أتمنى أن تكون لدي برامج تلفزيونية، وكُتب للطهو، فالطبخ بالنسبة إليّ حلم لا يتوقف ولا ينتهي، وفي كل مرة أتعلم الكثير الكثير، وما زلت أطهو بنفسي لعائلتي وزوجي، وهم من أبرز الداعمين لي في مسيرتي وفي مجالي الذي اخترته عن قناعة. قريباً سيكون لديّ radio show لتقديم وصفات لكل الناس، كما أتواصل مع الجميع من خلال صفحاتي الخاصة على "فيسبوك" و "انستغرام".

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079