امتحانات الشهادة الرسمية تطرق باب مستقبل التلميذ
بدأت امتحانات الشهادة الثانوية تطرق باب مستقبل المراهق، فهي مرحلة انتقالية مهمة جدًا، والنجاح فيها يحدّد مصيره الأكاديمي والمهني والاجتماعي على حد سواء. ويبدو أنّ القلق والتوتّر لا يصيبان المراهق وحده، بل معظم أفراد العائلة.
ويتحوّل المنزل خلال فترة التحضير للامتحانات إلى ثكنة عسكرية، الكلّ فيها متأهب لمساعدة التلميذ في تخطي هذه المرحلة بنجاح.
هل حالة التأهب هذه ضرورية؟ وهل تؤثر سلبًا أم إيجابًا في أداء التلميذ؟ وكيف يمكن التخفيف من حدة التوتر والقلق اللذين يسودان أجواء المنزل؟ وما هي الوسائل المثلى التي تجعل فترة الامتحانات تمرّ بسلام للحصول على النجاح المنشود، خصوصًا إذا كان التلميذ ممن يعانون فوبيا الامتحانات؟ وماذا عن المذاكرة ضمن مجموعة أصدقاء؟
الاختصاصية في علم النفس التربوي الدكتورة لمى بنداق تجيب عن هذه الأسئلة وغيرها.
هل حالة التأهب ضرورية خلال فترة الاستعداد لامتحانات الشهادة الرسمية؟
إنّ حالة « الطوارئ» أو الاستنفار العائلي خلال فترة الامتحانات أمر طبيعي جدًا وتحمل إلى التلميذ الكثير من الإيجابيات. فهي تُشعره بالأمان والدعم العائلي، وبأنه ليس وحيدًا.
وقد لا يقتصر هذا الاهتمام على الوالدين والإخوة، بل قد يصدر عن الجد والخال والأقارب... وهذا أمر جيد أيضًا، لأنّه يُشعر التلميذ بأهميته مما يزيده حماسة ويعزّز ثقته بنفسه.
ودور الأهل في هذه الفترة مهم، إذ لا ضير في أن تُلغي الأم الكثير من نشاطاتها الاجتماعية المعتادة من أجل أن تكون حاضرة لتلبية حاجات ابنها أو ابنتها خلال هذه الفترة.
فالتلميذ يشعر بالسعادة حين يجد أمّه إلى جانبه، مما يخفّف عنه وطأة القلق والتوتّر، فهو مثلاً يجد في دخول والدته إلى غرفته حاملةً له كوب عصير أو طبق فواكه أو في اهتمام والده أمرًا رائعًا ومطمئنًا.
بعض الأهل يطلبون من الإخوة الصغار التزام الهدوء طيلة فترة الامتحانات، ألا يُشعر هذا الأمر الإخوة بالغبن؟
هذه الفترة تكون موقتة، وليس من الخطأ أن يطلب الوالدان من الإخوة الصغار التزام الهدوء، وأن يضحّوا ببعض النشاطات التي يقومون بها، ويشرحا لهم أهمية هذه «التضحية»، إذا صحّ التعبير، بأنهم يساهمون في نجاح شقيقهم أو شقيقتهم الكبرى.
فاتّخاذ هذه الإجراءات خلال فترة الامتحانات يعلّم الإخوة الأصغر أن الدرس مسألة جدّية، ويعوّدهم على المسؤولية، ويؤدّي ذلك إلى إنشاء روح التعاون بين أفراد العائلة، وكأنهم فريق عمل واحد يساهم في مستقبل شخص ينتمي إليها.
وفي المقابل، من الخطأ أن تبدي الأم كل الاهتمام بالابن أو الابنة الكبرى أثناء فترة التحضير للامتحانات، وتتصرّف في الوقت نفسه مع أبنائها الصغار في شكل عصبي، كأن تؤنبهم مثلاً إذا رفعوا صوت التلفزيون أو أثاروا ضجة، أو تحرمهم النشاطات التي اعتادوا القيام بها.
بل عليها أن تجد الوسائل التي تشغلهم، وتؤمّن لهم حاجتهم وتسمح لهم بممارسة بعض نشاطاتهم المفضّلة، وإلاّ سوف يشعرون بالغبن وبأنهم مظلومون. مثلاً إذا كان موقع التلفزيون قريبًا من غرفة التلميذ، يمكنها أن تنقله إلى مكان آخر بحيث لا تحرم باقي أفراد العائلة مشاهدة التلفزيون.
يغالي بعض الأهل في دفع ابنهم أو ابنتهم المراهِقة إلى الدرس، ويبدون استياءهم إذا ما أراد الخروج للنزهة، ألا يؤدّي هذا إلى رد فعل عكسي؟
المبالغة في إبداء الملاحظات القاسية، كأن يقول الأهل لولدهم مثلاً: «لماذا توقفت عن الدرس؟»، أو صديقك أنهى المقرر وأنت لا»، أو يحرموه مشاهدة التلفزيون، وما إلى ذلك من الأمور التي يقوم بها بعض الأهل ظنًا منهم أنهم يحفزون ولدهم على الدرس، في حين أنّهم وعن غير قصد يُشعرونه بالإحباط، ويتحوّل الدرس إلى عقاب، فيكون رد فعله عدم الرغبة في الدرس، وبالتالي الرسوب في الامتحانات.
فمن المعروف أنّ المراهق في هذه السن لا يفكّر كثيرًا في نتيجة أفعاله، والمستقبل بالنسبة إليه لا يزال أمرًا غامضًا، ويرى أن أهله هم المسؤولون عنه وأنه مهما حصل فسوف يساعدونه. ويظهر هذا النوع من التفكير خصوصًا عند المراهق الذي ليس لديه حس بالمسؤولية.
أما المراهق المسؤول فنادرًا ما يتصرف على هذا النحو، بل على العكس سوف يعمل على الاستفادة من الاهتمام الإيجابي ويبذل جهدًا مضاعفًا كي لا يخيّب ظن أهله به.
يفضل بعض التلامذة، أثناء التحضير لامتحانات الشهادة الرسمية، تشكيل مجموعة درس، ولا سيما مذاكرة المواد العلمية. هل هذه الطريقة نافعة؟
هناك كثر من التلامذة الذين يفضلون المذاكرة ضمن مجموعة، وهذه طريقة مفيدة، لأنهم يتبادلوا شرح الدروس، فقد يكون أحد أفراد هذه المجموعة غير قادر على فهم فكرة في مادة الفيزياء أو الرياضيات، ويساعده الدرس مع شلة الأصدقاء في فهم المادة، فأحيانًا يستطيع الزميل في الدراسة أن يشرح الدرس لزميله أفضل من الأستاذ، خصوصًا إذا كان التلميذ من النوع الخجول ولا يجرؤ على الطلب من الأستاذ إعادة الشرح، فيما يفعلها مع زميله.
كما أنّ الدرس ضمن مجموعة، يحفّز أفرادها على النجاح. إذًا لا ضير أن يوافق الأهل على استقبال مجموعة الدرس والاهتمام بها، وتشجيعهم على النجاح.
ومع ذلك، فإنّ لهذا النوع من المذاكرة شروطًا، وأهمها أن تقتصر على ثلاثة أو أربعة أفراد لا أكثر، وأن يكونوا تحت رقابة الأهل. فقد تتحوّل ساعات المذاكرة إلى ساعة محادثة وثرثرة. كما يجدر أن تقتصر على المواد العلمية التي تتطلّب الفهم لا الحفظ.
هل يجوز تعيين أستاذ خصوصي أثناء فترة الاستعداد لامتحانات الشهادة الرسمية، لمادة محدّدة يعاني منها التلميذ صعوبة، تلافيًا لاحتمال الرسوب؟
قبل الإجابة بنعم أم لا هنا أسأل لماذا انتظر الأهل الى فترة الامتحانات، كان الأجدى بهم أن يحلّوا هذه المشكلة خلال الفصل الدراسي. ومع ذلك لا ضير في تعيين أستاذ خصوصي خلال الفترة الممتدة ما قبل الامتحانات، ومساعدة التلميذ على فهم المادة التي يعاني صعوبة في فهمها.
إذا كان التلميذ يعاني قلقًا أو رهبة الامتحانات، ماذا يمكن أن ننصحه، وكيف يجب على الأهل التعامل مع ذلك؟
الخوف من الامتحان أو فوبيا الامتحانات هو العائق الأكبر أمام التلميذ، فالخوف من الفشل هو مثل أي نوع آخر من الخوف، أي أنه حالة عاطفية تولد من اللاوعي للحماية من المشاكل.
ومن أسبابه عدم فهم ميكانيزم النجاح. وعدم القدرة على التعامل مع الفشل، سببه عدم القدرة على تحمّل المشاعر المرافقة له من شعور بالعار والإحباط والخزي والذنب، وأكثر من ذلك في بعض الحالات. والخوف من ارتكاب الأخطاء أمام الآخرين، سببه ضعف الثقة بالنفس والحساسية العاطفية.
بالنسبة إلى الأهل، يمكنهم المساعدة من خلال ما سبق وذكرناه، بالإضافة إلى تقديم كلمات الدعم المعنوي من خلال إظهارهم مدى ثقتهم بقدرات ولدهم أو ابنتهم، فهذا يعزّز ثقة التلميذ بنفسه.
أما بالنسبة إلى التلميذ
- التفكير بإيجابية ومفتاحها الثقة بالنفس
- التخطيط للدراسة مسبقًا من خلال وضع جدول والالتزام به
- المراجعة المستمرة أفضل من الدرس قبل الامتحان بيوم
- إعطاء كل مادة الوقت المناسب لها
- التغذية السليمة والصحيّة
- القيام بالتمارين الرياضيّة
- عدم تناول المنشطات من أدوية ومشروبات لفداحة تأثيرها في الجهاز العصبي وإمكانية إدمانها
- الابتعاد عن أصدقاء السوء وحتى عن الذين يعانون الخوف أو المشاكل العصبية
- النوم الجيد
- عدم وضع التلفزيون أو الكمبيوتر أو أي نوع من الألعاب الإلكترونية في غرفة النوم
- الجديّة في الدراسة والتخيّل أن كل شيء يسير وفق ما هو متوقع
هل ممكن أن يكون الخوف من الامتحانات حالة مرضية؟
بالطبع، إذ تتراوح حالات الخوف من الامتحانات من حالة صحيّة مقبولة تكون دافعًا الى العمل بجدية والتزام، ولا تؤثر في وظائف الجسم والجهاز العصبي، إلى حالة مرضية.
فالتوتّر الإيجابي الصحي يزيد من إفراز الهورمونات التي تولّد الطاقة والنشاط بمعدلات أعلى من الطبيعي، وبذلك تساعد في فترات المذاكرة الطويلة نسبيًا.
أما الحالة المرضية فتؤثّر بشكل مباشر في وظائف الجسم والجهاز العصبي. ففي الحالة المرضية يصبح لدينا ضعف في التركيز، ترافقه أنواع شتى من الحالات مثل الشعور بالدوخة أو الغثيان أو التوتر الشديد أو زيادة ملحوظة في سرعة خفقان القلب أو التعرق أو عدم القدرة على تذكّر ما تم حفظه. وفي بعض الحالات عدم القدرة على الحفظ، أو حرارة عالية فجائية أو ميل إلى النوم المتواصل، أو قيء أو فقدان حاد للشهية أو إسهال.
ولكن هذه الحالة المرضية ليست وليدة الساعة، فالتلميذ الذي يعاني الرهبة من الامتحانات، يمكننا أن نكتشفه في بداية العام الدراسي. ولهذا ليس مقبولاً الانتظار إلى نهاية العام وخوضه امتحانات الشهادة الرسمية لمعالجة ذلك.
فالعلاج يحتاج إلى وقت وإلى متابعة من الأهل والمدرسة، والمُعالج الذي يعمل مع التلميذ. ففي النهاية، لمعالجة هذا القلق من الامتحان، نجد أن مفتاحه من خلال دعم التلميذ لتطوير ثقته بنفسه من جانب الأهل والمعلمين، وتهيئة المواقف التجريبية لمساعدته على التأقلم مع موعد الامتحان. ونجد أن معظم حالات القلق تزول بمجرد أن يفكّر التلميذ بإيجابية ويصبح لديه ثقة بنفسه.
ما هي طرق المذاكرة الصحيحة التي تنصحين بها التلامذة الذين يستعدّون لخوض امتحانات الشهادة الرسمية؟
- أخذ قسط وافر من النوم كي تتمكن الذاكرة من تحليل المعلومات التي أُدخلت إليها وترتيبها في شكل منطقي، واستخدامها في شكل صحيح.
- الدرس في شكل متقطع، أي أن ينال التلميذ قسطًا من الراحة مدة ربع ساعة، بعد كل ساعة درس، كي يسمح لخلايا الدماغ بتحليل المعلومات التي حفظتها الذاكرة، فبهذه الطريقة ترسخ المعلومات في شكل طويل الأمد.
- القيام بنشاط رياضي أو ترفيهي ولو لفترة قصيرة حتى يتمكن من تنشيط ذاكرته وتخفيف حدة قلقه وتوتره.
- مراجعة سريعة للمواد التي درسها قبل يوم واحد من موعد الامتحان. ومن المفضل أن يضع مخططًا للأفكار الرئيسية والمهمة لكل مادة على دفتر ملاحظات، كي لا تتداخل المعلومات الثانوية غير المهمة والمعلومات الأساسية المهمة، خلال ساعات الامتحان، فيخلط الحابل بالنابل.
- تلاوة ما قد حفظه غيبًا على أحد والديه، خصوصًا إذا طلب ذلك. ويمكن الأهل بدورهم عرض الأمر عليه إذا لم يطلب مساعدتهم. فهذا الأمر يمنحه ثقة أكبر بالمعلومات التي حفظها.
- بقاء الأهل في المنزل وخصوصاً الأم التي عليها تأمين حاجاته وليس الخادمة. فحاجات التلميذ لا تقتصر على تأمين الطعام والشراب، بل يحتاج إلى وجود الأم كي يشعر بالأمان النفسي والدعم المعنوي.
- تعلّم فن الاسترخاء عند الشعور بالتوتر والقلق. ويكون ذلك بالمكوث مدة خمس دقائق في غرفة هادئة ذات تهوئة جيدة وإضاءة خافتة، والاستلقاء أو الجلوس على مقعد، لكن في وضعية استرخاء للجسم، ومن ثم إغماض العينين وتذكّر الأحداث السعيدة، تخيّل لحظات النجاح، وإبعاد الأفكار السيئة.
- الدرس في غرفة قوية الإضاءة ومرتّبة، وارتداء ملابس زاهية الألوان والمحافظة على النظافة البدنية، فهذه الأمور تساعده في الدرس في شكل جيد.
الأكثر قراءة
إطلالات النجوم
فُتحة فستان ليلى علوي تثير الجدل... والفساتين...
إطلالات النجوم
مَن الأجمل في معرض "مصمّم الأحلام" من Dior:...
أخبار النجوم
يسرا توضح حقيقة خلافاتها مع حسين فهمي
أكسسوارات
تألّقي بحقيبة الملكة رانيا من Chloé... هذا سعرها
إطلالات النجوم
الـ"أوف شولدر" يغلب على فساتين نجمات الـ"غولدن...
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024