شيما هلالي: أشعر بأنني سلحفاة لكن خطواتي ثابتة وسأصل حتماً
بيضاء كبداية، وأصيلة كابنة بادية. تختار أغنيتها بمواصفات قديمة، فمدرستها الفنية لم تواكب ما هو سائد. لكن إطلالتها تكشف تفاصيل امرأة عصرية تحب الغناء والإصغاء إلى صوت ابنة بلدها ذكرى التي لم تعوّض رحيلها فنانة أخرى. تعبّر شيما هلالي عن انزعاجها بهدوء، فقد تصالحت مع الواقع بعدما قرّرت عدم الاعتزال حتى لو سارت بخطوات سلحفاة ... أسماء فنية كثيرة ذكرتها امرأة جميلة من دون جراحة وجريئة من دون تجريح في هذا الحوار.
-تتردّدين بكثرة إلى بيروت ...
نعم، وبات الخبر ينتشر سريعاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي الآن. أزور لبنان على الدوام. وأشعر بأنني أستمد الطاقة منه. شعبه حيوي للغاية، وهو بلد الفن. قد تكون شهادتي به مجروحة كوني أقمت فيه 7 سنوات وانطلقت منه.
-هل كنت تخططين للانطلاق من لبنان حين أقمت فيه طوال هذه السنوات؟
انطلقت فنياً من لبنان حين شاركت في برنامج «ستار أكاديمي». لكن قبل ذلك، كنت قد شاركت في مهرجانات عدة في تونس مثل قرطاج. وكان عمري 17 عاماً حينها، كنت أصغر فنانة تقف على مسرحه.
-ما هي خلفيتك الفنية قبل خوض تجربة برامج المواهب؟
أنا خريجة المعهد العالي للموسيقى في تونس. وكما قلت، سبق لي أن شاركت في مهرجانات قرطاج والحمامات ومنزل تميم للهواة. شاركت في أول برنامج للهواة بعمر 11 عاماً، وكان بعنوان «الخطوة الأولى» حيث تنافست مع من يكبرني بسنوات.
-هل تذكرين لمن أديت أغنية في هذا البرنامج؟
أديت أغنية «على مهلك يا هوا» لنجوى كرم.
-كطفلة تونسية، لمَ اخترت هذه الأغنية اللبنانية بالذات حينها؟
أحب نجوى كرم كثيراً، واللهجة اللبنانية أيضاً. كما أستمع إلى أغاني فيروز ووديع الصافي وصباح رحمهما الله. وشاءت الصدفة أن أشارك في برنامج ثانٍ للهواة في لبنان، وشجعني والدي على هذه الخطوة كثيراً. كان واثقاً بموهبتي الغنائية بينما يهوى هو كتابة الشعر، لكن يبقيها موهبة شخصية.
-إذا عُدتِ بالزمن إلى الوراء، أي أغنية ستختارين من أعمال نجوى كرم الحالية بدل «على مهلك يا هوا» أمام لجنة تحكيم؟
أفضل أن أختار من الأعمال القديمة، وهذا لا يعني أن نجوى كرم لا تصدر أغنيات جميلة حالياً. لكنني أنتمي إلى المدرسة الفنية القديمة، وثمة كلمات محدّدة تلامسني. وهذا كان حاضراً بقوة لدى «نجوى كرم القديمة». سأؤدي أغنية «خيّروني» أو «الجار قبل الدار» لو عدت بالزمن إلى الوراء.
-القاسم المشترك بينك وبين شمس الأغنية الآن هو المخرج فادي حداد كونكما تتعاونان معه في أعمالكما المصوّرة ...
نعم، تعاونت مع فادي حداد في أغنيات «فاكرة» و «إمتى نسيتك» و «يا نهار» أخيراً. وضع مدير أعمالي عمّار لطيف فكرة أغنية «إمتى نسيتك»، وقد نغيّر مع فادي تفاصيل بنسبة 70 في المئة خلال المونتاج. وأكثر ما يميّزه الصورة الجميلة التي تهمّ أي فنانة.
-هل تشعرين بأنك امرأة بملامح مختلفة في الأغاني المصوّرة؟
لا، فأنا أصرّ على أن أبقى مطابقة لملامحي الحقيقية. أنا المرأة نفسها حتى أن البعض يجدني أجمل حين أقابلهم شخصياً ويتفاجأون بطول قامتي أيضاً. فبعض المخرجين لم ينصفوا صورتي.
-ماذا عن أغنية «يا نهار» المصوّرة؟
رغبتُ في تصوير هذه الأغنية في مصر مع الشكر لشركة الإنتاج Lifestyle Studios. شعرت وأنا أؤدي هذه الأغنية بكلماتها الشعبية بأنني في حلّة مصرية رغم أنني لم أكن أرتدي أزياء مصرية. أحببت أسوان كثيراً، حتى لون نهر النيل فيها مختلف. قد يكون اكتظاظ القاهرة غيّر لونه. استقبلني أهل أسوان بطيبة. وقد قال فادي حداد للإعلامي التونسي هادي زعيّم في قناة «التونسية» إن «يا نهار» من أهم الكليبات التي نفّذها في حياته.
-إلى أي مدى نافست الطبيعة هناك جمال شيما؟
كان يهمّني أن أبدو جميلة بالتأكيد، لكن أردت تقديم مشاهد جديدة أيضاً. لقد مللنا تصوير الأغاني في الاستديو، وهناك من يبخل على أعماله إنتاجياً.
-ما هو تقويمك لظاهرة استعراض الفساتين في الأعمال المصوّرة؟
يتكرّر هذا الأمر كثيراً، وأصبح التركيز على الموضة وكأن المغنية أصبحت عارضة أزياء في الكليبات، على حساب انسجام الفكرة مع مضمون الأغنية. أظن أن الأمر تسويقي بحت ... لكن لماذا ... لا أعرف ؟
-ماذا عن الحبيب في أغانيك المصوّرة، تختارين عارضين أصحاب ألقاب جمالية مثل نانسي عجرم. هل هي الصدفة؟
كل ما أفعله مدروس، والأهم أن يكون العارض منسجماً مع عمري بينما تفاجئني بعض النجمات الأربعينيات اللواتي يخترن شبّاناً في مقتبل العمر. أهتم كثيراً بالتفاصيل. شاركني وصيف ملك جمال لبنان فراس في أغنية «ولا يهمّك» تحت إدارة وليد ناصيف، وملك جمال لبنان ربيع الزين في الكليب الأخير. كما صوّرت أغنية «إحساسي» في تركيا مع عارض سويدي وسيم. أما بالنسبة إلى القاسم المشترك مع نانسي، فلم أتعمّد هذا التفصيل. لن أتأثر بنانسي عجرم في هذا الجانب، مع كل احترامي لخطواتها الثابتة. تشرّفني المنافسة الشريفة لا اللئيمة التي نعيشها.
-لكن الفنانة قد تغرم برجل يصغرها بسنوات في الواقع ...
نعم، بالتأكيد. فلتحب رجلاً يصغرها بمئة عام، لكنني قصدتُ تناغم الصورة وقصة الحب في الأغنية المصوّرة.
-من أثّر فيك فنياً؟
لطالما تأثرت بأغنيات الراحلة ذكرى. ولطالما تمنيتُ أن أغني من أعمال طلال، إذ تأثرت بألحانه التي قدّمها لذكرى مثل «إلين اليوم» ومحمد عبده وراشد الماجد ورابح صقر. وأحمد الله على فرصة التعاون مع المبدع طلال، ما أفرحني كثيراً ومنحني دفعاً للاستمرار في هذا المجال. فأنا فكرت بالتوقف عن الغناء، عشت هذه المرحلة. شعرتُ بأن المجال الفني بات سخيفاً.
-هل يمكن صوتاً جميلاً أن يستسلم بهذه السهولة؟
وجدتُ أن هناك حرباً تشن عليّ حينها، لكن نظرتي تبدّلت اليوم رغم أنني غير متعاقدة مع شركة إنتاج. أشعر بأنني سلحفاة لكن خطواتي ثابتة وسأصل حتماً.
-أي صوت تونسي عوّض غياب ذكرى؟
لم يعوّض رحيل ذكرى أي صوت تونسي. الفنان ليس مجرّد صوت، فثمة أصوات كبيرة لا تملك إحساساً. كنت أصدّق الكلمات التي تقولها ذكرى في أغانيها الحزينة والعاطفية والفرحة. لم أشعر يوماً بأن هدفها جني ثروة من الفن. وأكرّر أن ثمة منافسة شريفة وأخرى غير شريفة. أنافس لتقديم الأفضل. ومحمد رفاعي بعد أن أديت من ألحانه أغنية «إمتى نسيتك» قال لي إن عدداً من النجوم اتصلوا به مطالبين بأغنية مشابهة. وما يوجعني ان يكون اسمي مطروحاً في حفلة وتُلغى لاحقاً في ظروف غامضة. لكنني تخطيت كل هذه التفاصيل، فالناجح هو من يحارب و«عليه العين». كان لدي جمهور برنامج الهواة، بينما أشعر اليوم بأن جمهوري كبُر نتيجة ألبوم «ولا يهمّك» الذي حقّق مبيعات لافتة في الخليج. لست مجرّد صورة.
-هل تتابعين برامج الهواة؟
لقد كثُرت، ولا أجد أنها لمصلحة المواهب، بل هي برامج تجارية. محمد عساف هو الوحيد الذي برز. كنت أشعر بأنه سيفوز. التقيته وقال لي خائفاً: «أشعر بأن أحمد جمال سيفوز باللقب». وإن كنا سنتكلم على الأصوات، فغالبيتها أهم من أصوات لجان التحكيم. ينتهي برنامج فيليه برنامج آخر بعد ثلاثة أشهر.
-لو أنك هاوية اليوم، وتريدين أن يتعرف العالم العربي إلى صوتك، أي برنامج مواهب تختارين؟
لن أقف أمام أي لجنة في هذه البرامج رغم أن كاظم الساهر يعجبني وأشعر بأنه يملأ كرسيه في برنامج the Voice.
-هل كنت لتختاري كاظم الساهر أم زميله المدرّب صابر الرباعي في the Voice؟
كاظم الساهر، فلا أشعر بأن صابر سيقف إلى جانبي. ولا ألومه، قد يكون محقاً لأنه تعب كثيراً في حياته. وكل الشعب التونسي يعرف هذه الحقيقة. لقد غنّى كثيراً في تونس قبل الشهرة. لكنني لو كنت مكانه لما تصرفت مثله، فأنا لديّ القدرة على مساعدة أي موهبة تونسية.
-ماذا عن حضور شيرين عبدالوهاب في البرنامج نفسه؟
أحب عفوية شيرين، لكنها «زيادة عن اللزوم» وغير مدروسة. فالجمهور لا يملك النظرة نفسها. أحبها كفنانة كثيراً.
-وعاصي الحلاني الذي أديتِ معه دويتو «رجعلي أو رجعني»؟
عاصي رجل حقيقي في كل المواقف وبكل ما للكلمة من معنى. قلبه طيب وصادق وطفل، حتى وهو يغني. قدمنا الدويتو عام 2009، أديناه في برنامج من تقديم فرح بن رجب.
-ما الذي ساهم في نجاح هذه التجربة؟
السبب هو ثقة عاصي الحلاني بنفسه، إذ لا يجد مشكلة في أن يغني معه صوت جميل. لقد أعطاني حقي في الدويتو، وغنيت بحرية معه، بينما هناك من يضع عراقيل كثيرة ويقلّل من شأن موهبة جديدة. المنافسة الغنائية بيني وبين عاصي كانت جميلة. لقد قدّم دويتوات مع صوت نسائي ورجالي، ويخدم العمل قبل أي شي آخر.
-ألاّ تشعرين بالشبه الكبير بينك وبين زوجة عاصي الحلاني، كوليت بولس؟
لقد شبّهني عاصي نفسه بزوجته. وكنا نصوّر برنامجاً على المسرح الذي اعتلاه قبلي، وحين تقدّمت نحوه ظن أنني كوليت. هي امرأة جميلة وملكة جمال لبنان في النهاية. وأنا ملكة جمال تونس ! (تقول ممازحة).
-في عالم الفن الكثير من الملكات ... مثل أحلام وميريام فارس، هل تحبين الألقاب؟
يلقّبني معجب كويتي بـ«الملكة»، وأخجل من أن أرد عليه تجنباً لغضب أحلام. كما يلقبونني بسلطانة الطرب أحياناً. لكنني لا أحب الألقاب واسمي كافٍ. أحببت أغنيات أحلام التي لحّنها طلال، كذلك أغنية «اللي حصل» لعبدالله الرويشد. طلال، هرم من أهرام الفن الخليجي.
-ما هو آخر تعاون بينكما؟
«إحساسي»، وهي أغنية رومانسية. وتواجدت في مصر لمدة شهرين لتصوير أغنيات بأسلوب الجلسات، كلها من ألحان طلال .. وجمعني دويتو «القضية» من بين هذه الأعمال بالفنان ابراهيم الحكمي. هو بمثابة شقيق لي. تقرّبنا من بعض كثيراً خلال هذه التجربة ونحن الإثنين من برج الثور. هو رائع ويستحق المزيد من النجاح. وسأرفع عليه قضية لمدى جمال صوته.
-آخر تكريم ...
كان عن أغنية «إيمتى نسيتك» في مصر من جمعية المنتجين العرب، ما زادني شغفاً بتقديم الأفضل. فأنا ما زلت في بداية الطريق.
-إلى أي مدى تشبهين مزاج أغانيك؟
أغنياتي تشبهني كثيراً، لا يمكن أن أؤدي كلمات لا أشعر بها. أرضي أذواق الجمهور، لكنني أميل إلى اللون الطربي الرومانسي والهادئ.
-هل تبدّلت شخصيتك وأنت تكبرين؟
شعرتُ في مرحلة ما بأنني أؤذي نفسي بعفويتي، لكنني حين نضجت أدركتُ أنني أملك ميزة في شخصيتي. أنا عاطفية كثيراً، وأبكي سريعاً وكنت أخجل من نفسي جراء ذلك. اكتشفت أنني أملك صفات المرأة ببساطة.
أناقتي The Look
-ألاّ تكبّلك الأضواء أحياناً لناحية مظهرك في الأماكن العامة؟
أنا لا أبذل مجهوداً لأعجب الناس، لأنني المرأة نفسها في السوبرماركت وعلى الشاشة وفي الشارع. أريد أن يحبني الجمهور على طبيعتي.
-هل صوتك الطربي يشبه أناقتك؟
أفضّل الأزياء المريحة أكثر من الكلاسيكية، حتى في السهرات أرتدي التصاميم البسيطة. تجذبني مجموعات Ralph Lauren. لكن في الدعوات الخاصة أحب الدانتيل. أتابع أخبار الموضة جيداً، وأحترم المكانة التي وصل إليها المصممون اللبنانيون في العالم خصوصاً إيلي صعب.
-ألاّ يشغلك لون الموسم؟
لا، فأنا لا أتقيد بما تفرضه الموضة، بل أختار ما يليق بي. لم أتقبّل تنسيق اللونين الفوشيا والبرتقالي مثلاً ! لوني المفضل هو الأبيض، وسأرتديه كثيراً هذا الصيف. وأحب لقاء اللونين الفوشيا والأبيض، أو الأسود والأحمر القاني.
-إن حُكم عليك بارتداء ماركة تجارية واحدة طوال العمر ...
سأختار دار Prada الإيطالية، أحب أزياءها خصوصاً السترات، وحقائبها.
آخر كلمة Last Word
-آخر فيلم أحببته؟
Taken3، لامستني عاطفة الأبوة نحو الإبنة وترابط العائلة في الفيلم.
-آخر كتاب قرأته.
مذكرات محمود درويش، في صفحاته أجمل ما كتب هذا الشاعر. أحب قصيدته «العودة إلى تونس» كثيراً.
-آخر برنامج جذبك.
أظن أن الموسم الأخير من «آرابز غوت تالنت» كان رائعاً.
-آخر مكان زرته وأغرمت به.
مطعم Almaz by Momo الذي يقدّم أطباقاً مغربية في الإمارات مول في دبي. أحببتُ هذا المكان وأجواءه الموسيقية المميزة.
-آخر مرة تلقيت فيها هدية ثمينة.
اتصال والدتي بي هو بمثابة هدية ثمينة أتلقاها يومياً.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024