تحميل المجلة الاكترونية عدد 1078

بحث

ملل من المدرسة وخوف من الامتحانات

«يبدو على سامي الإحباط في الفصل الأخير من العام المدرسي، فنتائجه المدرسيّة كارثية، ودرجاته متدنية ولا يرى فائدة من التحضير بشكل جدّي لامتحانات الفصل الأخير.
فيما جاد لم يعد يشعر بالحماسة للمدرسة رغم أن أداءه الأكاديمي كان جيّدًا طوال العام المدرسي، وبدأ يشعر بالملل، خصوصًا أن التحضير للامتحانات مسألة مملّة، فهو يفهم كل المواد وقد درسها مرات عدّة خلال العام، إنه لا يحتاج الى المذاكرة والتحضير».
رغم أن الحالتين مختلفتان لناحية الأداء المدرسي، فإنهما متشابهتان لناحية غياب الحماسة في الفصل الأخير من المدرسة. ولكن لماذا يفقد التلميذ حماسته في هذه المرحلة من العام المدرسي؟ وهل تبرّر العلامات، سواء كانت متدنية أو جيدة عدم رغبة التلميذ في التحضير للامتحانات؟


يفقد معظم التلامذة الحماسة للدرس في نهاية العام المدرسي، سواء كانوا ناجحين طيلة العام أو العكس. وهذه مسألة طبيعية جدًا، فهم يتطلعون إلى الإجازة الصيفية بفارغ الصبر بعد عام مدرسي طويل، ويبدو الشهر الأخير بالنسبة إلى بعضهم عقابًا، أو مضيعة للوقت، ويتمنون لو أنهم يبقون في البيت بدل الذهاب إلى المدرسة بحجّة المذاكرة لامتحانات الفصل الأخير.
فيما يرى البعض من التلامذة الذين لم يكن أداؤهم المدرسي جيّدًا أن لا طائل من التحضير للامتحانات النهائية، لأنهم سيعيدون صفهم حكمًا
وفي المقابل، ينتاب الأهل القلق، فإذا كان أداء ابنهم جيدًا، فإنهم يخشون من عدم اكتراثه للتحضير للامتحانات لأنه واثق بنفسه، وبأنه سينجح، فيما إذا كان أداؤه ضعيفًا ينتابهم القلق من إعادة صفه. فماذا على الأهل أن يفعلوا؟ 

يرى اختصاصيو التربية أنّ الفصل الأخير يشكّل مرحلة انتقالية مهمة في حياة التلميذ الأكاديمية، فهو الذي سيحدّد ما إذا كان سيترفع إلى الصف التالي في العام الدراسي المقبل أم لا.
وفي المقابل، يشعر التلميذ في هذا الفصل من المدرسة بالملل، ويبدأ شيئًا فشيئًا بإهمال فروضه. لذا من واجب الأهل الاستمرار في مراقبة أداء ابنهم المدرسي، وتشجيعه على إنهاء الفصل بالحماسة نفسها التي بدأها في بداية السنة المدرسية.
فمن الملاحظ في الفصل الأخير من المدرسة أن معظم التلامذة ينهون واجباتهم على عجل غير مكترثين بالعلامات التي سينالونها، وهذا يفسّر تراجعهم.
ولكن ليس التلامذة وحدهم من يشعرون بذلك، بل قد يظهر بعض الأهل شعورًا بالملل من مراقبة فروض أبنائهم، فيبدو عليهم عدم الاكتراث بالفروض اليومية في الشهر الأخير من العام المدرسي، ولكن هذا لا يمنع قلقهم على نتائج الامتحانات النهائية.

لذا من الضروري أن يتابع الأهل اهتمامهم بفروض أبنائهم حتى اليوم الأخير للمدرسة وقبل الامتحانات. فبعض الأساتذة يعطون التلامذة فروضًا تكون بمثابة مراجعة للمادة، وبالتالي، تكون فرصة للأهل للتأكد مما إذا كان ابنهم يعاني صعوبة في هذه المادة أم لا. لذا، فإن إهمال الفروض، قد يسبب ثغرة في فهم المواد أثناء المراجعة للامتحان.
لذا على الأهل مراقبة وظائف ابنهم، والامتحانات الفجائية  التي تكثر في الفصل الأخير. فالهدف من هذه الاختبارات السريعة معرفة مستوى أداء التلميذ ومدى استيعابه، فإذا لاحظوا ثغرة، عليهم ألا تهملوها وهذا النوع من الامتحانات وسيلة جيدة  لتتحقق مما إذا كان التلميذ على استعداد للامتحان. لذا على الأهل أن تلتقوا المعلمة لتعرفوا كيف يمكنهم مساعدة ابنهم في الصعوبة التي يواجههاويكون ذلك من طريق:

تحديد الفجوة التعلمية وشرحها
تفسير المادة وتحديدًا الدرس الذي واجه التلميذ صعوبة في فهمه. فمن المعلوم أن دروس المادة تتدرّج في الصعوبة، إذ تبدو في البداية سهلة، إلى درجة قد يهمل التلميذ درسها والتركيز على شرحها في الصف، إلى أن يأتي اليوم الذي تزداد صعوبتها وتحدث فجوة تعلمية تتسع، كلما أهمل التلميذ درسها، وبالتالي تبدأ علاماته بالتراجع.
هنا يبرز دور الأم بأن تختبر ابنها في فهم المادة، ولا ضير في أن تجعله ينطلق من الدرس الذي يفهمه، وتحفّزه على الربط بين المفاهيم، بروية وهدوء ومنحه الوقت لفهمها، ومراقبة طريقة تعلمه، والتدخل لمساعدته خطوة خطوة حتى يتمكن من فهمها.
ولا ضير من إعادة الشرح مرة تلو الأخرى، ولكن عندما تلاحظ الأم أنه لم يعد قادرًا على الاستيعاب، عليها التوقف لإعطائه فترة راحة ثم تعاود الشرح لاحقًا. ومن الضروري أن تثني على تقدمه، ما يشجعه على المثابرة.

2  التحفيز على النجاح وإن كان يواجه صعوبة
يسبّب عدم القدرة على استيعاب بعض المواد تراجعًا ملحوظًا فيها، فالتلميذ قد لا يكون متمكناً مثلاً من استيعاب مادة القواعد أو الرياضيات، ما يحمله على كرهها وعدم الاكتراث لها، وبالتالي فإنه في نهاية العام يقرر مسبقًا أنه لن ينال علامات مرتفعة.
كما أن ردة فعل الأهل تجاه علاماته المتدنية تفقده الحماسة للعمل على تخطي الصعوبة التي تواجهه، فكثيرًا ما يستسلم الأهل في الفصل الأخير لعدم اكتراث ابنهم بمادة يجد صعوبة في فهمها، ولكن هذه الصعوبة ستنتقل معه إلى العام المقبل. لذا من المهم أن يركّز الأهل على علاماته الجيدة وإضفاء قيمة على أدائه الجيد في المواد التي يبرع فيها، وبالتالي تحفيزه على المحاولة لأنه قادر على النجاح فيها طالما أنه بارع في باقي المواد.

3  العمل من أجل المتعة
من أسوأ الأمور التي تحدث للتلميذ، جعل الواجب المدرسي قصاصًا، عوضًا عن أن يكون وسيلة تعليمية تشعره بالمتعة.
غير أن التوتّر والضغط أمران لا مفر منهما، وفي الوقت نفسه على التلميذ أن يتعلم، فكلما تمنّع عن الدرس وجُب الحزم، وإن كان هناك بعض الفروض السهلة، يجب الإصرار عليه لإنجازها، فبعض التلامذة يستخفون بالفروض السهلة، التي يكون ظاهرها سهلاً ولكن يتخلل مضمونها الكثير من الخدع، خصوصًا مادة الرياضيات والقواعد.
لذا على الأم الاستمرار في مراقبة وظائف طفلها وإن بدت سهلة، وفي الوقت نفسه تجعل إنجازها أمرًا مسليًا، بأن تخصص وقتًا محددًا كل مساء لتحفيزه على التفكير في شكل عملي ممتع.

4  تذكير التلميذ بأن المدرسة سبيل إلى تحقيق الأحلام
صحيح أن الطفل يُسر لاعتزاز والدته بعلاماته الجيدة، إلا أنه لا يدرك الفائدة من ذلك. فكل التلامذة يحلمون بمهنة المستقبل، ولكنهم لا يربطون بينها وبين المجهود الحالي الذي يبذلونه في المدرسة. وهنا يأتي دور الأهل في استخدام هذا الهدف لتحفيزه على النجاح والتأكيد له أن النجاح في امتحانات آخر السنة هو السبيل الوحيد لتحقيق حلمه في أسرع وقت، وأن الرسوب سوف يؤخر تحقيقه. لذا عليه أن يدرس جيدًا ويقوم بواجباته على أكمل وجه لينجح في الفصل الأخير، فيكون بذلك قد خطا الخطوة الأولى نحو حلمه.
وفي المقابل، يشعر التلميذ بالتوتر مع اقتراب موعد امتحانات آخر السنة المدرسية، خصوصًا إذا كان الامتحان شفهيًا، إذ يجد نفسه وجهًا لوجه مع الأستاذ. وهذه الفئة من التلامذة تحتاج إلى تعلّم تقنيات خاصة لتخطّي الامتحان بنجاح.

5  التحضير للامتحان
قبل التحضير لامتحان الرياضيات أو القواعد أو التاريخ... على التلميذ أن يضع مخططًا يتضمن النقاط التي يعرفها ويفهمها في المادة التي سيدرسها. وبعد أن يعيد قراءة الدرس، يمكنه تخيّل الامتحان.
وبعدها يمكن الأم أن تسأله: «إذا كنت أنت المعلّمة، أي سؤال ستطرحه؟»، ومن ثم تطلب منه أن يرسم مخططًا ويكتب الجمل التي يفهمها. ومن ثم ومن طريق لعب دور المعلمة التي تطرح الأسئلة وفي الوقت نفسه التلميذ الذي يجيب، يستعد التلميذ لكل الاحتمالات التي سترد في الامتحان ويمرّن ذاكرته على استحضار المعلومات التي حفظها غيباً في شكل مباشر.

6  التمرين المنزلي يخلّصه من التوتر
للأهل دور في تعزيز التلميذ ثقته بنفسه، لذا عليهم التأكيد له أن الامتحان لا يهدف إلى تقويم شخصيته ومستوى ذكائه، إنما هو تقويم  لأدائه الأكاديمي وينال علامة بناءً على ذلك.
أما إذا كان التلميذ يشعر بالتوتر فيمكن الأهل الارتكاز إلى لعبة اقتباس الأدوار، إذ يمكن الأم أو الأب أن يجريا امتحانًا وهميًا في المنزل لابنهما، بأن يتصور لحظة الامتحان هذه وكأنها حقيقة، مثلاً كأن يدخل الغرفة ويلقي التحية ويجلس ويقرأ الأسئلة... إلخ ويختار له والده أو والدته موضوعًا لم يخطر بباله ويطلبان منه معالجته أمامهما.
صحيح أنه لن يشعر بالرهبة نفسها التي ستنتابه أمام الأستاذ الحقيقي، إلا أن هذا سوف يمرّنه على التفكير السريع. كما يمكنه ممارسة هذا التمرين مع شقيقه أو صديقه إذا لم يكن في مقدور الأهل القيام بذلك. وهذه طريقة فعالة كي يستعد للمفاجآت المحتملة في الامتحان. ومن الضروري تمرينه على الإجابة بصوت عال كي يشعر بالثقة.

7  تعليمات يوم الامتحان
ينبغي على التلميذ خلال ساعة الامتحان الجلوس في شكل مستقيم ملء الكرسي، وقدماه ثابتتان على الأرض ما يُعزز ثقته بنفسه، والتنفس بعمق كي يشعر بالراحة والاسترخاء.
كما عليه أن يتجنب التحديق في الأستاذ ورصد حركته. إذ من الممكن أن يقطب الأستاذ حاجبيه بسبب التعب فيظن التلميذ أنه تفوّه بحماقة، ما يفقده التركيز ويشعره بالارتباك وعدم القدرة على الإجابة.
يشعر التلميذ للوهلة الأولى أنه لا يعرف شيئًا وأنه نسي كل ما ذاكره وعلى الأهل أن يحضّروه لهذا الأمر الذي قد يحدث معه، ويطمئنوه إلى أنه إذا حضّر جيدًا للامتحان فلا خوف عليه، إذ بمجرد أن يفكر قليلاّ فسيتمكن من الإجابة، لأن المعلومات المختزنة في ذاكرته مثل «كرة الخيطان» بمجرد أن يمسك طرف الخيط،  ستنجلي الأفكار في رأسهلذا عليه  قراءة  السؤال مرتين على الأقل كي يفهمه جيدًا

المجلة الالكترونية

العدد 1078  |  تشرين الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1078