المتحدّث الرسمي باسم «مجموعة MBC» مـازن حـايك: أُذكّر نفسي دائماً بأنني لا أُمثّل شخصي ولا يحق لي إبداء آرائي
أيُّ قدر يقترب من اللبناني مجدداً ... ليقيله من وطنه أو يقتله ربما. كم بدا متأثراً بشخصيات غادرت السياسة بعدما غدرتها. هل يستعيد مكانها ؟ لا يبدو "السياسي المُحتمل" مازن حايك مُقبلاً على هذا العالم الآن. فمنذ أكثر من 10 سنوات هاجر إلى مستقبل مهني لامع، إلى دبي حيث أُعجب بانجازات أكبر من الأقوال والصور. هجر رأيه، فهو المتحدّث الرسمي باسم قنوات mbc ... صاحب الكاريزما الهادئة والكلمة الأنيقة والملامح اللبنانية الذكية.
موقعي
- بخبرتك، ما هو دور المتحدّث الرسمي؟
دور المتحدّث الرسمي من منظاري دقيق جداً، فلديه على الدوام ما يُعرَف بـ «واجب التحفّظ»، وهذا لا ينطبق فقط على ما يقوله، بل على ما يفعله في السر والعلن. صورتي هي جزء من صورة المؤسسة، وأنا أنتبه جيداً إلى علاقاتي وإطلالاتي وتصرفاتي ووجودي في الأماكن العامة. أحرص على أن أكون منسجماً مع ذاتي ومبادئي، وأن تليق سمعتي وصورتي بموقعي. أُذكّر نفسي دائماً بأنني لا أُمثّل شخصي ولا يحق لي إبداء آرائي، بل المجموعة التي أتحدّث باسمها وأُمثّلها، وبأن الرسالة تبقى دائماً أهم من ناقلها. وحين يعتقد المتحدّث نفسه أنه محور الحديث أو بأن ناقل الرسالة أصبح أهم من مضمونها، يقع عندها في المحظور!
- هل قلت هذه العبارة بسهولة: « أُذكّر نفسي دائماً بأنني لا أُمثّل شخصي ولا يحق لي ابداء آرائي»؟
نعم! أنا متصالح مع نفسي لأنني أعي جيداً طبيعة عملي من حيث ضرورة الفصل بين ما هو شخصي وما هو مهني. تمكّنت بجهد متواصل من بناء مسيرتي المهنية والمحافظة على سمعة طيبة. أتقبّل فكرة أن ثمة من لا يحبّني، لكن يزعجني أن يُقال مثلاً بأنني لست جديراً بالثقة، أو لا أتمتّع بالنزاهة، أو أنني ألهث وراء الأضواء!
- هل تقصد أشخاصاً من داخل المجموعة؟
من الداخل والخارج معاً! فهناك من يعتقد بأنني أحب الظهور، لمجرّد الظهور... ويقول ذلك سراً ويهمس به علناً. في حين أن مهمتي الأساسية هي التحدّث بالنيابة عن المجموعة وإعطاؤها حقّها والتركيز على المضمون. صحيح أنني أجد نفسي مرتاحاً أمام أسئلة الصحافيين وعدسات الكاميرات، أكان ذلك بوجود النجوم أم بغيابهم، لكن تبقى رسائلي دائماً متمحورة حول «مجموعة MBC». لا لقاءات صحافية شخصية وخاصة لي، على مدى ما يقارب 10 سنوات، وإذا وُجدت فهي لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة. أنا رجل تنفيذي ومهني بالدرجة الأولى، وإن كان لدي اليوم بُعد عام. أُطمئن «الغيارى» بأنني لست نجماً ولا هدفي النجومية، علماً أن تواصلي مع نجوم الفن والترفيه من الصف الأول هو امتياز كبير لي... لو أردت استغلال موقعي، لتمكّنت من ذلك لكن على حساب مؤسستي، وهو ما لا أرتضيه لنفسي ولا أرضى به!
- ما هي أبرز التحديات التي يواجهها المتحدّث الرسمي في أداء مهامه؟
لعل أبرز التحديات يكمن في مدى قدرة المتحدّث على الوصول إلى مركز القرار، على مدار الساعة، ومن دون وسطاء، وأن يحظى بالثقة والدعم اللازميْن داخل مؤسسته كي يستطيع التحدّث بدراية وحرية، من دون عقبات أو تبعات، وأن يكون متمكّناً ولديه المؤهلات العلمية والمهنية والشخصية... والأهم، أن تكون أعصابه «رايقة» في الأوقات كافة، وأن يبتعد عن الانفعالات والسجالات. لا يملك المتحدّث الرسمي الأجوبة عن كل الأسئلة في كل الأوقات، بل بعض الأجوبة في معظم الأوقات. أما الأسئلة الصحفية التي لا يملك إجابات عنها، فعليه استمهال السائل كي يتحقّق منها، ثم يأتي بالإطار المناسب الكفيل بإيصال الرسائل، خصوصاً في ما يتعلّق بالمسائل الحساسة. وتبقى أهم أزمة في مهنة التواصُل والعلاقات العامة هي تلك التي لا نسمع بها أبداً ولا تخرج الى العلن! ويعود الفضل في ذلك إلى الجاهزية والقدرة على استباق الأمور ومعالجتها وإدارتها والسعي إلى إطفاء الحريق قبل أن يندلع.
- ماذا عن علاقاتك مع أهل الصحافة والإعلام؟
حالياً هي ممتازة، ويحكمها الاحترام المتبادل والثقة والمهنية منذ زمن بعيد. لكن، بعد عمر طويل أو قصير لا أدري، حينما أُغادر موقعي في «مجموعة MBC»، تبقى علاقتي بالزملاء الصحافيين مبنية على المودّة والاحترام المتبادليْن. لكن بطبيعة الحال، سيتراجع اهتمامهم بي وبما أقول، لأن هدفهم ينصّب في الدرجة الأولى على معرفة أخبار المجموعة.
- الوصول إلى مركز القرار، إلى أي مدى هو حسّاس بالنسبة إليك كشخص؟
ليس حساساً بل صعب ودقيق غالباً. وللأمانة، خلال ما يقارب 10 سنوات في «مجموعة MBC»، لم أعرف يوماً أزمة ثقة مع رئيس مجلس الإدارة الشيخ وليد بن ابراهيم آل ابراهيم، الذي أقدّر وأحترم. أحاول قدر الإمكان الوقوف على آرائه والاستماع إلى توجيهاته، كما أسعى جاهداً لإبداء آرائي، لكن في نهاية المطاف، ترجح كفة المجموعة ومصلحتها على حساب أي شيء آخر.
- هل عدم الدقة مقبول في ظروف معينة؟
حتماً لا! ليس مقبولاً أن أكون غير دقيق، لأن الدقة والصدقية عنصران أساسيان في عملية بناء الثقة مع شركاء الأعمال، ومن بينهم أهل الصحافة والإعلام.
- ألا تعتمد سياسة إرضاء كل الأطراف أحياناً؟
(مبتسماً) أعتمد بالأحرى سياسة عدم الدخول في سجالات لا طائل منها، وأختار بتأنٍ «المعارك» التي أخوضها... على أن يؤدّي كل طرف دوره، وأن يأخذ كل ذي حق حقّه!.
- ألم يكن السجال مصدر نجاح أحياناً؟
قد تُحقّق السجالات عناوين إعلامية رنانة، وقد تكون عنصر جذب لجزء من الجمهور، خصوصاً لمن يبحث عن الإثارة والتشويق. لكن، بعيداً عن كل ذلك، يبقى التزامنا توفير أفضل تجربة إعلامية للعائلة العربية، وأن يحظى المشاهد العربي بما يتمتع به المستهلِك - المشاهد والمتصفّح والمستمع في أوروبا وأميركا وغيرهما، طبعاً مع المحافظة على الهوية المحلية والأخذ في الاعتبار بعض العادات والتقاليد.
- هل خانك التحضير المسبَق يوماً؟
نادراً! فمسألة التحضير المسبَق تعلّمتها من الصديق الراحل الوزير والنائب نسيب لحود الذي كان بمثابة قامة كبيرة وشخصية استثنائية بين السياسيين اللبنانيين. كان يوصي دائماً بالتحضير الجيد، وتقدير الأسئلة الصحافية المحتمَلة، والتعبير بدقة ووضوح عن المواقف، وضرورة الفصل بين الوقائع والتحليل... والأهم، أن يكون المرء مستعداً لرؤية ما يقوله في الخاص متداوَلاً في العلن ومنشوراً على صفحات الجرائد. إن ازدواجية المواقف في العمل السياسي مثلاً لا تنطبق أبداً على دوري وأدائي. وما أقوله في الخاص أكرّره في العام، شرط الالتزام بمقتضيات السرية المهنية.
- ألم يطالبك موقعك الحالي بأي تنازلات؟
طالبني موقعي بالكثير من المرونة في اليوميات، مع حرصي على عدم المساومة في الأساسيات. أُدرك جيداً أن كبار المتحدّثين الرسميين في العالم قد يخسرون مواقعهم بسبب دخولهم في هفوات ومنزلقات ومحرّمات معينة. بالنسبة إليّ، إن مربّع «الدين والسياسة والجنس... والشائعات» هو من المحظورات، وأسعى دائماً للإبتعاد عنه، ليس لأن لا رأي لي فيه أو لا جرأة لي على مقاربته، بل تجنّباً لـ «الاحتراق»، لأن موقعي يُحتّم علي ذلك. مثلاً، أنا من المدافعين عن الحريات العامة والخاصة إلى أبعد حدود، لكنني لا أستطيع التعبير عن ذلك علناً، بالقدر الذي أتمناه.
- أنت رجل ديبلوماسي...
نعم، أنا ديبلوماسي إنما بصدق ومن دون تملّق ونِفاق! بالمناسبة، فور انتهائي من دراستي الجامعية، كان طموحي الدخول في السلك الديبلوماسي. لكن، أحد أصدقاء والدي، وهو من كبار القضاة في لبنان، لم ينصحني بذلك، بل شجّعني على العمل في القطاع الخاص، كي لا أقُحم نفسي في دهاليز السياسة والإدارة العامة. أنا من المؤمنين بضرورة اتباع نهج المرونة في التصرّف والصلابة في القيم والمبادئ.
- ماذا عن طباعك الشخصية؟
أنا رجل متوازن وعقلاني من دون أن أكون صاحب صوت خافت! شخصيتي ساعدتني في الاستمرار والتطوّر والتعلّم من أخطائي والتفكير بشكل إيجابي. أنا حريص على صورتي وسمعتي، داخل MBC وخارجها. أقولها بصراحة: لا أنبهر بسهولة! أحب المعدن الصلب أكثر من البريق واللمعان.
- ألا تخشى غداً مختلفاً؟
طبعاً، لكنني متفائل بمستقبل أفضل! كما أن موقعي تحت المجهر والأضواء في MBC وخارجها، يُشكّل اليوم ما أقصاه 40 أو 50 في المئة من مجمل حياتي واهتماماتي. وتبقى النسبة الباقية لعائلتي وأصدقائي ومتابعاتي الخاصة. وأي خلل في هاتيْن النسبتيْن، أو لنقُل المعادلتيْن، لا يجوز أن يؤدّي، إن شاء الله، إلى تدهور حالتي بشكل مفاجئ غير قابل للتصحيح والتصويب والنهوض مجدّداً.
- هل تفكر بمستقبل خارج MBC؟
في الحياة، كل شيء ممكن، والأمور مرهونة بأوقاتها... فـ «لو دامت لغيرك لما آلت إليك!». التحدّي الذي يواجهني هو في أن تكون السنوات العشر المقبلة على قدر جهد وتعب وتعلّم ونجاح السنوات الماضية، أو أكثر. أعترف بأنني أفتقد الطابع العام الذي كان يميّز عملي في لبنان. فقد تعرّفت الى من كان بمثابة قدوة لي، ومثل ومثال. كنت أحترم وأحب الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وأتمتّع بصداقة متينة مع نسيب لحود، وسمير قصير، وغسان تويني، وسهيل الشماس، رحمهم الله، إضافة طبعاً إلى نجيب ميقاتي، وغسان سلامة، وعبدالرحمن الراشد، أطال الله بأعمارهم. من يمثّل لي قدوة برؤيته وإنجازاته اليوم، هو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، ولا أقول هذا الكلام من باب المجاملة، أو لأنني مقيم في دبي وأعمل في MBC. فإنجازات دبي استثنائية، ولو قدّر للرئيس رفيق الحريري أن يواصل مشروعه للبنان، لكان تمكّن ربما من تحقيق انجازات مماثلة، علماً أن الوضع في لبنان أصعب بكثير من دبي، وأكثر تعقيداً لناحية العمل العام، وعملية اتخاذ القرار والقدرة على الإنجاز. الرئيس الحريري كان لديه جزء من مجلس الوزراء مع جهاز إداري وتنفيذي شبه مشلول، واضطُر إلى التعايش في الحكم مع رئيس جمهورية لا يتّفق معه، كل ذلك في ظل وصاية تهيمن على البلد ومقدّراته، وسلطة فعلية خارج المؤسسات الدستورية .
شخصيات وشاشة
- ماذا عن البرامج التي لا تتجاوز الموسم الأول؟
تعني أننا نتعلّم من أخطائنا ونسير إلى الأمام. كلنا نخطئ وMBC تصوّب أداءها سريعاً وتسعى إلى تفادي تكرار الأخطاء نفسها. نتعلّم من التجارب ونحاول جاهدين استباق حاجات الجمهور وتطلعاته.
- هل «شكلك مش غريب» مثال؟
ممكن! لقد وقّعنا عقداً لإنتاج موسم واحد من هذا البرنامج ولم نجدّده.
- كبرنامج ضم نجمة جماهيرية بحجم هيفاء وهبي، هل تخيّلتم عدم تحقيقه النجاح المتوقّع؟
نجاح البرامج وتألّقها سلسلة حلقات متصلة، ولو أنه يكفي وجود نجم واحد لإنجاح برنامج لكانت كل البرامج ناجحة بلا استثناء!. لنتذكّر معاً أن عوامل النجاح متعدّدة ومتمثلة في: ولاء المشاهدين، والشاشة العارضة، وفكرة البرنامج المحورية، والقيمة الإنتاجية، والنص، والإخراج، وجهود التسويق والتواصُل، إضافة إلى عوامل الإبهار السمعية - البصرية، وهوية المقدّم أو المقدّمة، وثقة المعلِنين... ولا أنسى طبعاً النجوم - أعضاء لجان التحكيم. كل هذه العوامل مجتمعة تُساهم في نجاح برنامج وفشل آخر. لا يُمكن أن نحمّل عضو لجنة تحكيم مسؤولية إخفاق برنامج، كما لا يجوز أن يُقال بأن هذا النجم أو ذاك، وحده صاحب الفضل النجاح.
- هل تؤثّر الخلافات أو أداء نجم ما على الشاشة خلال عرض البرنامج في حالته التعاقدية مع MBC؟
طبعاً، فالنجم يعلم أن ثمة مستلزمات ودفتر شروط عليه الالتزام به، كما أن على MBC واجبات تجاهه. فالعلاقة مع النجوم مرنة، لأن معظمهم شركاء في النجاح، وهم ليسوا موظفين لدى MBC بل لديهم شخصيتهم المستقلة، وابداعهم، ومسيرتهم، وجمهورهم، والتزاماتهم. لذا، تسعى المجموعة إلى «تدليلهم» بالتفاصيل الإجرائية التي تسهّل أداءهم المهمات الملقاة على عاتقهم خلال الفترة التي يتعاونون فيها معها... ولكن، من دون أن يكون لهم سلطة ما في السياسة العامة للمجموعة واستراتيجيتها وخططها من حيث القنوات والبرامج وغيرها.
- هل أدارت MBC ظهرها يوماً لنجوم كان سقفهم عالياً؟
صدر MBC رحب وقلبها يتّسع للجميع، وهي لا تدير ظهرها لأحد، إلاّ لمن يسيء إليها! نحن نؤمن بالمنافسة، ومن يرغب في التعاون معنا فـ «أهلاً وسهلاً»، أما من يختار غيرنا فنتفّهم ونقول: «الله يهديه».
- من هو المصدر الموثوق لديكم لإحداث تصويب وتغيير؟
أولاً، ولاء الجمهور ونسب المشاهدة المعزّزة بالدراسات الإحصائية والأبحاث التسويقية؛ ثانياً، الصحافة والنقد؛ ثالثاً، وسائل التواصل الاجتماعي التي تعكس أهواء بعض الناس وتوجهاتهم في أوقات محدّدة؛ ورابعاً، ثقة المعلنين ودعمهم، فلا إعلام قوياً وناجحاً من دون موارد مالية مستدامة.
- ما من شاشة تنافس MBC اليوم؟
ما من أحد ينافس MBC اليوم بالمعنى التقليدي للمؤسسات الإعلامية كما نعرفها. المنافسة تأتي من خلال قطاع التكنولوجيا والعالم الرقمي، مثل: Google وYoutube، وتويتر، وفيسبوك، و Netflix، وApple، وغيرها. ما أنتجته «ثورة المعلومات والتكنولوجيا» أدى إلى فورة إعلامية ضخمة، انعكست تغييراً في أوقات وأنماط وأماكن استهلاك الناس للإعلام.
- هل ثقة MBC بنفسها جعلتها تلجأ إلى ترميم برنامج بعنوان «إكس فاكتور»؟
ثقة MBC بنفسها هي نتيجة لرؤية الشيخ وليد بن ابراهيم آل ابراهيم، رئيس مجلس الإدارة، التي وُلدت عام 1991، واستمرت عبر إنجازات على مدى نحو 24 عاماً، ومن غير المنصف حصرها بـ «إكس فاكتور» رغم أهميته. بأمانة، يستحق الشيخ وليد آل ابراهيم أن يكون «شخصية العام الإعلامية»، هذا العام وكل عام، بانتظار أن يظهر ربما شخص عربي آخر يملك الرؤية الثاقبة التي تؤهّله للتفوّق في انجازاته. وبالعودة إلى «إكس فاكتور»، فإن إحياءه مجدداً كان تحدياً بحد ذاته.
- وصفت الشيخ وليد آل ابراهيم بـ «شخصية العام وكل عام إعلامياً»، لماذا؟
تعلّمت من الشيخ وليد آل ابراهيم ألاّ أضع سقفاً لطموحاتي، هو الذي استطاع تأسيس مجموعة إعلامية ضخمة، بدأت بقناة واحدة في لندن عام 1991واستمرت وأصبحت على ما عليه اليوم. هو رجل متواضع وعائلي يعشق التفاصيل، وقد منحني امتياز التواصل معه مهنياً على مدار الساعة. رغم انشغاله وسفره وأولوياته، لم أشعر يوماً بأنه لا يملك الوقت الكافي لإبداء ملاحظاته القيمة على أدائي وأداء غيري من الزملاء في المجموعة. وأهم ميزاته أنه يعمل بصمت ولا يحب الظهور ولا الأضواء. تخيّلي: رئيس مجلس إدارة أكبر مجموعة إعلامية عربية خاصة، يكاد لا يطل في الإعلام!... لديه على الدوام لفتات انسانية ومبادرات جميلة، وكما نقول بالعامية اللبنانية: «إيده اليمين ما بتعرف شو بتعطي إيده الشمال» من خير وعطاءات. بأمانة، أنا لا أصف هنا رئيسي، بل الرجل – الإنسان الذي عرفته.
- هل حقق «إكس فاكتور» على MBC نسبة مشاهدة متساوية مع «أراب آيدول»؟
البرنامج مستمر ولم ينتهِ عرضه بعد! لكن، المؤشرات الأولية تفيد بأنه حقق نسب مشاهدة أعلى بكثير من «إكس فاكتور» بنسخه العربية السابقة.
- هل هذه إجابة مقنعة فعلاً أم تهرُّب من السؤال؟
لماذا؟! نحن لا نحب مقارنة برامجنا ببعضها، تماماً كما الأم التي ترفض التمييز بين أولادها! حين يقدَّم «إكس فاكتور» على الهواء يكون أفضل برنامج بالنسبة إلينا، ونقارن أداءه بغيره من البرامج على الشاشات الأُخرى.
- هل الطاولة التي يجلس عليها 3 أعضاء أفضل من تلك الرباعية؟
ما من قاعدة عامة، لكن قد يُساهم ذلك في تسريع وتيرة البرنامج وإعطائه حيّزاً أكبر للمواهب المشاركة. أشاهِد بانتظام الصيغ الأميركية من the Voice على شبكة NBC والفرنسية على TF1، وأداء المدرّبين الأربعة في كل منهما أكثر من رائع وإيقاعهما سريع جداً. إذاً، المسألة ليست في عدد النجوم – أعضاء لجان التحكيم أو المدرّبين، بل في طريقة تأديتهم لدورهم.
- برأيك، هل تأخذ إليسا هذه الملاحظة في اعتبارها؟
أكيد، والجواب يأتي عبر مقارنة أداء إليسا هذه السنة بأدائها السنة الماضية، وتجربتها التلفزيونية متميّزة وليست بحاجة إلى شهادة مني!
- هل تشبهك إليسا أم لا تشبهك أبداً؟
في أول لقاء لي مع إليسا، التفتت نحوي وقالت بشكل صريح ومباشر: «أنا لا أحبك!»، علماً أنني لم أكن أعرفها على المستوى الشخصي قبل «إكس فاكتور». فأجبتها بأنني أحترم رأيها، وسأسعى إلى أن تحترمني مع الوقت، لا أن تحبّني بالضرورة! لكن الأمور بيننا تغيّرت جذرياً منذ ذلك اللقاء... إليسا نجمة متألّقة، ومن النجمات اللواتي صنعن أنفسهن بأنفسهن، وتعبّر عن رأيها وخياراتها جهاراً، من دون ريبة أو مجاملة. نتشابه من حيث العصامية والاتكال على النفس وحبّنا للموسيقى العالمية وتعلّقنا بلبنان... وقد نتمايز عن بعضنا في مسائل أُخرى.
- وهل حب الموسيقى هو أيضاً سر تعلّقك بـ «محبوب العرب» محمد عسّاف؟
عصامية محمد عسّاف ومعدنه الصلب وموهبته الخارقة هي السبب في تعلّقي به ودفاعي عنه، إضافة إلى مواكبتي عن قرب لمراحل تدرّجه «من الصفر إلى النجومية» عبر رحلة «أراب آيدول». محمد شاب فلسطيني لم يجرؤ على الحلم طيلة حياته، وحين تحقّق حلمه، لم يتغيّر ولم يُصب بـ «جنون العظمة». وهو نجح عبر الفن بأن يحمل رسالة شعبه وقضية وطنه المحقة إلى العالم.
- ماذا عن the Voice Kids؟
برنامج عالمي رائع بفكرته المنبثقة عن البرنامج الأصلي the Voice، وهو ترفيهي وعائلي بامتياز لكن أبطاله أطفال.
- ألا يتعارض حضور نانسي عجرم فيه مع مشاركتها في «أراب آيدول»؟
لا أبداً! أُحب نانسي عجرم من كل قلبي وأتمنّى أن تكون «مدرّبة» في the Voice Kids، إضافة إلى دورها وسحرها في «أراب آيدول». لكن، لا يمكنني اليوم الجزم بمشاركتها النهائية قبل أن تكتمل مسألة التعاقد معها والإعلان الرسمي عن كل التفاصيل العائدة إلى برنامج. نجومية نانسي عابرة لكل الأعمار والأزمنة والأوقات، ولديها تجربة ناجحة جداً مع أغاني الأطفال.
- ألن تمنحوا المشاهد إجازة من برامج المواهب؟
لا إجازة في المدى المنظور! لن نتوقف عن اكتشاف المواهب، لأن المواهب والمهارات كثيرة في العالم العربي، وبحاجة ماسة إلى تسليط الضوء عليها ومنحها فرصاً، وبالتالي لإبقاء شمعة الأمل مضاءة. وكما قال راغب علامة في مؤتمر إطلاق «إكس فاكتور»: «خيارنا الفن مقابل الدم».
حياتي
- ماذا ورثت عن والدك الصحافي الأستاذ جبران حايك؟
كان والدي، رحمه الله، مالك وناشر جريدة «لسان الحال»، التي توقف صدورها إبان الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975 – 1976. كانت مطبوعة يومية تصدر ظهراً وتنافِس أكبر الصحف اللبنانية. خسرها في الحرب، وخسر معها والدَيْ ممتلكاتهما ومدَّخراتهما، فعملا على تأمين تحصيلنا العلمي في ظل ظروف صعبة. قد يكون قدر اللبنانيين أن يخسروا كل شيء في الحروب، وأن يعيشوا بعيداً عن أولادهم طيلة حياتهم وحتى مماتهم. اليوم، يقيم أحد أشقائي في نيويورك والآخر في هونغ كونغ، بينما أقيم أنا مع عائلتي في دبي. خرجنا من رحم المعاناة، فكيف لي أن أخاف من فقدان بعض الامتيازات التي أتمتع بها اليوم؟! رحل والدي عام 1992، وهو كان مثالياً إلى حد الزهد، وأنا لم أكن أتّفق مع هذا الجانب من شخصيته. هو مثلاً، لم يكن ليقبل بفتح حساب مصرفي بالعملة الأجنبية، ولا بالحصول على جنسية أُخرى غير اللبنانية، وذلك من باب الانتماء إلى وطن والولاء له. قد أكون اقتربت أكثر من شخصية نسيب لحود لأنه جمع بين مثالية المبادئ ومرونة الفكر العملي.
- ماذا عن طموحك السياسي وشغفك بالحقل العام؟
(ممازحاً) استبدلتُ أصدقائي السياسيين بآخرين من نجوم الفن وأهله!... فهؤلاء ما زالوا قادرين على التفاؤل بغد أفضل، خلافاً للسياسيين، كما أن جلساتهم أجمل، وهم أكثر قدرة على الانجاز في مجال اختصاصهم. لنتكلّم بصراحة: وضع لبنان معقّد وشائك، والسنوات العشر المنصرمة شهدت جموداً بل تراجعاً رهيباً على كل الصعد والمستويات. يؤسفني أن يكون أقصى طموح اللبناني اليوم هو أن يتفادى حرباً أهلية جديدة، وإن بعناوين مختلفة هذه المرّة. حين أسمع هذا «الطموح» من بعض السياسيين، أعتبره نوعاً من أنواع «الاستسلام» والتنازل عن الحلم بلبنان أفضل، خصوصاً بعدما استفحل الفراغ والفساد والتسيّب في البلد، وغابت الدولة ومؤسساتها وأجهزتها، وانحسر الدور في المحافل الدولية، وانهار الاقتصاد المنتِج الخلاّق، فهاجر شبابه ويئس شيبه ومات خيرة رجالاته اغتيالاً أو عوزاً وفقراً. وهنا، أتساءل: ما هو المشروع المستقبلي الجامع والعابر للطوائف والمذاهب والذهنيات القديمة والمصالح الشخصية في لبنان كي نلتقي حوله؟ وأين نحن اليوم من لبنان الإبداع، لبنان جبران خليل جبران، وأمين معلوف، وكارلوس غصن، وغسان سلامة، وإيلي صعب، وغبريال يارد وغيرهم؟ وأين لبنان اليوم من «ثورة المعلومات والتكنولوجيا»، ومن الفرص الهائلة التي يوفّرها الاقتصاد الرقمي والتجارة عبر الإنترنت؟!
- أي مرحلة سياسية وثقافية نعيشها اليوم برأيك؟
نعيش في منطقة تشهد تغيرات «جيو-بوليتيكية» كبيرة ومصيرية، قبل أحداث اليمن وبعدها. ونحن مقبلون على الذكرى المئوية لاتفاقية «سايكس-بيكو»، ولا أعرف إن كنا سنعيش مجدّداً مرحلة مماثلة. منطقتنا العربية باتت مفككة، وبلداننا تحوّلت إلى دويلات، يتربّص بها خطر التطرّف والإرهاب والتعصّب والفقر والأمية والبطالة والهجرة... يحزنني كثيراً أننا نعيش في منطقة فيها 180 مليون شاب دون الـ25 عاماً، وتشهد أعلى درجات البطالة. لا توجد لدينا عربياً جامعة واحدة ضمن لائحة أفضل 500 جامعة في العالم! صراحة، في هكذا أجواء قاتمة كهذه، يراودني «الحلم الأميركي»، خصوصاً عندما أفكّر بمستقبل ولديّ والأجيال المقبلة.
- ما هو الحدث المفصلي في حياة مازن حايك؟
بعيداً عن الزواج والإنجاب ومسائل الحياة والموت، أعتبر أن الحدث الأبرز كان الانتقال إلى دبي عام 2004... «والله يحمي الإمارات ويديم عزّها».
- من هي أبرز الشخصيات التي رغبت أو ترغب في لقائها؟
كنت أجلّ البابا يوحنا بولس الثاني، وأقدّر فيه الرجل المؤمن الذي تجاوز الثمانين ولم يفقد القدرة على جذب الشباب والتأثير فيهم. أُحب وأحترم أيضاً الكاردينال نصرالله صفير وأُقدّر فيه ”القوة الهادئة”، وهو ”بطريرك المصالحة والعيش المشترك والسيادة والاستقلال”. أنا مُعجب بالرئيس بيل كلينتون، وبهيلاري كلينتون المرشحة للرئاسة عام 2016... وإن اتصلت بي لمساعدتها في حملتها الانتخابية - وهي لن تتصل! - فلن أتردّد.
- ما هو دور زوجتك في حياتك؟
زوجتي نينا أدّت وتؤدّي دوراً كبيراً في حياتي!. هي صديقتي أولاً، وزوجتي وأم ولديّ ثانياً ودائماً، وهي المرأة التي تغار أحياناً، لكن علاقتنا ممتازة إلى درجة أنها تتفهّم طبيعة عملي وإطلالاتي المتكرّرة مع نجمات جذابات ولافتات، بفضل وجود عامل الثقة بيننا. تسألني أحياناً عن بعضهن، لكنها الداعم الأول لي وبمثابة ”توأم روحي” وعامل الاستقرار الأهم في حياتي... لو كان طموحي ”عالم الشهرة” و”حياة الأثرياء والمشاهير” لكنت ربما خسرت زواجي وحياتي الأسرية. أنا أب فخور لصبية اسمها كرما وعمرها 14 عاماً، ولولد اسمه لوقا – جورج وعمره 10 أعوام، بلغ سن المراهقة قبل أوانه... وأنا متعلّق بعائلتي إلى درجة العشق.
- الجلسة الأكثر متعة والتي تحلم بها هي مع؟...
(ضاحكاً وممازحاً) مونيكا بيلوتشي، وشارون ستون، وسلمى حايك، وبلايك لايفلي، وكاترين زيتا جونز، وجاي لو مجتمعات... إضافة طبعاً إلى إيلين دي جينيرس وباسم يوسف!.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024