انتقادات لبرمجة القنوات المغربية في رمضان
لم تفلح القنوات المغربية في شد انتباه المشاهدين رغم تسابقها على الترويج لبرمجتها الرمضانية تفاديا لأي منافسة أجنبية. وأظهر الأسبوع الأول من شهر رمضان أعمالاً دون المستوى، وخاصة أن هذه البرمجة تأتي هذا العام في ظل دفاتر شروط ومعايير لم يعهدها التلفزيون المغربي من قبل.
بلغت ميزانية برامج رمضان 86 مليون درهم لكل قنوات التلفزيون العام، باستثناء «ميدي 1 تي في» التي تبقى خارج مدار الإعلام العام. وبعيدا عن لغة الأرقام تحاول كل قناة أن تضع برمجة تستقطب نسبة مهمة من المشاهدين والمعلنين على اعتبار أن شهر رمضان هو شهر التلفزيون بامتياز.
انتقادات بالجملة
انهالت الانتقادات وتوالى رصد الأخطاء في القنوات التلفزية المغربية عبر المواقع الاجتماعية بسبب الرداءة التي اتسمت بها العديد من برامجها، لتبدد بذلك بصيصا من الأمل كان قد عقده عدد من المشاهدين على الإنتاجات الرمضانية لهذه السنة، استنادا إلى تطمينات وزير الاتصال مصطفى الخلفي قبل حلول الشهر الفضيل.
واتفق النقاد على طابع الارتجال الذي سقطت فيه أغلب الإنتاجات التلفزية الرمضانية هذا العام، منتقدين ما وصفوه بمستويات الرداءة والإسفاف التي طغت على هذه البرامج، الشيء الذي يخلق جوا من الإحباط في نفوس عدد كبير من المشاهدين.
وقال الناقد الفني والسينمائي مصطفى الطالب إن «الأعمال الفكاهية و«السيتكومات» بالخصوص، التي تبث خلال شهر رمضان الكريم على القناتين الأولى والثانية، رغم تألقها على مستوى الإخراج والمستوى التقني، لا ترقى إلى تطلعات الجمهور، فعلى المستوى الفني، إذا استثنينا عملا واحدا أو اثنين، يتبيّن أننا ما زلنا نعاني من غياب كتابة كوميدية حقيقية»، لأن الكوميديا برأيه «ليست اعوجاج الجسد، أو الفم، أو الصراخ، أو اعتماد شخصية البدوي ولهجته، فالكوميديا لها معاييرها الفنية المتعارف عليها، والتي تتأقلم مع ثقافة أي مجتمع، كما أنها تساهم في رفع ذوق المشاهد».
ولفت إلى أن «الكوميديا هي أيضا قصة محبوكة، فأحيانا تكون المشاهد فارغة من أي معنى واضح أو تناسق مع المشاهد الأخرى، فضلا عن غياب مواضيع اجتماعية تستأثر بالاهتمام، وحتى إذا تم التطرق إلى موضوع مهم فإن القالب الذي يصاغ فيه يكون غير مناسب».
وأشار إلى مسألة احتكار بعض شركات الإنتاج للأعمال الرمضانية، و»هذا فيه تجنٍّ على شركات أخرى يمكن أن تدلو بدلوها في هذه الأعمال»، مشيرا إلى «شكاوى من شركات إنتاج أخرى أقصيت من الدعم، خصوصاً أن لجنة اختيار الأعمال لم تقرأ كل الأعمال، بمعنى أنه يجب إعادة النظر في آليات اختيار الملفات، والشروط المفروضة على الشركات، وإلا سنظل أمام أعمال للشركات المحتكرة لسوق الأعمال الرمضانية».
وباتت «عليان» لصاحبها نبيل عيوش الشركة المتخصصة والمحتكرة لصنف السيتكوم، وأهّلها عملها في مواسم رمضانية سابقة على هذا النوع لفوز مشروعها في طلبات عروض شهر رمضان الجاري على «دوزيم».
«دور بيها يا شيباني» «سيتكوم» أخرجته زكية الطاهري، وزوجها أحمد بوشعالة، يبث مباشرة بعد الإفطار، ويتألف من ثلاثين حلقة، مدة كل واحدة ثلاثين دقيقة. وعمل على تطوير فكرة العمل غيثة كسار وهشام لعسري بالتعاون مع عبدالله العبدول وأمين بن جلول، ويسجّل «السيتكوم» عودة الثنائي الكوميدي سعد الله عزيز وخديجة آسد للظهور معاً بعد احتجاب سنوات.
من جهتها، تستمر مشاكل «لالة منانة» مع بناتها في الجزء الثاني من خلال مواقف تجمع بين الحزن والفرح. وكانت الممثلة نورا الصقلي في تصريح سابق لها، طمأنت المشاهدين إلى أن الجزء الثاني لن يكون مجرد إضافة عددية إلى ما جرى بثّه من حلقات العام الماضي، بل أكدت أنهم اجتهدوا لإضفاء لمسات جديدة على مستوى الشخصيات والأحداث، وتنويع فضاءات التصوير.
في المقابل، أبدى بعض المشاهدين استحسانهم للحلقات الأولى من «الكوبل» السلسلة الفكاهية التي لا تتجاوز مدة الحلقة فيها ثلاث دقائق تحكي حياة «الكوبل» أي زوج وزوجة يعيشان حياة الوحدة في البادية، ونكتشف معهما على مدى ثلاثين حلقة، كيف تعايشا وواجها الملل.
ولم يكن الهدف من تناول هذه التيمة وفق حسن الفد سوى الوصول إلى استنتاج مفاده أن سطوة الملل تفرض علينا أن نملأ الوقت بأي شيء ولا شيء.
واختار النجم الكوميدي حسن الفد أن تكون شريكته في حياة الملل دنيا بوطازوت التي عملت معه في «شانيلي تي».
فضح هفوات الكاميرا
«الكاميرات الخفية» للقناة الثانية تسجّل إضافة نوعية لتلافي ما راكمته كاميراتها الخفية السابقة من انتقادات، وأبرز ملمح لهذه الإضافة وجود الشركة العالمية المنتجة لـ«الكاميرا المجنونة». وتعدّ هذه أول مرة تدخل هذه الشركة سوق بلد عربي.
لكن كاميرا«جار ومجرور» لم تستطع تمرير سذاجتها، فقد استنكر بعض رواد المواقع الاجتماعية «استغباءهم» من جانب القنوات المغربية، وذلك بسبب محاولة اقناع المشاهدين بكون الضحايا المفترضين لبرامج الكاميرا الخفية يجهلون ما يتعرضون له من مقالب، قبل ان يكتشف هؤلاء الرواد أن الكاميرا الخفية مجرد تمثيل و«ضحك على الذقون».
مضامين عنصرية
ويقول البعض إن القنوات المغربية روجت مضامين عنصرية في رمضان، فبعد الكاميرا الخفية «واقيلا هو» التي تبثها «ميدي1تي في» والتي دشنت شهر رمضان بحلقة كانت بطلتها سيدة مغربية تم إيهامها بأن زوجها تزوج عليها بإمرأة تنحدر من أحد البلدان الأفريقية لتشتم المرأة بعبارات كلها عنصرية، جاء دور كاميرا «جار ومجرور» التي تبثها القناة الثانية والتي كان بطل المقلب فيها الممثل المصري أحمد بدير، فجرى توظيف مجموعة من الاشخاص قصيري القامة وآخرين من أفريقيا جنوب الصحراء لإفزاع الممثل.
هذا الوضع دفع بالهيئة العليا للإعلام الرسمي»الهاكا» إلى فتح تحقيق في الموضوع بعد اتهام الرأي العام للقنوات بنشر افكار عنصرية خاصة ان البرامج كانت مسجلة وهو ما يعني أن القنوات كان بامكانها حذف تلك العبارات والمشاهد. وسيصار إلى النظر في هذا الملف قريباً.
شهر مصالحة
يذكر أن وزير الاتصال مصطفى الخلفي قال إن شهر رمضان هو «شهر مصالحة مع الإنتاج التلفزيوني»، وإن التدابير المتخذة لإنتاج يرضي المغاربة بدأت بعد نهاية رمضان الماضي.
وقال الخلفي الذي كان يتحدث خلال جلسة الأسئلة الشفوية في مجلس المستشارين، إن وزارته اعتمدت على دراسة ميدانية أجرتها مؤسسة متخصصة لتحديد مشكلات الإنتاج التلفزيوني، ومما خلصت إليه أن لا تكافؤ في الفرص بين شركات الإنتاج ولا وقت كافياً لإعداد الأعمال الرمضانية، كما أن طلبات المغاربة لم تكن تراعى تماما. وبالتالي عمدت وزارة الاتصال إلى اعتماد نظام طلبات عروض جديد انطلق في شباط/ فبراير الماضي، أشرفت عليه لجان مستقلة، درست الأعمال المقدمةوالتي فاقت 180 عملا، ففاز عدد من الشركات من بينها شركات جديدة، في منافسة وصفها الخلفي بالـ«حقيقية».
وأضاف الخلفي أن أعمال رمضان هذه السنة عززت الإنتاج الوطني عبر أعمال راعت الهوية المغربية وأخلاقياتها.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024