ابنتي ومظهرها والفوضى التي تعمّ غرفتها
يعتبر المظهر الخارجي للمراهقة من الأمور المهمة التي تشغل بالها في هذه المرحلة. فكثيرًا ما تقف أمام المرآة تنظر إلى شكلها، وما إذا كانت ثيابها جميلة وعصرية بغضّ النظر عما إذا كانت تناسبها أم لا.
واللافت في هذه السن، رغبة المراهقة المفرطة في التسوّق، فهي تريد حذاء رياضيًا وسروالاً من الجينز وكنزة رغم أنّ لديها الكثير في خزانتها... . وفي مقابل هذا الاهتمام بمظهرها، تعمّ غرفتها الفوضى فتكون الثياب وأدوات الماكياج متناثرة هنا وهناك.
وينشب الشجار بينها وبين أمها، في كل مرّة تطلب منها ترتيب غرفتها. وهي تجد أعذارًا لتبرير الفوضى التي تعم غرفتها، لأنه صارت لديها أمور أخرى تشغل اهتماماتها. فهي تفضل الاستماع إلى الموسيقى الصاخبة، وتمضية ساعات طويلة تتحادث فيها عبر رسائل الواتس أب مع رفيقاتها، وترتيب غرفتها هو آخر أمر قد يشغل بالها.
إنها تريد الحصول على كل شيء دفعة واحدة. ولكن كيف يمكن الأم أن تواجه رغبات ابنتها وتحدّ من طلباتها؟ وتقنن فوضويتها؟
ليس من السهل أن تقولي كلمة لا لابنتك، خصوصًا عندما تقول لك إنّ جميع رفيقاتها يرتدين ثيابًا من ماركات عالمية. والخطأ يكون عند فتح محفظة النقود كي تتخلصي من المشكلة. بل يجب أن تصير طلبات ابنتك موضوعًا للنقاش، وهذه طريقة مثلى للتواصل والحوار في ما بينكما.
هذه بعض الإرشادات التي يمكن الأم اتباعها في مواجهة إدمان التسوّق:
جعل المراهقة في حالة انتظار
على الأم أن تجعل ابنتها تتحلّى بروح الصبر وتنتظر بعض الوقت، لأنها سوف تقرّر عندئذ ما إذا كانت فعلاً في حاجة أو لديها رغبة في الثوب أو الشيء الذي تودّ شراءه. فمن المعروف أن الرغبة الحقيقية تظهر أثناء الانتظار.
إضافة إلى أن التريث لبضعة أيام، سوف يسمح بمعرفة ما الذي تخفيه هذه الرغبة الملحّة في الشراء والتي غالبًا ما تكون حاجة لإثبات حضورها. لذا على الأم أن تعرف لمَ تعير ابنتها أهمية لهذا الأمر، إنها فرصة سانحة لتتبادلا الرأي في الموضة المفروض اتباعها، وتأثيرها في المظهر الخارجي للفتاة.
شراء ما تطلبه في مناسبات خاصة
في هذه السن، تفهم الفتاة أن هناك موازنة معينة للشراء لا يمكن تخطّيها، لذا على الأم ألا تتردّد في تفسير الأمر لها، وأن في إمكانها تنفيذ رغبتها في شراء ثوب، ولكن سوف تشتريه في مناسبة العيد، فهذا يعطي الثوب قيمة عاطفية، وفي المقابل ربما تتعلق البنت المراهقة به ولن تحاول رميّه عندما يصير قديمًا.
الطلب منها الاختيار
من المعروف أن الفتاة في هذه السن تريد الحصول على كل الأشياء دفعة واحدة: الكنزة والهاتف والسروال... لذا على الأم أن تطلب منها أن تحصي ما تريد وأن تختار بينها. وقد تبدو البنت غير راضية، وتحاول إقناع أمها بأنها في حاجة إلى ما تطلبه، وتُظهر لها توترها.
هنا على الأم ألا تخشى من توتّر ابنتها وتصرّ على موقفها، فالقلق أحيانًا يجعل البنت المراهقة تنضج، وسوف تتعلم كيف تسيطر على رغباتها وتحدّد أولوياتها وحاجاتها.
تقبُّل استياءها
من المعروف أن المراهق عمومًا يحب إحداث مواجهة مع أهله، فهو بذلك يعلن اختلافه عنهم، ما يشعره بالراحة ويعزّز لديه فكرة أنه أصبح شابًا. لذا عندما تصحب الأم ابنتها إلى السوق، عليها توقّع أن تبدي البنت استياءها منها إذا رفضت النزول عند رغبتها في شراء شيء ما، وأنها سوف تعاند من أجل ذلك، ما يضع الأم في موقف حرج. لذا على الأم ألا تترك ابنتها تغرق في استيائها، بل تستأنف النقاش معها من دون العدول عن قرارها.
الطلب من البنت إنجاز عمل مقابل ما تريد
أحيانًا تطلب البنت أمورًا قد لا تعجب الأم، فمثلاً هي تحلم بشراء حذاء رياضي لا تجده الأم أنيقًا. ولكن يمكن الأم قبول الأمر شرط أن تساعدها في أعمال المنزل.
بهذه الطريقة تجعل ابنتها تدرك أنّ لكل أمر مقابلاً وأن العلاقات هي أخذ وعطاء إذ لا يمكنها الحصول على كل ما تريد دون مقابل، وهي بذلك تخطو أولى خطواتها نحو الاستقلالية والمسؤولية.
-ماذا عن الفوضى التي تعمّ غرفة المراهقة؟
في مقابل هذا الاهتمام المفرط بالمظهر والأناقة القائمين على أساس الترتيب والتنسيق، تبدو البنت المراهقة فوضوية في غرفة نومها، وغالبًا ما يقع صدام مع والدتها نتيجة هذه الفوضى. فالأم في ما مضى كانت المسؤولة عن ترتيب غرفة الإبنة، أما اليوم فصار ترتيبها مسؤوليتها وحدها.
وتخفي هذه الفوضى التي تعيشها المراهقة أسرارها الصغيرة التي لا تريد أن تكشفها لأحد. وعندما يبدي الأهل استياءهم من هذه الفوضى تجد المراهقة فرصة لتعبّر عن ثورتها.
-لكن كيف يمكن أن نجعل المراهقة أكثر تنظيمًا؟
بأن تتجنب الأم جعل الأمر موضوع نزاع مستمر معها. والأفضل أن تجعل منه طرفة عوضًا عن اللوم. وكي تعتني البنت المراهقة بغرفتها، يجب أن تشعر بأهمية ذلك من دون الضغط عليها. كما أنه لا يجوز الدخول إلى غرفتها من دون استئذانها.
فمن حقها الحصول على بعض الخصوصية كما لها الحقّ أيضًا تزيين غرفتها كما ترغب مثلا تعليق الصور التي تحبها على جدران غرفتها، التي لم تعد غرفة طفلة، كما يمكن الاقتراح عليها، مساعدتها في ترتيبها. فإذا تُركت للمراهقة حرية اختيار أسلوب حياتها، تصير ميّالة أكثر إلى التنظيم.
-كيف ذلك؟
جعل المراهقة تلاحظ الفوضى التي تعمّ غرفتهاوإن كانت الغرفة مكانًا خاصًا بها، لكنها ليست حصنًا معزولاً. ومن الطبيعي من وقت إلى آخر توجيه الملاحظات إليها إذا بالغت في فوضاها، والتأكيد لها أن هذا الأمر متعلق بمسألة النظافة أولاً وأخيرًا.
ويمكن الأم أن تستغل عودتها وابنتها بعد يوم تسوّق طويل، وتقترح على ابنتها ترتيب خزانتها، في أن تنظّم أداوت التجميل لديها وتعلّق ثيابها الجديدة بشكل منفصل عن الثياب العتيقة، وإذا كانت البنت قد اشترت مثلاً شراشف جديدة لسريرها أو أي أكسسوار لغرفتها، يمكن الأم الاقتراح عليها مساعدتها في تنسيقها. فهي بهذه الطريقة تلفت نظر ابنتها إلى أهمية أن تكون غرفتها جميلة ومنظّمة، تتفاخر بها بين الصديقات عندما يزرنها.
لا يجوز تنظيف الغرفة بدلاً منها
قد يدفع اليأس من الفوضى التي تعمّ غرفة الابنة، الأم إلى ترتيبها وتنظيفها، أو قد تطلب من الخادمة فعل ذلك، وهذه من الأخطاء التي ترتكبها الأم تفاديًا للشجار مع ابنتها. لذا ينصح الاختصاصيون الأم الطلب من ابنتها القيام بذلك.
فإذا لم تتجاوب بعد محاولات عدة، يجب إنذارها كأن تقول أمها «إذا كانت غرفتك يوم الجمعة لا تزال على حالٍ من الفوضى فلن أسمح لك بشراء أي قطعة ملابس أو زينة لغرفتك مدة شهر، وتزيد المدة بحسب الأيام التي تعم الفوضى غرفتك». في البداية قد لا تنصاع البنت، بل تحاول أن تُشعر الأم بالذنب وقد تلجأ الى والدها كي يعطيها النقود لتشتري فستانًا أو قميصًا.
هنا على الوالدين الاتفاق على العقاب الذي نالته الابنة وأن يلتزم الاثنان بتنفيذه. وقد تحاول البنت أن تقارن فوضويتها بفوضى أخيها. هنا على الوالدين أن يطلبا من الإثنين الأمر نفسه.
إذ لا يجوز للأم التغاضي عن الفوضى التي تعمّ غرفة ابنها المراهق، فيما تلوم ابنتها على فوضويتها، بل يجب أن يكون الإنذار موجهًا الى الإثنين معًا. فإذا تذمّرت البنت بحجة أنّ لديها واجبات أو وظائف مدرسية، يمكن الأم الاقتراح عليها مساعدتها في الترتيب، وتحدّد لها موعدًا مسبقًا للقيام بذلك على أن تختار وقتًا تكون البنت فيه متفرغة، وتلزمها به، وإلا العقاب سوف ينفذ.
ولكن أليس هذا حلاً موقتًا؟
يكون كذلك عندما تنبه الأم ابنتها بالصدفة، بل يجب أن يكون ترتيب الغرفة وتنظيمها مسألة يومية، يجب تعويد الأبناء عليها. ويمكن الأم أيضًا القيام بحيلة ذكية. فمن المعلوم أن الكثيرات من المراهقات يهتممن بنظافة ملابسهن، والمراهقة تغير ملابسها يوميًا، لأنها تريد أن تُظهر أناقتها لزميلاتها.
وإذا كانت البنت فوضوية، يمكن الأم ألا تدخل غرفتها لتجميع الملابس للغسيل بل تتركها مكدّسة، إلى أن تسأل البنت لماذا لم تُغسَل ثيابها! عندها على الأم أن تؤكد لها أن تصنيف الملابس المتسخة ليس من مسؤوليتها أو مسؤولية الخادمة، بل هي مسؤولية البنت وحدها، وبما أن غرفتها تعمّها الفوضى فإنه يصعب على أحد التمييز بين الملابس المتسخة أو تلك النظيفة.
هذه غرفتي وأنا حرّة!
صحيح أن هذا ما تقوله المراهقة بالعموم، لأنّ غرفتها تشكّل بالنسبة إليها مملكة أسرارها وحياتها الخاصة. ولا يجوز لأحد التدخل في ديكورها أو ألوانها أو زينتها، ولكن من مسؤولية الأهل تنبيه المراهقة إلى الفوضى التي تعمّها، رغم أنها ربما تقصد هذه الفوضى، وربما أيضًا تشعر بالضيق إذا ما كانت منظّمة.
لذا على الأم ألا تطلب ترتيبها أو تنظيمها كما ترى هي، بل كما ترى ابنتها، بحيث تكون مريحة بالنسبة إليها.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024