خالد الشاعر: «وراء كل رجل عظيم امرأة» كانت مجرد كلمات لبيع الكتب
- هل أنت شاعر مثل اسم عائلتك؟
نعم، وهذه كنية أكثر منها اسم عائلة. وفي البحرين، تُطلق على العائلات أسماء مهنها وألقابها كالفاضل وآل خليفة مثلاً. ونحن عائلة الشاعر نسبة إلى شعراء العائلة.
- نعيش في عالم منفتح اليوم، قد تشبه بسلوكك شاباً في الصين أو ربما الهند وبريطانيا. ما الذي يمنح شخصيتك الخصوصية البحرينية؟
لا يولد الإنسان جاهزاً، ثمة عوامل تؤثر في حياته. وثمة موقف واحد يقلب حياته رأساً على عقب. علاقة رائعة بمدرسة العلوم قد تصنع للمرء مستقبلاً ناجحاً في عالم الأحياء والطب. البحرين بلد ساحلي تحيط به السعودية وإيران وقطر وهو متأثر بالعراق... والهند. ومن الطبيعي أننا تأثرنا بثقافاتهم. وحين يقال إن الشعب البحريني طيب ومثقف ومتحضر، أؤيد هذا الكلام، لكننا لم نفعل هذا من تلقاء انفسنا. ولا أقصد التقليل من قيمة الشعب البحريني. لكن حين ولدنا، لم نقرر أن علينا أن نكون منفتحين. وجدنا أنفسنا في هذه البيئة والظروف. وأنا محظوظ بأنني بحريني في مجتمع متنوع يحتمل النقاش ووجهات النظر... ما صقل شخصيتي بشكل مختلف. أعتقد بطرح أسئلة إضافية على الدوام. وهذا ساعدني مهنياً.
- هل خطفتك المهنة من وطنك؟
نعم، لكنني أدافع عن أي قرار أتخذه في الوقت نفسه. أحببت أن أكون مذيعاً، ووجدت فرصة لذلك. فلم لا أترك بلدي؟ البلد ليس الأرض فقط. فأنا أمثّل بلدي في أي مكان أكون فيه. عظماء كثر عاشوا خارج أوطانهم، تنقّل نزار قباني بين لبنان ولندن وعواصم العالم. ولا يزال الشاعر السوري نزار قباني.
- ما الذي يجعلك مختلفاً مهنياً؟
المناهج التي درستها كانت مجرد خطوط عريضة مفيدة في البداية وجعلت شخصيتي تطغى لاحقاً. من الصعب أن أرضى عن نفسي، لكنني مقتنع بما أقدّمه اليوم. فأنا أمسكت بالأسلوب الذي لطالما طمحت إليه. تجرأت على اعتماده عبر المزج بين الجدية والسخرية.
- كانت لك تجربة مثيرة للجدل في عالم تلفزيون الواقع مع زوجتك أسيل عبر برنامج «هي وهو». هل ما زلت مصراً على مهنة «الإعلامي»؟
أنا إعلامي أولاً، بينما تجربة مثل تلفزيون الواقع لم تتعبني أبداً. فأنا كنت على طبيعتي. الأحداث كانت كلها واقعية.
- لو عدت بالزمن إلى الوراء، هل كنت أقدمت على هذه الخطوة؟
طبعاً، ولا أجيب من باب المكابرة أو العناد، فحين خضت هذه التجربة لم أكن قاصراً أو مجنوناً. لكنني قد لا أقدِم عليها الآن. فأنا لن أقدم جديداً بينما كنت سباقاً وأسيل إلى تلفزيون الواقع كثنائي شاب. أي إنسان عادي، يصوّر نفسه اليوم وهو يشرب ويعاني الأرق وينشر ما يفعله عبر «إنستغرام» وSnapchat... حتى من كانوا ينتقدون «هي وهو» بينما هذا البرنامج لم يكن قائماً على الأكل والشرب بل يتضمن مواقف عميقة وواقعية تحدث بين أي زوجين. لا يخجل النجوم اليوم من تصوير أنفسهم واستعراضها.
- ألم تستعرض حياتك الشخصية في هذه التجربة؟
لم أكشف حياتي الخاصة، وكل المشاهير والنجوم يتحدثون عن حياتهم الخاصة في الحوارات. وما الذي قلته أنا وأسيل أمام الكاميرا ولم يقله أي زوجين آخرين؟ أنا فخور جداً بأنني كنت سباقاً إلى تجربة مماثلة.
- ألم تحوّل حياتك الخاصة إلى مادة ترفيهية للمشاهد؟
ثمة فارق كبير بين أن تكون حياتي مادة ترفيهية وبين أن أقدّم برنامجاً ترفيهياً. وللأسف، كلمة ترفيه في العالم العربي ترادف ما هو سخيف. قدّمت وأسيل ترفيهاً بسيطاً ومنفتحاً وواقعياً للمشاهد الذي يعاني مشاكل زوجية. فحين يشاهد من هو في سنّه ويواجه الأزمات نفسها، يشعر بأنه ليس كائناً غريباً. اعتبار «هي وهو» برنامجاً عن حياتنا الخاصة فقط، نظرة تافهة. فهو تضمن ألبوم أسيل ومهنتي أيضاً. كنا صغاراً، وكان عمري 23 عاماً.
- ألا تشعر بأنك تزوجت باكراً؟
لا أعتقد بأن ثمة ما يسمّى «ارتباطاً مبكراً»، فمن ارتبط بعمر 28 عاماً قد يعتبر أنه ارتبط باكراً مقارنة بمن تزوج في منتصف الثلاثين مثلاً. تزوجت بعمر الـ21 وأجد أنه كان قراراً صائباً.
- لا تزال دون الثلاثين، هل تخشى أن تكتشف أنك قد حرقت مراحل من حياتك؟
عمر الإنسان يُقاس بتاريخ البداية، والبداية ليست تاريخاً محدداً. درجت العادة على أن يتزوج الشاب بعمر 25 عاماً لأنه يتخرج في الجامعة بعمر 22 عاماً. ولو عدنا بالزمن خمسين عاماً الى الوراء، نجد أن الشاب كان يتزوج بعمر 15 أو 16 عاماً. الحياة هي نفسها، وحين يكوّن الشاب مستقبله يتزوج. لقد أسّست مستقبلي وأنا صغير، فتزوجت بعمر صغير. إنها مسألة مبدأ وغير مرتبطة بالسن. لقد استغللت فرصة في الإذاعة والتلفزيون جاءتني باكراً. حرقت مراحل؟ لا. هل يجب أن أحصد الشهرة بعمر الـ33 على شاشة لامعة؟ من يحدّد؟
- هل كان زواجك التقليدي احتمالاً؟
تربيت في بيئة محافظة لكن غير تقليدية. وقد يكون جدّي الوحيد (لوالدتي) الذي زوّج بناته وأبناءه برجال ونساء من خارج العائلة. كان جدّي استثنائياً، تعلمت بناته في السبعينات والثمانينات في الخارج بين مصر وبيروت. ولست ضد أن يتزوج الرجل بابنة عمّه، وإنما ضد أن يكون مجبراً على الزواج بها.
- هل قصص الحب الجميلة خرافية؟
لا، لقد تربيت على قصائد نزار قباني وأغاني كاظم الساهر. وكنت أؤمن بأن على الإنسان أن يعيش قصة حب كبيرة مرة واحدة على الأقل في حياته، لكنني كنت حذراً وأخشى من الوهم.
- أي قصيدة حب أثّرت فيك كمراهق؟
«زيديني عشقاً»، قرأتها قبل أن تُلحّن. وقد نقلتني إلى أجواء لم أعتدها. فنشأتي كانت صحراوية وساحلية، بينما ذهبت في هذه القصيدة إلى حقول الزيتون وبساتين الليمون. كما أن الأغنية المصورة كانت موفقة. كنت أقرأ عن نزار كثيراً وحياته التي عاشها في منزل يحيط به الياسمين.
- كم قصيدة كتبت لأسيل؟
كثيراً، الكتابة لأسيل صعبة فهي حالة يومية. أنتظر أحداثاً معينة لأكتب. ارتباطنا كان حدثاً، وانفصالنا...
- كتبت كثيراً خلال مرحلة الانفصال؟
لا، قصيدة واحدة وكان عنوانها «أنا وأنت والشتا». كما كتبت لها قصيدة بعنوان «أسيل» بمناسبة يوم ميلادها.
- قصتك مع أسيل لم تنتهِ بعد الانفصال لأن...
لا يجد الإنسان تفصيلاً لكل شيء في هذه الحياة. لكن في هذه الحالة، الإجابة واضحة. نحن نرغب في أن نبقى معاً بكل بساطة، وحين نفقد هذه الرغبة لا تستمر القصة. لم أتخيّل حياتي من دونها، وحضورها مهم للغاية.
- كيف كانت الحياة من دون أسيل؟
حياتي نفسها لكن من دون أسيل. لم تحاول مرة أن تغيّر أسلوب حياتي. خفّت جرعة «الطلعات» والسهرات بالتأكيد. في البداية لم تخفّ، لكن لاحقاً استوعبت أن عليّ أن أتغيّر. حياتي أصبحت «أقل وأكثر» مع أسيل بالتأكيد لكن بما يتلاءم مع رجل متزوج. لم تقيّدني أو تشعرني بأنني تكبّدت خسارة فادحة حين تزوّجنا. لم أشعر بأنني خسرت حريتي. عاملتني بذكاء. لم نختلف يوماً بشكل متطرف، قد يكون خلافنا الأكبر حول ما سنتناوله على العشاء.
- هل عاملتها بذكاء أيضاً؟
لا أؤمن بأننا نعيش في مجتمع شرقي. أنا خالد. لا أتقيّد بالتقاليد ولا بالانفتاح.
- هل تعتقد بمقولة «وراء كل رجل عظيم امرأة»؟
كانت مجرد كلمات لبيع الكتب. كانوا يقولون أيضاً: «وراء كل هلاك أمّة امرأة»! ألم تضعف هتلر امرأة؟ كذلك نابليون بونابرت وإسكندر الأعظم وبيل كلينتون. مسألة الحكم المجرد لا أحبّها.
- إلى أي مدى يمنح الاستقرار الأسري دعماً مهنياً؟
ما من شعور أجمل من مغادرة العمل والتوجه إلى إنسان محدّد للتحدث إليه. هذا الاستقرار مريح. يمنح الإنسان الثقة بالنفس وشعوراً بأنه مرغوب بشدّة.
- ما هي القاعدة الحياتية التي رغبت في كسرها؟
أتجاهل الأفكار السطحية. لكن تزعجني بعض القواعد كمن يظن أن الرجل أكثر فهماً من المرأة، أو أن كل رجل يخون. وكأن على المرأة أن تتوقع هذا الحدث في حياتها وتتقبّله حين يحصل. الإصرار على القواعد يؤدي إلى تطبيقها ويمنحها الشرعية أحياناً.
- هل ثمة خيانة مشروعة؟
لا أؤمن باللون الرمادي، هو مثل المرأة التي تضع حجاباً وفي الوقت نفسه ترتدي سروالاً ضيقاً.
- إلى أي مدى أحدث طموح تحقيق ذاتي قلقاً في حياتك الشخصية؟
أعيش لأحقق طموحي. لم أرغب يوماً في أن أكون موظفاً صغيراً يتزوج ثم يتقاعد ويموت. لطالما شغلني أن أكون إنساناً مؤثراً في الحياة وأؤمن بمقولة: «إن لم تزد على الدنيا فأنت زائد عليها».
- هل ثمة صفات قابلة للتعديل في الشريك أم أنها وعود واهمة؟
كنت أنام في الظلام، وأسيل تعاني رهاب العتمة. هل هي مسألة صعبة لو تكيّفت مع حالتها؟ تعوّدت على النوم في النور. الحياة مليئة بالتنازلات، لكن من دون أن يلغي الإنسان نفسه. تقول أسيل بأنني كنت عصبياً.
- إن أردت الاعتذار من أسيل اليوم...
أعتذر منها لأنني لم أحضر لها الورد حين كانت تستحق أن تحصل عليه. كنت أنشغل عنها. نحن انفصلنا لأسباب واقعية بينما نعيش في مجتمع عاطفي.
- علاقتكما كانت «غير قابلة للكسر»...
كل علاقة قابلة للكسر، والعلاقة غير القابلة للكسر هي العلاقة الحديدية. وهي غير موجودة بالتأكيد. نحن بشر في النهاية.
- كيف تتطلع إلى حضور أسيل الفني؟
هي فنانة واقعية ومختلفة. هي صاحبة أسلوب تمثيلي آخر ومتفرّد. لم يعتد المشاهد العربي على هذه البساطة في الأداء. دخلت الدراما من دون ماكياج ومبالغة في الأداء.
- متى سنراك على الشاشة؟
تلقيت أكثر من عرض بعد المشاركة في برنامج «شكلك مش غريب»، لكنني أنتظر دور الإعلامي. وفي حياتي كلّها مع احترامي لكل الإعلاميين، لست معجباً إلاّ بلاري كينغ. واكتشفت أنني مثله لا أحضّر أسئلة الضيف. النجوم أنانيون بمبالغهم الخيالية وتدقيقهم في الأسئلة التي ستُطرح عليهم، ونحن من جعلناهم كذلك.
- من هو النجم الذي لا تحتاج إلى أن تحضّر أسئلته فعلاً؟
حسين الجسمي. هو صديقي، وأود أن أحاوره ليعرف عنه الجمهور ما أعرفه. هو فنان عبقري، ونجم في مكان وزمن يغيب عنهما صنّاع النجوم. نصر محروس اكتشف شيرين عبدالوهاب وتامر حسني وبهاء سلطان، وفي لبنان جيجي لامارا اكتشف نانسي، وطوني أبو جودة اكتشف يارا. أما حسين فهو من صنع نجوميته. هو من صنع نفسه. بينما كان النجم الخليجي مرغوباً به في القنوات العربية ليجذب الإعلانات بعيداً من الاهتمام بفنه. ولهذا السبب استقبل زاهي وهبي راشد الماجد في ما مضى. أصبح حسين نجماً عربياً اليوم.
- هل حسين أكثر نجومية من راشد الماجد الذي سبقه بسنوات في الفن، اليوم؟
لا أحب المقارنة، لكنني أعتبر حسين الجسمي النجم العربي الأول. فهو الوحيد القادر على جذب 100 ألف مشاهد في حفلته في مصر و100 ألف في لبنان و100 ألف في العراق ... وهذا ما كان يفعله كاظم الساهر وفيروز في السابق.
- هل تشجع أسيل على العودة إلى الغناء؟
الغناء إحدى مواهبها، وطالما ان الدراما تطغى على المشهد الفني اليوم فلتتفرّغ لها.
- كنت مثيراً للجدل في إطلالتك الأخيرة مع أروى حين أتيت على ذكر إجهاض أسيل؟
لم أكن غبياً أمام أروى، ولم تورّطني بأسئلتها. لكن باختصار شديد، ذهبت إليها وأجبت بثقة عما أريده ويعبّر عن أفكاري. وأسيل أحبّت الحلقة كثيراً.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024