تحميل المجلة الاكترونية عدد 1078

بحث

ليلة الغمرة ... وداعاً أيتها العزوبية

تختلف عادات الخطبة والزواج وتقاليدهما في السعودية من منطقة إلى أخرى، وبسبب هذا التمايز بين العائلات، غزا هذا الاختلاف المدن أيضاً، بدءاً باختيار الخواتم (الدبل)، وأطقم المجوهرات، وصولاً إلى ليلة ما قبل الزفاف والتي تسمى «ليلة الغمرة»... «لها» التقت مصمّمة المجوهرات السعودية دانة العلمي، ومصمّمة ملابس الغمرة صبيحة أفغاني، اللتين تحدثتا عن مجوهرات  العروس وزي ليلة الغمرة.
 

مصممة المجوهرات السعودية دانة العلمي التي تملك مصنعاً للذهب، وبدأت تصميم المجوهرات منذ عام 2008، تقول إن «العروس التي تأتي إليها، يكون لديها تصوّر خاص. ففي بداياتي، كانت القطع التي أصمّمها خاصة، وفي متناول الجميع، لكن عندما باشرت إنشاء مصنع للمجوهرات، أصبح المصنع ينتج ذهباً لبيع الجملة لتوزيعه على المحال في الأسواق.
أما العروس، فتكون لها طلبات خاصة، كأن تفضل نوعاً من الألماس بدرجة نقاء معينة، مصدره بلجيكا مثلاً...
كما أعرض القطع النادرة من خلال «الانستغرام»، والتي دائماً ما تلفت العروسين المقبلين على الزواج، وقد يطلب أحدهم خاتماً يفوق وزنه الخمسة قراريط، أو ينتقي دبلة بدرجة نقاء محددة.
وأذكر أن عروساً طلبت تاجاً وعقداً بتصميم كلاسيكي، فيما طلبت ثانية عقداً وخاتم دبلة ذا أسلوب تراثي، تطغى فيه الأحجار الكريمة على الألماس».

وعندما تطالع صور «الانستغرام» الخاصة بالعلمي، يلفتك إقبال الفتيات على خواتم الزفاف من مجوهراتها.
ولدى سؤالها عن السرّ في ذلك، علّقت قائلة: «ربما بسبب الأحجار، أو تجربة إحدى قريباتها أو صديقاتها، أو قد يكون سعر الجملة المناسب جداً للدبل».  وأضافت العلمي: «في ما يتعلق بالأحجار، يأتي الاختيار بحسب الموازنة التي تضعها العروس لشراء الدبل، فهناك من تختار خاتم السوليتير، وأخريات يفضلن التصاميم الكلاسيكية لخواتم الزفاف، وهي السوليتير مع الدبلة العادية.
وقد يأتي العريس بمفرده ويطلب تصميماً خاصاً بعروسه ليفاجئها به.
كما طغت على مجموعتي أحجار الزمرد الكولومبي، وهو من أجود الأنواع وأغلاها ثمناً، وخصوصاً ذا اللون الأخضر منه.
وآخر قطعة زمرد كولومبي عرضتها كانت تزن 120 قيراطاً، وكنت قد أحضرتها من هونغ كونغ، كما أن أسعار الزمرد تنافس أسعار الألماس، ومن أراد أن يقتني قطعة مميزة فليبحث عن الزمرد الكولومبي.
أما الروبي، فعلى الرغم من جماله، يبقى الطلب عليه نادراً، وكذلك الزفير الأزرق».

وتشير العلمي إلى أن الجيل الجديد بدأ يميل إلى اقتناء «الطقم الكامل المؤلف من العقد والخاتم والأقراط، بحيث يمكن ارتداؤه في المناسبات، وليس في حفلات الزفاف فقط.
كما أن اختيار العروس الأكبر سناً يختلف عن اختيار الأصغر منها، فالأولى لها طلبات وتصاميم محددة والتعامل معها أسهل، بخلاف العروس الصغيرة التي ترى أكثر من تصميم لتحدد خياراتها».


ليلة الغمرة
أو ما يعرف بـ «ليلة الحنّة» في بعض البلاد العربية، تعتبر من العادات السعودية، وهي ليلة تراثية ترتدي فيها النساء أزياء تختلف باختلاف المناطق السعودية.
فتُقام حفلة في منزل عائلة العروس تضم صديقاتها وقريباتها، وفي الغالب تسبق هذه الليلة الزفاف بيوم واحد، وكأن العروس تودّع بها حياة العزوبية.
وتتميز هذه الليلة بأزيائها وديكوراتها، والطعام المقدّم فيها، وفق اختيارات العروس، فقد تكون الليلة حجازية أو مدينيه أو تركية أو هندية أو أفغانية.


أزياء «ليلة الغمرة»
أما مصمّمة ملابس الغُمرة والتراث صبيحة أفغاني التي أنهت دراستها في ثقافة الشعوب، وخضعت لدورة في تصميم الأزياء فقالت عن هذه الاختيارات: «أحببت أن أتخصص في تصميم هذه الملابس، رغبة في إحياء التراث، وتعريف الأجيال الحديثة بالطقوس التي كانت تمارس في السابق، خاصة في الليالي التي تسبق يوم العرس.
كانت بدايات التصميم تقتصر على الأهل والأقارب، ومن ثم انتقلت إلى تجهيز ليلة الغمرة من الألف إلى الياء، بما في ذلك الملابس والطعام والديكور، وغيرها من التفاصيل الصغيرة التي تناسب الليلة المميزة».

وأضافت أفغاني: «ملابس ليلة الغُمرة، تتميز بالعمل اليدوي، إضافة إلى الأحجار الكريمة والكريستال المناسب للقماش، والتصميم المطلوب من العروس، وهو عبارة عن الثوب التقليدي للمنطقة، سواء أكانت تركية أم أفغانية أم هندية... 
والزي البدوي يُعرف في السعودية بـ «المحاريد» ويكون باللون الأبيض.
أما الزي المديني فباللون الأحمر، ويتكون من ثلاث قطع، وهو مستوحى من العباءة على شكل فراشة، القطعة الأولى وفوقها فستان شفاف أو شيفون، وعليه تطريز بالأحجار الكريمة والقصب واللؤلؤ، ثم يأتي البرقع المرصع بالأحجار، والمُزين بحبات اللؤلؤ أو جنيهات الذهب، ويضم تاجاً للرأس مُرصعاً بالذهب».

وتشير إلى «أننا ما زلنا نشهد إقبالاً كبيراً على إحياء هذه الليلة، من الفتيات المقبلات على الزواج، وتختلف العادات في هذه الليلة خصوصاً في ما يتعلق بحضور العريس من عدمه.
أما طبق الحناء، فهو الأبرز في تلك الليلة، ذلك أن العروس تتزين بها من خلال نقوش معينة أو بكتابة أحرف اسمها الأول، واسم عريسها، وترقص وتبتهج وسط أفراد عائلتها وقريباتها وصديقاتها، وبحضور أهل العريس أيضاً، فهو احتفال الليلة الأخيرة من العزوبية».

وتؤكد أفغاني أن ذوق العروس في اختيار ملابس الغمرة لا يقيّده العمر، بل «يطلبون المرصع بالأحجار واللؤلؤ بطريقة تسرّ الناظرين، ويتم اختيار الشيفون الخفيف ليظهر الفستان الساتان أسفل الشيفون، أو تُلّ، لكن في الغالب الشيفون.
وتختلف الألوان في ملابس الغُمرة بين اللونين الأحمر والفوشيا الذي يلقى إقبالاً كبيراً من الفتيات اللواتي يرغبن في الخروج عن التقليد.
ويعتمد اختيار اللون على العروس والتصميم الذي تطلبه بما يناسب ذوقها».

أما ليلة الغمرة الهندية، تقول أفغاني، «فتحضر فيها هذه القطع الثلاث وفق اختيار العروس، سواء كانت سروالاً أو فستاناً أو تنورة طويلة، أو على شكل الساري الهندي، وتختلف بحسب ذوق العروس واختيارها.
أما البرقع، وهو قطعة اختيارية تُخفي الوجه، فيفضله الأهل مع التصميم لئلا تظهر العروس ويبقى جمالها ليوم العرس، ويشهد إقبالاً كبيراً.
لكن مع تأثر البعض بالمسلسلات التركية، زاد الطلب في الآونة الأخيرة، على الليلة التركية من الألف إلى الياء، بحسب طلبات العروس وعائلتها.
كما أن هناك طلباً على الليالي الأفغانية، وأعمل الآن على تحضير الليالي الأندلسية، والملابس الإسبانية أيضاً».
 

مائدة ليلة الغمرة
تؤكد أفغاني، أنه بالإضافة إلى أطباق الأرز «هناك التعتيمة في التقاليد الاجتماعية، التي اشتهرت بها مناسبات الأفراح الحجازية، طوال فترة مراسم الزواج والتي تستمر لأيام عدة، تبدأ بليلة قراءة الفاتحة، فليلة الملكة، ومن ثم الغمرة، فليلة الفرح، إلى الصبحة.
واليوم تعدّ التعتيمة في قالب حديث متطور، مع المحافظة على روح التراث القديم».
وتضيف: «الطريقة التي تقدم بها مائدة التعتيمة التقليدية، تنص على أن توضع أنواع وأصناف متعددة من الأطعمة الشعبية، على مائدة طويلة تجمع كل المدعوين.
ومن الأصناف الخاصة بالتعتيمة، الهريسة التي تصنع من اللوز الحجازي ودقيق الحمص والسمن البري، أو الزيت النباتي، مع إضافة البهارات المختلفة التي تكسب الهريسة طعماً مميزاً.
أما اللدو فتُصنع من دقيق الحمص واللوز والسكر مع الزيت النباتي والهيل، وتعتبر اللبنية من الحلويات المفضلة، ويدخل في صناعتها حليب البقر وماء الورد والكادي والزيت النباتي والسكر، بالإضافة إلى المربيات المختلفة، والأجبان البلدية، والزيتون بأنواعه وألوانه، والمخللات، والطرشي البلدي...
وتؤكل هذه الأصناف بالخبز الشريك البلدي والحبوالفتوت».


سرّ خاتم الزواج
ورد في روايات تاريخية تعود إلى عهد الفراعنة، أن أول من وضع خاتم الزواج في اليد اليسرى، وتحديداً في الإصبع الرابع - إذا بدأنا العد من الإبهام - هم قدماء المصريين، لاعتقادهم بأن الشريان الموجود في هذا الإصبع تحديداً مرتبط مباشرة بالقلب.
وهناك مقولة أخرى تبرر وضع الخاتم في اليد اليسرى بحمايته وحفظه من أي ضرر أو خدوش، لأن معظم الناس يستخدمون يدهم اليمنى في أمور حياتهم اليومية، كما أن المصافحة بين الناس تتم باليد اليمنى.
وتشير بعض الدراسات إلى أن المصريين القدماء أيضاً، هم أول من استخدم الخاتم رمزاً للزواج الأبدي، في حين سمحت الكنيسة بوضع خاتم الزواج في مرحلة متأخرة، فيما يُرجع بعضها بدء ارتداء خاتم الزواج إلى العهد الروماني القديم.
أما في الولايات المتحدة الأميركية، فكان من النادر أن ترى عريساً يتلقى «دبلة»، أو يشتريها قبل الحرب العالمية الثانية.
لكن خلال الحرب أصبحت هذه الخواتم رمزاً للزوجات اللواتي بقين في منازلهن، وذهب أزواجهن إلى الحرب، ومن هنا بدأت هذه العادة بالانتشار.
ويختلف وضع الخاتم في اليد اليمنى أو اليسرى، من بلد الى آخر ومن منطقة إلى أخرى، ولكن الغالبية العظمى من الناس تضعه في اليد اليسرى، لأن القلب يقع في الجانب الأيسر من الجسد، ويرمز هذا الخاتم وفق اعتقادات تاريخية إلى اتحاد الزوجين إلى الأبد، لأنه يتخذ شكل حلقة مفرغة لا نهاية لها، كما أن شكل الخاتم الدائري يرمز إلى الاكتمال، وبه تكتمل حياة الزوجين.

المجلة الالكترونية

العدد 1078  |  تشرين الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1078