تحميل المجلة الاكترونية عدد 1078

بحث

«الدراسات العالمية تؤكد احتمال وجود حالة توحّد بين كل 88 مولوداً»

عبدالرحمن الجهني

عبدالرحمن الجهني

عبدالرحمن السبيعي

عبدالرحمن السبيعي

محمد وليد الحمصي مع ولديه أحمد وعبدالله

محمد وليد الحمصي مع ولديه أحمد وعبدالله

عبدالرحمن الجهني

عبدالرحمن الجهني

د. رشا المشموشي

د. رشا المشموشي

عمر الثبيتي

عمر الثبيتي

عبدالرحمن السبيعي

عبدالرحمن السبيعي

لم تكن تريد أن تصدّق إحساساً بداخلها، فهي الأم التي ترى طفلها البالغ سنتين ونصف سنة من العمر، يتأخر في النطق، ولكنها تعود لتكذّب إحساسها مذكّرة نفسها بأن أخويه الأكبر منه قد تأخرا أيضاً في الكلام.
لكن هناك شيئاً ما مختلفاً يدفعها إلى التفكير باستمرار، فطفلها الصغير لم يكن يتقبل الأوامر ولا يلبّي أي طلبات كأن يحضر قارورة الحليب الخاصة به أو كوباً من الماء ليشرب. ومع تكرار الملاحظات وبعدما ملأ الشك قلبها، عرضته على طبيب مختص نفى إصابة الصغير بأي مشكلة أو تأخر.
لم تُهدّئ تطمينات الطبيب روعها، فقلب الأم كان دائماً مشغولاً يحدّثها بأنّ الصغير يعاني أمراً ما، فكررت زيارات الأطباء إلى أن قال لها أحدهم بأنّ ابنها مُصاب بالتوحد.
في البداية لم تكن ترغب في سماع هذه الكلمة وودّت لو لم تصدّق ما قال الطبيب، لكن رغبتها في مساعدة ابنها، كانت الدافع الأكبر لتقبّل حالته.
هي قصة أم لديها طفل مُصاب بالتوحد، كغيرها من الأمهات اللواتي يحاولن مساعدة فلذات أكبادهن بكل وسيلة، ومحاولة دمجهم مع المجتمع، ومساندتهم. ورغبة منها في إيصال فكرة أن الطفل المصاب بالتوحد يمكنه أن يمارس حياة طبيعية، أسرياً ووظيفياً واجتماعياً، إذا توافر له التعليم والتدريب المناسبان، دأبت على تقديم المساعدة لأطفال آخرين من خلال مبادرة اجتماعية خيرية، تحت عنوان «جدّة تحتضن التوحد»، برعاية مجتمع جدّة للتوحّد.
ومن خلال هذه المؤسسة، دعت الأم الأهالي جميعاً، إلى المشاركة في فعاليات أطفال التوحد وأسرهم، في مسطحٍ أخضر أُقيم لهذه الغاية تُنفّذ فيه كل الأنشطة التي تهمّ الأطفال، من لعب ورسم ورقص على أنغامٍ موسيقية، انطلاقاً من محاولة توعية المجتمع بهوية طفل التوحد والتعريف به ومساعدته، من خلال توزيع قمصان طُبعت عليها عبارة «أنا مختلف أرجوك افهمني»، وذلك بمناسبة اليوم العالمي للتوحد، الذي يوافق الثاني من شهر نيسان/ أبريل من كل عام.


«لها» التقت هذه الأم التي لم تُفصح عن هويتها، رغبة منها، بل إصراراً على إبقاء المبادرة خيرية غير مرتبطة بأسماء معيّنة، فكان حديث عن فعاليات هذا اليوم، شارك فيه أصحاب الاختصاص، وسلّطنا الضوء على هوية أطفال التوحد، وأهمية التعرف إليهم وتحسس مشكلاتهم ومساعدتهم على الاندماج في المجتمع

الرسالة التي ترغب هذه الأم في تعميمها من خلال أنشطتها، تبدأ بتعريف الطفل المصاب بالتوحد. هو أولاً طفل مثل غيره من الأطفال، لكنه يختلف عن أترابه في أنه لا يرغب في الاقتراب من الآخرين، ويفضّل العزلة، يهتم بشأنه الخاص في مزاولة ألعابه وتناول طعامه وممارسة هواياته التي تخصّه وحده دون سواه.
هو يعاني مشكلات تعليمية، واضطرابات سلوكية، لكن تختلف طبيعة هذه المشكلات والاضطرابات وتتفاوت درجاتها بين طفل وآخر. تقول: «ابني اجتماعي جداً، وهناك أطفال ليسوا اجتماعيين، وكلاهما مصاب بالتوحد، ليست المشاكل واحدة ولا الحالات متماثلة».

وتلفت الأم الناشطة إلى «بعض السلوكيات التي لا بد من أن تثير انتباه الأسرة: كأن يتأخر الطفل في النطق، ويرفض تنفيذ الأوامر، ولا يلعب مع الأطفال الآخرين، إضافة إلى الإفراط في تكرار الحركات كحركة الخفقان أو ما يُعرف بـhand flapping، والحركة بين اليمين واليسار، مثل هزّ الرأس أو اليد أو الإصبع. ومن العوارض اللافتة، الإصرار على تكرار تناول صنف معيّن من الطعام دون غيره، والإفراط في الضحك أو البكاء من دون سبب، وهناك أطفال يعانون اضطرابات في النوم... إلخ.
هذه هي «الإشارات»، أو العلامات الحمراء التي يتوجب على الأهل التنبه اليها، واستشارة الأطباء عند ظهورها كلها أو بعضها، في تصرفات أطفالهم.
إذا تأكدت الإصابة، علينا أولاً تقبل الأمر بصبر وعزم على المواجهة، فلا نخجل بذلك، بل نبدأ بالعلاج ومحاولة دمج المصاب في مجتمعه».

وتوكد محدّثتنا أن الكشف المبكر عن التوحد، يُساعد الأسرة والطفل في العلاج المبكر، والتأقلم مع المجتمع، والمقدرة على دمج المصاب بين الأطفال الآخرين، ليُكمل حياته بشكل طبيعي، لكن التأخر في الكشف عن مرض التوحد قد يؤخر علاجه، أو حتى تحسنه.


فعاليات أطفال التوحد وأسرهم: «جدّة تحتضن التوحد»

في الثاني من نيسان، من كل عام، يحتفل العالم بأطفال التوحد بإقامة اليوم العالمي للتوحد. تقول الأم الناشطة: «هذه السنة أردناه احتفالاً مختلفاً، في المكان والحضور والأنشطة.
تعمّدناه في ساحة كبيرة ومفتوحة، في تجمّع عائلي، بحضور الأم والأب والأطفال... الأنشطة والقمصان والرسم على الوجه والأغاني والمهرجون والطعام... مجاناً».

عدد الأطفال المشاركين في هذه الفعالية من المصابين بالتوحد يراوح بين 10و 15طفلاً. أما الهدف من دعوتهم، تقول محدّثتنا، فهو «إقامة لقاء ودّي، يرمي إلى نشر الوعي حول أطفال التوحد، تشجيعاً للأهل على عدم الخجل من أبنائهم، وضرورة التواجد معهم في الأماكن المفضّلة لهم.
فهذا التواجد، هو جزء كبير من العلاج، وبداية تقبّل الطفل الخروج من عُزلته، وإفهامه أن من حقه الاستمتاع بالأنشطة التي تناسب عمره».

تلقّى الحضور الدعوات إلى إحياء الحفل عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة: فيسبوك، واتس آب، وإنستغرام، وكان الإقبال كبيراً إذ لم يقتصر المحتفلون على الأهالي والمصابين، بل شارك الكثير من أفراد المجتمع الذين لبّوا الدعوة وشاركوا بكل حماسة ورغبة في المساعدة.
الأمر الذي عمر قلب محدثتنا بالسرور: «حضر معظم من يعملون مع زوجي في المكتب، جاؤوا من منطلق التطوّع، كذلك جاء بضعة أشخاص لا معرفة لي بهم، وصلتهم الدعوة فلبّوا نداء الواجب متطوعين أيضاً، وشارك أيضاً أعضاء «الجمعية السعودية للتوحد»، والتي أتواصل معها، وأذكر منهم رئيستها سهى السعدي التي لم تكتف بجهودها الشخصية في المساعدة، بل تبرعت بدعوة جمعيات أخرى معنية بالشأن الاجتماعي وحثّتها على المشاركة. وأذكر أيضاً من بين عديدين، سلطانة علي رضا التي تعاونت معنا كثيراً لإنجاح هذه الفعالية».

وعن دور المجتمع السعودي تجاه الطفل المصاب بالتوحّد، قالت الأم الناشطة: «المجتمع للأسف، مُقصّر تجاه طفل التوحد، فليس لدينا مراكز تكفي جميع المدن السعودية لاحتضان مثل هؤلاء الأطفال، حتى أن المراكز المعنية بالأطفال السعوديين، لديها قائمة بأعداد بالأطفال تصل إلى أربعة آلاف مصاب، ما زالوا ينتظرون الاهتمام والرعاية، نظراً الى أن بعض الحالات تصل إلى هذه المراكز من مختلف المدن السعودية، مثل جيزان ونجران والقنفذة، وهذه المراكز ليست معدّة لخدمة جميع هؤلاء الأطفال، سواء في جدة أو في الرياض، لذلك أناشد المختصين وأقول إننا بحاجة ماسّة إلى مراكز توفر الاهتمام بأطفال التوحد في السعودية ومدنها، واضعين نصب أعيننا التعريف بحالات التوحد والعناية بها».

خلال مواكبتنا أحداث الفعالية، التقينا عائلة مكوّنة من أب وأم وطفلين، أحدهما مُصاب بالتوحد والآخر يعاني من إعاقة، وفي الحديث مع محمد وليد الحمصي، والد الطفلين أحمد وعبدالله، أخبرنا عن تشخيص حالة ولده أحمد البالغ من العمر اليوم 10 سنوات.
قال: «اكتشفت إصابة ابني أحمد بالتوحد أثناء تواجدنا في سورية، عندما كان في الثالثة والنصف من عمره. لم يكن لديّ أي فكرة عن هذا المرض، كل ما كنت أعرفه أن الطفل المُصاب يرغب في الانعزال عن المجتمع.
وبعد التشخيص، استمعت جيداً الى حديث الاختصاصية التي شرحت لي معلومات معنى التوحد، وأعراضه، وكيفية علاجه، وزوّدتني ببرنامج غذائي، ومجموعة من الأعشاب.
لم يستسغ أحمد هذه الأعشاب، لكنه استفاد من البرنامج الغذائي الذي أضفت إليه المكمّلات الغذائية، وبفضلٍ من الله، تحسنت حالة أحمد تحسناً ملحوظاً». يتابع محمد الحمصي: «وعند عودتنا إلى السعودية، بحثت وزوجتي، من خلال كتب ومراجع عدة متعلقة بهذا المرض، عن معلومات تفيد في علاج ولدنا ومعرفة المزيد والجديد عنه، وحاولنا أن نقرأ أكثر، ونستشير الاختصاصيين، لنصل إلى الأسلوب الصحيح ليكون دليلنا في التعامل مع ابننا أحمد».

درس أحمد في مراكز مخصصة لمصابي التوحد، عن هذا قال والده: «أخذناه إلى مركز نوره الذي ساعدنا كثيراً في مسألة العناية بنظافة الطفل، ودرس أحمد في المركز لغاية الصف الثالث الابتدائي، ثم خرج من المركز، واليوم يتابع تعليمه مع مدرّس خاص في المنزل».

وعن نظرة المجتمع إلى طفل التوحد، يقول الحمصي: «للأسف، يرى البعض إلى الطفل المصاب بالتوحد على أنه مختلّ عقلياً، وينظرون إليه نظرة انعزالية، وليس بصفته طفلاً له لغته الخاصة، وبحاجة إلى قبول المجتمع به، ودمجه مع أترابه الطبيعيين».
وهنا يقول محدّثنا بغصّة: «حتى الأقارب ينظرون الى هذا الطفل نظرتهم إلى المختلّ! وقد واجهت الكثير من الظلم والتعسف من أقرب المقربين، خلال رحلة علاج ولديّ أحمد وعبدالله، إذ نعتني بعضهم بالجنون، فيما نصحني آخرون بعدم «إضاعة الوقت» والمال في معالجة حالات لا شفاء لها. ولكنني لن أيأس أبداً، وسأبقى أعالج ابنيّ، وأهتم بهما، حتى دمجها في المجتمع وصولاً بهما إلى حياة طبيعية، ومستقبل مشرق بإذن الله».


د. مشموشي: التشخيص المبكر لطفل التوحد يُساعده في العلاج والتحسن السريع
عرفت الاختصاصية في علم النفس التربوي الدكتورة رشا مشموشي التوحد بأنه صعوبات في التواصل الاجتماعي، أي أن المصاب بالتوحّد، يصعب عليه التواصل مع محيطه بطريقة طبيعية، وهو spectrum، كأن يكون تأثيره قوياً في حياة التوحدّي، وقد يكون خفيفاً لا تأثير كبيراً له.
والتوحد يولد مع الأطفال، وليس مكتسباً من المحيط الخارجي، وتتجلى أعراضه بأن يكون الطفل غير مهتم بالعالم الخارجي، ومنطوياً على نفسه، وقد يُجالس غيره من الأطفال، من دون الاهتمام باللعب مع أقرانه أو التحدّث اليهم، وهو منعزل فكرياً في عالمه الخاص، له ألعابه وأشياؤه التي يهتم بها، ولا يحب أن يشاركه بها أحد.
وهذه الأعراض تختلف من طفل الى آخر، فمنهم من يتأخر في النطق، ومنهم من يكرر تحريك يديه من دون هدف. ويعتمد طفل التوحد على حواسه بشكل كبير، كما ينزعج من الأماكن المكتظة، ذلك أن حاستي السمع واللمس لديه أقوى مما لدى الأشخاص الطبيعيين».
وتؤكد د. مشموشي أن التوحد ليس مرضاً عصبياً أو اضطراباً في الأعصاب، بل يتعلق بأمر ما في الدماغ، يُسبب بدوره مشكلات سلوكية لدى الأطفال المُصابين، ولا عقار طبياً له، وقد يمكن علاج بعض المشكلات من خلال تطبيق برامج معينة تُركز على اللغة والنطق والتصرفات، خاصة في علاج ABA وكيفية التعامل، ومدى تحكمه بجسده. وهناك حالات تتحسن بصورة كبيرة، بفعل التدخل المُبكر.
ومع عدم توافر الاحصاءات الدقيقة عن مدى انتشار مرض التوحد في السعودية، ذكرت مشموشي أن «عدد الإصابات في ازدياد، لأسباب اهمها تطور وعيّ المجتمع، في ملاحظة المصاب بالتوحد واكتشاف حالته، خصوصاً اذا انتبه الأهل الى اختلاف تصرفات طفلهم عن سلوك إخوته أو أقرانه الأسوياء.
وقد يصعب تشخيص هذا المرض في سن صغيرة، لكن يبقى انتباه الأهل مؤشراً كافياً لعرض الطفل على اختصاصي. ومن المحتمل أن يُصاب الشخص بالتوحد في سن متقدمة، أو فجأة، ومرد ذلك الى عدم انتباه الأهل المبكر».

التشخيص
وتوضح مشموشي أن بإمكان الأم أن تعرض طفلها على طبيب مختص لتشخيص مرض التوحد. وعادة ما يكون هذا التشخيص عبارة عن أسئلة تُطرح على الأهل، واختبارات مراقبة للطفل.

غذاء طفل التوحد
وتضيف مشموشي أن طفل التوحد يدخل ضمن حالات الـ Picky eaters، اي أنه يقتنع بنوع معين من الطعام، كأن يأكل الرز أو المعكرونة أو الخبز فقط، ويرفض أي نوع آخر منها. ويعود السبب الى حساسية الحواس المفرطة لديه، وهذه من الأمور الواجب على الأم الانتباه اليها، لافتة إلى أن البعض يؤكد أن هناك نظاماً غذائياً معيناً للطفل التوحدّي، لكن من الصعب أن يتأقلم الطفل أو يتجاوب مع أي فرد قد يجبره على اتباع نظام معين، خاصة في ما يتعلق بالطعام، أو أن يضع أمامه خيارات، لا يقبل بتجربتها أو تذوقها، لأنه طفل عنيد ليس من السهل إقناعه بالقيام بشيء آخر.

تعليم طفل التوحد
وتؤكد مشموشي أن مسألة تعليم طفل التوحد في السعودية مشكلة كبيرة، لعدم وجود الدعم المناسب لهذا الطفل. لذلك نجد أن بعض المراكز تقوم بتعليم الطفل لعمر معين، ومن ثم يضطر الأهل الى إحضار مدرّسين خصوصيين لأطفالهم في المنزل.
وما يجب توضيحه، أن الطفل الذي يعاني التوحد، وليس كل الحالات، مجبر على أن يدرس في مراكز مختصة لعلاج التوحد، بل على العكس، في إمكانه الذهاب الى المدرسة، وتكوين صداقات، على ان تراعي المدرسة حالته الخاصة.
ورغم ان هناك مدارس استطاعت بالفعل دمج أطفال التوحد مع الأطفال الآخرين، فقد بقيت هناك بعض الحالات، التي لم تستطع المدارس استيعابها. ويبقى الحل الاخير لهؤلاء استيعابهم في مراكز متخصصة.

التوحد وتوعية المجتمع
وترى مشموشي أن المجتمع ما زال بحاجة الى التوعية حول أطفال التوحد، ولا بد من أن يدرك المجتمع ماهية التوحد وأعراضه، وأن يتنبّه الأهل الى سلوكيات او تصرفات أبنائهم، لأنه وكما أسلفنا «التشخيص المبكر، وبالتالي اكتشاف الإصابة به، يُساعدان كثيراً في علاج هذا الطفل، وفي نسبة تحسنه، ولا بد من تصحيح الأفكار الخاطئة تجاه التوحد والمصابين به، فمع الدعم والتشخيص المبكر واهتمام الأهل، يستطيع طفل التوحد أن يتعلم ويكبر وينهي دراسته الجامعية، كما بإمكانه أن يعمل ويعيش حياته الطبيعية».


مركز جدة للتوحد JAC

عدد المصابين بالتوحد في السعودية يتجاوز الـ 300 ألف حالة
يعد مركز جدة للتوحد، أحد أهم المشـاريع التي أسستها الجمعية الفيصلية الخيرية النسوية في جدة، عام 1993 ، وهو المركز الأول من نوعه في السعودية، وفي منطقة الخليج العربي.
مسؤولة العلاقات العامة سارة الصبيعي حدّثتنا عن المركز قائلةً: «هو من أهم المؤسسـات الرائدة التي تقدم أفضـل البرامـج التربـوية والدعـم الأسـري للأطفال التوحديـين، كما صنِّف على مدى20 عاماً أول مركز عـربي يقـدم خدماته بمنهجية علمية، سليمة، اعتمد فيها، بعد الله سبحانه وتعالى، على التعاون مع الخـبرات العالمية المتخصصة في مجـال التوحد، بغية الارتقاء بالخدمات المقدمة وإلقاء الضوء على أحدث النظريات العلمية ذات العـلاقة باضـطـراب التوحـد، وتقــديم كل ما هـو متمـيز للمختـصين وأسر الأطفال التوحدييـن».
وتوضح: «توجد معلومات شاملة عن التوحد على الموقع الخاص بالمركز. يُعرَّف التوحد بأنه اضطراب في النمو العصبي للإنسان، يؤثر بشكل شديد في تطور وظـائف العقل في ثلاثة مجـالات أساسية: التواصل واللغة، المهارات الاجتماعية، والقدرة على التخيل.
ويظهر عادة خلال السنوات الثلاث الأولى من عمر الطفل. وهو منتشر في جميع أنحاء العالم، ولدى مختلف الجنسيات والطبقات الاجتماعية، وحالات الإصابة بالتوحد للذكور أكثر من الإناث بنسبة 1:4 بشكل عام، وقد خصصت الأمم المتحدة الثاني من نيسان يوماً عالمياً للتوحد، وذلك لإصابة عشرات الملايين به، واعتباره أزمة صحية عالمية متنامية».
وبالنسبة إلى أسباب الإصابة بالتوحد، تقول الصبيعي انها «ما زالت غير معروفة، ولم يثبت حتى الآن السبب الرئيسي له، وتختلف أسباب الاصابة به من شخص الى آخر، إلا أن هناك بعض الأسباب المحتملة، كالموروثات الجينية، الكروموزومات، أو زيادة نسبة المعادن الثقيلة في دم الوالدين، وأبرزها الزئبق، وتعرض الأم لالتهابات فيروسية أو تلوث كيميائي أو إشعاعي أثناء الحمل، الى جانب نقص الأوكسجين أو التعرض لجرعات عالية منه مباشرة بعد الولادة، وتأتي أخيراً الاضطرابات الأيضية».
وتخبرنا محدّثتنا «ان الطفل المصاب يتلقى تعليمه وتدريبه من خلال برنامج التعليم المنظم، الذي من أساسياته الوسائل البصرية التي تعد من أهم وسائل توصيل المعلومات بأسلوب منطقي، منظم ومتتابع. ويعتبر التأخر في النطق حتى منتصف السنة الثانية من العمر، من أهم المؤشرات الى إصابة الطفل التي تنذر بوجوب المساعدة، كما ان التأخر في التبسّم يُعدّ مؤشراً آخر مبكراً».

إحصاءات وأرقام...
وحول عدد المصابين بالتوحد في السعودية، أشارت الى «انه يتجاوز الـ 300 ألف حالة، في وقت لا يتخطى عدد الملتحقين منهم بمراكز تأهيلية او مدراس للدمج الـ 3000 مصاب. كما أن عدد المراكز المتخصصة بعلاج المصابين بالتوحد في السعودية 98 مركزاً.
وتراوح الإعانة الحكومية التي تحصل عليها أسرة المصاب ما بين 800 و1400 ريال شهرياً، تتفاوت وفق درجة التوحد. في المقابل، تتلقى أسرة المصاب بالتوحد في المملكة المتحدة مبلغ ألفي باوند في الأسبوع».


د. المدني: الحميات المتضمنة غذاءً خالياً من الغلوتين، والكازين، تشكّل مصدر خطر على صحة طفل التوحد

يعرّف استشاري التغذية العلاجية، نائب رئيس الجمعية السعودية للغذاء والتغذية، الدكتور خالد بن علي المدني التوحد Autism بأنه أحد الاضطرابات التي تقع ضمن مجموعة اعتلال التطور الطيفي Pervasive Developmental Disorder، وتشمل هذه الحالات خمسة اضطرابات عصبية، تظهر بوضوح عندما يصل عمر الطفل إلى ثلاث سنوات. وتختلف أعراض هذه الاضطرابات من حيث شدّتها، ولكن يعاني الأطفال المصابون بهذه الاضطرابات، مشاكل مشتركة، منها صعوبة النطق، وعدم اللعب مع الآخرين أو الارتباط بهم، ويشمل ذلك أفراد العائلة.
وعن اضطراب السلوكيات الغذائية، يقول د. المدني: «غالباً ما يختار الأطفال المصابون بالتوحد صنفاً أو صنفين من الطعام، لا يتناولون سواه، وعادة ما يدفعون بالطعام خارج الفم بدلاً من بلعه، ويفضّلون الأكل الطري الذي لا يلزمه الكثير من المضغ، مما يزيد فرصة تسوس أسنانهم.
وتشمل السلوكيات الغذائية للأطفال المصابين بالتوحّد أيضاً: عدم قابلية التحول من صنف إلى آخر من الأطعمة (خصوصاً في فترة الرضاعة)، فلا يتناولون الطعام إذا تغير لونه أو قوامه أو شكل عبوته، أو عند اختلاف درجة الحرارة، أو إذا تغير توقيت تناول الوجبة مع تغيير البيئة المدرسية، أو البيت، أو المركز العلاجي، وكذلك عند تغيير الطبق أو الوعاء الذي يوضع فيه الطعام».

ويخبرنا المدني أنّ «معدّل ظهور حالات التوحد في المملكة المتحدة، هو 10 إلى 15 حالة لكل 1000 مولود، والسبب الحقيقي غير معروف، لكن هناك مجموعة من العوامل الوراثية والبيئية، التي يعتقد أن لها أثراً في تطوّر المخ، ولا علاج شافياً من هذه الاضطرابات، غير أن التدريب والتعليم بإشراف الفريق المعالج وتعاون الأسرة، من الوسائل المفيدة في زيادة مهارات المصاب وتخفيف الاضطرابات السلوكية المصاحبة للتوحّد».


النظام الغذائي والتوصيات

وأشار المدني إلى أن «ليس من علاج أو طريقة واحدة، تصلح لجميع حالات اعتلال التطور الطيفي، إذ يتبع الكثير من الاختصاصيين والأسر المعنية طرقاً عدة في وقت واحد للعلاج تشمل: التعديل السلوكي، وطرق التعليم التركيبي، والأدوية، ومعالجة عيوب النطق والتخاطب، وجلسات المحادثة. ويقتضي تحسين المهارات اللغوية، تدخل اختصاصي النطق والتخاطب، للتدريب على إخراج الأصوات، وتمرين أعضاء النطق على الحركة بشكل سليم، مما يساعد بدوره، ومن ناحية أخرى، على تطور الطفل من مرحلة المص إلى مرحلة المضغ».

أما مشكلة رفض تنوع الأطعمة، فيمكن معالجتها «بإضافة تدريجية لكميات قليلة جداً من نوعية محددة من الأطعمة المرغوب جعل الطفل يستسيغها، فمثلاً لتشجيع طفل يعاني التوحد على تناول الخضروات، تفرض الخطوة الأولى قبوله بوجود كمية صغيرة في الطبق الخاص به، وقد تكون كمية الخضروات صغيرة بحجم حبة الفاصولياء، فقبوله بوجود قطعة الخضروات الصغيرة في الطبق الخاص به، في حد ذاته يعتبر إنجازاً لقبوله الخضروات في ما بعد».

«ولا ننسى»، يقول استشاري التغذية العلاجية، «المتابعة، والمراقبة في جميع طرق العلاج، فبالنسبة إلى التغذية، يجب قياس الطول وأخذ والوزن دورياً، وكذلك تقييم سلوك تناول الطعام الذاتي، وقبول أطعمة جديدة، ومتنوعة من حيث النوع والنكهة والقوام».


الأنظمة الغذائية
يقول المستشار المدني إن بعض الأنظمة الغذائية التي تدّعي علاج حالات التوحد، تشمل الحمية الخالية من الغلوتين Gluten (بروتين معقّد، يوجد في القمح والشعير والذرة)، والكازين Casine (البروتين الرئيسي في الحليب)، أو تناول الكائنات الحية الدقيقة المفيدة Probiotic ، أو تناول مكملات غذائية إضافية من فيتامين ب (B6)، أو عنصر المغنيزيوم، أو فيتامين ج (C)، أو الزنك، أو الأحماض الدهنية الأساسية.
وفي الحقيقة، لا توجد أبحاث علمية أو صحية أو طبية، تدعم هذه الادعاءات المبنية على التجارب الشخصية، وبالتالي لا يمكن تعميمها. وقد يؤدي اتباع بعض هذه الحميات الغذائية، وخصوصاً الحمية الخالية من الغلوتين أو الكازين، إلى سوء التغذية، مما يمثل خطورة على صحة طفل التوحد، إذا تم تداولها من دون إشراف طبي».


بعض المؤشرات المثيرة للاهتمام في عمر السنة

  • لا يربط التحديق بالابتسامة.
  • لا يناغي، أو يستخدم مناغاته بديلاً من الكلام.
  • لا يأخذ الشيء الذي يشير إليه المتكلم.
  • لا يشارك في حركات متبادلة مثل: خذ -أعط.
  • لا يتجاوب عندما نناديه باسمه.
  • لا يظهر اهتماماً عندما يبكي الآخرون.
  • لا يستعمل يديه للسلام أو الوداع.

 

بعض المؤشرات اللافتة في عمر السنتين

  • لا ينظر الى الشيء الذي يشير اليه المتكلم.
  • لا يشارك بالاهتمامات، مثل: الإشارة بطلبات معينه يريدها.
  • لا يقلد أنشطة معتادة ممن حوله، مثل: كنس السجادة.
  • لا يتعلم الروتين المتبادل البسيط بسهولة.
  • لا يتطور لديه اللعب التخيلي، مثل: إطعام اللعبة.
  • لا يستخدم كلمة واحدة أو كلمتين حتى بلوغه الـ 16 شهراً

 

لذا ينصح بضرورة فحص جميع الأطفال من عمر السنة ونصف السنة إلى سنتين، للبدء فوراً بالتدخل المبكر والذي يُحدث اختلافاً ونتيجة فعالة في تطوير الطفل.
وتظهر أهمية التشخيص المبكر والصحيح لكونه مفتاحاً رئيسياً في اعطاء الفرصة لإعادة تأهيل الطفل المصاب بالتوحد.

 

أفادنا مركز جدة للتوحد ببعض النماذج عن الأطفال الموهوبين من ذوي التوحد

1 الطالب عبدالرحمن الجهني
أهم الصفات التي يتميز بها، لديه مستوى إدراك عالٍ جداً، سريع التعلم، وذكي، يتواصل لفظياً بصورة جيدة، ويستجيب التعليمات الموجهة اليه، ويتفاعل مع أقرانه داخل الفصل الدراسي، كما أنه ودود، يتقبل الغرباء، ويتفاعل معهم بشكل جيد.
الموهبة: موهبة تشكيل الشخصيات الكرتونية والحيوانات المختلفة، بواسطة الصلصال، كما انه موهوب بالرسم. ويحفظ العديد من السور القرآنية، ويشارك في مسابقة الأمير سلطان بن سلمان لحفظ القران الكريم.

2 الطالب عمر الثبيتي
الموهبة:
يملك ذاكرة بصرية ممتازة، تمكنه من حفظ ما يُعرض عليه، يحفظ جزء عمَ من القرآن الكريم، وأجزاء من سورة البقرة، بالإضافة الى العديد من الأدعية والأحاديث الشريفة، وحاز المركز الثاني في مسابقة الأمير سلطان بن سلمان لتحفيظ القرآن الكريم في العام الماضي.

3 الطالب عبدالرحمن السبيعي
الموهبة:
يحفظ العديد من أجزاء القرآن الكريم، وحلّ في المركز الأول في مسابقة الأمير سلطان بن سلمان لتحفيظ القرآن الكريم لهذا العام.


صفات الطفل التوحدي

  • لا يستجيب للأصوات ويتصرف كأنه لا يسمع.
  • لا يهتم بمن حوله.
  • يرفض ملامسة الآخرين.
  • يقاوم الطرق التقليدية في التعليم.
  • يردد الكلام بشكل مباشر أو غير مباشر.
  • يلاحظ عليه نشاط زائد أو خمول مبالغ فيه.
  • صعوبة الاختلاط بالآخرين.
  • نوبات بكاء وغضب لأسباب غير معروفة.
  • ضحك واستثاره غير مناسبة.
  • مرتبط بالروتين ويقاوم التغيير.
  • لا ينظر في عين من يكلمه.
  • ارتباط غير طبيعي بالأشياء.
  • يستمتع بلف الأشياء.
  • لا يستطيع التعبير عن الألم.
  • لا يدرك الخطر.
  • لديه ضعف في الخيال والابتكار.
  • يرفرف يديه أو يهز جسمه ورأسه.

المجلة الالكترونية

العدد 1078  |  تشرين الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1078