'شريد المنازل' لجبّور الدويهي إلى الفرنسية
بعد ترجمة معظم روايات جبّور الدويهي إلى الفرنسية ولغات أجنبية أخرى، صدرت أخيراً الترجمة الفرنسية لروايته «شريد المنازل» عن دار «أكت سود» الشهيرة.
وهي الرواية التي وصلت إلى اللائحة القصيرة في «بوكر» العربية، وكانت من أكثر الروايات المرشحة للفوز عام 2012.
إنّها رواية تقترب في جوّها من مزاج الدويهي الروائي، وتبتعد عنه في الوقت عينه. فيها يعود صاحب «مطر حزيران» ليكتب التاريخ وإنما بأسلوب جديد يميل إلى التماس البُعد الإنساني في شخصياته. نظام محمود العلمي هو بطل الرواية الإشكالي.
لا هو مسيحي ولا هو مُسلم، بل هو الإثنان معاً. وفي وقت كان يتقاتل فيه اللبنانيون انطلاقاً من هوياتهم واختلاف طوائفهم، وجد نفسه حائراً بين الفريقين.
ولد نظام في عائلة مُسلمة تنقلّت بين سورية ومنطقة «الحورا» في طرابلس اللبنانية. وبعد توقيف الأب محمود العلمي وسجنه وتغيّر حال العائلة، وافقت والدته صباح على أن تتركه صغيراً في رعاية عائلة أبو شاهين المسيحية التي أحبّته وتعلقّت به.
هكذا اتخّذ الزوجان اللذان حُرما نعمة الإنجاب من نظام ابناً لهما. فأدخلاه مدرسة مسيحية وعلّماه دينهما وأغدقا عليه الحبّ والمال والحنان. فكان هو الولد الذي عوّض الله به عليهما.
أمّا نظام فلم يبتعد بدوره عن عائلته الأصلية، بل كان يرى أمّه وأخوته كلّما سنحت له الفرصة، وظلّ يعتبر نفسه مُسلماً.
في مطلع السبعينات قرّر الإنتقال من طرابلس إلى بيروت لما كانت تُمثلّه هذه المدينة له. أقنع والديه بالتبنّي أنّه سيدرس الحقوق فوافقا بشرط أن يتعمّد.
هكذا قصد نظام بيروت، المدينة الكوزموبوليتانية، وهو يضع في رقبته آية الكرسي وأيقونة للسيدة العذراء. لم يكن يعرف أنّ الهويات في هذه المدينة أصبحت قاتلة وأنّ الصراع بين الطوائف على حافة الإنفجار.
ورغم أنّ تعدد الإنتماءات لم تكن إلاّ مصدر غنى جميل في شخصية الشاب الأشقر الوسيم نظام، لم يعد لهذا النوع من الناس مكاناً في بيروت مع انطلاق الحرب الأهلية فيها عام 1975.
هكذا يُقتل نظام لأنّ «لا المسلمون اعتبروه مسلماً، ولا المسيحيون حسبوه واحداً منهم. نظام محمود العلمي، أو نظام توما شاهين. لا يهمّ».
ومع أنّ المترجمة ستيفاني دوجول كانت أمينة في نقلها الرواية الأصلية، إلاّ أنّها غيّرت عنوانها من «شريد المنازل» إلى « كان القديس جرجس ينظر في ناحية أخرى».
وربما جاء هذا التعديل باعتبار أن العنوان الأصلي لا يعني بالنسبة إلى القارئ الفرنسي ما يعنيه للقارئ العربي، واللبناني في شكل خاص.
فارتأت العنوان البديل باعتبار أنّه يدلّ على انشغال القديسين بأمور أخرى بينما يتقاتل اللبنانييون ويتناحرون.
يُذكر أنّ جبّور الدويهي هو واحد من أهمّ الروائيين اللبنانيين المعاصرين. درس الأدب الفرنسي وهو يعمل أستاذاً جامعياً في كلية الاداب في الجامعة اللبنانية، قسم الأدب الفرنسي (فرع طرابلس). ومن أهمّ رواياته «اعتدال الخريف»، «عين وردة»، «مطر حزيران»، شريد المنازل»...
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024