إل نيدو El Nido منطقة فيليبينية فيها كل أسرار البحر وجزره
تحتاجين إلى حيوات عدّة حتى تتمكني من زيارة كل جزر الفيليبين»
. قول مأثور عن الفيليبين وجزرها التي لا تعد ولا تحصى، وكذلك جمالها الذي يخطف الأنفاس ويأسر الألباب، وكأنها حور تسبح بين بحري الفيليبين والصين الجنوبي، مازجة الأخضر والفيروزي، فتنداح ألوان مائية تغري من يبحر فيها بالغوص إلى الأعماق.
وإل نيدو إحدى المناطق المستريحة في أرخبيل بالاوان Palawan المؤلف من 1780 جزيرة، والمعروف بآخر حدود الطبيعة، نظرًا إلى التنوع الكبير لنظامه البيئي والبحري. وهي محميّة المحيط الحيوي لليونيسكو
. تقع النيدو في الطرف الشمالي لبالاوان، وتشرف شرقًا على بحر سولو وبحر الصين الجنوبي غربًا، وتمتد على مساحة 465 كيلومترًا مربّعًا وتضم 45 جزيرة صغيرة.
كل تفصيل في إل نيدو يشير إلى الغبطة المحلّقة بين سماء فيروزية ومياه لازوردية بلورية تغريك بالغوص في أعماقها والتعرف إلى سحر العالم الساكن فيها.
جزيرة كادلو Cadloo وسحر بحيرة ماكامو Makaamo
وهي أكبر جزر إل نيدو وأقرب جزيرة الى المدينة. تشمخ فيها أعلى قمة يصل ارتفاعها إلى 640 مترًا فوق البحر، وهي مشهورة بشواطئها اللؤلؤية التي تتدحرج بانسياب إلى قاع البحر. قد تشعرين بأن حواسك تخدعك عندما تزورين هذه الجزيرة، فجمالها ليس ابتكارًا هوليووديًا «يمنتج» المشاهد، بل عالم حقيقي لم تهندسه عبقرية إنسان ربما لأنها تعجز عن محاكاته.
هنا في كاليدو البحيرات المخبّأة والمتنزّهات الطبيعية التي تزدحم فيها الغابات السخية الخضرة
. يقودك أحد المتنزّهات الطبيعية إلى البحيرة المالحة ماكامو Makaamo المزنّرة بشجر المانغروف (وهو نوع من الأشجار ينبت في المياه المالحة). كل شيء يتحرّك بصمت مهيب يخترقه حفيف الأشجار وخرير المياه، لذا ادخلي في متاهة الطبيعة المائية هنا، وابحري بقارب الكايك، وتسلّلي بين أشجار المانغروف، والصخور المنبثقة من الماء الفيروزي، واستمتعي قدر ما تشائين بهدوئها، وسرّحي ناظريك لتدوّني في ذاكرتك مشاهد تكبت الأنفاس، خصوصًا مع شروق الشمس أو مغيبها حين يتآمر الشعاع الأرجواني مع الأخضر والأزرق الفيروزي، فتعيشين تجربة برمائية، كلما تذكرتها شعرت بالاسترخاء.
خليج باكويت Bacuit تغريك مياه الفيروزية بالغوص في أعماقها...
الأجرف الجيرية والمنحدرات العمودية المرتكزة على شواطئ مبطنة بالنخيل، تشغل المخيلة بأرجوحة شبكية معلّقة بين نخلتين منحنيتين تهدهدهما نسائم بحرَي سولو والصين الجنوبي، وهي تهمس إلى أمواج يتكسر زبدها على شاطئ لؤلؤي لتنبعث منها سمفونية لا يمل عازفوها اللعب على أنغام تشغل الحواس بجمال فردوس أرضي يسكن في الجزء الآخر من العالم في خليج Bacuit. هنا مياه هذا الخليج الفيروزية تغريك بالغوص في أعماقها حيث تُفاجئين بزحمة قطعان الأسماك...
إنها موطن الأبقار البحرية والحيتان والشعاب المرجانية، فتختلين بين أروقتها وقصورها المنحوتة بإتقان، فتتمنين لو أن لك خياشم السمك لتعيشي وسط هذا الجمال الخلاب.
جزيرة ديلوماكاد: لا تفوّتي الغداء على الشاطئ
وتعُرف أيضًا بجزيرة الهليكوبتر بسبب أجرفها الجيرية التي تأخذ شكل الهليكوبتر.
على طول 300 متر يمتد شاطئ لؤلؤي لن تقاومي الاستلقاء على رماله والاستمتاع بسمرة ذهبية، وأنت تتأملين طوافة نحتتها الطبيعة منذ آلاف السنين، أو تخوضين مغامرة تناول الغداء مع أصدقاء الرحلة وتلتهمين السمك المشوي
. وإذا كنت من هواة الغطس، خوضي تجربة عبور النفق المائي في الجانب الشمالي لتنتهي بين قصور الشعاب المرجانية المستريحة عند آخر النفق.
جزيرة بانغولاسيان Pangulasian قمّة الاسترخاء
هل تخيلت يومًا أنك تتمددين على رمال لؤلؤية ناصعة البياض ناعمة كالبودرة، وتنعمين بحمام شمس ذهبي؟ إنها بداية طقوس الاسترخاء في جزيرة بانغولاسيان، أما ختامها فيكون بكوب من العصير الاستوائي يرافقك وأنت تتأملين غروب شمس ولا أروع
. وما بين البداية والختام نشاطات بحرية لا يمكن إسقاط أي منها إلا إذا أردت التكاسل والاسترخاء على أرجوحة شبكية.
ولكن قرارك سوف تخرقينه عندما تتأملين هواة غطس السنوركلينغ وهم يخرجون من الماء ويتبادلون الحديث عن روائع الشعاب المرجانية التي تمايلوا بينها.
أما المتنزّه الطبيعي المنبسط وسط الجزيرة، فهو ملجأ الطيور الاستوائية التي تسرح وتمرح فيه بحرّية مطلقة، قد تدعوك عن غير قصد إلى اتباعها وهي تصفّق بأجنحتها وتتفاخر بألوانها الرائعة، خصوصًا عند الصباح أو عند لحظات الغروب الأولى.
جزيرة ماتينلوك Matinloc غطس ولعبة الضوء والظل
إنها أطول جزر إلـ نيدو، تتميز بشاطئ سري، هو عبارة عن جيب رملي لؤلؤي، عند زاوية سكينهول Skinhole. الوصول إلى هذا الشاطئ السري لا يكون عبر القارب، بل بالسباحة غطسًا لتعبري الشق الصخري الشديد الانحدار، خصوصًا عند الظهيرة حين يخترق ضوء الشمس هذه الكوّة الصخرية، فتؤخذين بلعبة الضوء والظلال عندما تنعكس على الجرف الصخري.
إنها مغامرة فريدة لا يجوز تفويتها إن كنت سبّاحة ماهرة، ذلك أنك عندما تصلين إلى الشاطئ سوف تدهشين بروائع الطبيعة المقيمة هناك منذ آلاف السنين.
ووفق السكان، هذا الشاطئ هو الذي ألهم الأديب الإنكليزي أليكس غارلند بتأليف رواية The Beach والتي حوّلتها هوليوود فيلمًا من بطولة ليوناردو دي كابريو.
أما إذا كنت تفضلين الاسترخاء السهل، ففي إمكانك التوجه إلى شاطئ كولاسا Kulasa أحد الشواطئ الرملية اللؤلؤية التي تتضمنها الجزيرة.
واكتفي بتأمل مدى البحر الذي تسبح فيه جزر الفيليبين ومعانقة الأزرقين نهاراً، والأرجواني المذهب وهو يعانق الأزرق الداكن مساءً.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024