في طعام طفلك الأول متعة وصعوبة
قديماً، كان الأهل يبدأون إعطاء إطفالهم الأطعمة الصلبة من الشهر الثاني ويضيفون الحبوب الغذائية إلى الحليب ليكون نوم الطفل عميقاً ليلاً. أما اليوم، فتبدلت المفاهيم، ويركز الأطباء على عدم البدء بإعطاء الطفل الأطعمة الصلبة قبل سن الستة أشهر، فيكون جاهزاً للأكل بالدرجة الأولى.
كما أنه بهذه الطريقة يمكن الحد من خطر إصابته بحساسية الطعام. وينصح الأطباء بالبدء في هذه السن لكون مخزون الحديد لدى الطفل يبدأ بالتراجع وقد لا يعود الحليب كافياً لتعويض هذه الخسارة. في كل الحالات، تبدو لحظة البدء بإطعام الطفل أساسية للأم وتنتظر قدومها بفارغ الصبر.
فما قد يكون أجمل للأم من رؤية صورة طفلها وفمه ملوّث بالطعام، مما لا شك فيه أن مرحلة البدء بإطعام الطفل تحمل الكثير من المتعة واللذة للأهل، إلا انها قد تكون مربكة إذا لم تكن لديهم ما يكفي من المعلومات حول هذا الموضوع.
فمتى يمكن البدء بإطعامه؟ وماذا يجب أن يأكل؟ وكيف نساعده على تذوّق مختلف الأطعمة؟ وأي طعام هو آمن له وأي طعام قد يؤذيه؟... وغيرها الكثير من الاسئلة التي يطرحها الأهل بحثاً عن جواب.
بأي أطعمة تبدأين؟
غالباً ما يبدأ الاهل بإعطاء الطفل الحبوب الغذائية أو الشوفان بمزجها مع الحليب. يفضل الطفل عادةً هذا الطعام ونادراً ما يرفضه. وتتميز هذه المكونات بكونها تدعم مخزون الطفل من الحديد، إضافةً إلى كونها سهلة الهضم. من جهة اخرى ينصح الأطباء بإعطاء الطفل الخضر أو الفاكهة أولاً وليس مهماً أي صنف منها تحديداً بل الأهم هو التنويع.
وفيما ينصح البعض بالبدء بالخضر حتى لا يعتاد الطفل على مذاق الفاكهة الحلو فيرفض الخضر عند تقديمها له، يؤكد آخرون أنه ليس لذلك اي تأثير لأن الطفل يفضل في كل الحالات المذاق الحلو.
يمكن تقديم الجزر والإجاص والدراق والتفاح والموز والخوخ والبطاطا الحلوة وغيرها من أنواع الخضر والفاكهة. علماً أنه يمكن أن تحضريها بنفسك أو أن تبتاعي تلك الجاهزة المخصصة للأطفال.
أي طرق هي الفضلى لتشجيع الطفل على الأكل؟
تعتبر لحظة تقديم الطعام الأول للطفل حدثاً مهماً للأهل. إنما ثمة شروط معينة تساهم في إنجاحه وتجعل من هذه اللحظة متعة لا مثيل لها بكل ما للكلمة من معنى.
- لا تقدمي الطعام لطفلك فيما يشعر بالشبع لأنه لن يشعر بالرغبة في تناوله عندها ولن يبدي أي اهتمام.
- لا تقدمي الطعام لطفلك إذا كان يشعر بجوع شديد لانه سيشعر عندها بالانزعاج لان الطعام الذي تقدمينه له لن يكون كافياً لإشباعه.
- قدمي لطفلك القليل من الحليب قبل الاكل فيكون الطعام بمثابة تذوق بالنسبة إليه فيشعر بحماسة كبرى لتناوله.
- لا تقدمي له الطعام فيما يشعر بالتعب أو النعاس لانك ستلاحظين عندها انه لن يبدي أي اهتمام.
- قدمي الطعام الصلب له في الصباح أو في بداية فترة بعد الظهر، فبهذه الطريقة يمكنك أن تراقبي بشكل أفضل أي ردة فعل حساسية يمكن أن يتعرض لها.
- إذا رفض الطفل الطعام الذي تقدمينه له، لا تيأسي بل حاولي أن تكرري التجربة في وقت لاحق، بعد بضعة أيام بعد أن يكون قد نسي التجربة والمذاق. اعلمي أنه لا يكره الطعام الذي قدمته له، بل إنه فقط لم يعتد بعد على المذاق.
من جهة أخرى، لا يهم إذا كنت تقدمين الحليب أولاً أو الطعام الصلب بالدرجة الأولى، بل يمكن أن تفعلي ما يناسبك.
ما احتياجاتك لتطعمي طفلك؟
عندما تطعمين طفلك في الاشهر الأولى ثمة أغراض معينة هي الفضلى لأنها تناسب سن طفلك ولا تسبب له أي أذى:
- ملاعق بلاستيكية صغيرة حتى لا تؤذي لثة الطفل التي لا تزال طرية
- كرسي مرتفع خاص للأطفال يمسك بالطفل ويثبته في مكانه
- مريلة من البلاستيك او من مادة مضادة للماء لتتمكني من مسحها بسهولة بعد الانتهاء من إطعام الطفل
- أطباق غير قابلة للكسر
متى يكون الطفل قد اعتاد على الطعام الجديد؟
ما أن يعتاد طفلك على طعامه الأول يمكن أن تمضي قدماً مع اختيارات أخرى. ففيما تظهر المزيد من أسنانه ويصبح قادراً على المضغ بشكل أفضل، يمكن أن تقدمي له أطعمة جديدة بمذاقات متنوعة أكثر وبتركيبة مختلفة.
فبدلاً من طحن الطعام يمكن هرسه قليلاً بدرجة أقل. لكن لا يمكن التحدث عن سن معينة يمكن تسريع الأمور فيها، بل تكفي مراقبة الطفل لمعرفة مدى استعداده. فحتى إذا لم تظهر أسنانه في سن الستة اشهر يمكن أن يمضغ الطعام بلثته التي تصبح أكثر قساوة.
لكن في كل مرة تعطينه فيها طعاماً جديداً، انتظري ثلاثة أيام على الأقل حتى تقدمي له آخر لتتأكدي ما إذا كان يعاني حساسية ضده. وفي فترة ال3 أيام لا تقدمي له أي طعام جديد. بهذه الطريقة إذا ظهرت لدى الطفل طفرة أو اي ردة فعل حساسية أخرى تعرفين سببها.
وعندما يكون الطفل قد تخطى مرحلة الأطعمة المهروسة يمكن أن تنتقلي إلى أطعمة أخرى أكثر تنوعاً كاللحوم والدجاج والسمك والحبوب ومشتقات الحليب. لكن ليس عليك عندها إلا ان تقطعيها قطعاً صغيرة ليتمكن من مضغها.
أما إذا لم يعجب طفلك طعام معين فيجب ألا تيأسي، إذ يمكن ان تجربي مرات عديدة قبل أن يحب الطعام الذي تقترحينه عليه. لكن، الاهم أياً كان الطعام الذي تقدمينه لطفلك، أن تراقبيه جيداً لتحميه في اي لحظة من الاختناق الذي قد يكون عرضة له.
علماً أنه يجب أن يجلس الطفل دائماً في كرسي بشكل مستقيم. كما انه يجب ألا تقدمي له أطعمة بحجم يعرّضه للاختناق كالpop corn او العنب. أما الجزر، فيجب أن يكون مطهواً، فإنه من الأفضل الا يعطى له نيئاً إلا بعد تقطيعه قطعاً صغيرة جداً لا يمكن أن يختنق بها.
متى يستطيع الطفل أن يأكل بنفسه؟
يختلف الجواب على هذا السؤال بين طفل وآخر. كما أن الامر يرتبط بمدى تقبل الأم للفوضى والأوساخ التي يمكن أن تنتج عن تناول الطفل الطعام بمفرده. أحياناً بين سن 9 أشهر و11 شهر، يتمكن الطفل من التقاط الطعام بأصابعه شرط أن يكون بقطع صغيرة. أما قبل هذه المرحلة، فيصعب عليه التقاط الطعام ولن ينجح إلا بنشره في كل المكان.
وفيما يكبر الطفل سناً من الطبيعي أن يحب التقاط الملعقة بنفسه . عندها يجب أن تتوقعي مزيداً من الأوساخ والفوضى في المكان الذي يكون فيه. ينصح الاختصاصيون بإعطاء الطفل ملعقة فيما تطعمينه بنفسك في الفترة الاولى حتى يعتاد على التقاطها بالشكل المناسب.
ومن الأفضل ان تختاري في البداية طعاماً يمكن أن يلتصق بالملعقة وليس الطعام الذي يسقط مباشرةً من الملعقة بحيث لا يجد الطفل أي لذة في ذلك.
كيف تعرفين ما إذا كان طفلك قد اكتفى؟
يبدو الأمر أقل تعقيداً مما قد تتصوره الأم. في البداية ابدأي باختيار صنف واحد من الطعام في اليوم او كل يومين . في هذه المرحلة قد يكتفي الطفل بملعقة او اثنتين من الأرز أو الموز المهروس أو البطاطا الحلوة المهروسة. شهراً بعد شهر، تقل كمية الحليب التي يحصل عليها الطفل وتزداد في المقابل كمية الطعام الصلب التي يحتاجها. ففي سن 9 أشهر يتناول 3 وجبات من الطعام الصلب يومياً.
أما الطريقة التي يزيد فيها الكمية فتختلف بين طفل وآخر. علماً ان الطفل يعدّل الكمية بنفسه. ففي البداية يأكل لانه جائع وليس للذة. بعد ساعة أو اثنتين من الحليب في الصباح، قدمي لطفلك الطعام الصلب ودعيه يأكل بقدر ما يشاء. لا تجبريه على شيء واكتفي بتقديم الطعام المغذي له.
صحيح أن كثر من الأهل يقلقون حيال الكمية التي يجب أن تعطى للطفل، إلا ان الطفل يحدد بنفسه الكمية التي يريدها وليس على الأهل إلا أن يقدموا له الطعام المغذي، خصوصاً أنه من الطفولة يمكن البدء بتشجيع الطفل على الاكل عند الشعور بالجوع وتجنب اتجاهه إلى الأكل في أي وقت كان فيتوقف عندما يشعر بالشبع.
هل يمكن تجنب حساسية الطعام لدى الطفل؟
قبل سنوات، كان ينصح بعدم إعطاء الطفل بعض الاطعمة المسببة للحساسية كالبيض وثمار البحر قبل سن السنة. لكن تبين ان تأخير موعد إعطائها لا يؤثر بأي شكل على منع ظهور الحساسية ضدها لدى الطفل.
لكن في كل الحالات، لا ينصح البدء بتقديم ثمار البحر مثلاً قبل سن 9 أشهر أو 10 لأنه إذا كانت لدى الطفل حساسية ضدها، تكون ردة الفعل أخف مع تقدمه بالسن.
كذلك بالنسبة الى الفستق حيث ينصح بالانتظار حتى سن 3 سنوات قبل تقديمه للطفل لأن الحاسسية ضده يمكن ان تكون قوية جداً. أما بالنسبة إلى العسل فمن الضروري الانتظار حتى سن السنة قبل إعطائه للطفل لانه يمكن ان يسبب نوعاً من التسمم الخطير الذي يعرف بال Botulism.
كذلك بالنسبة إلى حليب البقر الذي قد يؤذي معدة الطفل. أيضاً بالنسبة إلى الPop corn وغيره من الأطعمة التي تعرض الطفل للاختناق، من الافضل الانتظار حتى سن لاحقة قبل إعطائه إياها. وينصح بعض أطباء الأطفال بعدم إعطاء الطفل الفاكهة الحمضية قبل سن السنة تجنباً للحموضة في المعدة ومشكلة ارتجاع الطعام، وغيرهما من مشكلات المعدة التي يمكن ان تنتج عن ذلك.
اما الحلويات والسكر فمن الأفضل ألا تقدم للطفل في المرحلة الأولى لكن لا ضرر من تذوقها مرة إذا شعر بالرغبة في ذلك في سن السنة في إحدى المناسبات. في كل الحالات ثمة أطعمة يمكن ان تسبب حساسية طعام لدى الطفل، ومن الافضل الانتظار إلى سن معينة قبل إعطائها للطفل للحد من ردة فعل الحساسية لديه.
في سن 8 أشهر
- بياض البيض: بعد سن السنة عادةً
- السمك وثمار البحر: يمكن لبعض الأطفال أن يتقبلوا انواعاً معينة من السمك في سن 9 أشهر. لكن إذا كان طفلك عرضة للحساسية لوجود العامل الوراثي فمن الأفضل الانتظار حتى يبلغ سن السنتين أو أكثر.
- الفستق والمكسرات: تسبب هذه الاطعمة أصعب ردة فعل ناتجة عن الحساسية ضدها واكثرها خطورة. لذلك من الأفضل الانتظار حتى بلوغ سن السنتين قبل إعطائها للطفل، خصوصاً إذا كان عرضة للحساسية.
أما الشوكولا والفريز والحمضيات فيتم الانتظار حتى بلوغ الطفل سن السنة قبل إعطائه إياها، وإلا فيجب مراقبته جيداً للتأكد من عدم وجود أي ردة فعل ناتجة عن الحساسية لديه ضد أي من هذه الأطعمة عند تناولها.
متى تعطى السوائل للطفل؟
لا يحتاج الطفل عادةً إلى مزيد من السوائل إلى جانب الحليب الذي يتناوله. لكن في سن 7 أشهر أو 8 يمكن البدء بتقديم كوب صغير خاص للأطفال له ليحاول أن يشرب.
يمكن تقديم الماء أو الحليب له بكميات صغيرة ليعتاد على الشرب من الكوب. أما إذا أردت تقديم عصير الفاكهة فيجب إضافة الماء إليه للحد من كمية السكر فيه.
أولى المؤشرات لاستعداد الطفل للأكل
- تضاعف وزن طفلك من الولادة
- أصبح قادراً على الجلوس ويستطيع السيطرة على رأسه وعنقه بشكل مستقيم
- يبدو مهتماً بما تأكلينه حتى أنه قد يحاول التقاط الطعام من طبقك
- يستطيع الاحتفاظ بالطعام بفمه فلا يخرج منه تلقائياً
- يُظهر علامات الجوع والرغبة في تناول المزيد بعد شرب الحليب.
يمكن ان تكون المرحلة الأولى من إطعام الطفل صعبة، حتى أنه يمكن أن يكون طفلك صعباً في هذه الناحية. لكن ثمة استراتيجيات معينة يمكن أن تتبعيها لتسهلي الأمور عليك وعليه.
علماً انه من الطبيعي أن يرفض الطفل أطعمة جديدة في المرحلة الاولى. أياً كان الوضع الذي تمرين به في هذه المرحلة يجب أن تعرفي بعض الأمور حتى لا تشعري بالقلق حيال ما إذا كان طفلك يحصل على كميات كافية من الغذاء أم لا.
- قد يحتاج طفلك إلى الكثير من المغذيات لكنه يمكن ألا يشعر بالجوع. اعلمي انه في سن السنتين والثلاث سنوات يخف النمو لدى الطفل مقارنة بالمرحلة السابقة
- في مرحلة السنتين يميل الطفل إلى الاستقلالية وقد يرفض تناول الطعام لأنه يرغب في مزيد من الاستقلالية ويفضل أن يأكل بنفسه.
- يخشى الطفل الأمور الجديدة لذلك قد يخشى تجربة اطعمة جديدة ويفضل تناول الأطعمة نفسها طوال الوقت.
- يسبب نمو الأسنان تورماً في اللثة وألماً فيجد الطفل صعوبة في الأكل إذا كان يمر بهذه المرحلة.
- يجد بعض الاطفال صعوبة في الجلوس لفترة طويلة لتناول الطعام.
ال«نعم»وال«لا»
لا
- لمعاقبة الطفل إذا لم يتناول ما تقدمينه له
- لمكافأة الطفل إذا تناول ما في الطبق
- لتصبحي في جهوزية تامة لتحضير ما يطلبه الطفل في أي لحظة عند رفضه الطعام
- لتقديم العروض أثناء تناول الطعام والاقتراحات لما بعد الوجبة
نعم
- لتقديم الأطعمة اللذيذة والمغذية للطفل في الوقت نفسه. واسمحي له باختيار كمية الطعام التي يريد تناولها
لتحضير الطعام الصحي بشكل مسلٍ - لتقطيع الطعام إلى أشكال مختلفة ولافتة للطفل
- لإحضار أطعمة يعشق الطفل ألوانها
- لتحضير الطعام في الطبق بشكل لافت للطفل وجذاب
- لوضع توقعات معقولة، إذ لا يمكن توقع أن يجلس الطفل ساعات طويلة في انتظار تحضير الطبق. ضعيه على المائدة عندما يجهز الطعام
- لتقديم اختيارات في كل وجبة من حيث الشكل او طريقة التقديم
- لاعتماد روتين معين من حيث موعد تقديم الطعام والمكان فيشعر الطفل بمزيد من الأمان.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024