احترام الخصوصية بين الزوجين صمام أمان هاتف الزوج كاتم أسراره
قد تساور الزوجة «الغيورة» شكوك أو ترتاب في زوجها نتيجة بعض تصرفاته، فتسترق السمع وتبحث في هاتفه، وتفتش في رسائله ومحادثاته عبر برامج التواصل الاجتماعي، وتدّعي أنها تثق به وأنها تفعل ذلك لمجرد الفضول او الاطمئنان عليه وعلى حياتهما الزوجية، بيد أنها في حقيقة الأمر تبحث عن دليل لخيانته. وقد يؤدي هذا التصرف إلى زعزعة أركان الثقة والأمان والخصوصية بينها وبينه. أهو تصرّف عادي مقبول أم يعدّ انتهاكاً للخصوصية؟
الهجوم العكسي
تقول أم فهد: «لم أتخيل أن يكون هذا وقع تصرف زوجي حين اعترفت له بأنني فتشت في هاتفه. ثار بجنون وتشاجرنا، وآلمني بكلماته القاسية حتى ندمت ولعنت اللحظة التي فعلت فيها ذلك. فعلى رغم محبتي الزائدة له وثقتي به، كنت أتحرق شوقاً لمعرفة شكل علاقاته بالنساء، فقد كان يضع كلمة مرور تحول بيني وبين معرفة ذلك، إلا أنني انتهزت فرصتي الذهبية حين وجدت هاتفه ذات يوم بلا كلمة مرور، كاد قلبي يرقص من الفرحة، لكنه توقّف عن الرقص عندما اكتشفت أنه يملك حساباً آخر لبرنامج المحادثة الخاص به، ويحادث من خلاله قائمة طويلة من الفتيات والنساء وتزخر هذه النسخة من البرنامج بحوارات ذات ألفاظ بذيئة وأخرى عاطفية، فأغلقت الهاتف بهدوء وتركته في مكانه وقررت عدم مواجهته والاكتفاء بتتبعه من خلال هذه الحوارات. لكنني فوجئت عندما وضع من جديد كلمة مرور لهاتفه، مما جعلني أواجهه، بيد أنني لم أتصور ردة فعله على رغم أنه المخطئ، فغيّر مسار الحديث تماماً، وبدلاً من أن يوضح الأمر أمطرني بسيل من الإتهامات وبأنني لست أهلاً لثقته بي»!
موقف واسئلة محيرة
ومن جانبها تقول هالة س. وهي ربة بيت: «عشت مع زوج خائن. وأعلم جيداً كيف تشعر الزوجة عندما تكتشف خيانة زوجها، أو حتى تشك في أنه يخونها خصوصاً إذا كانت تحبه، وأعلم كيف تكون صدمتها وكيف يشل تفكيرها، لذلك أتحدث الآن بالعقل والمنطق وأرى أن الحل ليس التجسس على الزوج لأنه يدمّر الأعصاب والمعنويات وبالتالي يدمّر البيت. لذلك أقول لكل امرأة مرت بهذه التجربة واكتشفت خيانة زوجها عليك طرح مجموعة أسئلة على نفسك: ماذا لو صدقت ظنونك وإكتشفتِ أنه خائن؟ كيف ستتصرفين؟ هل ستطلبين الطلاق وتتركين للعشيقة الجمل بما حمل؟ وهل ستقدمين لها زوجكِ على طبق من فضة؟ وستكافئين زوجك على خيانته لك وتفسحين له الطريق لمواصلة ذلك؟ أم ستسامحينه فتهون عليه خيانتك ويهون عليه جرحك من جديد؟ أم ستعاقبينه وتنتقمين منه لأنه لا يحبك أو على الأقل لا يحبك إلى الدرجة التي تجعله يخلص لك؟ وهل ستعاقبينه على مشاعر هو لا يملكها ولا يستطيع التحكم فيها؟ وكيف ستسمح لك كرامتك وقتها بأن تعاقبيه على عدم إخلاصه لك وعدم قدرته على التنازل والتضحيه بشهواته ونزواته من أجلك؟ وأي نوع من الحوار والكلام يمكنك قوله ليعبر عن حجم ألمك؟ هل ستتغافلين وتصمتين وكأنكِ لم تعلمي شيئاً؟ وماذا فعل لك ذكاؤك ودهاؤك في مراقبته؟
احترام الخصوصية
يؤكد سيف أحمد أن يتشارك الزوجان الحياة لا يعني أن يقوم أحدهما بانتهاك خصوصية الآخر، كون احترام الخصوصية يعد حقاً. ولا شك في أن الظنون والحيرة من أكثر الامور خطراً على الحياة الزوجية وهدماً لأركانها، ويجب أن توطد الزواج علاقة متكافئة من الحب والثقة المتبادلة. وبالنسبة إلي، أحرص على أن أكون واضحاً مع زوجتي في كل شيء، ولا يوجد ما أخفيه عنها، لذلك فلا كلمة مرور على هاتفي ولا أقوم بأي تصرف مريب يقلقها، لأن المرأة تطلب من زوجها دوماً أن يوفر لها الأمان بالدرجة الأولى، وهي بدورها لا تقدم مطلقاً على تفتيش جهازي في غيابي وهو أمر مرفوض تماماً وإن حدث فهو يعني افتقادها الثقة بي، لذلك أعطيها من وقت إلى آخر جهازي لتبحث فيه».
رابط مقدّس
يقول أستاذ علم الاجتماع في جامعة الامارات الدكتور موسى شلال إن الشك داء يفتك بالثقة، فإذا تسلل إلى العلاقة يضر بالحياة الزوجية وقد يؤدي إلى الطلاق، وربما يضحي أحد الزوجين للمحافظة على رابط الزوجية من أجل الأطفال فقط، ولا بد من بناء سياج قوي من الفهم والثقة المتبادلة، ومد خيوط دافئة من العلاقة البينية لتعزيز ذلك الفهم وتلك الثقة، ما يؤدي إلى نجاح الحياة. وكثيراً ما تحرص الزوجة على حماية الزوج من نزواته، فتظهر غيرة زائدة قد تكون لا إرادية، وسريعاً ما تتحول إلى حالة مرضية بفضل الشك، ما ينعكس سلباً على الحياة بينهما وتبدأ المشاكل والخلافات.
الهاتف المفتوح
ويقول رجل الأعمال فيصل الهاشمي: «لا شك في أن هذا الأمر يحدث شرخاً بين الزوجين، حتى وإن اكتشفت الزوجة خيانة زوجها، فهو لن يدافع عن نفسه ويبرر لها خيانته بقدر ما سيثور عليها ويتهمها بخيانتها هي الثقة، لأنها بذلك تنتهك خصوصيته وهو أمر بالغ الأهمية بالنسبة إلى الرجل». ويستطرد: «من الأفضل للرجل أن يدع هاتفه متاحاً أمام زوجته بدون كلمة مرور، حتى يضع أساساً للثقة بينهما لأن العلاقات حالياً تتم من خلال هذا الجهاز الصغير سواء بوسائل التواصل الاجتماعي أو من خلال التواصل الهاتفي. وحين تشعر الزوجة بأن هاتف زوجها متاح أمامها وقت ما شاءت، وثقت به وتأكدت أنه لا يخفي عنها شيئاً فيزيد قدره في نفسها وترتاح، فالصدق والصراحة دعامة حقيقية لعلاقتهما وأعتقد أن ذلك الأمر مهم جداً لبناء أسس الحياة الزوجية المتينة».
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024