تحميل المجلة الاكترونية عدد 1080

بحث

إلى الطبيعة انطلقي... وأبناءك

إلى الطبيعة انطلقي... وأبناءك

معظم الأطفال والراشدين لديهم جاذب قوي نحو الطبيعة، التنزّه بين أحضانها، والتعرّف إلى عناصرها وألغازها. فمن منا لا لم تتمنَّ، حين كانت طفلة، أن يكون لها "عرزال" بيت في أعلى الشجرة، أو ينضم إلى مخيم كشفي يكتشف الطبيعة مع أصدقائه.

ويؤكد التربويون واختصاصيو علم نفس الطفل والمراهق، أنّ التجوال في الطبيعة، وممارسة النشاطات الرياضية في أحضانها، يساهمان في شكل حيوي في نمو الطفل الجسدي والنفسي والفكري. لذا يؤكدون أهمية تشجيع الأطفال والمراهقين على تمضية الكثير من الوقت في عالم الطبيعة. فهم في إمكانهم التواصل مع الطبيعة من خلال تسلق الأشجار، مسابقة الريح، الاستلقاء على المرج الأخضر، ابتكار الألعاب، أو الحفر في التراب أو الطين فقط. فعندما يكون الأولاد في الطبيعة سوف يجدون طرقًا كثيرة للعب، فالطبيعة توحي لهم بالكثير من الابتكارات.

ومن خلال التفاعل مع الطبيعة ومع الأطفال الآخرين، يثار فضول الأطفال المعرفي والإبداعي، وتتعزز ثقتهم بأنفسهم عندما يتعلمون أمورًا جديدة. فاللعب في الهواء الطلق أمر حيوي للأطفال بمختلف الأعمار، ليكشتفوا ويتعلموا الكثير عما يدور حولهم في عالم الطبيعة. فالطفل يحتاج إلى الحرية التي يفتقدها في البيت، فهو إذا ركض تخشى عليه والدته من الاصطدام بالأثاث فيؤذي نفسه، والكرة من المؤكد ممنوعة، والصراخ ايضًا، أما ركوب الدراجة الهوائية فلا جدال حوله، ممنوع. ربما السماح بالتلوين ولكن أحيانًا يكون على مضض، لأنه قد يسبب اتساخ الأثاث. فهل يكون الحل بالمطالعة؟ ليس بالضرورة، إذ يستحيل أن يمضي يومه في المطالعة، فالطفل ما بين الست و13 سنة، خصوصًا الصبي يحتاج إلى تنفيس طاقته، وجسمه يحتاج إلى أكبر قدر من الحركة كي يعيد التوازن إلى جسمه.

وغالبًا أصبح الجلوس إلى الـ I Pad  الحل لتخفيف حركته، وهذا خطأ فادح قد يرتكبه الأهل عن غير قصد. ومما لا شك فيه أن ممارسة الرياضة في النوادي، أمر مفيد وضروري، ولكن هناك قوانين وقواعد يلتزم بها الطفل والمراهق، فضلاً عن أن الذهاب إلى النادي يكون في أيام محددة، يومان أو ثلاثة على أبعد تقدير. في حين أن الطفل يحتاج إلى الحرية في حركته من دون قوانين يخضع لها، وهذا ما يوفره له اللعب في الطبيعة. فهو يبتكر قوانينه الخاصة، ويتصرّف بفوضى عارمة، وقد يتخطى بعض الحدود والإرشادات، مما يسمح له بالتجوال بحرية أكبر، والاستكشاف من دون مساعدة أحد. فالأطفال والمراهقون خلقوا ليكونوا في الهواء الطلق، لذا على الأهل تشجيعهم على ذلك. الجلوس في البيت لا يعلمهم سوى الخمول والكسل.

الأمان خلال اللعب في الهواء الطلق هم الأهل الرئيس

إن الهم الرئيس الذي يشغل بال الأهل المعاصرين، عندما يقرّرون السماح لأبنائهم باللعب في الهواء الطلق هو "الأمان ثم الأمان". لذا في إمكانهم أن يقوموا بدور حيوي بهذا الخصوص، ويكونوا فاعلين، ومشاركين في النشاطات التي يقوم بها أبناؤهم في الهواء الطلق. من الأمور المهمة التي على الأهل تعليمها لأبنائهم إذا كانوا يلعبون خارج المنزل، أن يكونوا مراقبين وليس خائفين. فهذا التغيير البسيط في النهج، طريقة لتشجيع الطفل على ألا يخاف فورًا من خطر داهم، بل إدراكه والتعامل معه بحكمة. فمثلاً حين يقع أحد زملائه، عليه أن يدرك أوّلاً إذا ما أصاب رفيقه أذى، ويطلب المساعدة، لا أن يصاب بذعر قد يؤذيه ورفيقه.

وأفضل طريقة لجعل المنطقة التي يلعب الأبناء فيها هي أن تصبح الأم أو الأب نشطًا في مجتمع المنطقة، وأن يجول على القدمين أو على الدراجة الهوائية لمراقبتها. لذا من الضروري التعرف إلى سكان الحي والجيران، ولا سيما العائلات التي لديها أبناء في المرحلة العمرية نفسها. فكلما تواصل سكان الحي مع بعضهم بعضاً، صار في إمكانهم مراقبة أبناء بعضهم أثناء اللعب في الهواء الطلق والتحقق من شروط السلامة والأمان، وهكذا يصبح مجتمع الحي قادرًا على توفير مناخ آمن للعب الأولاد في الهواء الطلق.

ويمكن الأهل الأخذ بهذه النصائح لتوفير لعب آمن في الهواء الطلق:

  • بناء علاقات صداقة مع عائلات المنطقة، والتناوب على مصاحبة مجموعة من الأولاد إلى المتنزّه، أو ملاعب الرياضة أو المساحة الخضراء. على أن توضع حدود، وفي الوقت نفسه السماح للأولاد بالتحرك بحرّية واللعب ضمن المنطقة التي يحددها الأهل.
  • إعطاء هاتف خليوي للولد الأكبر سنًا أثناء اللعب في الخارج أو في المتنزه القريب، شرط أن يكون الأهل واضحين في شروط استعمال الهاتف، أي في حالات الطوارئ وليس للاتصال بالأصدقاء.
  • توفير مساحة خضراء صغيرة إذا كانت العائلة تسكن في بيت مع حديقة، يسمح فيها للأبناء بزراعة النبات أو الورود المفضلة لديهم، على أن يتولوا رعاية حديقتهم بنفسهم، اي الزراعة والسقي وتشذيب والقطاف.

إذاً، اللعب في أحضان الطبيعة جزء مهم جدًا لنمو الأبناء جسديًا ونفسيًا وفكريًا. فماذا تنتظرون أيها الأهل! شجعوا أبناءكم على الخروج إلى الحديقة واللعب، ولمَ لا تشاركونهم! فأنتم ايضًا بحاجة إلى الحرية التي توفرها الطبيعة. 

المجلة الالكترونية

العدد 1080  |  كانون الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1080