تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

إبني يريد ركناً خاصاً به ...ماذا أفعل؟

يتفق اختصاصيو علم نفس الطفل على ضرورة أن يكون للطفل في المنزل ركنه الخاص الذي يدرس فيه أو يلعب أو يمارس هواياته كالرسم أو الأشغال اليدوية.
أما إذا كان في مقدور الأهل أن يخصصوا غرفة لأبنائهم يقومون فيها بالنشاطات الترفيهية والواجبات والأبحاث المدرسية فلا مانع، فهذا يتيح لهم مساعدة بعضهم، شرط أن  يكون لكل واحد منهم ركنه الخاص حتى يستطيع التركيز على عمله.
والركن الخاص يمكن أن يكون مكتبًا يمكن عزله بستائر أو حاجب ( بارافان) أو أي أثاث يوحي انفصال هذا الركن الخاص عن المساحة المتبقيّة من الغرفة.


لماذا يحتاج الطفل إلى ركن خاص في غرفته أو في أي مكان في المنزل؟

تخصيص ركن لأعمال مختلفة يقوم بها الطفل يسمح له بأن يكون أكثر تنظيمًا والقيام بالعمل بحسب نوعه. ومكان العمل الأمثل يجب أن يسمح للطفل بممارسة كل هواياته.
فحياة الطفل تدور حول نشاطات عدة قد لا يعتبرها الراشدون جزءًا من عمله الجدي، فيما كل نشاط يقوم به الطفل، بغض النظر عن نوعه، هو عمل بالنسبة إليه. فالركن  الخاص يساعده في بناء فكره، واختبار العالم، وتطوير قدراته. كما يمنحه الرغبة في التقدم في مجالات تبدو له غير ممتعة خصوصًا تلك المتعلّقة بالمدرسة.
فمثلاً حين يكون البحث المدرسي المطلوب من الطفل ابتكار مجلة، فهذا يتطلب منه نشاطًا فكريًا يتعلق بالفكرة والمواضيع التي يتضمنها، وهذه الأمور تتحقق في المكتب، فيما تصميمها وإخراجها يجب أن يكونا في المساحة المتعلقة بالإخراج.
هذا الاختلاف في استعمال مساحة الركن الواحد يسمح للطفل بمتابعة تفكيره ودافعه للابتكار، بالمرور من المكتب إلى موقع الإنتاج. وهكذا يفهم تدريجًا أن إنتاج أي عمل يقوم به يجب التخطيط له، والتحضير له وتنظيمه.
ولكن في البداية عليه أن يكون قادرًا على القيام بكل شيء في الوقت المناسب. إذ لا يمكنه مثلاً الكتابة أثناء اللصق أو الرسم أو الطبع. لذا يمكن تقسيم المكان المتوافر إلى أماكن عدة للقيام  بالأمور الآتية:

  • العمل منفردًا:  مكتب
  • الإنتاج:  محترف للرسم، وطاولة كبيرة...
  • للنقاش وتبادل الأحاديث:  طاولة، كنبة كبيرة أو صغيرة.

 

 ما هي فوائد مساحة منظمة لأدوات الطفل؟
وجود المساحة الخاصة بأدوات الطفل لها أربع حسنات

  • يعرف أين يجد أشياءه الخاصة.
  • يتعلّم ترتيب أدواته.
  • يعرف بسرعة ما لديه من أدوات ومواد.
  • يساعد تنظيم الأدوات وترتيبها الطفل في بناء قدرته على تنظيم أفكاره وتنسيقها لتحقيق أهدافه الشخصية.

من الضروري  أن تُرتّب الأدوات التي يستعملها الطفل بشكل واضح وتكون في متناول يده. فبدل وضعها في جوارير كبيرة وفارغة تعمّها الفوضى، من المفضل أن تكون جوارير صغيرة وملائمة لكل قطع يضعها فيها. لذا ينصح بأن تنوع الأم بقطع الأثاث الخاصة بأشياء الطفل، مثل: جوارير، وعلب  وخزانة وصندوق وحقيبة عُدة. ويمكن الأم وضع تصور أو رسم بياني لترتيب الأثاث كما مهندس الديكور من دون أن تنسى إمكان إضافة أثاث مع الوقت.

 

 ما هي معايير ركن الطفل الخاص التي يجب أخذها في الإعتبار؟

1 سن الطفل
من المعلوم أن الطفل تتغير اهتماماته من سن إلى أخرى. فما كان يفعله في السادسة قد يختلف عما يفعله في التاسعة. إذاً يختلف تنظيم المساحة المخصصة من طفل إلى آخر ومن سن إلى أخرى. فطفل في الثالثة لا يعمل مثل طفل في السابعة أو العاشرة. لذا من الضروري الأخذ في الإعتبار الآتي

  • شروط العمل مختلفة.
  • طريقة العمل مختلفة.
  • حجم الطفل مختلف. فكثيرًا ما تهمل هذه المسألة، فحين يجلس الطفل على كرسي مرتفع جدًا أو منخفض جدًا لن يكون في وضعية مثلى ليرسم أو يكتب. وبدل أن تشتري الأم مكتبًا جميلاً رأته في مجلة، من المفضل شراء مكتب قابل للتعديل يرافق الطفل في نموه الجسدي.
  • تنظيم الطفل الشخصي مختلف.
  • مواضيع الطفل مختلفة.

2 المواد التي يستعملها الطفل أثناء قيامه بالأعمال، من الضروري الأخذ في الاعتبار المواد التي يستعملها الطفل في الأشغال اليدوية أو الأبحاث المدرسية المطلوبة منه. وركن العمل الخاص بالطفل يجب أن يتوافر فيه ما يحتاجه من مواد وأدوات محددّة.

3  شخصية الطفل وذوقه
الركن الخاص الذي تبتكره الأم هو للطفل، لذا من الضروري أن يلائم نظرته وما يحتاج إليه من أدوات وذلك لأجل:

  • أن يشعر بأنه معني بابتكار ركن العمل الخاص به. والسماح له بملاءمته بالعمل الذي يريد القيام به.
  • السماح له بالشعور بالراحة والسرور.
  • الشرح له منذ البداية ماذا يمكن أن يستفيد من هذا الركن مما يتيح له إيجاد نقاط مرجعه الخاصة.

4 الاحتفاظ بخصوصية المكان بعيدًا عن أنظار الآخرين
يحتاج الطفل كما الراشد إلى معرفة أن العمل الذي أنجزه أو الذي لم ينجزه لن يلمسه أحد أثناء غيابه، وأن أدواته ستبقى في مكانها من دون أن تكون مكشوفة للآخرين  أو يطلب منه أهله ترتيبها.
لذا فإن تجهيز الركن الخاص بستار أو حاجب يسمح للكل بالشعور بالرضى، ويحافظ على خصوصية الطفل. أما إذا كان من الصعب توفير مكان للتفكير والإنتاج واللقاءات في الغرفة نفسها، فيمكن الأم تخصيص أماكن عدة في المنزل لكل واحد منها غاية.
فمثلاً تخصيص خزانة  لقرطاسية الطفل في غرفة الجلوس، وصندوق في غرفة نومه لوضع ألعابه . بذلك يستطيع الطفل إيجادها بسرعة وتكون في متناول يده مهما كان نوع العمل الذي يقوم به.

ماذا عن إنجاز الطفل واجباته المدرسية؟
يجب أن يكون المكان الذي يجلس فيه الطفل خلال قيامه بعمل يتطلب مجهودًا فكريًا، هادئًا ولا يمر به أشخاص. مثل مكتب الأهل أو الصالون شرط أن يكون الركن الذي يجلس فيه ظاهرًا وفي الوقت نفسه يشعره بالتركيز، إذ لا شيء أكثر إزعاجًا وتوتيرًا للطفل من الضجيج الذي يحدثه الآخرون حوله، فضلاً عن أن وجود بقية أفراد العائلة حوله أثناء قيامه بواجباته المدرسية  يثير فيه رغبة الانضمام إلى النشاطات العائلية.
لذا إذا كان الطفل يعمل في مكان مشترك على الأم  أن تضع  قانونًا منزليًا يلتزمه كل أفراد العائلة كي يستطيع العمل بهدوء. فإذا كان الطفل يجلس في المطبخ أو غرفة الطعام مثلاً من الساعة الخامسة إلى السادسة على الأم أن تطلب من أفراد المنزل عدم استعمال المطبخ خلال هذه المدة.
 

يسمح بعض الأهل للطفل بالدرس في غرفتهم، إذا كان متعذّرًا تحديد ركن خاص. فهل هذا مسموح؟ 
قد تكون غرفة الوالدين المكان الذي يدرس فيه الطفل، ولكن هناك قواعد على الطفل التزامها:

  • تحديد الركن الذي يعمل فيه الطفل وعلى الأم ترتيبه في شكل يكون مجهزًا بما يحتاجه الطفل.

السماح باستعمال غرفة الوالدين قد يفقدها قيمتها المعنوية خلال عمل الطفل فيها. لذا على الأم أثناء استعمال ابنها غرفة نومها:

  • ألا تدخل إلى الغرفة للبحث عن شيء ضائع.
  • عدم ترتيب الغسيل خلال عمل الطفل.
  • طرق الباب قبل الدخول.
  • وضع لوحة على باب الغرفة تشير إلى أن الطفل يعمل فيها.
  • على الطفل إعادة ترتيب الغرفة  لجعلها كما كانت.

 ماذا عن الكمبيوتر؟
رغم أن الاختصاصيين يؤكدون ضرورة أن يملك الطفل ركنًا خاصًا به في المنزل،  فإنهم يشدّدون على ضرورة عدم وضع الكمبيوتر في مكان منعزل وكذلك عدم ترك الطفل وحيداً أمام الكمبيوتر لمدة طويلة بعيداً عن رقابة الأهل.
وعلى الأهل أن تكون لديهم معرفة ولو بسيطة بهذا الجهاز كي يتمكنوا من مراقبة ما يمكن ابنهم أن يكتشف من خلاله، خصوصاً إذا كان موصولاً بشبكة الإنترنت.
كذلك لا بد من تحديد الوقت الذي يسمح له بالجلوس إليه، والذي لا ينبغي أن يتعدى الساعة في اليوم، على أن يكون هذا الأمر بمثابة مكافأة له بعد إنهائه واجباته المدرسية.
وأخيرًا يشدّد الاختصاصيون على تحديد مساحة خاصة بالطفل في المنزل حتى وإن كان وحيدًا. فبذلك يفهم معنى الخصوصية بالنسبة إليه وبالتالي يدرك أهمية احترام خصوصية الآخرين.
كما يعزز هذا الأمر عنده مفهوم أن لكل نوع عمل تنظيمًا شخصيًا ومساحة مختلفة، فبعض الأطفال لا يعرفون كيف يعملون ولا يستطيعون التركيز لأنهم لا يعرفون إدارة المكان الخاص بهم للعمل.

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079