اقتراح أيّده علماء الدين: امنعي زوجك من السفر من دون إذنك
ليس من حق الزوجة السفر من دون إذن زوجها، أمر أقره الشرع والقانون، لكن ماذا عن الزوج؟ هل يحق له ترك زوجته وأولاده والسفر من دون موافقتهم ورضاهم، أم يحق للزوجة منعه؟ سؤال يثيره اقتراح عدد من المنظمات النسائية بمنع الزوج من السفر إلا بموافقة من زوجته. فماذا يقول علماء الدين عن هذا الاقتراح؟ وإلى أي مدى يتوافق مع الشرع؟
تؤيد الدكتورة آمنة نصير، عضو المجلس القومي للمرأة والعميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية في الإسكندرية- جامعة الأزهر، هذا الاقتراح قائلةً: «من حق الزوجة شرعاً على زوجها ألا يغيب عنها أكثر من ستة أشهر إلا بإذنها، كما جاء بذلك قضاء أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، إذا كانت تطيق الصبر تلك المدة، فإن لم تطق البعد عنه يكون آثماً إذا سافر رغماً عنها، لأنه راعٍ لها ولأولادها، ولهذا يجب ألا يسافر إلا برضاهم حتى لا يضيعهم فيضيعه الله في الدنيا والآخرة، لقول رسول الله (صلّى الله عليه وسلم): «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راعٍ وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها، والخادم راعٍ في مال سيده وهو مسؤول عن رعيته، فكلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته».
وأشارت الدكتورة آمنة إلى أنها ستدعو المجلس القومي للمرأة إلى تبني تلك القضية الحيوية، في ظل استهتار كثير من الأزواج وتركهم زوجاتهم وأولادهم لسنوات طويلة يكونون خلالها عرضة للضياع، فيجمع المال في غربته ويضيع من يجمعه لهم، فيصدق فيه قول رسول الله (صلّى الله عليه وسلم): «كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول».
وأنهت الدكتورة آمنة كلامها، مؤكدة أن سيف القانون يجب استخدامه ضد كل من تسوّل لهم أنفسهم «ترك الجمل بما حمل»، كما يقول المثل العامي المصري، حيث يسافر الزوج لسنوات طويلة ويترك أسرته التي أحياناً ما تفقد التواصل معه ولا تعرف هل هو حي أم ميت، لتدخل الزوجة وأولادها في دوامة جديدة، حيث يشترط القانون أن تصل مدة انقطاع الاتصال به أربع سنوات على الأقل حتى يحكم لها بالطلاق. أليس هذا تعذيباً لها ولأولادها يمكن منعه باشتراط موافقة الزوجة والأولاد على سفره، أو إجباره على اصطحابهم معه، لأن من الصعب جداً على الزوجة أن تقوم بدور الأب والأم معاً.
عقوبة قانونية
توافقها في الرأي مفتية النساء الدكتورة سعاد صالح، العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية في القاهرة- جامعة الأزهر، فتقول: «الإسلام دين شامل لجميع مصالح البشرية الحسية والمعنوية، لهذا فتح أبواب الخيرات ورغب فيها ورتب على ذلك الأجر والثواب، حتى أنه جعل إطعام الزوج لزوجته وأولاده أمراً يُثاب عليه، لأنه يقوم من خلال وجوده بينهم بدور الراعي الحقيقي لأسرته، فقال النبي (صلّى الله عليه وسلم): «إن أعظم الصدقة لقمة يضعها الرجل في فم زوجته»، فإذا كان هذا ثواب من يرعى زوجته وبالتبعية أولادها، فهل يجوز التنازل عن هذا من أجل حفنة من المال ويعرّض أسرته كلها للضياع بسبب غربته».
وأشارت الدكتورة سعاد إلى أن الإسلام أعطى ولي الأمر حق سن تشريعات تنظيمية للأمور الحياتية في المجتمع، بما يصلح حال الرعية ويحافظ على حقوق أفرادها، ولهذا قيل «إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن»، ومن حق القاضي الحكم بتطليقها – وليس خلعها – لأن الزوج فرّط في مسؤوليته تجاهها وتجاه أولاده، ويكون الإثم هنا على الزوج الذي يتحول إلى آلة لجمع المال فقط، حتى لو أضاع حقوق من يجمع لهم، بل إنه يجوز شرعاً تطبيق عقوبة قانونية عليه.
وأنهت الدكتورة سعاد كلامها، مؤكدة أن الزوج الذي يترك زوجته وأولاده سنوات بحثاً عن المال، ظناً منه أنه بهذا يحميهم من الفقر، مخطئ بمقاييس الشرع، لأن رب الأرزاق واحد ولن يزيد رزقه من مكان الى آخر، مع أنه مأمور بالأخذ بالأسباب، لكن لن يكون له إلا ما كتبه الله، واغترابه لن يحمي أولاده من الفقر، لأن الله تكفل برزقهم قبل رزق آبائهم وأمهاتهم، فقال الله سبحانه وتعالى: «وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا» (آية 31) سورة «الإسراء».
أبواب الشر
يشير الدكتور الأحمدي أبو النور، عضو هيئة كبار العلماء وزير الأوقاف السابق، إلى أن الإسلام يعمل على غلق كل أبواب الشر. وحذّر من يخالف ذلك بالوزر والعقاب، إذا رأى ولي الأمر ذلك، ومن الأمور العظام التي أولاها الإسلام اهتماماً عظيماً، مسؤولية المسلم عن نفسه وأهل بيته ومن يعيل، وجعل التفريط بها نذير شر وفتنة، حيث تنقلب حياة الأسرة والمجتمع، الذي هو مجموعة من الأسر، من السعادة إلى الشقاء، حيث تضيع بيوت وتنحرف أسر بسبب التفريط بالمسؤولية.
وأوضح الدكتور الأحمدي أن من أعظم المسؤوليات، العناية بشأن الأولاد عامةً والبنات خاصةً، لأن صلاحهم وفسادهم مرتبط في الغالب بصلاح الأبوين أو عدمه، ولا شك في أن بقاء الأب وسط أولاده يشكل العمود الفقري لاستقرار الأسرة في هذا الزمن الذي كثرت فيه الفتن والمنكرات، وتفنن شياطين الإنس والجن في الإغواء بشتى الوسائل والطرق. ولهذا يجوز للزوجة شرعاً تقديم شكوى الى القضاء ضد الزوج الذي لا يراعي مشاعرها هي وأولادها ويتركهم ويسافر من دون احترام إرادتهم باعتبارهم رعيته.
ويؤيد الدكتور الأحمدي سن تشريع يلزم الزوج البقاء مع أفراد أسرته أو اصطحابهم معه أو الحصول على موافقة الزوجة والأولاد من دون إكراه أو إجبار، بدلاً من حال الفوضى الحالية التي يدفع ثمنها المجتمع بأسره وليس الأسرة فقط. وبالتالي فإذا أحسن الأب تربية أولاده واتقى الله فيهم فهذا خير لهم في حياته ومماته إذا تركهم صغاراً، ولهذا قال الله تعالى: «وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا» (آية 9) سورة «النساء».
ستة أشهر فقط
يشير الدكتور أسامة الأزهري، الأستاذ في جامعة الأزهر، إلى أن من مقاصد الشريعة الإسلامية حماية العرض، بل جعله مقدماً على حفظ المال. ولهذا شرّع الإسلام الزواج لصيانة الأعراض وإرساء دعائم العفة والعمل على وجود نسل شرعي يشعر بالود والرحمة، في ظل أسرة متماسكة لا ينشغل فيها الزوج عن رعاية زوجته وأولاده بجمع المال، وضياع من يجمع لهم، فينطبق عليه قول الله تعالى: «قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأخْسَرِينَ أَعْمَالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا» (الآيتان 103-104) سورة «الكهف».
وأشار الدكتور الأزهري إلى أن من القضايا التي تتعارض مع السكينة الأسرية، سفر الأزواج لجمع المال وترك الزوجة والأولاد سفراً طويلاً، فذلك يؤدي إلى انعدام الاستقرار وضعف الود، فكما لا يجوز للزوجة أن تسافر بغير إذن زوجها منعاً للضرر، فإنه لا يجوز للرجل أن يسافر من دون رضا زوجته منعاً للضرر، لأن غاية الشريعة المحمدية هي مراعاة مصالح الخلق، بجلب ما ينفعهم ودفع ما يضرهم، ولهذا اتفق كثير من الفقهاء على أنه لا يجوز للزوج أن يسافر إلا ومعه زوجته، فحقها عليه أن يحفظ عرضها وأن يعمل على عفتها، إلا إذا عرض عليها السفر فرفضت، وكذلك يجب عليه شرعاً رعاية أولاده وحمايتهم من الضياع. ويقترح الدكتور الأزهري على الزوج الذي يريد أن يسافر لضرورة ولفترة معلومة، أن يخيّر زوجته وأولاده بين السفر معه أو البقاء والصبر على سفره، فإذا رفضت السفر معه ورضيت بالبقاء فلا يجوز له أن يطيل السفر لمدة تزيد على ستة أشهر، لأن من واجبات ولي الأمر أن يوفر للرعية الأمن والسكينة والصحة العامة.
الاجتهاد الجماعي
تتحفظ الدكتورة مريم الدغستاني، رئيسة قسم الفقه في كلية الدراسات الإسلامية، على القطع برأي في هذه القضية، فتؤكد أنها قضية خلافية واجتهادية، ولهذا يجب عرضها على المجامع الفقهية، ولا يجوز القطع فيها باجتهاد فردي قابل للصواب أو الخطأ. أما الاجتهاد الجماعي من طريق المجامع الفقهية فيكون أقرب الى الصواب، لأنه تتم خلالها دراسة القضية من مختلف جوانبها، ثم إصدار الفتوى التي يكون لها احترامها لدى صنّاع القرار، باعتبار أن هذا اختصاص المؤسسات الفقهية باعتبارهم أهل الذكر الذين أمرنا الله بالذهاب إليهم وقت الاختلاف، فقال الله تعالى: «وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ» (آية 43) سورة «النحل».
وتشير الدكتورة مريم إلى أن على صناع القرار الاستماع إلى اجتهاد الفقهاء في هذه القضية. وفي الوقت نفسه، على وسائل الإعلام تمهيد المجتمع لتقبل اجتهاد المجامع الفقهية بدلاً من تسفيهها ومعارضتها، في ظل موجة الهجوم على كل ما هو إسلامي واتهامه بالرجعية، مع أنه يعمل على حفظ الحقوق واستقرار المجتمع.
وأنهت الدكتورة مريم كلامها مؤكدة أن فتاوى المجامع الفقهية قد تختلف من مجمع الى آخر حسب ظروف كل بيئة أو مجتمع، وفي هذا الاختلاف بين المذاهب رحمة من الله بعباده، لأن المسلمين يعيشون في بقاع شتَّى من الأرض وبيئات متعددة ومختلفة، ولهذا فإن اجتهاد كل مجمع فرعي قد يكون أقرب الى بيئته. أما المجمع العالمي للفقه الإسلامي في مكة، وكذلك مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر، فلهما صفة العالمية لوجود علماء من مختلف الدول أعضاء فيهما.
آراء مختلفة
يشير الدكتور محمود مزروعة، العميد السابق لكلية أصول الدين في المنوفية، الى أن رغم اجتهاد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بألا تزيد مدة سفر الزوج عن ستة أشهر، وفي رواية أخرى أربعة أشهر، إلا أن هناك فريقاً آخر من العلماء يؤكد أن للرجل حرية السفر حتى وإن طالت المدة، بشرط توفير النفقة لأسرته، وخاصةً أنه لم يرد نص قطعي في القرآن الكريم أو السنّة النبوية بشأن هذه القضية بالتحديد. ولهذا فإن المسألة اجتهادية.
وأوضح الدكتور مزروعة أن الأمر الاجتهادي الذي لم يرد فيه نص قطعي، لا يجوز فرضه على الجميع، لأن من عظمة الإسلام أنه جعل اختلاف الفقهاء رحمة بالأمة، لأن الظروف قد تختلف من زمن الى آخر ومن مجتمع الى آخر ومن أسرة الى أخرى، ولهذا جعل الله الاختلاف سنّة من السنن الكونية لاختلاف الأفهام والمصالح، فقال الله تعالى: «وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ. إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ .....» (الآيتان 118-119) سورة «هود».
وأوضح الدكتور مزروعة، أن سفر الزوج تترتب عليه آثار نفسية وتربوية واجتماعية تختلف من أسرة الى أخرى، ومع اعترافنا بإلحاق أضرار ببعض الأسر، إلا أنه لا يمكن الجزم بتعميم هذا الحكم، لأن هناك بعض الأسر تتأقلم مع ذلك، وبالتالي لا يجوز إجبارها بتشريع قانوني، بل يجب التوعية من طريق الإعلام بمخاطر السفر وترك الأسرة والأولاد، ثم ترك الأمر لكل أسرة لتقرر ما يصلح شأنها.
حماية المجتمع
يؤكد الدكتور نبيل السمالوطي، أستاذ علم الاجتماع والعميد السابق لكلية الدراسات الإنسانية- جامعة الأزهر، أنه نتيجة للظروف الاجتماعية وانخفاض مستوى المعيشة، قد يلجأ بعض الأزواج للسفر الى الخارج لجمع المال وتوفير المتطلبات الأساسية للأسرة، لكنه يترك الزوجة والأولاد بمفردهم بلا حماية ورعاية وتوجيه وإرشاد، مما يعرّض بعض الأسر للانهيار والضياع لغياب المربّي، ويفرض على الزوجة القيام بمسؤوليات الزوج وواجباته تجاه الأبناء، الذين قد لا يمتثلون الى قراراتها أو نصائحها، مما يؤدي إلى غياب وسائل الضبط والربط داخل الأسرة، الأمر الذي يجعل الأبناء عرضة للانحراف والتسرب من التعليم، بعيداً من رقابة الأب.
ويطالب الدكتور السمالوطي بضرورة دراسة مقترح الجمعيات النسائية، لأنه يتوافق مع المصلحة العامة للمجتمع، فهناك بعض الأسر التي تعيش حياة مستقرة ولا يحتاج الزوج فيها إلى السفر لأن لديه ما يكفيه من المال، ومع هذا يلجأ الى السفر حباً بالمادة، فيترك دوره من تربية ومتابعة وتوجيه ليتحول إلى آلة لضخ النقود التي تتحول بدورها من وسيلة للنهوض بالأسرة إلى وسيلة لضياعها وتفككها.
وأنهى الدكتور السمالوطي كلامه مؤكداً أن المصلحة العامة للمجتمع والمصلحة الخاصة للأسرة تقتضيان صدور تشريعات منظمة لعملية سفر الأزواج، والزوجات أحياناً، بدلاً من حال الفوضى الحالية التي يدفع ثمنها المجتمع كله، وليس الأسر التي سافر أو تهرّب الرجل من مسؤوليته وترك سفينة أسرته تغرق وهو يظن أنه يعمل على تأمينها، وبعدها يندم في وقت لا ينفع فيه الندم، فهذه ضريبة يدفعها الزوج نتيجة سفره لجمع المال.
المشاعر الإنسانية
عن الآثار النفسية لسفر الزوج من دون زوجته وأولاده، تؤكد الدكتورة إيمان شاهين، مديرة مركز الإرشاد النفسي في جامعة عين شمس، أن الغربة تضعف العلاقة النفسية بين الزوجين خاصةً والأسرة عامةً، حيث يقل الود وتظهر الأنانية وتفتر العواطف والمشاعر. وقديماً قالوا «البعيد عن العين بعيد عن القلب»، ومن هنا تبدأ عوامل الانحراف النفسي لدى الزوجين والأولاد في ظل غياب الروابط النفسية والضوابط التربوية، فيشعر الجميع أن ليست بينهم روابط قوية.
وأشارت الدكتورة إيمان إلى أن من الخطأ التهوين من العواطف النفسية والمشاعر الإنسانية والحاجات الجسدية للزوجين، في ظل عوامل الإثارة المنتشرة عبر الفضائيات وغيرها من عوامل الإغراء، مما يضعف الإرادة وتفتر بمرور الوقت، فيقع المحظور الشرعي ثم يبدأ كلا الطرفين – وخاصةً الزوجة – في تحميل الطرف الآخر مسؤولية انحرافه لتفريطه بحقوق الآخر، إذ ترك الزوج سفينة الأسرة وهرب تحت مسمى السفر.
وأوضحت الدكتورة إيمان، أن الكارثة تكتمل بضياع الأولاد – خاصةً إذا كانوا في سنّ المراهقة – وقد يصبحون فريسة لأصدقاء السوء، فيتم إنفاق ما يرسله الزوج من مال على المخدرات وغيرها من المهلكات، فيكون الزوج كمن يشتري بنفسه أدوات هلاك أسرته من زوجة وأولاد، ثم يندم بعد ذلك على ما فعل بعد أن يكون قد خسر كل شيء.
وتؤيد الدكتورة إيمان شاهين سن تشريع يمنع الزوج من السفر إلا بموافقة زوجته وأولاده، أو اصطحابهم معه، أو إلزامه زيارتهم بشكل منتظم وعلى فترات متقاربة، وفرض غرامة كبيرة وموجعة على من لا يلتزم بتلك القوانين، حتى يشعر أن سفره بلا فائدة.
لا ضرر ولا ضرار
تشير الدكتورة عفاف النجار، العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية في القاهرة- جامعة الأزهر، إلى أن مطالب هذه الجمعيات النسائية متوافقة مع الشرع القائم على القاعدة الفقهية التي أرساها الحديث النبوي الذي يقول فيه رسول الله (صلّى الله عليه وسلم): «لا ضرر ولا ضرار»، ولا شك في أن سفر الزوج وتركه زوجته وأولاده عرضة للفتنة والضياع يعد أكبر الضرر، وتفريطاً بالمسؤولية التي سيحاسبه الله عليها.
وأشارت الدكتورة عفاف إلى أن معظم النار من مستصغر الشرر، لأن الغربة قد تؤدي إلى انزلاق بعض النساء والرجال واتباع الشهوات، فتتحول إلى كارثة اجتماعية وأخلاقية لكل أفراد الأسرة وتدمرها أخلاقياً، ولهذا يجب منع سفر الزوج إلا بموافقة زوجته وأولاده، أو إجباره على اصطحابهم معه أو البقاء وسطهم، لأن الإسلام يؤمن بمبدأ «الوقاية خير من العلاج»، ومن حق الزوجة التي يرفض زوجها الاستماع إليها أو البقاء معها، رفع أمرها إلى القضاء لطلب الطلاق للضرر بها وبأولادها.
وأنهت الدكتورة عفاف كلامها، مؤكدة أنه إذا كانت هناك ضرورة قصوى لسفر الزوج بمفرده فليتم تحديد مدة معينة في ضوء الضوابط الشرعية، مثلما فعل الفاروق عمر بن الخطاب، فقد روي عنه أنه بينما كان يطوف متفقداً أحوال الناس في جوف الليل، سمع امرأة تقول: «تَطاوَلَ هذا الليلُ واسوَدَّ جانبُه وأرّقَني أنْ لا خليلٌ أُلاعبُه.. فواللهِ لولا اللهُ أنِّي أراقبُه لَحُرِّكَ من هذا السرير جوانبُه»، فسأل عنها، فقيل له فلانة زوجها غائب في سبيل الله... فسأل عمر ابنته حفصة: كم أكثر ما تصبر المرأة عن زوجها؟، فقالت: ستة أشهر أو أربعة أشهر، فقال عمر: «لا أحبس أحداً من الجيوش أكثر من ذلك».
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024